الفصل العاشر الجزء ٢

653 8 8
                                    

الفصل العاشر :
حدقت به فكلمته صدمتها فأقترب منها حتى اصبح مقابلها وهو يتابع :
- مقدرتيش اكمل معاها وانا عارف انها السبب في بعدنا عن بعض .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تردف :
- وديني عند عمتي دلوقتي .
تركته وتقدمت نحو سيارته فتنهد بضيق ولحقها أوصلها لعمتها فقالت له :
- ياريت مشوفكش تاني هيبقى أحسن ليا وليك ياهيثم .
- أنا عملت كل دا علشانك .
قالها بعفوية فأزاحت وجهها بعيدا عنه قائلة :
- روح ردها لعصمتك تاني وخليك جمب مراتك لحد ما تولدلك الولد اللي نفسك فيه أنا خلاص قفلت صفحتنا ومش هرجعها تاني .
خرجت من السيارة ونظرت له قائلة :
- ارجع بلدك يا دكتور وابقى سلملي على مدام  هبة وقولها الاء بتقولك ربنا يقومك بالسلامة .
أغلقت باب السيارة وأتجهت نحو العمارة راقبها وهي تدلف العمارة حتى أختفت عن ناظره طرقت باب شقة عمتها فقامت رؤى بفتح الباب قائلة :
- مامي جات .
أقترب منها عصام ليقول لها متسائلاً :
- ايه يا الاء عملتي ايه مع هيثم ؟
أجابته قائلة :
- معليش يا عصام انا مش قادرة اتكلم عاوزة ادخل اوضتي ارتاح .
أمسكت يد الصغيرة فأوقفها قائلاً متسائلاً  :
- انتي كويسة ؟
ألتفتت له لتبتسم قائلة :
- بخير الحمدلله متشغلش بالك انت ولما عمتي تخلص صلاة قولها اني جيت .
اومأ بإيجاب فتركته ودلفت شقتها أسندت ظهرها على باب الشقة وهي تلتقط أنفاسها جلست خلف الباب تبكي بنحيب .
- طيب سبتها ليه تروح شقتها وهي مضايقة ؟
قالتها عفاف لعصام وهي تضع أمامه أكواب الشاي فأمسك أحدهم وارتشف رشفة واحدة من ثم أجابها :
- معرفتيش اقولها ايه ياما أنا لاقيت عنيها مرغرغة وكانت هتعيط فمرضيتش اتقل عليها واعرف هو قالها ايه ؟
طرق باب الشقة فاتجه عصام وفتح باب الشقة فإذا يرى هيثم واقف أمامه فقال له عصام :
-اهلا يا دكتور اتفضل .
صنعت له عفاف كوب من الشاي فشكرها فأردف عصام بتساؤل :
- خير يا دكتور ؟
أجابه هيثم قائلاً :
- مصطفى حكالي عنك يا استاذ عصام انت ومدام عفاف .
أبتسمت له عفاف قائلة :
-ربنا يجزيك خير يابني .
تابع هيثم قائلاً :
- أنا مش طالب منكم غير أنكم تساعدوني اني ارجع الاء معايا وجميلكم هيبقى فوق راسي .
صمت عصام قليلاً وفي قلبه نار أوجعه وأمه تقول له :
- هنساعدك يا بني ربنا يهديها ويرجعكم لبعض على خير .
أبتسم لها هيثم قائلاً :
- ربنا يباركلك يا عمتي .
أردفت عفاف لعصام :
- خد دكتور هيثم وروح لسمسار المنطقة خلي يدورله على مكان يأجره لحد لما ربنا يسهل .
نظر عصام لها فتابعت :
-يلا اتحرك .
وقف عصام وقال لهيثم بجمود :
- اتفضل معايا يادكتور .
نزلوا وركب عصام مركبة هيثم فقال له :
- بتحبها ؟
نظر له هيثم وعلى وجهه ملامح الإستغراب من سؤاله وهو يتابع الطريق فتابع عصام موضحاً وقد انتابه حرج من قوله :
- أنا مقصديش حاجة بس انا مستغرب .
قاطع هيثم حديث عصام قائلاً :
- بحبها اكتر من نفسي .
تسائل عصام بإستنكار :
- سبتها ليه واتجوزت عليها طالما انت بتحبها اوي كدا ؟
أوقف هيثم السيارة وأجابه :
- ظروف اجبرتني اني اعمل كدا أنا كنت عاوز احميها مكنتيش عاوزها تتأذي .
أردف عصام بتضايق وكأن كلمته طعنت قلبه  :
- ظروف الظروف دايما بتمنع الواحد أنه يحقق حلمه وأمله الوحيد .
لم يفهم هيثم ما يدور بعقل الأخر حينها أو أنه لم يعلم بحبه لزوجته الذي جعله حتى الأن لم يتزوج وتستقر حياته ولو كان فعل لكان لديه فتاة بالمرحلة الابتدائية  ،لم تخبره الاء عنه من قبل فماذا ستقول أن ابن عمتها اتى من بلد اخر يطلب يديها فتشاجر مع حبيبها محمود أم تخبره لتتفاخر بأن لديها الكثير من المعجبين ولكن القدر اتى بها لعنده لتكون أخت له وليست حبيبة .
شرد قليلاً وهو يتذكر لمعة عيناها حينما رأته مرة أخرى وكأن قلبها دق اجراسه مرة أخرى فإن كان اللسان ينطق بكلام يرفض القلب الصمت فيظهر إيماءات الجسد معلنة بإشتياقه له .
وصل لسمسار المنطقة يخبره بأنه يريد إيجار شقة تكون قريبة من عقارهم فأخبره بأن العمارة المقابلة للعقار توجد شقة بالدور الثالث  صاحبها يريد أن يأجرها ولكنه رجل جشع يحب المال فعندما أخبره السعر قال له عصام بإستنكار :
- ليه دا كله هو هيأجر في الشانزليزيه ؟
أمسكه هيثم من ذراعه ليوقفه قائلاً :
- أنا موافق .
همس له عصام :
- وفقت ليه ماننزل في سعرها دي متستهلش دا كله انا عارف البيت دا دا عفش يا هيثم .
أخبره هيثم بأنه لا يهمه فقط يريد أن يصبح بجوارها فعندها قال له عصام :
- بقولك ايه سيبك من الشقة دي وتعالى معايا .
أعتذر عصام لذلك السمسار وأخذ هيثم وخرجوا من المكتب ليخبره قائلاً :
- أنا هعمل معاك الصح رجعنا العمارة تاني .
عقد حاجبيه بإستغراب لما فعل ذلك فأخرج عصام رأسه من نافذة السيارة ليقول :
-اخلص يا عم مش هنبات هنا بسرعة قبل ما الحج يمشي .
حينما ركب مركبته تسائل :
- هنعمل ايه دلوقتي ؟
اجابه عصام قائلاً :
-رجعنا بس بتنا وانت هتعرف .
وصل للعمارة فنزل عصام واخبره بأن يتبعه فصعدوا اول طابق عند صاحب العقار استقبلهم ذلك العجوز مرحبٍ فأخبره عصام بأنه يريده في مشكلة إنسانية فقال لهم العجوز :
- خير يابني ايه اللي حصل ؟
فتحت عيناها في الصباح فوجدتها نائمة على الأرض بجوار الباب لم تعلم كيف حدث ذلك أيعقل أنها فقدت وعيها من كثرة البكاء أم أنها نعست دون سابق إنذار أعتدلت واقفة وهي تفرد جسدها الذي بات يؤلمها من نومة الأرض الصلبة دلفت شقة عمتها هي ورؤى ليتناولوا الإفطار مع عائلتها ،جلسوا على السفرة وظل عصام ينظر لساعته وكأنه ينتظر احد كما أنه  يراقب الباب الذي اصر على جعله مفتوحٍ من ثم يتابع أمه وهم يتبادلون الأنظار  فقالت الاء لعمتها :
- هو فيه ايه يا عمتي ؟
طرق هيثم باب الشقة وقال لهم مبتسماً :
- صباح الخير يا جماعة .
وقفت وقد تغيرت ملامح وجهها فقالت له بغضب :
- أيه دا انت ايه اللي جابك تاني ؟
وقف عصام مبتسماً وهو يدعوه لتناول الإفطار قائلاً :
- اتفضل يا هيثم البيت بيتك تعالى افطر معانا .
تركت صحنها الذي لم تلمسه حينما رأت طفلتها تحتضن أبيها فأقتربت منه وشدتها من ذراعها قائلة :
-تعالي هنا .
أردفت عمتها بإستنكار :
-فيه ايه يا الاء سيبي البنت .
ضمها هيثم لحضنه حينما بكت الصغيرة قائلاً :
- دي بنتي زي ما هي بنتك وليا الحق اني أشيلها واخدها معايا كمان ولا ايه يا استاذ عصام .
قال الاخر بإيجاب قبل أن يخبرها قائلاً :
- الاء بطلي جنان وتعالي اقعدي افطري .
اردفت بغضب :
-مش طفحة .
تركتهم وعادت إلى الشقة وبداخلها بركان من الغضب فجلس معهم على طاولة الطعام فقالت له عفاف :
-متزعليش يا بني أنت اكيد مدرك وضعها .
تنهد هيثم بضيق وقال لهم :
- ربنا يهديها من ناحيتي .
طرق باب الشقة وهو يحمل رؤى على ذراعيه فوجدها تبكي ووجهها أصبح شاحباً كثمرة الليمون فقال لها معتذراً :
-انا اسف .
أبتلعت ريقها قائلة :
-ايه اللي رجعك تاني؟
أجابها قائلاً :
- راجع عشانك  .
أمتلى عيناها بالدموع وهي تزيح وجهها بعيداً عنه قائلة :
- انا بتعب لما بشوفك ياريت ترحمني من شوفتك دي .
أمتلىء عيناه بالدموع وأنزل رؤى من بين يديه وأردف بنبرة باردة كالثلج :
- حاضر يا الاء هرحمك من شوفتي .
تركها وغادر المنزل نزلت دموعها وهي تمسك بالصغيرة الصائحة منادية عليه دلفت غرفتها وأخذت تبكي بصوت مرتفع وأجهشت بالبكاء فأقتربت منها الصغيرة واخذت ترتب على ذراعها برفق قائلة :
- معليش يا مامي متعيطيش اسفة .
وقف أمام البحر ولم يمنع نفسه من البكاء حتى جلس على الرمال الدافئة وهو يحدق بالبحر الهائج امامه هاتفه عصام فأجابه قائلاً :
-ايوة يا عصام .
- أنت فين يا هيثم ؟
لم يعلم كيف وصل البيت كان يلهث وجهه يتصبب عرق دلف شقتها واقترب من غرفتها كانت فاقدة الوعي حينما وصل أبتعد عنها عصام وقال له :
-كويس انك متأخرتيش .
نظر ليديها المتلوثة بالدماء فقال لعمتها بلهفة :
- ايه اللي حصل ؟
اجابته قائلة :
-والله يابني معرف انا سمعت صوت ازاز بيتكسر جريت عليها لاقيتها زي مانت شايفها كدا حولت افوقها معرفتيش .
امسك رسخها فأتسعت حدقة عيناه قائلاً :
- في مستشفى قريبة من هنا ؟
أردف عصام :
- ايوة فيه .
حملها بين ذراعيه قبل ان يردف :
- وديني لعندها .
أمسكت بقميصه بشدة ويديها ترتجف فتحت عيناها للحظة رأتها بين يديه فقال لها مطمئن :
- متخفيش هتبقي كويسة .
نظر لعصام وقال له متسائلاً :
- بتعرف تسوق ؟
قاد عصام سيارة هيثم في طريقه لأقرب مشفى بينما جلس معها هيثم بالكنبة الخلفية وهو يمسك يديها التي تنزف ويضغط عليها حتى يكبح الدماء نظرت له ولهفته عليها وهو يناجي ربه :
- يارب سلم .
وصل بها للمشفى حملها حتى غرفة الأستقبال فكاد أن يتركها ولكنها أمسكت بيديه وكأنها تستحثه بعدم تركها بمفردها فأقترب منها ليقول :
- متخفيش انا جمبك .
أغلقت عيناها مرة أخرى فشعر بيديها تفلت من بين يديه فصاح بالطبيب :
-انت واقف بتعمل ايه شوفها ؟
جلس عصام في الخارج يفرك بيديه بتوتر حتى خرج لعنده هيثم فأقبل عليه عصام متسائلاً بلهفة :
-طمني يا هيثم ؟
اردف هيثم بثبات :
-الحمدلله بقت كويسة .
أتت عمتها وهي تقبض على يد الصغيرة مقبلة عليهم فقالت لهم :
- طمنوني عليها ؟
أحتلت رائحة عطره المكان اجبرها على الإستيقاظ وجدته يضغط على رسخها وهو يقيس نبضها فقالت بصوت ضعيف :
- هيثم .
أردف بجمود كالثلج :
-الحمدلله انك بخير .
نظرت ليديها التي تداريها ضمادة طبية فقالت له :
- مشيني من هنا مش طايقة ريحة البنج دي .
أجابها قائلاً :
-انا مش دكتورك علشان احددلك امتى تمشي وامتى تقعدي لما يجي يكشف عليكي تبقي تقوليله كدا .
أردفت بصوت متحشرج :
- هيثم بلاش تعمل معايا كدا انا تعبانة .
أبتلع ريقه وأزاح وجهه بعيداً عنها وهو يتابع :
- مش انتي قولتيلي مش عاوزة تشوفي وشي انا همشي يا الاء همشي ومش هتشوفيني تاني هبعد عنكم كلكم .
أزاحت ذلك المحلول من يديها عندما وجدته يرحل من الغرفة فتركت الفراش وهي تتغلب على ذلك الدوار اللعين صاحت به قائلة :
-هيثم أستني  .
ألتفت إليها وجدها وقعت بالأرض اقبل عليها وأسندها فقالت له بصوت متحشرج :
- متمشيش انا .
قالتها ووقعت بحضنه فاقدة الوعي ،في الصباح أستيقظت وقد بدت بالتحسن لم تجده مع عصام وعمتها فقالت لهم متسائلة :
- هو راح فين ؟
وقف على شاطىء البحر ينظر إلى المياة بعدما قام بإغلاق هاتفه من كثرة تلقيه مكالمات من والديه الذين يريدون أن يرد إليه زوجته الثانية ،جلس على الرمال الناعمة الدافئة وهو يفكر أحقاً ظلمها أم أنها هي من قامت بذلك ؟
جلس صبري بجانب فراشها ينظر إلى سريان المحلول إلى وريدها رويداً بينما وقف أبيها على الناحية الأخرى وهو يعاتبه قائلاً :
- يارتني مكنت جوزتها ابنك .
أردف صبري مدافعاً عن نجله :
- متقلقش يا حج قريب اوي هيرجع وهيردها تاني لعصمته دا وعد مني انا .
أجابه الأخر وهو ينظر لوجه أبنته الشاحب كالليمون :
- أنت عجبك منظرها كدا دي بتموت .
راقبت الصغيرة وهي تلهو بالغرفة وهي شاردة
وعصام يجلس بجانب أمه حتى دلفت الممرضة الغرفة  لتخبرهم بأنهم لا يمكنهم الجلوس ويمكنهم زيارتها في الصباح أخذت عفاف الصغيرة فقال عصام :
- هنجيلك من النجمة .
خرجوا من الغرفة فقالت له عفاف :
- بردو قافل موبايله ؟
في المساء جلست على الفراش تنظر إلى السماء والنجوم من نافذة الغرفة وهي تتذكر لهفته عليها قبضة يديه ضمته لها بقلق حينها تذكرت جملتها له :
- لو شوفتني بموت سيبني .
قطع شرودها صوت طرقات باب الغرفة فأعدلت من هيئة الحجاب لتأمر بالدخول قائلة :
- ادخل .
ظهر من خلف الباب تسارعت دقات قلبها حينما رأته مرة أخرى وقف على مقربة منها ليتسائل عن أحوالها فقالت له :
- بخير شكرا على اهتمامك .
جلس على الكرسي المجاور لها ليردف :
- أنا اسف اني بتقل عليكي انك تشوفي وشي تاني بس انا مش قادر اشوفك تعبانة واسيبك .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تنظر له فوجدته أخفض عيناه عنها وهو يتابع :
- انا بعت الكل علشانك يا الاء كل حاجة سبتها وراه ضهري علشانك ربنا يعلم قد ايه اتعذبت لحد لما لاقيتك .
دمعت عيناها وهي تستمع له فأكمل :
- يعلم ربنا ان ما في حد دخل قلبي غيرك .
أزاحت وجهها وهي تبكي بصمت فكاد أن يمسك يديها ولكنه وقف قائلاً :
- عمري في يوم ماهتخلى عنك حتى لو مكناش مع بعض .
أمسكت قلبها وهي تدمع فقال بترجي :
- أسمحيلي أني أفضل معاكي لحد لما تبقي كويسة واطمن عليكي .
نظرت له فوجدته عيناه تمتلىء بالدموع فهربت إحداهم متحررة من مقلتيه فترك غرفتها حتى لا ينهار أمامها .
نامت أثر المهدىء الذي حقنتها به الممرضة عاد للغرفة وهو ينظر لملامحها التي اصبحت هادئة أقترب منها ومسك يديها بين كفيه رتب عليه بحنو وهو يقول معتذراً :
- سامحيني يا حبيبتي انا فعلا انسان وحش اوي وظلمتك معايا يمكن لو كانت ظروفنا مساعدانا كنا هنبقى احسن  .
أبتلع ريقه وهو يتابع :
-منهم لله اللي ظالمونا .
فتحت عيناها في الصباح وجدته نائم على كرسي المجاور لها وجهه أصبح شاحباً أقربت يديها من يديه لتمسكه أدعى النوم حتى وجدها تزيح يديها بعيدا عنه حينما طرق باب الغرفة أستيقظ وهي تقول :
-ادخل .
دلفت الصغيرة مهرولة لعندها صائحة :
-مامي .
رفعتها الاء لعندها لتحتضنها فأستيقظ هيثم عندما وجد عصام وامه داخل الغرفة فقالت لها عفاف :
-عامله ايه دلوقتي يا لولو ؟
اومأت بإيجاب قائلة :
- بخير علشان شوفتكم .
أزال أثر النوم من عيناه وهو يقول لعصام :
- تعباك معانا ياعصام انت وعمتي ربنا يجزيكم كل خير .
نظرت لهيثم وقالت :
- انا عاوزة امشي لو سمحت  .
لم يعطيها أهتمام وكأنها لم تقول شىء وقال لعصام :
- قولي بقى يا متر مكتبك فين ؟
أردفت بغضب من تجاهله :
- انا مش بكلمك ؟
أجابها بجمود قائلاً :
- عاوزة ايه ؟
أجابته قائلة :
-عاوزة اخرج من هنا .
- قولتلك انا مليش فيه لما يأذنولك بالخروج ابقي اخرجي .
قالها وهو يحمل طفلته على ذراعه فأزاحت وجهها بعيدا عنه وهي تلتقط انفاسها أتى الطبيب فخرج عصام حتى يتمكن الطبيب من فحصها فقالت له :
- هخرج امتى يا دكتور .
أجابها وهو يكتب تقريره على اوراق الحالة :
-انتي مستعجلة ليه يا مدام خليكي معانا كام يوم لحد لما تبقي زي الفل ونعملك الواجب ولا انت ايه رايك يا دكتور هيثم ؟
نظرت لهيثم فأزاح وجهه بعيدا عنها لينظر للطبيب فقال له بخبث :
- اللي تشوفه يادكتور .
زفرت بقوة من شدة غضبها وظلت صامتة وهي تراقبهم خرج هيثم من المشفى أحضر لهم طعام للغداء فأمد لها يديه بطبق الفراخ المفضل لها فقالت له :
- مليش نفس .
أردفت عمتها :
-كلي يا حبيبتي علشان تبقي كويسة وتخرجي من هنا .
نظرت لهيثم وهي تردف بخبث :
- مش هو انا هفضل كام يوم واللي تشوفه يا دكتور يبقى مش فارقة .
ضحكت عفاف من ردها فضحك هيثم رغمٍ عنه فقال لها :
- طيب حقك عليا وكلي وانا اوعدك انك لو بقيتي احسن هقول للدكتور يكتبلك خروج .
نظرت له فتابع :
-وعد .
اخذت منه الطبق وتناولت القليل فأبتسم بفرحة فقال له عصام :
-ايه يا هيثم انت مش هتاكل ؟
حل المساء وقد رحل الجميع وتركوهم معاً كان على مقربة منها يقرأ بإحدى الروايات البوليسية فأزاحت الغطاء من عليها وأعتدلت واقفة فأنتبه لها قائلاً :
- رايحة فين ؟
أجابته قائلة :
- الحمام .
أستندت على الفراش فأمسكت رأسها وقد عاد لها الدوار اقترب منها بلهفة ليمسكها قائلاً :
- خليني اساعدك .
جلست على الفراش حتى لا يختل توازنها فقالت له :
- لا شكرا بعرف اروح لوحدي .
انزل يديه عن ذراعها وأعتدل واقفٍ وهو يقول :
- برحتك اتفضلي روحي لوحدك .
وقفت واستندت مرة أخرى على مسند الفراش ظل بجانبها وهو يخشى وقوعها ولكنه يعلم كم هي عنيدة كادت أن تقع لولا أنه ضمها لحضنه قائلاً :
- بطلي العيند بتاعك دا .
أسندها حتى دلفت المرحاض فقالت له :
- اياك تدخل .
قال لها بتضايق :
- انا خايف تقعي جوه .
أردفت بجمود :
- مش هقع فخليك قاعد برة لحد لما أخلص .
اومأ بإيجاب فأغلقت الباب أمامه كور قبضة يديه فامسكها باليد الأخرى سمع صوت شىء قد وقع فقال بلهفة :
- الاء انتي كويسة ؟
خرجت لعنده فتنهد بإرتياح قد أحست به امد لها ذراعه لتتكأ عليه قائلاً :
- يلا علشان ترجعي لسريرك .
أمسكت بذراعه وهي تقول :
- انا عاوزة اتمشى شوية مخنوقة .
خرجوا من الغرفة وهي تتكأ عليه حتى وصلوا للسلم نظر لها فوجدها تقول له :
- معرفش ازاي مش حاطين اسانسير رجعني الاوضة خلاص مش عاوزة اتزفت.
شعرت به في لحظة وهو يحملها فوق ذراعيه امسكت به قائلة بصدمة:
-انت بتعمل ايه نزلني .
اردف بخبث :
- بقولك ايه اتلمي بقى لارميكي على السلم تقعدي في المستشفى شهر على الأقل متجبسة .
ضحكت بشدة فضحك هو الأخر ونزل بها درجات السلم ببطء حتى وصل بها إلى حديقة المشفى أجلسها على الكرسي وجلس بجانبها
فقالت له :
- اتصلي بأخواتي .
اردف بإستنكار :
- دلوقتي افتكرتيهم مفكرتيش فيهم طول الفترة دي .
أمتلىء عيناها بالدموع وقالت له :
- خفت يقلولك مكاني وتجيلي .
تنهد وهو يزيح وجهه عنها فتابعت قائلة :
-مش هتتصلي بيهم ؟
أجابها قائلاً :
-متقلقيش انا كلمتهم وطمنتهم عليكي بس مش هينفع افتح موبايلي .
صمتت قليلاً وهي تنظر إلى الشجر والحشائش فأتى إليهم أحد عمال الكافيتريا المشفى فقال لهم :
- تشربوا ايه ؟
أمسكت كوب العصير البرتقال بين يديها بينما أرتشف رشفة من فنجان القهوة فقالت له متسائلة :
- طلقتها ليه ؟
أنتبه لها فوجدها تتابع بتضايق :
- طالما انت استريحت معاها وحامل ماشاء الله .
أجابها قائلاً :
- جوازي منها كان غلطة كبيرة بدفع تمنها من حياتي وعمري .
امتلىء عيناها بالدموع وهي تقول له :
- بعد ايه يا دكتور ؟
نظر لها وهو يردف معتذراً :
- اسف .
وضعت الكوب فوق المنضدة المقابله لهم فقالت :
- ردها لعصمتك من تاني .
- انتي بتقولي ايه يا الاء ؟
قالها بإستغراب فأعتدلت بجلستها وهي تتابع قائلة :
- حرام تطلقها وهي حامل وتحرق قلبها عليك .
أجابها قائلاً بإستنكار :
-وانا قلبي مش محروق عليكي وانتي بعيدة عني ومش قادر حتى المسك .
ازاحت وجهها بعيداً عنه وهي تقول :
- اللي بينا انكسر يا هيثم كل حاجة انكسرت حتى أنا .
وضعت يديها على قلبها وهي تكمل قائلة :
- كسرتني وكسرت قلبي اللي حبك .
- سامحيني يا الاء سامحيني ونبدأ صفحة جديدة .
قالها وهو يستحثها على مسامحته فقالت له دامعة :
-خايفة .
أقترب منها أكثر وهو يقول لها بتساؤل :
- من ايه مني ؟
ازاحت وجهه بعيدا عنه قائلة :
- من وجع قلبي اللي مش هتحمله لو اذتني تاني .
نظر لها بتضايق فوقفت وقالت له تابعة :
- انا عاوزة انام .
عاد بها إلى الغرفة فوضعها على الفراش فادعت النوم حتى لا يكمل محادثته معها جلس على الكرسي المجاور لها حتى اصابه النعاس فاسند رأسه على الحائط ونام بعمق .
صور يعرضها عقلها واحدة تلوى الأخرى وكأن الشيطان يحاول أن يسيطر عليها بعرضه صور لحبيبها مع هبة أرتجفت وهي تتعرق بشدة أخذت تخترف بأسمه فاستيقظ وجدها تحلم بكابوس من أرتعاشها ويديها الباردة كالثلج حرك جسدها ليجبرها على الاستيقاظ وبالفعل فعلت بكت بشدة فجلس على حافة الفراش أحتضنها فأمسكته بقبضتها من ظهره وهي تبكي قائلة :
- أبعد عني انا بكرهك بكرهك .
رتب على ظهرها بحنو وهو يقول :
- بس اهدي .
أمسكته بشدة وهي تستند على صدره باكية :
- عملت فيا كدا ليه ؟
حاول تهدئتها حتى نامت بحضنه كاد أن يبتعد عنها ولكنه وجدها قابضة على قميصه نظر لملامح وجهها التي اصبحت هادئة فما زال هناك دموع متجمعة بجانب جفنها فمسحه براحة يديه مال برأسه ليقبل رأسها .
في الصباح تحركت بجسدها فشعرت بجسده بجانبها فتحت عيناها وجدته نائم بجانبها بفراش المشفى حركت جسده لتوقظه فتح عيناه ليقول لها :
-صباح الخير .
أعتدلت بجلستها قائلة بإستنكار:
- انت ازاي نمت هنا ؟
أعتدل وهو يفرك بعيناه فقال لها :
- انت اللي خلتيني انام هنا .
أتسعت حدقة عيناها وهي تقول له بصدمة :
- انا .
وقف أمامها وتابع بخبث :
- ايوة انتي فضلتي ماسكة فيا وتترجيني اني انام هنا .
كادت أن تجيبه ولكن صوت طرقات الباب اوقفها فاتجه لفتح باب الغرفة كانت الممرضة من تقف خلفه فقالت له اسفة :
- اسفة يا دكتور معاد الحقنة .
بعدما خرجت الممرضة أردفت :
-هيثم .
أقترب منها وهو يردف :
-ياعيون هيثم .
تابعت قائلة :
- عاوزة امشي انا تعبت نفسيا من ريحة المستشفى دي بليز مشيني انا بقالي تلت تيام .
نظر لها وتنهد قائلاً :
- حاضر يا ستي هكلم الدكتور المشرف .
فتح هيثم هاتفه فوجد محاولات الإتصال به من قبل والديه تجاهل كل ذلك وهاتف عصام ليخبره برجوعهم من المشفى .
أركبها السيارة بجانبه وتولى هو عجلة القيادة لم يكف هاتفه عن الإهتزاز ليخبره بتلقيه مكالمة فقالت له متسائلة :
- دا عمي ؟
أجابها بإيجاب فتابعت قائلة :
- طيب شوفه ياهيثم انت بقالك فترة مش بترد عليهم عيب كدا .
زفر بشدة وقال لها بجمود :
- بقولك ايه كبري دماغك انا مش هرد على حد .
استقبلتها عمتها بالأحضان والقبلات مرحبة برجوعها للمنزل فقال لها عصام :
- ياماما ارحمي البت لسه خارجة من المستشفى سبيها ترتاح الاول .
أجلستها بجانبها وهي تردف :
-عملاك فرخة تتقوي بيها .
أجابتها قائلة :
-بلاش يا عمتو انا مليش نفس .
تابعت عفاف قائلة :
- اسكتي انتي هتاكل غصب عنك .
نظرت لهيثم فوجدته يهمس قائلاً :
- احسن تستاهلي .
راقب عصام نظراته لها التي تحمل الكثير من الحب وهو يجبرها على تناول الطعام لم يتحمل رؤيتهم ودلف غرفته ظل شارداً حتى قطعت شروده أمه وهي تجلس بجانبه على حافة الفراش لتقول :
- عصام .
انتبه لها قائلاً :
-ايوة ياما .
أردفت بصوت هامس :
-مش ناوي تريحني بقى وتسمع كلامي اديك شايف انها بتحب جوزها واكيد هتسمحه .
تنهد وهو ينظر لسقف الغرفة فتابعت :
- بالله عليك متكسرش بخاطري ووافق خلي قلبي يفرحلك واشيل عوضك .
اومأ بإيجاب فأبتسمت بفرحة وضمته لها وهي ترتب على ظهره قائلة :
- ربنا يسعدك يابني ويروقلك بالك .
أبتعدت عنه قليلاً وهي تتابع قائلة :
-انا هخرج اقولهم وافرحهم .
أمسك يديها ليقول :
-خليني انا اللي اقولهم .
خرجت عفاف من غرفته وهي تطلق الزغاريد فانتبه اها هيثم والاء لتتسائل :
- خير يا عمتي ؟
اردفت بفرحة :
- عصام هيخطب .
وقف هيثم وصافحه بحرارة وهو يبارك له فنظر للاء فقالت له مبتسمة :
- مبارك يا عصام .
نظر لأبنته التي اصبحت كالجثة الهامدة لا يرى منها سوى بطنها المنتفخة اثر الحمل عيناها شاردة وكأنها بعالم أخر جلس بجانب امها التي اخذت تلعن وتندب حظ أبنتها السيء فلم تنتبه لها بل لم تشعر بوجودهم بجوارها أردف ابيها بتوعد :
- ورحمة ابويا وامي لاندمه اشد الندم اما البس خلجات حريم وامشي في الكفر وانا حرمة لو مأذتهوش  .
يتبع ...
#الباشمدرسه_ايه

رواية كيف لي ألا أحبك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن