الفصل الرابع ج٢

634 5 11
                                    

الفصل الرابع :
احتضنت الصغيرة جدتها ودلفوا البيت ،جلست الاء على اقرب كرسي وقالت لحماتها متسائلة :
-هو عمي راح العيادة ؟
سمع صوتها بالخارج فسرعان ما خرج دون تفكير للحظة فوقفت حينما رأته أمامها وأتت خلفه فتاة شابة أردف قائلاً :
-انتي ايه اللي جابك وازاي تنزلي ومتقوليليش؟
أجابته مبررة  :
- اتصلت كتير موبايلك مقفول .
زفر بشدة فتابعت متسائلة :
-مين دي يا هيثم وكنت معاها ليه في الأوضة ؟
تلجلج قائلاً :
-دي دي بنت خالتي هبة وكانت تعبانة وبشوفها .
نظرت له هبة وقد دبح قلبها لعدم اعترافه أمام زوجته بأنها كذلك زوجته ولها حقوق كحقوقها ومن ابسط تلك الحقوق هي تقبله لها فحينها قال لها :
-مش كدا يا هبة ؟
أجابت قائلة :
-صح يا دكتور هيثم أزيك يا الاء كان نفسي اشوفك من زمان .
حاولت الأخرى الأبتسامة بعدما استمعت لكلتاهما فلم تقتنع بقوله ولكنها اجابتها في جمود :
-اديني جيت علشان تشوفيني اهو الف سلامة .
اخفضت عيناها حينما قالت لهيثم :
-خير يا هيثم طمني عليها ان شاءالله تكون بخير .
كاد ان يجيبها ولكن أمه سبقته قائلة بخبث :
- اصلها حامل عقبال حبايبك .
سرعان ما تغيرت ملامحها وبدت متضايقة من ردها فأخبرته بأنها تريد أن تتحدث معه بمفردهم فأخذها وخرج من البيت فوقفت بجوار شجرة الملاصقة للبيت فقالت له بغضب:
-انت ازاي تقفل عليكم الباب وانتم لوحدكم انت مش عارف ان دا حرام يا دكتور .
أجابها قائلاً :
- انا كنت بكشف عليها والطبيعي .
قاطعته قائلة بتوجس :
-ايوة الطبيعي ان مامتك تسيبكم لوحدكم وانت بتكشف على المدام لا وتقفل كمان الباب عليكم مش كدا.
صاح بها قائلاً :
-الاء بطلي هبل أنا مش فاضي لجنانك دا .
عقدت ذراعيها وهي تطلق زفرة عالية فتابع :
-وبعدين خدي هنا لما انا قافل موبايلي تقومي تجري البنت وتيجي هنا لوحدكم مخفتيش من الطريق عليكي وعلى البنت .
أردفت موضحة :
-انا قلقت على مامتك وقولت اكيد في حاجة محستيش بنفسي غير اني جاية على هنا .
- خلاص يا الاء الموضوع انتهى امشي على هواكِ برحتك ولا كانك عاملة احترام لجوزك .
قالها بتضايق قبل أن يتركها ويعود مرة اخرى لشقة أبيه ،زفرت مرة اخرى بقوة وتابعته
أتى والده فرحب بقدومها بإبتسامة مصطنعة
فجلست بجانبه على كرسي السفرة لتناول الطعام فلم تنزل عيناها عنها قط تراقب نظراتها لزوجها فلم تهتم بإطعام صغيرتها ولا بطعامها ايضا فحينما لاحظت والدته ذلك فقالت لها :
-ايه يا الاء مبتكليش ليه الاكل مش عجبك ؟
أجابتها مصاحبة أبتسامة مصطنعة :
-لا ابدا يا ماما جميل تسلم ايديك انا اكلت كتير .
نظر لها هيثم فوجدها لم تتناول شىء فأمسك معلقته وقال لها :
- افتحي بوقك .
أبتلعت الأخرى ريقها وهي تراه يُطعمها فوقفت تاركة صحنها قائلة :
-تسلم ايديك يا خالتي .
كاد أن يخبرها بأن تجلس لتكمل طعامها ولكنه رأى الفرحة بعين زوجته حينما تركتهم ودلفت بغرفة فاطمة .
بعد الغداء جلسوا جميعاً ليحتسوا الشاي فقالت الاء لهبة :
-هو فين جوزك ؟
تنحنح هيثم فأردف أبيه قائلاً :
-مسافر .
رد عليها هيثم مجيباً :
-ايوة صح سافر السعودية .
وجدتها عيناها منخفضة عنها وكأنها تحاول الا ينكشف أمرها ولكن الاء تابعت متسائلة :
-متأخذنيش في السؤال انتي ليه قاعدة هنا مسافرتيش ليه معاه .
أجابها هيثم قائلاً بتضايق :
-ايه يا الاء هو تحقيق .؟
أجابته قائلة :
-أنا مقصدش حاجة بس دا من جانب الفضول مش أكتر اصل شكلها صغير اوي انها .
قاطعها هيثم وهو يأخذ مفاتيحه من فوق المنضدة قائلاً :
-يلا يا الاء نمشي يلا .
أوصلتهم للخارج فقبلت الاء فقالت لها معتذرة :
-انا مقصدش اضايقك .
أبتسمت لها الأخرى قائلة :
-ولا يهميك خلوا بالكم من نفسكم وسوق بالراحة يا دكتور ربنا يوصلكم بالسلامة .
تنهد بشدة قبل ركوبه مركبته فرحلوا سريعاً ،عادت للداخل وعيناها تمتلىء من الدموع ما تفيض عن حاجتها فكادت أن تواسيها أمه ولكنها سرعان ما دخلت غرفتها وأغلقت خلفها الباب فقالت لزوجها :
-أنا خايفة عليها من القهرة .
أجابها صبري قائلاً :
- أبنك هو السبب .
أغلقت النافذة المجاورة لها فوجدته يفتح الملاصقة له فقالت بتضايق:
-لو سمحت اقفل الشباك .
أجابها قائلاً بجمود:
-مش هينفع البنت هتبرد كدا لما ننزل .
زفرت بشدة وعقدت ذراعيها أمام صدرها لم يعطيها اهتمام بل تابع الطريق فتابعت قائلة بإستنكار:
-هو انت كمان اللي مقموص والله عجايب .
تنهد قائلاً :
-فيه ايه يا الاء أنتي مش لاقية نكد تنكديه على امي صح ؟
نظرت له بتضايق وهي تقول :
-انا نكدية يا هيثم ؟
أستعاذ بالله من الشيطان وقال لها :
-ياستي انا اللي نكدي خلاص ممكن تسكتي بقى علشان اركز في الطريق لو مكنش فيها اساءة ادب .
نظرت له بإستنكار قائلة :
-ماتركز في الطريق هو انا جيت جمبك .
ظل شارداً وهو يتساءل إلى متى سيظل هكذا
إلى متى سيظل يخدعها فبعد بضع اشهر سينجب طفلا ماذا سيقول لها أنا كنت أخدعك تزوجت من دون علمك بتلك الفتاة لأن أبي اجبرني على ذلك الزواج أم ماذا يقول .
جلست  تبكي في غرفتها حتى دلفت لديها أمه وهي تحمل صنية الطعام أخذت تواسيها فقالت لها وهي تبكي :
- هو ليه مش عاوز يعترف اني مراته لدرجادي خايف على مشاعرها ومش خايف على مشاعري انا .
ضمتها أليها وهي تقول  :
-حقك عليا يا بنتي سامحيني بكرة لما تجيبله الواد غصب عنه وعن اللي خلفوه هيحبك وهيفضلك عليها .
نظرت لها الأخرى وعيناها تكاد تفيض من الدمع فهي تعلم بأن ذلك لن يحدث معها ابدا .
مر حوالي يومين حتى أتى ذكرى عيد زواجهم أخذت تدون تلك اللحظات في دفترها قائلة :
-نعم أنها ذكرى زواجنا اليوم أردت أن أصنع شىء مبهج حتى يسعد قلبك ولكني لم استطيع أن أضع تفاصيل حبي لك على تلك الأوراق لأخبرك كم أحبك وكذلك الشموع المحترقة بحبي لك قد تخبرك أنني لا أستطيع العيش يومٍ واحد من دونك فأنت أبي وأخي وصديقي وحبيبي وهذا يكفيني عن الجميع
أتمنى في مثل هذا اليوم الا نفترق أبدا وأن يبارك لنا الله في عمرنا لنتذكر ذلك اليوم في اعوام قادمة حتى نشيخ معاً أنتظرك في كل ثانية تسرع في قلبي شوقِ لك لا تغضب مني فطفلتك مازالت حمقاء تغار عليك حد الجنون حتى وإن كانت تعلم بما يخبئه قلبك لها  أعذرني حبيبي فمن تمتلك زوج مثلك لوضعته داخل قفص قلبها وبعدته عن الجميع .
تركت ما بيديها حينما سمعت صوت هاتفها يرن امسكته واجابت هيثم قائلة :
- نعم يا حبيبي .
اردف قائلاً :
-أنا قدامي ربع ساعة واكون عندك مش محتاجة حاجة اجبهالك وانا جاي ؟
أجابته قائلة :
-عاوزة سلامتك ياحبيبي متتأخرش .
أغلقت معه الهاتف وتقدمت مسرعة لتجهز الطعام على طاولة السفرة أرتدت ذلك الفستان الذي احضره لها في العام الماضي راقبت صورتها بالمرآة بذلك الفستان الطويل كانت تشعر بالحرج لقولها بأنه لا يناسب طولها ولكنه هو من أحضره لها فبدى جميل وضعت العطر المميز الذي يحبه حتى سمعت صوت طرق باب الشقة تركت ما بيديها ورفعت قليلاً الفستان حتى تستطيع السير فتحت باب الشقة وهي تعلم بأنه هو من يقف وراءه حتى تستقبله كما أعتاد أستقبالها له  ولكنه لم يكن هو هذه المرة ،أتسعت حدقة عيناها وهي ترى هبة تقف أمامها تنتظر اذن الدخول فقالت لها :
-ازيك يا الاء ؟
وقف أمام أحدى محلات الورود لكي يختار ورود جميلة ،اخرج من جيب بنطاله علبة خاتم جميل سيزين يد حبيبته في مثل ذلك اليوم ،ترجل من سيارته واخبر الفتاة التي تعمل بالمحل أن تجمع له باقة من الورود الحمراء بينما قد أخرج من جيبه بطاقة قد كتب بها :
-كل سنة وانتي معايا  .
وضع البطاقة بداخل الباقة بعدما حاسب عليها واخذها ورحل .
-أنتي كدابة امشي اطلعي برة .
قالتها وهي تصيح بها فوقفت أمامها الأخرى قائلة ببرود وهي تمد لها يديها بورقة عقد النكاح :
-خدي دي قسيمة الجواز أحنا متجوزين من كام شهر .
أخذتها ويديها ترتجف أخذت تقرأها وعيناها تكاد تفيض من الدمع فسحبت منها هبة تلك الورقة تابعة :
-اديكي اتاكدتي من كلامي أنا ليا فيه زي ماليكي بالظبط ويمكن أكتر شوية  .
فتح باب الشقة وهو يحمل تلك الازهار مبتسماً ولكن سرعان ما أختفت تلك الأبتسامة حينما رأها أمامه فقال لها :
-انتي ايه اللي جابك هنا ؟
أقتربت منه مسرعة وكأنه طوق النجاة لما سمعته من تلك الفتاة فاردفت قائلة ودموعها على وشك الأنفجار:
-هيثم الكلام اللي بتقوله هبة دا مش صح مش كدا قولي الكلام اللي بتقوله دا مش صح .
صاح بالأخرى قائلاً :
- أنتي قولتلها ايه ؟
أبتعدت عنه بضع خطوات وهي تحاول أن تجد شىء تستطيع أن تمسك به حتى لا تفقد توازنها فاردفت هبة قائلة بجمود :
-قولتلها كل حاجة يا دكتور اننا اتجوزنا وان العيل اللي في بطني دا أبنك .
أقترب منها وأمسكها من ذراعها بقوة وهو يتابع بغضب :
-أنتي اتجننتي أمشي اطلعي برة ارجعي مطرح ماروحتي برة .
أزاحت يديه بقوة وهي تردف بخبث :
-مش هطلع أنا ليا في البيت دا زي ماهي ليها فيه مش هقبل أنك ترميني عند اهلك في البلد وهي مكرمها ومقعدها في شقة لوحدها .
نزلت دموعها وهي مازالت واقفة صامتة كلوح الخشب اقترب منها وأمسكها من ذراعها قائلاً :
-الاء صدقيني أنا بحبك أنتي أنا أتجوزتها علشان اخلص من تهديدات ابويا  .
أنزلت يديه عنها ببطء وهي لا تشعر به أما عيناها قد توقفت لحظة عن البكاء تحركت نحو باب الشقة مبتعدة عنه كاد أن يلحقها ولكن هبة امسكت به قائلة :
-خد هنا رايح فين ؟
أزاح يديها بغضب وهرول خلف الاء كاد أن يمسكها ليمنعها من النزول الدرج ولكنها تعركلت بفستانها فوقعت مصطدمة رأسها بحافة السلم مما جعلها تنزفت سيل من الدماء رأته يقبل عليها بلهفة ولكنها سرعان ما أغلقت عيناها مستسلمة لفقدان الوعي  .
صوت سيارة الأسعاف كان عالياً وهي تستحث السيارات بالإفساح لها أما عنه فقد كان يجلس بجانب المسعف يمسك يديها بيديه الممتلئة بالدماء وعيناه لم تتوقف لحظة عن البكاء دلفوا اقرب مشفى لهم أستقبلها طبيب الطوارىء من ثم اختفت عن نظره إلى غرفة العمليات .
مر حوالي نصف ساعة حتى أتى أليه مصطفى ومريم مهرولين ومعهم الصغيرة رؤى التي اقبلت عليه تحتضنه وهو يبكي فقال له مصطفى بلهفة :
-فيه ايه يا هيثم مالها الاء ؟
طرقت هبة باب بيت ابيه بالبلد ففتحت لها أمه فوجدتها تبكي بشدة احتضنتها وقالت لها بلهفة :
-في ايه يا هبة ايه اللي رجعك ؟
دمعت وهي تردف :
-الاء شكلها بتموت .
لم يكن يعلم بأنها ستذهب بعالم أخر لا يوجد به أحد لا تريد رؤيته فقد جعلها تشعر بالضعف فإنها لا تنجب أو كانت كذلك حتى أصبحت عقيمة لم تعترض على قدرها يومٍ فهو كان دائماً يقول لها بأنه أمتلك العالم حينما رزقه الله بطفلة منها ولا يريد شىء اخر في تلك الحياة سوى أن يعتني بهم ولكنه أثبت بأنه كان يريد طفلاً حتى لو لم تكن هي أمه حاولت هبة محادثته طوال تلك الأيام ولكنه لم يعطيها فرصة لذلك حتى شعرت بالندم مالذي استفادته سوى انها ازدادت كرهية في قلبه  .
سمعت صوت جهاز قارىء المؤشرات الحيوية كان مزعجاً جعلها للحظة تختار بأن تعود لذلك العالم مرة أخرى بعد بضع أيام أختارت  الهروب منه ،فتحت عيناها ببطء فرأت الممرضة تبدل لها المحلول فحينما رأتها قد أستفاقت تركتها مهرولة وخرجت من الغرفة منادية هيثم حاولت الأعتدال ولكنها لم تكن قد أستردت قوتها لفعل ذلك حتى رأته يقبل عليها بلهفة :
-الاء أنتي كويسة ؟
نظرت له ولم تجيبه فعلم بأنها مازالت غاضبة منه ولكنه أخبرها بالأ تتحرك وهو سيعود إليها بعدما يحضر الطبيب المختص لفحصها فأبتعد عنها قليلاً حتى أتاه صوتها الضعيف الذي لم يسمعه منذ اسبوع  :
-فين محمود يا دكتور هيثم ؟
أبتلع ريقه والتفت لينظرلها فوجدها تتابع قائلة وهي تمسك رأسها :
-لو سمحت انا عاوزاه ضروري راسي هتتفجر من الصداع .
لم يمر سوى القليل حتى وقف بجانب ذلك الطبيب وهو يفحصها وقد بدى عليه التوتر أردف الطبيب قائلاً بثبات :
- مدام الاء انتي كويسة جرح راسك خف كتير عن الأول  .
أجابته بنبرة تحمل الكثير من الغضب :
-مدام ايه انسة من فضلك .
نظرت لهيثم وهي تتابع :
- ماتقوله يا دكتور هيثم انا عاوزة محمود لو اتاخرت عن كدا ماما هتقلق عليا .
أقترب منها هيثم ليجلس بجوارها فقال بنبرة هادئة ليستحثها على مسامحته  :
- انا عاوزك تهدي علشان نعرف نتفاهم انا عارف انك زعلانه مني بس ابوس ايديك متعمليش فيا كدا .
اعتدلت بجلستها متحملة الصداع المسيطر عليها وقالت بإستنكار :
- أنت ازاي تكلمني كدا أنت اتجننت طالما مش عاوز تجيبلي محمود انا هجيبه بنفسي وسع.
كادت أن تتحرك لتغادر الفراش ولكنها تألمت بشدة فحاول إمساكها ولكنها صرخت  به الأ يلمسها حتى حقنها الأخر بعقار مهدىء جعلها تعود مجبرة للنوم  ،عاد للمنزل وبداخله يحمل جبال من الهموم ماذا يفعل معها ،وجد الصغيرة تستقبله أرتمت عليه لتحضتنه تاركه جليسة الأطفال  فقالت بصوت جهوري :
- باببي .
حملها على ذراعه كما أعتاد على ذلك فتسائل إن كانت الصغيرة قد تناولت طعامها فأجابته بإيجاب فأخبارها بأنها يمكنها الانصراف أجلس صغيرته بجانبه فقالت متسائلة :
- مامي صحيت ؟
اجابها بإيجاب فرأى الفرحة في عيناها وأخبرته إن كانت يمكنها رؤيتها فقد اشتاقت لها فصمت هيثم وهو لا يعلم بماذا يجيب فهي مازالت صغيرة لن تفهمه فأمسكت بمعصمه وهي تترجاه بأن يسمح لها برؤية أمها فقال لها :
-خلاص ربنا يسهل يا رؤى يلا علشان ننام لاني تعبان اوي .
فتحت عيناها في جوف الليل حينما أنتهى تأثير ذلك العقار نظرت حولها لم تجد أحدا أزاحت ابرة المحلول المتصلة بوريدها بقوة وأعتدلت بجلستها متحملة ذلك الألم المسيطر على رأسها أثر ذلك الجرح تقدمت نحو باب الغرفة فتحته وخرجت وهي تلتفت حولها لم تجد أحد يدلها عنه أستغربت كيف لم يأتي ليطمئن عليها كل تلك الفترة خشيت بأن أمها تعلم بأنها متواجدة بذلك المشفى ولكنها لا تعرف كيف  جرح رأسها بذلك الشكل وصلت لغرفته أستغربت بأنه لم يكن مكتوب أسمه عليها كما أعتادت قرأت أسمه على اللافتة ولكنها لم تتردد لحظه بالدخول لقد كان الباب مفتوحاً كذلك ولكنه لم يكون هو بل كان هناك طبيب اخر لا تعرفه ولكنه وقف حينما رأها أمامه فقال بتساؤل :
-استاذة الاء انتي ايه اللي جابك هنا ؟
أجابته قائلة :
-انت مين وايه اللي مقعدك مكان دكتور محمود هو فين ؟
أتسعت حدقة عيناه في ذهول قبل أن يتوجه اليها وهو ينظر باحث عن ممرضة بالدور قائلاً :
- تعالي اوديكي اوضتك .
دفعته وهرولت باحثه عن محمود في جميع الغرف لحقها ليحاول تهدئتها ولكنها صرخت به قائلة :
-أبعد عني أنت مين علشان تقرب مني كدا فين محمود ودكتور هيثم ؟
أستيقظ حينما رن هاتفه في وقت متاخر رأى أسم زميله بالمشفى يظهر على شاشة الحاسوب فأجابه بصوت ناعس :
- خير يا عمرو .
سمع صوته يقول :
-هيثم الحق مراتك ضربتني وهربت من المستشفى وهي بتدور على محمود .
أعتدل بجلسته سريعا وهو يردف قائلاً  :
- ايه أمتى دا حصل  ؟
أوقفت سيارة أجرة وهي تلهث وتأخذ انفاسها بصعوبة اخبرته بعنوان بيت ابيها فأمرها بالصعود المركبة ، ترك الصغيرة نائمة بجواره وغادر المنزل فرأها تغادر سيارة الأجرة وقالت للسائق :
- ثواني هجيبلك الفلوس من جوة .
هرول ناحيتها أمسكها من معصمها وأخرج من جيبه النقود اعطاها للسائق  حاولت إفلات يديه عنها وصرخت به :
-سيب ايدي انت اتجننت يا دكتور هيثم ؟
صاح بها بغضب :
- أخرسي خالص وتعالي معايا .
رأتهم الصغيرة من نافذة الشرفة فهرولت بالنزول لتستقبلها أمسكت بساقها تحتضنها قائلة :
-مامي وحشتيني اوي .
- مامي مين انا مش أمك أبعدي عني .
قالتها الاء بغضب  هي تدفع الصغيرة بقوة فأوقعتها بالأرض فجرح ذراعها أعتدلت الصغيرة بمساعدة هيثم وهي تبكي فقام بمواساتها قائلاً :
- معليش يا حبيبتي .
كادت أن تتركهم وتدلف بيت أبيها ولكنه جذبها من يديها نحو بيته فصرخت منادية على أخوتها رأتها علياء من نافذة غرفة نومها  ولكنها لم تريد أن توقظ محمد قط قضمت يديه بقوة فجعلته رغمٍ عنه يترك يديها هرولت نحو بيتها طرقت باب الشقة فلم تجد أحد أخذت تصيح قائلة :
- مصطفى أفتحلي يا مصطفى بسرعة ياماما افتحيلي .
دلف هيثم ساحة البيت رأها وهي تضرب بقبضتها الباب بقوة وهي تصرخ فعندما رأته هرولت نحو باب شقة محمود تضربه بقوة قائلة :
-أفتحي يا مريم افتحيلي بسرعة  .
أستيقظ محمد حينما سمع صوت الاء بالخارج فتسائل قائلاً :
-فيه ايه يا علياء ؟
أجابته قائلة :
-مفيش يا محمد كمل نومك .
ترك فراشه وغادر الغرفة بينما هي تطرق بابه بقوة قام بفتح الباب فاعطاها قليل من الأمل قال لها بصوت  غلبه النعاس :
-الاء حمدالله علسلامة ياحبيبتي .
هرولت لتحتضنه وهي ترتجف بخوف
نظر لهيثم وهي ترتجف بشدة بين احضانه وهيثم يقف على حافة السلم فقال له بلهفة :
-في ايه يا هيثم   ؟
أردفت قائلة :
- هما كلهم راحوا فين مش بيردوا عليا ليه نايمين مش كدا ؟
صمت محمد وهو لا يفهم عن ماذا تتحدث فوجدها تتابع قائلة :
-خليني عندك لحد الصبح واقول لماما اني طلعت ابات عندك علشان متقلقش .
نظر له هيثم بالا يخبرها بما حدث ولكنه لم يفهم تلك النظرة فقال :
-  أنتي نسيتي ماما الله يرحمها ماتت من سنين .
أبتعدت عنه قليلاً و عيناها ممتلئة بالدموع كادت تسقط على الأرض فاقدة الوعي ولكنه سرعان ما لحقها وضمها اليه ،أنامها على فراشها بشقة أبيها فقال له محمد بعدم فهم  :
-ما تفهمني يا هيثم اختي مالها ؟
أعتدل واقفٍ ليصبح بجواره وهو يردف  :
- فقدان ذاكرة .
أتسعت حدقة عيناه وهو يقول بصدمة :
- ايه أنت بتتكلم بجد ؟
اكمل قائلاً :
- هي متعرفش اني جوزها هي عارفاني اني صاحب محمود وزميله  .
نظر لعلياء التي وقفت بجانب الباب وهي عاقدة ذراعيها امام صدرها من ثم تابع قائلاً :
- ازاي طيب وبنتها ؟
أمسك يدي الصغيرة وهي مازالت تبكي بصمت وهي تنظر لأمها النائمه فأحتضنت ساق هيثم لعلها تخفف وجع يديها،أنحنى بجسده وحملها قبل عودته لشقته قام  بتبديل  ملابسها التي اتسخت من التراب أمسك يديها وبدأ بتطهيرها اثر الدماء وضع لها الضمادة الطبية فوجدها مازالت صامتة برغم من أنها تتألم فقبل يديها حينما أنتهى قائلاً :
- معليش ياحبيبتي انا عارف انها بتوجع بس بكرة هتبقى احسن  .
قاطعته قائلة وهي تدمع  :
- مامي مش بتحبني .
أتسع حدقه عيناه من كلمتها  له فقال  :
- لا يا حبيبتي متقوليش كدا دي مامي بتحبك اكتر من نفسها .
بكت بشدة وهي تقول مبررة :
-لا دي زقتني وقالتلي اني مش بنتها .
ضمها أليه وهو يخفف عنها حتى هدئت قليلاً ومسحت دموعها بظهر يديها فتابع :
-مامي تعبانه يا رؤى علشان كدا معرفتكيش لكن هي قريب هتخف وهتقولك قد ايه هي بتحبك .
تأكد من نوم الصغيرة فهاتف صديقه عمرو وأخذ يخبره بما حدث منذ أن رحلت من المشفى ،توالت الأحداث في رأسها كحلم سيىء يعرضه عقلها حاولت الأستيقاظ الركض لتبتعد عن شبح ذلك الشخص الذي يلاحقها لم تعرف بأنه زوجها الأول فهو الأن لا تعرف كنيته ولا صلته بها أخذت تنادي على أخواتها لعل أحد ينجيها من ذلك الشخص الذي أمسكها من ذراعها بقوة وهو يضمها اليه بطريقة أزعجتها فلم تتحمل أقترابه منها فدفعته حينها لم تشعر بالارض اسفل قدميها  سقطت في بحر مظلم لا ترى حتى جسدها حاولت الصياح ولكنها بالفعل تغرق الصوت مكتوم كأن هناك من يكمم فمها تشعر بالمياة تجتاح قفصها الصدري لم تعد قادرة على التنفس ظلت تتعرق بشدة تفرك قدميها بالفراش وكأنها تحاول أن تستنجد بأحد أقترب منها مصطفى عندما وجدها تخترف أمسكها من ذراعها ليجبرها على الاستيقاظ :
-الاء اصحي الاء  .
فتحت عيناها وجدتها مازالت بغرفتها حركت عيناها حتى وقعت على أخيها وهو يقول :
- الاء انتي كويسة طمنيني عليكي  ؟
ألتقطت أنفاسها وكأنها نجت من غرق موشك يفتك بها لم تجيبه بل ظلت صامتة تحدق في سقف غرفتها حتى نزلت دموعها دلفت مريم الغرفة فجعلتها تتفاعل معها وأقتربت منها لتحتضنها فبكت بشدة وهي تقول :
- ماما .
أمسك مصطفى يديها وهو يواسيها قائلاً : -عمرها يا الاء هي في مكان احسن اكيد الحمدلله أنها متعذبتيش مع المرض .
لم يتركها حتى هدئت من نوبة البكاء وفي تلك اللحظة  دلف اخيها الأكبر الغرفة مستأذن بدخول هيثم فحينها أمسكت حجابها ودارت به شعرها ،دلف هيثم الغرفة ونظر لها ووجهه مبتسماً ابتسامة ودودة فقال :
-حمدالله على سلامتك يا الاء .
نظرت له واشاحت وجهها بعيدا عنه نظر لأخوتها بأن يتركوهم بمفردهم فغادروا بالفعل فأقترب منها عندها قالت غاضبة  :
-بص بقى أنت بقيت جريئ معايا اوي ازيد من اللزوم من أمبارح وانت عديت حدودك معايا .
جلس على الكرسي المجاور لها ليقول معتذرا :
- اسف يا ستي حقك عليا بس انا من حقي اني كنت أخدك امبارح .
صاحت به قائلة :
-تخدني بتاع ايه انت ؟
أجابها قائلاً بثقة :
- بتاع اني جوزك .
أتسعت حدقة عيناها وتلجلجت قائلة :
- ايييه جوزي أنت بتقول ايه   ؟
اؤما بإيجاب مكرراً :
-بقول أنك مراتي والطفلة اللي زغدتيها امبارح وبهدلتيها دي تبقى بنوتك يا لولو .
  قالت له مستنكرة  :
- انت اكيد شارب حاجة مش في وعيك أنا مش متجوزة ازاي اكون خلفت ؟
أبتسم لها بسخرية وهو يتابع :
- ازاي ايه يا مدام بقولك انتي مراتي ومخلفة مني كمان .
سرعان ما اعتدلت لتصبح بعيدة عنه قائلة بصياح :
-أنت اكيد مجنون أنا لسه انسة .
أعتدل واقفٍ أمامها ليقول :
- انا عاوزك تهدي يا حبيبتي علشان العصبية دي مش حلوة عشانك ونتفاهم بهداوة .
صرخت به قائلة :
-أنا مش حبيبتك أمشي أطلع برة .
في ثوانِ قد أتى أخواتها لغرفتها فقالت لهم صائحة بشكل هستيري :
-أنا مش عاوزة اشوف حد خلوه يمشي مش عاوزة أشوف حد .
كور قبضة يديه وقال لها بنبرة هادئة  :
- أنا هسيبك دلوقتي بس أكيد هرجعلك تاني تكوني هديتي شوية .
خرج من غرفتها فتابعه مصطفى ليلحقه فحينها أقتربت منها مريم وحاولت تهدئتها فأخذت أنفاسها وهي تقول :
- ايه اللي حصل انا مش فاهمه حاجة .
أكد على أخيها بقوله  :
-زي ما فهمتك يا مصطفى وانا مش هغيب عليكم .
زفر بشدة قبل أن يقول له  :
-افرض حصلها حاجة اتصرف ازاي وانت مش هنا ؟
أجابه هيثم قائلاً  :
-متقلقش ان شاء الله خير .
كاد أن يرحل ولكنه وقف وأخذ يتابع بهتمام : - بالله عليك متنساش اللي قولتهولك هي دلوقتي مش واثقة في حد قدك انت ومدام مريم .
اومأ مصطفى بإيجاب فقال :
- الله المستعان .
أردفت الاء قائلة  :
-ازاي دا حصل يعني انا متجوزه دكتور هيثم ؟
أجابها أخيها قائلاً  :
- ايوة يا حبيبتي لما محمود أتجوز برة اتجوزت انا ومريم بعديها هيثم اتقدملك  واتجوزتيه.
أمسكت رأسها وهي تدمع قائلة :
- لا لا مستحيل أكيد دا محصلش بالله عليك قولي ان دا محصلش .
جلست الصغيرة وبجانبها حقيبة الحلوى المفضلة لها فلم تمسسها بل أخذت دميتها وكأنها طفلتها التي سوف ترعاها خلال تلك الفترة التي اخبرها بالمكوث مع أهله ،تركته وهو يضع الملابس بحقيبتها وكل ما يلزمها فقال :
-انا خلصت كدا .
التفت ليكلمها فلم يجدها معه تحرك مغادراً   من الغرفة وجدها واقفة بشرفة الشقة تنظر لشرفة والدتها لعل تراها مرة واحدة دمعت  عندما رأته واقف بجانبها ينظر لتلك الشرفة فقالت  :
- مامي هتوحشني اوي .
انحنى بجسده ليضمها أليه وهو يردف قائلاً :
- انتي هتوحشيها اكتر بكتير  .
لم يمر الكثير حتى وصل لبيت أبيه في الريف ترجل من مركباه  فتح للصغيرة الباب نزلت وهي مازالت تضم دميتها أمسك يديها وطرق باب المنزل فتحت له أمه أحتضنته فرحة بعودته وقبلت الصغيرة وهي ترحب بهم دلفت الصغيرة المنزل جلست على اقرب كرسي تنظر لجدتها وهي تكلم أبيها متسائلة عن أحواله مع والدتها فسرعان ما خرجت زوجة أبيها أقتربت منه بلهفة لتحتضنه قائلة : -حمدالله على السلامة يا حبيبي وحشتني اوي .
أزاح هيثم يديها بعيدا عنه فنظرت لهم الصغيرة بشدة وهي تراقب غضب ابيها من تلك السيدة فأزاحت وجهها بعيدا عنهم حينما قالت لها جدتها :
-تعالي يا رورو انا عملة كيكة حلوة اوي .
أخفضت عيناها عنه بحزن وقالت :
- أنا أسفة يا هيثم مكنتيش .
قاطعها وهو يقول بجمود كالثلج :
- الجنين عامل ايه ؟
وضعت يديها على بطنها وهي تتحسسها قائلة :
- ابنك بخير يا دكتور حقك على راسي أنا مكنتيش اقصد اذيها كدا والله مكنتيش اقصد .
نظر لها بتضايق ودلف المطبخ خلف أمه فجعلها تقف تشتعل من الغضب بعدم أهتمامه حتى بإعتذارها ولكنها لم تستسلم وتابعته وقفت تمسك ذراعه فنظر لها بشدة وهو يزيح يديها عنه فحينها تركت الصغيرة الحلوى التي لم تتذوقها وقالت :
-بابي انا عاوزة انام .
أنام الصغيرة على الفراش وقبلها من رأسهامن ثم تركها وغادر الغرقة  فقال لهبة :
-عاوزك تخلي بالك منها .
أبتسمت له وهي تقول بثقة مبالغ فيها :
-طبعا يا حبيبي دي بنتي برده .
تسائلت  أمه قائلة :
-هتسيبها لحد أمتى يا هيثم ؟
تنهد بضيق قائلا :
-مش عارف يا امي الاء فعلا تعبانه ومش هتقدر تعتني بيها .
نظرت له هبة فقالت أمه وهي تلوي فمها :
- ماهي على طول تعبانه ومش عارفة تراعي بنتها بص البت خاسة ازي .
حينها قال لها بتضايق  :
-حرام يا امي هي ملهاش ذنب .
من ثم نظر للاخرى وأكمل :
-انتي عارفة كويس مين  اللي كان السبب .
سمع صوت أبيه يدلف البيت فتقدم ناحيته وصافحه فأبتسم إليه صبري وهو يرحب به قائلاً :
-الحمدلله ازيك انت ايه يابني مش بتيجي ليه هي مش هبة ليها حق عليك زي الاء بالظبط .
أردف هيثم قائلاً :
-انا محتاج اتكلم معاك .
أخبره أبيه بأن يتحدث ما الأمر الذي يود أن ينصحه فحينما وجد زوجته منتبهة لما  يقوله  فقال لأبيه :
-هحكيلك بس تعالى نروح العيادة علشان نتكلم براحتنا  .
خرجوا فقالت هبة لأمه وهي متضايقة  : -شايفة يا ماما ابنك كانوا مش شايفني خالص هو انا مش مراته زي اللي هناك دي .
قالت الاخرى :
- يابنتي أتقلي شوية والله هيجيلك غصب عن عين امه .
جلست هبة أمامها وهي تقول لها بنفاذ صبر :
-انتي مش شايفة بيعملني ازاي أنا خلاص مبقتيش قادرة استحمل أنا همشي من هنا هرجع دار ابويا .
قالت لها أمه وهي تقترب منها :
-ياهبلة عاوزة التانية تقوش وانتي زي الهبلة عاوزة تروحي بيت ابوكي دا البعيد عن العين بعيد عن القلب ياعبيطة .
اردفت قائلة بتضايق :
-ياما مهو بعيد اهو انتي مش شايفاه بعيد عني الاء شاغلة عقله حتى لو كنت انا اللي هجبله الولد .
تابعت أمه قائلة بخبث :
-واللي يدلك على اللي هتخليه يهتم بيكي ويشيلك فوق كفوف الراحة تعملي ايه .
أمسكت هبة يديها وهمت ان تقبلها قائلة :
-ابوس ايديك ليميني عليها .
أخذت توسوس لها  و تخبرها بماذا تفعل مع أبنها فأبتسمت الأخرى بشدة وقالت بلؤم :
- معاكي حق يا ماما أنا عاوزاكي تتصلي بيه دلوقتي وتقوليله على اتفاقنا .
يتبع ....
#الباشمدرسة_ايه

رواية كيف لي ألا أحبك Where stories live. Discover now