الفصل الأخير ج ٢

1K 18 13
                                    

الفصل الثامن عشر ج ٢والأخير :-
أبعدت يديه القذرة عنه بلحظة فنظر لها بشدة  وهو يردف :
- لدرجادي مبتقيش طايقة المسك .
أبتلعت ريقها وهي تجيبه قائلة بتضايق :
-اها مبقتيش طايقاك وبقيت اكرهك اكتر من الأول .
تغيرت ملامح وجهه ففي لحظة أمسكها من رقبتها ودفع جسدها لتصطدم بالحائط وهو مازال يتحكم بها فصرخت متألمة وهو يصيح بها :
- انتي بتاعتي انا والله لأموتهولك وهتجوزك غصب عن عين اهلك .
حاولت تخليص يديه عن رقبتها فصرخت بصوت متحشرج وهي تدفعه ولكنه كان يقصد أن يجعلها تخنتق بيديه في لحظة طرق باب الشقة بقوة حاولت دفع يديه عنها ولكنها كانت أضعف مما هي به لم يمر الكثير حتى قامت الشرطة بتحطيم الباب وأمسكوا به فأخذت تسعل للحظات حتى هدئت فقال لها بعتاب :
- بتبلغي عني يا الاء دا انا محمود حبيبك .
أردفت بنبرة جامدة كالثلج :
- وهسجنك كمان .
حاول تحرير يديه من أيدي عساكر الشرطة ولكنه لم يفلح بفعل ذلك صارخاً :
- وربنا ماهسيبك انتي وهو .
كادوا يرحلون عن الشقة لولا أنها أوقفتهم قائلة :
- استنوا يا جماعة لو سمحت .
أنتبه لها وهي تتحرك ناحيته حتى وقفت أمامه مباشرة رفعت يديها عاليا وصفعته بقوة جعلت يديها تتألم فنظر لها بغضب وهي تردف :
- دا الأمانة اللي ادتهالي يا محمود حبيت ارجعهالك .
حينما أستيقظ وجد مصطفى بجانبه ومعه محمد أبتسموا قائلين :
- حمدالله على السلامة .
اومأ لهم بإيجاب فحرك عيناه بحثاً عنها بالغرفة ولكنها لم تكن هناك فعلموا أنه يبحث عنها فأردف مصطفى :
-بتدور على الاء .
نظر لمصطفى بإهتمام فأجابه قائلاً :
- هي كانت هنا من شوية زمانها جاية .
لم يعلم حينها كم الساعة ولكن دقات قلبه تتسارع وكأنه في سباق لا نهاية له الجميع رحل وهي لم تعود حاول النهوض من الفراش أكثر من مرة ولكن جسده خذله فلم يستطيع فتأوه بصوت مرتفع حتى رأها تدلف غرفته أبتسم حينما أقتربت منه ورأها تبتسم بفرحة بثت الفرح بقلبه حينما قالت معتذرة :
- حبيبي اسفة على التأخير.
أمد لها يديه لتمسكها فقبلته من رأسه وجلست بجواره قائلة :
- وحشتيني .
رفع عن فمه جهاز التنفس الاصطناعي ليستطيع محادثتها فأردف بتساؤل :
- كنتي فين ؟
أعادت من وضع الجهاز على فمه لتجيبه قائلة :
-كنت في مشوار صغير بس فرق في حياتنا كتيير اوي .
نظر لها بإستغراب فرتبت على ذراعه تابعة :
- محمود البوليس لاقاه وزمانهم دلوقتي بيحققوا معاه .
ضغط على يديها فاومأت مبتسمة بفرحة وهي تخبره بأن كل شىء سيكون على ما يرام .
الجدران داكنة كالطمي يوجد بها بعض الرسومات ليس لها معنى كان يحدق بنقطة ما في ذلك السواد حينما كان الجميع يتكلم بصوت متحشرج من شراهة التدخين أقترب منه أحدهما ليقول لمحمود بصوت مسموع :
- انت يا أمور يا طعم.
أنتبه له محمود فوجد الأخر يتابع متسائلاً بفضول يدى على وجهه المتهكم :
- الجميل جاي في ايه ؟
أعتدل واقفٍ لينظر للأخر قبل أن يجيبه قائلاً :
- قتل يا حلو .
ظهر شبح إبتسامة خبيثة وهو يردف مستنكراً :
- بقى العيون الحلوة دي تعرف تبقى شريرة وتقتل .
في لحظة أمسك محمود ذقنه ليردف بتهكم :
- تحب تشوف .
لكمة محمود بقوة فأجتمع الجميع حولهم بترقب معركة قائمة بين الطرفين فلم يتحمل الأخر رؤية تلك الإهانه سوى أنه قام بإخراج ألة حادة من حيب بنطاله وجرح بها وجه محمود فصاح متألماً وتشابك الجميع في لحظة حتى أتى العساكر وقاموا بأخذ محمود من محبسه وهو ينزف بشدة إلى حجرة الطبيب الخاص بالقسم .
لم تجرؤ على الإقتراب منه طوال اليوم فإن أمه بجانبه تنظر لها بكراهية فهي من فعلت بأبنها كل ذلك هذا ما كانت تعتقد حتى أخذها صبري وعادوا لشقة هيثم حينها أقتربت منه أبتسمت بحب وبداخلها تتألم لرؤيته هكذا بادلها الإبتسامة وهو يحاول مسك يديها فأقبلت بالإمساك بيديه قبله وجلست بجواره وهي تردف :
- شد حيلك بقى يا هيثم عاوزين نخرج من هنا .
ازاح قناع التنفس الصناعي ليستطيع أن يجيبها قائلاً :
- انا كويس يا حبيبتي ممكن نخرج .
طرق باب الغرفة فأنتبهت الاء لمن أتى في هذا الوقت كانت الممرضة تريد أن تعطيه الدواء فبتعدت عنه الاء قليلاً فظل ينظر لها وكأنه يفحص ملامح وجهها الشاحبة من عدم تناول الطعام فحينها قال للممرضة :
- سناء بعد اذنك هاتي العشا بتاعي للاء .
ادعت أنها تأكل أمامه فأضطرت بأن تحشر الطعام بجوفها فأطمئن قلبه ونعس أمامها فسقطت دموعها رغمٍ عنها لم تستطيع أن تصمد أكثر فخرجت من الغرفة وجلست بإستراحة المشفى تجهش بالبكاء حتى شعرت بيد ترتب على ظهرها فنظرت له وجدت مصطفى أحتضنته باكية فحاول تهدئتها وهو يردف :
-ان شاء الله هيبقى كويس خلي عندك ثقة في الله .
أجابته بصوت متحشرج :
- ونعم بالله .
حينما هدئت من نوبة بكاؤها أخبرها بأن ترحل معه وتعود في الصباح الباكر ولكنها رفضت وأصرت بالبقاء بجواره فتركها بعدما يأس من عودته بها فعادت لغرفته ظلت تنظر لملامح وجهه الهادئة فمررت أصابعها لتلمس ذقنه ولكنها أرتجفت للحظة وأبتعدت عنه لتجلس فوق كنبة الغرفة الجلدية ،أمسكت هاتفها المحمول وهاتفت إمرأة كانت لسنوات خير صديقة .
في الصباح لم يجدها بجانبه بلحظة نزع أنبوب الأكسجين الملصق بأنفه وغادر الفراش وهو يضع يديه على صدره ليغادر الغرفة كذلك .
- كان ايه لزمتها مروحنا ماكنا قعدنا جمب الواد .
قالتها والدة هيثم لصبري مستنكرة حكمه عليها فنظر لها نظرة قوية جعلتها تصمت وهم  بالمشفى متجهين لغرفة هيثم لاحظ طبيب المشرف على حالة أبنه يهرول نحو الغرفة فهلع قلبه وتركها وأتجه مسرعاً نحوه كان فاقداً الوعي حينما وصل صبري أقترب منه بلهفة وهو يردف بتساؤل :
- ايه اللي حصل ؟
بكت والدته حينما منعها الأطباء من الدخول فإن حالته لا تتحمل رؤية أحد ،كانت تنتظر خروج زوجها لتطمئن على ولدها فرأت الاء أتيه من بعيد تهرول نحوها فقالت لها بلهفة :
- في ايه يا ماما هيثم ماله ؟
توقفت للحظة عن البكاء ونظرت بغضب لها وهي تردف بتهكم :
- كنتي فين يا هانم وسايبة جوزك العيان ؟
كادت أن تجيبها ولكنها لم تعطيها فرصة لذلك فتابعت :
-انتي خلاص رميتي توبة ابني وحبيتي تشوفيلك راجل تاني .
أمتلىء عيناها بالدموع للحظة وهي تنظر لأمه وهي تكمل بغضب :
-بس هو يقوم بالسلامة ويغورك في ستين داهية .
خرج صبري فأدنت منه زوجته لتسئل عن أحوال هيثم فرأى الاء جالسة تحدق بنقطة ما وهي تدمع فترك زوجته وقال لها :
-الاء .
أنتبهت له فسقطت دموعها وهو يردف :
- هيثم عاوز يشوفك امسحي دموعك وادخلي شوفيه .
مسحت دموعها ودلفت الغرفة فكادت أن تمنعها حماتها ولكن صبري امسك زوجته من ذراعها وهو يقول :
- سيبيها .
أبتسم هيثم إبتسامة هادئة حينما وقع نظره عليها وكأنه يبحث عنها طويلاً اقتربت منه حاولت الإبتسامة بوجهه ولكن عيناها خذلتها فبكت وهي تردف بعتاب :
- حرام عليك تقلقني كدا انا مبقتيش مستحملة .
رتب على ذراعها فدفنت وجهها الباكي بذراعه  فقال لها معتذراً :
-متعيطيش طيب انا كويس .
نظرت له فوجدته يبتسم لها قائلاً بمزاح :
- مش هتفطريني .
ضحكت وهي تمسح دموعها وقالت له :
- عنيا حاضر .
دلفت أمه الغرفة وأبعدتها عنه وهي تحتضنه فتألم ولكنه لم يظهر ذلك ولكنها شعرت به فأمسكها صبري من يديها وقال لها :
- الاء انا عاوزك .
خرجت معه من الغرفة فتابع بتضايق :
- انا عرفت انك روحتي تقدمي على سفر ليكم انتم الاتنين .
أبتلعت ريقها وهي تجيبه قائلة :
- قدامنا يومين ونسافر يا عمي .
تنهد وهو يمسك رأسه ثم أردف بتساؤل :
- بردو هتعملي اللي في دماغك ؟
اومأت بإيجاب فامسكها من يديها بغضب :
- انتي متخلفة بقولك مينفعش .
صاحت به قائلة :
-مقدمنيش حل تاني لازم اساعده مش قادره اعيش وانا شايفاه عايش على جهاز تنفس نفس طالع وداخل وبس .
تابع بتضايق :
-قولتلك استني لحد لما نلاقي متبرع وإن شاء الله نلاقي قريب .
قاطعت حديثه قائلة :
- مش هستنى حد وهخده وهسافر يعني هخده .
حينما رحل الجميع أخبرته بأنهم ينبغي عليهم السفر لأوروبا فإن هناك متبرع بالخارج اومأ بإيجاب فأبتسمت له فرحة وهي تردف :
- هجهز شنطنا .
لم يكن الأمر هين عليه وهو يغادر البلد في رحلة علاج ولكنها كانت تهون عليه كل ذلك حينما تبتسم بوجهه تضمه أليها وهي ترتب على ذراعيه حتى وصلوا لصديقه أسامة بالمشفى فرح برؤيته وكأن القدر أراد أن يلتقون مرة أخرى نسيت أن اخبرك عزيزي القارىء بأن علياء قد رزقت بطفل جميل كأمه وإنه الأن ذو الخمس سنوات .
وقفت الاء أمام زجاج الغرفة تراقب هيثم وهم يصنعون له الأشعة الخاصة فوقف بجانبها أسامة وقال لها بتساؤل :
- بردو مصممة على التبرع يا الاء ؟
صمتت قليلاً قبل أن تنطق مردفة :
- ومش هعمل كدا ليه يا دكتور .
نظر لها فوجدها تتابع بشغف :
- هيثم لو أحتاج عنيا مش هتأخر عليه .
أبتلع ريقه للحظه قبل أن يجيبها بإهتمام :
- الاء انتي مريضة قلب وغلط عليكي عملية زي دي انا عارف انك شجاعة بس انتي متعرفيش الخطر اللي هترمي نفسك فيه .
أبتسمت قائلة :
- كله على الله يا دكتور محديش بيموت ناقص عمر .
قطع حديثهم خروج هيثم من غرفة الأشعة فأقتربت منه وأمدت له يديها ليستند على ذراعها وقالت :
- حبيبي جوعت ؟
اجابها وهو يجر حقيبة جهاز التنفس خلفه :
- قوي .
نظر لأسامة وهو يتابع :
- مش هتأكلنا ولا ايه يا عم اسامة ؟
تحركوا أمامه متجهين إلى الغرفة فحينها زفر بقوة مستنكراً غباءها في إحتواء الموقف وشعوره بشجاعتها المفرطة يتخللها خوف مما هو قادم ،وضعت الزهور في فازتها المخصصة وهو يراقبها بحب وروح النشاط بداخلها حتى جلست مقابله فقال لها بصوت هادىء :
- قربي مني .
اردفت بمزاح :
- بقولك ايه اتلم احنا في مستشفى شبه محترمة .
ضحك وأمد لها يديه ليمسك يديها فجلست بجواره عن كثب شعرت بيديه الدافئة وهو يمسك يديها قبل أن يردف بإهتمام :
- على فكرة بقى انا بحبك .
قالت وهي تتمارى لتسمع منه كلمات غزل اخرى بعبر لها عما بقلبه :
-عارفة وايه الجديد ؟
صمت قليلاً وأخفض رأسه عنها وكأنه لا يريد أن يقول لها ما بقلبه تركت يديه وأبتعدت عنه لتحضر هاتفها في لحظة قطعت الصمت بينهم بصوت موسيقى أجنبية انتبه لها بها وجدها تقترب منه أمدت له يديها لتطلبه بالرقص فوقف مقابلها وضعت يديه على خصرها واليد الأخرى تمسك يديها فتمايل معها على أنغام الموسيقى وضعت رأسها على صدره حينما توقفت الموسيقى واردفت :
- انا بحبك اوي يا هيثم .
رتب على ظهرها وهو يجيبها :
- وانا كمان يا حبيبتي بحبك اكتر .
أبتعدت عنه بعدما اعادته إلى كرسيه فقالت له :
- هجيبلك تاكل .
خرجت من الغرفة وأسندت ظهرها على بابها فشعرت بدموعها وهي تنساب على وجنتيها متحررة فتنهدت للحظة قبل أن تنطلق مغادرة المكان .
لم يشعر ببعدها عنه طوال تلك الفترة فإنها اخبرت أسامة بأنها يمكنها إجراء الفحوصات الخاصة بالجراحة طول فترة نومه حتى أتى يوم الجراحة أوصلته إلى غرفة العمليات وهو يقوم بتوصيتها على طفليه إن حدث له مكروه أجابته قائلة :
- هتطلع بالسلامة يا هيثم ان شاء الله يا حبيبي .
ترك يديها في لحظة وهو يبتعد عنها رويدا حتى أختفى من ناظرها ،الطقس بارداً حينما دلفت غرفة العمليات كانت نائمة على الفراش الطبي وجدته قد قاموا بتخديره بجانبها أمسكت يديه الباردة واردفت :
- اشوفك على خير يا هيثم .
بلحظة شعرت بالدوار فلم يمر الكثير حتى أصبح العالم مظلمٍ للغاية .
وضع حفيده بالفراش الخاص به بعدما تأكد من نومه اقتربت منه زوجته وهي تقول له بتضايق :
-بردو خليتها تسافر معاه بوظ الفقر دي ؟
نظر لرؤى وجدها تراقبهم فابتسم لها وهو يقول :
- رورو تعالي ننزل اشتريلك حاجة حلوة .
اوقفته زوجته وهي تردف بغضب :
-انا مش بكلمك ؟
وقف للحظة قبل أن يلتفت لها قائلاً :
- كلامك مش مهم بالنسبالي .
نظرت له وهو يتابع :
- بوظ الفقر اللي بتتكلمي عليها دي هتدي لابنك اغلى جزء في جسمها علشان يعيش .
أتسعت حدقة عيناها في ذهول قائلة :
-انت بتقول ايه يا صبري ؟
أجابها بغضب :
-اللي سمعتيه البنت بتعرض حياتها للخطر علشان ابنك وانتي معندكيش دم .
جلست على الكرسي ودمعت عيناها للحظة وهو يقول لها :
- ادعيلهم يقوموا بالسلامة لعيالهم .
أخذ حفيدته وغادر شقة هيثم وتركها مع ضميرها ليزيد من معاناتها .
أرتجفت للحظة من شدة شعورها بالبرد فتحت عيناها ببطء حينما شعرت بيد تمسك معصمها كانت تلك الممرضة الشقراء تطمئن عليها أزاحت قناع التنفس عن فمها وهي تردف متسائلة :
- كيف حال زوجي ؟
أعادت من وضع القناع على فمها وهي ترتب على ذراعها قائلة :
-انه بخير .
أسندت رأسها على الوسادة وكأنها شعرت ولمرة واحدة بالإرتياح أزاحت الغطاء من فوقها وهي تنوي الذهاب إليه كادت أن تقف ولكنها شعرت بالدوار يمسك رأسها وكأنه شبح تخلل للحظة جسدها أوقفتها الممرضة وساعدتها على التمدد فأخبرتها بأنها ستحضر الطبيب .
أقتربت منه بعدما بدلت ملابسها حت وهو مازال فاقد الوعي تحسست وجهه الشاحب لوهلة ففتح عيناه ببطء مستيقظاً من غفلته أبتسم لها فرحاً لرؤيتها مرة أخرى فقالت له بلهفة :
-انت كويس ؟
أجابها قائلاً بصوت متحشرج :
- الحمدلله .
أقتربت منه وقبلته من رأسه قائلة :
-حمدالله على سلامتك يا حبيبي .
دلف اسامة بلحظة ليطمئن عليه فوجدها عنده قال لها بعفوية :
-ايه اللي قومك من السرير ؟
نظر لها هيثم متسائلاً بلهفة :
-مالك ؟
نظرت لاسامة قبل أن تجيبه قائلة :
-انا كويسة مفييش حاجة .
أبعد نظره عنها قبل أن ينظر لصديقه قائلاً :
- هي مالها يا أسامة ؟
كاد أن يجيبه ولكن علياء قطعت حديثه بطرق باب الغرفة مستأذنة فوجدت الاء واقفة بجانب هيثم وهي تدعي التماسك فقالت له :
- حمدالله على السلامة يا دكتور .
في المساء وقفت تراقب قطرات الثلج وهي تسقط أمامها في خفة فشعرت به وهو يضع فوقها معطفه لتدفء وقفت وساعدته على الجلوس بجوارها يراقب سقوط الثلج كما تفعل حتى قطع صمتها وهو يقول بتضايق :
- عملتي كدا ليه يا الاء ؟
نظرت له بعدم فهم فتابع موضحاً :
- مقولتليش ليه انك انتي المتبرعة .
أبتلعت ريقها بصعوبة وقد بدى عليه التضايق وهو يوبخها على فعلتها حتى أكمل :
-لحد امتى هتفضلي تضحي علشان الناس وبتنسي نفسك .
أمتلىء عيناها بالدموع واردفت :
- مقدرتيش اشوفك بتتألم قدامي وانا واقفة متكتفة ومش قادرة اساعدك .
اتسعت حدقه عيناه حينما تابعت :
- مكنتيش عاوزاك تروح مني .
نزلت دموعها للحظة فضمها إليه برغم من شعوره بالألم فدمع هو الأخر رغمٍ عنه فرتب على ظهرها بحنان حتى هدئت وابتعدت عنه فقال لها متسائلاً :
- أنتي كويسة ؟
مسحت دموعها براحة يديها وابتسمت له قائلة :
- كويسة علشان شايفاك كويس .
أمسك يديها وهو يرتب عليهما قائلاً :
- ربنا يباركلي فيكي .
ساعد كلاهما الأخر حتى وصلوا لغرفة بالمشفى حينما شعروا بالبرد يغزو جسدهما .
لم يكن الأمر هين عليها ولكن لا بأس فهو بجانبها ويتحسن بالعلاج حتى عادوا إلى دفء الوطن أستقبلهم عائلتهم بالمطار فأحتضنه صبري بلهفة رؤيته مرة أخرى بينما وقفت زوجته تنظر للاء وهي لا تعلم كيف تعتذر لها حتى أقتربت منها الاء واحتضنتها قائلة :
-وحشتيني يا ماما .
رتبت على ظهرها بحنان وهي تردف :
- حمدالله على سلامتكم .
جلست بجانبه في السيارة واخيها يقود نحو المنزل فأمسك يديها فقالت له :
- الولاد وحشوني اوي .
أقبلت إليه الصغيرة لتحتضنه بلهفة صائحة:
- بابي وحشتيني اوي .
رتب على ظهرها قائلاً :
- وحشتي بابي اكتر يا قلب بابي .
وقفت بجانبه وهي تقول لها بمزاح :
-شوف البت الواطية معبرتنيش .
أبعدها عنها قائلاً :
- علشان دي حبيبت بابي .
اردفت بإستنكار :
- درتي .
أعطتها مريم انس وهي تقول لها :
-اكيد أنس وحشك.
ضمته إليها فأبتسم لها ضاحكاً فقالت لرؤى :
- شوفي اخوكي اجدع منك .
ضحك الجميع فحينها أخبرهم محمد بأنه يحضر لهم حفل إستقبال بسيط بالنادي لعودتهم بالسلامة .
غابت الشمس عن السماء حتى تفسح للقمر فرصة ليضيىء الأرض بنوره الأبيض الهادىء كانت تقف أمام المرآة تعدل من خمارها بينما هو كان بالمرحاض الغرفة نادت عليه وهي تتدعي بأنه تأخر عليها حتى أتى لعندها وقد أرتدى أجمل الثياب السوداء وضع عطره المميز الذي تحبه نظرت له لثوانِ تقول له :
- هيثم .
دنى منها ليردف بنبرة هادئة :
- عيون هيثم .
وضعت يديها على صدره وهي تقول له  :
- حبيبي الله اكبر عليك انا خايفة تتحسد احنا مصدقنا انك خفيت عاوز تنزل وانت زي القمر كدا .
حاوطها من خصرها وهو يجيبها بتساؤل :
- خايفة عليا ؟
أخفضت عيناها عنه وهي تجيبه قائلة :
- لو مخوفتيش عليك هخاف على مين ؟
قبلها من رأسها وقال لها :
- انتي تعويض ربنا ليا انا بحمده كل يوم انك في حياتي ربنا يديمك نعمة .
ابتسمت له وأردفت :
- ويباركلي في عمرك .
ذهبوا لحفلة أخيها كانت رائعة للغاية ولكنها بلحظة لم تجده بين عائلتها ولم يكن هناك مصطفى أيضا اقتربت من مريم لتسألها عليه فاجأبتها بعدم معرفتها تركتهم واخذت تبحث عنه بالمكان حتى وجدته بلحظة واقف أمامها اردفت متسائلة بغضب :
- كنت فين يا هيثم قلقتني عليك ؟
أجابها قائلاً :
- لولو احنا لازم نمشي دلوقتي حالا.
اتسعت حدقة عيناها في دهشة قائلة :
- نمشي نمشي ليه بس ؟
لم يمهلها وقت لكي تستمع منه بل أخذها واجبرها على السير معه حاولت الرجوع لأخذ أطفالها فأخبرها بالا تقلق عليهم ازدادت دهشتها حينما خرج بها من النادي واركبها سيارته ليتولى هو عجلة القيادة .
دلف بسيارته إحدى الفيلات فقالت له متسائلة :
-هيثم ايه اللي جابنا هنا ؟
ترجل من سيارته وقام بفتح الباب المجاور لها قائلاً :
- بصي مش عاوزك تندهشي ماشي .
دلفت معه الفيلا وهي لا تعلم ماذا يخطط لها كانت جميلة للغاية فلم ترى كمثلها سوى بشاشات العرض تقدمت مبتعدة عنه قائلة بتساؤل :
- فيلا مين دي يا هيثم ؟
أبتسم لها وهو يردف :
-بتاعتك يا حبيبتي .
أتسعت حدقة عيناها لوهله وهي تحدق به قائلة :
-بتاعتي انا .
تقدم ناحيتها حتى صار مقابلها ليتابع بإهتمام :
- ملقتيش حاجة ممكن اهديهالك احسن من المفاجاة دي .
وضعت يديها على رأسها في عدم إستعاب وهي تقول له :
-لا يا هيثم مستحيل دي غالية اوي .
- مفيش حاجة تغلى عليكي يا الاء انا لو اطول أشتريلك نجوم السما كنت عملتهالك تاج على راسك .
قالها بنبرة هادئة جعلتها تحتضنه بشدة وهي تدمع من فرط الفرحة لم يمر الكثير حتى أتى لعندهم الجميع ليحتفلون بالفيلا الجديدة لم يخبرها بأنه قام ببيع الأرض الخاصة به بالبلد كما أنه قرض مبلغ من أبيه ليشتري لها تلك الفيلا ويجعلها بأسمها لم يكن الأمر هين على والدته ولكنها لم تستطيع أن تقول شىء فإن تلك الفتاة فعلت ما لم تفعله هي لإبنها وأعطته جزء من جسدها ليتمكن من العيش أما عن ذلك الحقير أبن خالتها فقد ألقي في السجن حتى أصدر حكم بتحويل أوراقه لفضيلة المفتي على تلك الجرائم التي أرتكبها فلم يتحمل أن يأتي أحدهم ويقوم بشنقه فقام هو بفعل ذلك وسقط منتحراً سمعت به وهي تجلس بحديقة منزلها نزلت دموعها رغمٍ عنها لم تكن دموع حزن بل كانت دموع العشرة السنوات التي أُهدرت من عمرها لتكون مع ذلك الوقح ولكن تعويض الله أقوى فهي الأن لديها طفلان وزوج يعشقها فماذا تريد يعد من الدنيا سوى أن يمد ربها يعمرهم حتى تراهم بأفضل حال .
السنين تمر كأنسكاب المياة على الأرض بلحظة من العمر أكتب عن فرحتي بطفلتي التي اصبحت عروس ينتظرها حبيبها .
قطع كتابتها صوت أنس وهو ينادي عليها فأغلقت دفتر المذكرات تغيرت ملامح وجهها الصغير فلم يمر من العمر قليل حتى تتبدل الوجوه ولكن الروح كما هي وقف أمامها ذلك الشاب الذي صار كأبيه بملامحه وعفويته يرتدي بذلة زرقاء ذكرها بزوجها منذ زمن بعيد أردف بعفوية :
- يامامي ارحمينا بقى انهارده فرح بنتك ومش مبطلة تضيعي نظرك في المذكرات دي .
نظرت له قائلة :
- عاوز ايه يا واد انت مش انت قولت هتروح تشوف ابوك غير الشوز ولا لا ايه اللي رجعك ؟
مرر اصابعه على وجهه بنفاذ صبر وهو يسرد لها ما حدث في محل الأحذية قائلة :
- دا طلع عين امي لحد لما لاقى حاجة .
صاحت به بعفوية :
- ولد عيب كدا اعتذر .
اعتذر وهو يقول لها :
- تعالي شوفيه لانه مصمم تيجي تلبسيه الجرفاته .
وقفت واتجهت ناحيته قبل أن تدفعه بعيداً عنها قائلة :
-اوعى يا واد من وشي .
خرجت وهو شارد قائلاً :
- دا انا ليا الجنة اني عايش مع الناس دي والله .
دلفت غرفتهم فوجدته واقف محتار بين عدد لا بأس به من رابطة العنق فأقتربت منه وهي تحمل أحدهم من فوق الفراش وقفت أمامه لتلبسه إياها فقالت له مبتسمة :
- مين كان يصدق ان البت المفعوسة رؤى هتبقى عروسة وهتكبرنا كدا ؟
نظر لها وهو يردف :
-تكبر مين فشر أحنا لسه شباب .
ضحكت بعفوية وتركت رابطة عنقه لتجلس فوق كرسي المرآة لتنظر على إنعكاس صورتها وقد تغير ملامحها من أثر تجاعيد وجهها وأكتسابها لبعض الوزن  فقالت له بتضايق :
- الزمن داس عليا جامد يا هيثم وبقيت عجوزة وكركوبة وتخينة .
اقترب منها ليوقفها أمامه ليقول لها :
- وربنا انتي لسه زي القمر وفي عنيا احسن ست في الدنيا واجمل بنوتة .
طرق باب الغرفة أنس وهو يقول لهم :
- يلا يا جماعة هنتاخر على الهبلة كدا فارس دوشني مكالمات .
نظر لزوجته وهو يردف :
-يلا .
أمسك يديها وأخذ أبنه ليذهب إلى حفل الزفاف احتضنتها الاء بفرحة بمركز التجميل وهي تعبر لها عن شدة جمالها وتدعي لها بأن يحرسها الله من العين بينما وقف هيثم مبتعداً عنهم دامعاً فرأته الاء فقالت لها :
- روحي شوفي بابا .
حينما أقتربت منه أحتضنها بشدة وبكى وهو يرتب على ظهرها فقال لها دامعاً:
- خلاص كبرتي وفارس هيخطفك مني .
أجابته قائلة :
- ايه يا بابا مش انت اللي جبتهولي وقعدت تقوليا ولد مجتهد .
وقف أنس بجوار الاء ليقول لها بمزاح:
- بقولك ايه خدي جوزك ليرجع في كلامه ويبوظ الفرح خلينا نخلص من الهبلة دي بقى .
اجابته قائلة :
- اتصدق صح .
أتى فارس وأخذ عروسه وذهب الجميع لقاعة الفرح جلست بجواره بينما جلس أنس بجوارها الناحية الأخرى وهو يقول مردداً :
- عقبالي يارب .
نظرت لهيثم فوجدته ينظر لرؤى وعيناه تمتلىء بالدموع فقالت له :
- حبيبي دي سنة الحياة ادعيلها ربنا يرزقهم بالذرية الصالحة .
أبتلع ريقه وهو يردف :
- اللهم امين .
أمسكت يديه فرتب عليها بيديه الأخرى واخذوا يشاهدون العروسين حتى أتت لحظة رقصة الأولى للعروسين فنظر للاء وجدها تبتسم فرحة وهي تنظر لرؤى فقال لها :
-ماتيجي نرقص .
نظرت له بشدة قائلة :
- هيثم اتلم احنا مبقناش صغيرين الناس هتقول علينا ايه .
حينها اردف أنس قائلاً :
- ماتخليه يرقص معاكي يا لولو ومتفضحناش .
نظرت له لكي يصمت فتابع هيثم قائلاً :
- والله لنقوم نرقص ايه رايك بقى واللي يقول يقول .
أخذها من يديها فقالت له بحرج :
-الشوز ضيق على رجلي يا هيثم ومش هعرف ارقص .
بلحظة انحنى بجسده لينزع من قدميها الحذاء وأمد لها يديه لكي تستجيب لطلبه للرقص وضعت قدميها فوق حذاءه وأخذوا يرقصون وكأنهم هم العروسين فهمس لها بأذنيها :
- اقولك على حاجة .
انتبهت له بإهتمام فوجدته يردف :
- انتي احلى من بنتك .
ضحكت فقام أنس بإلتقاط لهم الصور فقد بدى أنهم عادو للوراء وكأن اليوم ليلة عرسهم ربما أكثر من عشرون سنة  عادت بلحظة ...
النهاية ...
#الباشمدرسة_ايه_احمد
بعتذر على التأخير بجد كان عندي مشاكل في الشغل وكنت تعبانة فالحمدلله اني قدرت اكمل الفصل يارب يكون عجبكم واتمنى انكم تتابعوا روايتي القادمة

رواية كيف لي ألا أحبك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن