الفصل الحادي والتسعون - الجزء الثاني

40.1K 2.5K 1.5K
                                    


زي ما وعدتكم امبارح تكملة الفصل النهاردة

قراءة ممتعة مع الأحداث، وفي انتظار تعليقاتكم


الفصل الحادي والتسعون (الجزء الثاني)

زيارتها له كانت ضرورية، رغم تأجيلها لبضعة مراتٍ، بسبب بعض الظروف الطارئة؛ لكنها أرادت رؤيته، والاطمئنان عليه، تناسى القلب كل الحزن والضغينة تجاهه، حين وقعت الأنظار على ذلك العاجز، أحست بصدرها يعتصر ألمًا عليه. وقفت "فيروزة" إلى جوار فراش خالها بالمشفى، مسحت بيدها على جبينه، وانحنت تقبله، قبل أن تحييه:

-سلامتك يا خالي.

فتح عينيه بثقلٍ، ونظر إليها نظرة البائس العاجز، لا يصدق أنها موجودة معه، تعامله بإحسانٍ، وعطف. محبتها لم تكن مزيفة، ومشاعرها كانت مليئة باللهفة والحزن. مسدت ابنة شقيقته على كتفه بحنوٍ، وأضافت بصوتٍ اجتهدت ألا يظهر مختنقًا لحسرتها على مُصابه:

-إن شاءالله تعدي منها على خير.

ثم ابتسمت وهي تتابع:

-ومتقلقش على "رقية"، دي أختي الصغيرة، هحميها وأخد بالي منها لحد ما تقوملنا بالسلامة.

حملق فيها مليًا بعينيه الكسيرتين، وبادلته نظرات عكست صفاء نيتها. حرك "خليل" شفتيه ليناديها بصعوبةٍ:

-"فـ..ير..وزة".

ردت باهتمامٍ شديد:

-أيوه يا خالي.

رأت في عينيه العبرات النادمة محتجزة فيهما، بلعت غصتها، وكبحت دموعها عندما ردد بنفس الصوت المتلعثم:

-سـ..امـ..حينـ...ي.

انحنت على رأسه تقبله، وهي تقول دون تفكيرٍ:

-مسمحاك يا خالي...

بالكاد سيطرت على رغبتها بالبكاء المتأثر، وهي تستكمل جملتها:

-قوملنا إنت بالسلامة، عايزينك معانا.

اعتدلت بعد ذلك في وقفتها، ومسحت بظهر كفها العبرات المتسللة من طرفيها، وأخبرته بحماسٍ:

-احنا هنظبط البيت عشان تنام معانا، مش هنسيبك لوحدك، كلنا موجودين حواليك ومعاك.

لم يستطع التعليق سوى بالانخراط في نوبة بكاءٍ نادمة، شعرت خلالها بالأسى عليه، ترجته بقلبٍ موجوع:

-خلاص يا خالي، هو أنا بأقولك كده عشان تزعل؟ والله هاعيط جمبك، وهخلص علبة المناديل دي.

ثم حولت حزنها إلى مزاحٍ وهي تدعي الضحك:

-خليني أقولك عن "رقية" والشقاوة اللي بتعملها، ماهي شكلها طلعالي.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن