الفصل الحادي عشر ج ٢

740 7 5
                                    

الفصل الحادي عشر :-
وقفت أمام المرآة تضع بعض المساحيق التجميل وهي تنظر لإنعكاس فستانها الوردي الذي احضره لها هيثم طرق باب الغرفة فأذنت له بالدخول فقال لها :
-انا جهزت .
نظرت لبذلته السوداء الأنيقة يبدو وسيمٍ بتلك البذلة أردفت بتساؤل:
- لبست رؤى ؟
أجابها بإيجاب فقالت له :
- انا جاية خلاص خلصت .
نظر لهيئتها وبفستانها الجميل فقال لها بإعجاب :
- انا من رايي انك متروحيش انتي .
اردفت متسائلة بتضايق :
-ليه بقى ان شاء الله ؟
اقترب منها حتى اصبح مقابلها وهو يردف بحب :
-اصلك احلويتي اوي واخاف تبقي احلى من العروسة .
أحمر وجهها خجلاً فسرعان ما أجابته قائلة :
- بقولك ايه اتلم .
ضحك قائلاً :
-عنيا الاتنين .
دلف الجميع سيارة هيثم فكان عصام يبدو عليه التوتر فقالت له الاء مهدئة :
-متقلقش يا عصام ان شاء الله هيحصل قبول .
لم ينكر عصام بأن عروسته جميلة حقاً وملامحها هادئة تجذب نظر الجميع لها كانت فرحة عفاف بها لا توصف وهي تجلسها بجانبها وكأنها ستهرب من بين يديها قرأ هيثم بعيناهم القبول فقال لأبيها :
- احنا نقرا الفاتحة .
تعالت أصوات الزغاريد من قبل أمه وحماته كانت تختلس النظر له بين الحين والأخر أنه زواج صالونات أو ما يقولون عنه زواج مصونات تمنى أن يكون بدافع الحب ولكنه لا يعلم هل سيتحول ذلك الزواج ليصبح زواج عن حب ...
عاد بهم هيثم للبيت نزل الجميع ماعدا هي كان قد أمسكها من رسخها حتى لا يمكنها النزول فهو يريد التحدث معها بشدة أوقف السيارة أمام إحدى المطاعم ودلفوا بها أزاح لها الكرسي لتتمكن من الجلوس عليه وأسرع بالجلوس مقابلها فقالت له متسائلة :
- خير يا هيثم عاوزني في ايه ؟
أجابها قائلاً :
- مش هنرجع شقتنا بقى .
تنهدت بشدة فقال لها تابعٍ :
- الاء لازم كل حاجة ترجع لطبيعتها بقى عصام هيبقى محتاج شقته علشان يوضبها ويدخل .
تنهدت قائلة :
- ماشي يا هيثم نرجع شقتنا بس علشان البنت حرام تتبهدل بينا .
في اليوم التالي قامت بتحضير ملابسها ووضعها في حقيبة السفر معها ملابس والعاب رؤى كادت أن تحملها ولكنه حملها عنها دلفت شقة عمتها وجدتها تبكي فجلست بجانبها وهي تهدئها فقالت لها الاخرى :
- هتقطعوا بينا دا انا مصدقت حد يونسنا .
أردفت الاء مواسية :
- هجيلك كل فترة اقعد معاكي .
أحتضنتها عفاف قائلة :
- ربنا يجبرك ويعوضك خير انتي وهيثم ويهدي سركم .
عادوا للمنزل فحينما دلفت رؤى الشقة هرولت نحو غرفتها صائحة :
- هييييييه .
كادت أن تدلف خلفها الغرفة ولكنه امسكها من ذراعها وضمها إليه قائلاً :
-نورتي بيتك .
أزاحت ذراعه التي تقبض عليه وهي تردف :
- منور بوجود رؤى .
تركته ودلفت الغرفة لم يمر سوى قليل بينما كانت تبدل ملابسها سمعت صوت باب الشقة غلق بقوة خرجت وهي تبحث بنظرها عنه فعلمت بأنه قد رحل .
أمسكت هاتف المنزل واتصلت بأخوتها فقال لها مصطفى :
-اقسم بالله انتي ماعندك دم وانا زعلان منك .
أردفت معتذرة :
-حقك عليا يا مصطفى والله كان غصب عني .
تنهد فتابعت قائلة :
- عاوزة اشوفك واحشني انت ومريم والاولاد .
وقف امام متجر بيع الزهور أنتقى أحدهم المفضل لديها بمساعدة عامل المكان أخذ الباقة وكأن المشهد يتكرر منذ يوم عيد زواجهم ماذا عليه أن يفعل ثانية أيذهب ليحضر لها الكعك والشيكولاته ؟
اخذت تقلب بشاشة التلفاز باحثة عن شىء يثير إعجابها من الدرامات حتى سمعت صوت باب الشقة يفتح أدعت أنها لا تستمع له وليست تبالي بتأخره كل ذلك الوقت حتى منتصف الليل كان يحمل العديد من الحقائب دلف بها غرفته بعدما القى تحية الإسلام
أغلقت شاشة التلفاز ودلفت ورائه وجدته قد نعس تنهدت بتضايق وهي تعدل من وضع الغطاء فوقه وتركته ودلفت غرفة طفلتها لتنام بجانبها أخذت تحدث نفسها :
-انه احمق لا يمتلك من الذوق قليل كيف أنتظره كل تلك الساعات حتى يأتي متجاهل انتظاري له وينام كالأرانب ؟
كانت الساعة الثالثة صباحاً حينما أقترب منها ليوقظها قائلاً :
-الاء اصحي .
فتحت عيناها ببطء وهي تقول له بصوت ناعس :
- عاوز ايه ؟
تركها وغادر الغرفة أعتدلت بجلستها وهي تفرك بعيناها لتزيح اثار النوم وقالت :
-هو اتهبل ولا ايه ؟
خرجت من الغرفة فإذا ترى الكثير من البلونات الملونة التي تملىء الأرض أغلقت الأنوار بلحظة أرتجف جسدها حتى سمعت صوته وهو يشعل الشموع وقع عيناها على ضوء أتى من ناحية السفرة أتجهت نحوها ببطء وهي ترى وجهه وهو يشعل شمعة تلو الأخرى المتواجدة بكعكة عيد ميلاد كبيرة وباقة الزهور الحمراء بجانبها وقفت أمامه وهو يردد قائلاً :
- happy birthday to you my sweety( عيد ميلاد سعيد يا حبيبتي) .
أبتسمت له بفرحة غير مصدقة ما تراه فقالت له بإستغراب :
- ازاي عملت دا ؟
أبتسم لها وهو يردف :
- حبيت اني اكون اول واحد يحتفل بعيد ميلادك .
ظلت تحدق به ذاهلة كيف قامت بنسيان ذلك اليوم وهو من فعل قام بقطع شرودها وهو يقول :
- اتمني امنية ليا وليكي وطفي الشموع .
أغلقت عيناها وهي تتمنى أمنية لم يعلم ماذا كان يدور بعقلها في ذلك الوقت وقامت بإطفاء الشموع بينما هو اتجه لفتح الأنوار مرة اخرى حينما أتى وجدها تقطع الكعك وتأكل منه فقال لها مازحاً :
-ياستي اصبري فيه بني ادم كان نفسه يقطع معاكي التورتة .
ضحكت وهي تمد له يديها بشوكة بها قطعة من الكعك فتذوقها وهو يحدق بها وعيناه تلمعان من الحب ،امسك يديها وقبلها قائلاً :
-كل سنة وانتي معايا يا حبيبتي وميحرمنيش منك ابدا .
جلست بجواره وهم يتناولان الكعك فقالت له وهي تتسائل :
- لحد دلوقتي قافل موبايلك ومكلمتيش عمي .
تغيرت ملامح وجهه وقال لها بتضايق :
- الاء بالله عليكي خلينا حلوين متفكرنيش بحد بالذات في يوم حلو زي دا.
تركت صحنها وهي تردف بإستنكار :
-بالنسبة لمراتك اللي راميها هناك دي ولا تعرف عنها حاجة .
أجابها وهو يقاطعها :
-طلقتي .
تابعت بتضايق :
- ولو هي شايلة جزء منك طالما انت مكنتيش عاوزها ظلمتها ليه معاك من الاول ؟
تنهد بضيق وهو يقول :
- الله يسامحه اللي كان السبب .
وقفت قائلة :
- سوري يا دكتور بس انت غلطان في حقها زي ما غلطت في حقي .
كادت أن ترحل ولكنه أمسك يديها ليقول :
- انتي تشيليني الذنب وتجري على اوضتك .
نظرت له من ثم أردفت بإستنكار :
- اشيلك ذنب انت شايله لوحدك انا بفوقك قبل ما ترجع ندمان وتقول يارتني كنت سمعت كلامها .
أزاحت يديه عنها وتحركت نحو غرفة الصغيرة قبل أن تلتفت له قائلة :
- شكرا على السهرة الحلوة يا دكتور .
فتحت عيناها في الصباح كان قد رحل لعمله فقد أخذ ما يمكنه أخذه من الأجازة خرجت من غرفة الصغيرة لتعد الفطور فوجدت هيثم قد قام بتحضيره وبجانبه باقة الزهور ومعها بطاقة اخذت تقرأها :
- اسف يا الاء حق عليا انتي عندك حق في كل كلمة قولتيها انا ظلمتكم انتوا الاتنين من غير ذنب انا كانت مشكلتي مع ابويا مش معاكم بس ان شاء الله هحاول اصلح كل حاجة بوظتها بغبائي صباحك سكر حبيبتي .
تنهدت بشدة وهي تخاطب نفسها :
- يارب جيب العواقب سليمة واصلح الحال .
مر يومه ببطء شديد كان يود أن يحضر لها شىء تحبه وقف أمام أحدى محلات المجوهرات الفضية ترجل من سيارته ودلف المكان أختار لها سلسلة أحبك بلغات العالم خرج وهو يحمل الكثير من الحب يعلم بأنه قد ظلمها ظلم كبير ويريد أن يقوم بإصلاح القليل ،أخرج سلسلة مفاتيحه ليقفل سيارته أوقفه صوت رجل من خلفه ينادي عليه قائلاً :
- يا أستاذ يا أستاذ .
أنتبه له هيثم وقال له :
- حضرتك بتناديني انا ؟
أجابه الأخر :
-انت دكتور هيثم ؟
اومأ هيثم بالإيجاب ففي لحظة ظهرت يديه التي تحمل أداه تشبه السكين جرحه بمعدته وهرول مبتعداً عنه ،أرتدت أجمل الفساتين وهي تنتظر قدومه وضعت أحمر الشفاة فسمعت طرق باب الشقة وضعت عليها المعطف وتقدمت من الباب لتفتحه وجدت هيثم يقف أمامها وقد بدى وجهه شاحب بشدة وهو يمسك معدته قال لها بصوت ضعيف :
- الحقيني .
حينها ارتمى أمامها فاقد الوعي فصرخت به قائلة :
-هيثم .
وقف ذلك الرجل بمحطة القطار أمسك هاتفه المحمول ليحدث إحداهم فقال له بخبث :
- اوضيت المصلحة .
أغلق معه المكالمة ونظر لأبنته الراقدة بفراشها فقال لها فرحٍ :
- خدتلك حقك منه ياهبة علشان هو ابن *** واطي ميستهلكيش وربنا هيعوضك باللي احسن منه قريب جدا .
فتح عيناه وجدها تطهر جرح بطنه من الدماء
قال لها بتألم :
- بتعملي ايه ؟
أراحت جسده وهي تقول له :
- بقولك ايه الجرح دا محتاج خياطة وانا هخيطهولك .
أزاح يديها عنه وهو يقول :
-ايه لا انا هخيط جرحي بنفسي هاتي حقنة البنج .
وقفت وهي تضع يديها في خصرها قائلة :
- ومخيطش انا الجرح ليه بقى ؟
اراح جسده وهو ينظر لسماء الغرفة قائلاً :
-فوضت امري لله .
حقنته ببنج موضعي فأخذ ينظر لها ويديها ترتجف قائلة :
- معليش اصلها اول مرة .
وضع يديه على عيناه وهو يقول بنفاذ صبر :
- ياصبر ايوب .
اردفت متسائلة :
-اتعورت ازاي يا هيثم ؟
أجابها قائلاً :
- واحد غزني وجري .
تابعت قائلة :
-هروح اعمل محضر انت عارف شكله .
حرك وجهه بعيداً عنها متألماً :
- مأخدتيش بالي هو مدنيش فرصة ادقق في ملامحه .
أنتهت من تضميد جرحه فقد بدى عليه التعب وضعت يديها على جبهته خائفة من إصابته بحمى ولكنه كان باردٍ كالثلج أدفئته جيداً بالغطاء وظلت جالسة بجواره وهي تراقبه بين الحين والأخر .
في الصباح طرق باب الشقة فقامت الاء بفتحه وجدت حماها من يقف خلفه قالت له مرحبة :
- ازيك يا عمي اتفضل .
دلف الشقة وهو ينظر لتلك البلونات المعلقة من يوم عيد الميلاد وقال لها :
-فين المحروس جوزك ؟
أردفت وهي تستحثه على الجلوس :
-نايم يا عمي تعبان .
تابع بإستنكار :
- بقى سايبني دايخ عليه اكتر من شهر وهو تقوليلي نايم ادخلي صحيه .
جلست بجانبه وهي تقول له بصوت منخفض :
- بالله عليك يا عمي سيبه امبارح واحد ضربه بمطوة وكان عاوز يسرقه بس الحمدلله جرحه طلع سطحي .
أتسعت حدقة عيناه ووقف وهو يردف بلهفة :
- ابني .
تركها ودلف غرفة النوم كان هيثم نائم ازاح عنه الغطاء فوجد جرح ببطنه فقال لها :
- مين اللي خيطله الجرح .
تنحنحت قائلة :
- انا يا عمي واديته حقنة مسكنة ومن ساعتها نايم .
بعدما تأكد من أن ابنه بخير اخذها وخرج من الغرفة وأجلسها على اقرب كرسي وهو يحدثها بخبث :
-انا عارف يا الاء انك بنت ناس وهتقدري تساعديني.
أردفت بتوتر :
- خير يا عمي ؟
اجابها قائلاً :
- البت هبة تعبانة اوي من ساعة ما هيثم طلقها جالها صدمة عصبية من ساعتها لا حاسة بالدنيا من حوليها وفقدت النطق .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تردف بإستياء :
-لا قوة الا بالله احزنتني عليها .
وضع يده على ذراعها وهو يردف :
-وحياة بنتك يا الاء لتسعديني انقذها دي على وش ولادة وانا خايف علي الجنين جدا.
دمعت وهي تقول :
-اهم حاجة هي يا عمي مش البيبي ربنا يقومها بالسلامة لينا .
تابع قائلاً :
- طالما قولتي كدا يبقى هتساعديني صح .
اومأت بإيجاب وهي تقول :
- ان شاء الله يا عمي متقلقش عليها .
غادر الشقة قبل أستيقاظ هيثم أخذت تعد له الفطور حتى يعوضه ما فقده من الدماء دلفت غرفتهم وإيقظته قائلة :
-هيثم اصحى يابابا علشان تفطر .
أستيقظ وقد أحتل انفه رائحة عطر ابيه التي لا تزال بالغرفة فقال لها متسائلاً :
-هو دكتور صبري كان هنا .
ساعدته بالأعتدال ووضعت على فخذها صنية الفطور وهي تقول :
- ايوة يا هيثم جيه ومشي على طول .
أخذت لقيمة وأمدت يديها بها لياكلها ولكنه لم يفعل وسألها :
-كان جاي ليه ؟
وضعت الطعام بالطبق وأزاحتهم بعيد عنها لتقول:
-جاي علشان يقولك ان هبة تعبانة ومحتاجاك جمبها ياهيثم .
أردف بإستنكار:
-مش كفاية هو جمبها عاوز ايه تاني ؟
أخفضت عيناها عنه وهي تتابع :
- هي محتاجاك انت يا هيثم مش ابوك انا شايفة أنك تروح تردها لعصمتك وتجيبها وتيجي هنا .
- انتي اتجننتي يا الاء ؟
قالها في غضب ولكنها قاطعته قائلة :
-اهدى شوية علشان الجرح ميتفتحش تاني .
تابع بغضب :
-انتي عاوزاها تيجي وتقعد معاكي هنا في شقتك هتتحمليها ؟
ابتلعت ريقها وهي تجيبه بتلجلج :
-ايوة هتحملها .
نظر لها بشدة فوجدها تتابع :
-وهشلها فوق راسي كمان البنت في امس الحاجة لينا مينفعش نسيبها وهي على وش ولادة .
زفر بشدة وهو يزيح وجهه بعيدا عنها فقالت مستنكرة :
-لو كنت انا مكانها وتعبانة وبستغيث بيك كنت هتسبني .
أردف مستنكراً :
-انتي هتجيبي نفسك زيها ؟
وضعت بجانبه الطعام ووقفت قائلة :
-انا وهي ايه يا دكتور ماحنا واحد انا ام بنتك وهي كمان ام ابنك .
خرجت وهي متضايقة من طريقته الأنانية في التفكير كيف يترك أم طفله هكذا ولكنها لن تنتظر اذنه في الذهاب إليها بل هي من ينبغي عليها فعل ذلك .
تأكدت من أنه قد نعس اثر ذلك المسكن القوي بدلت ملابسها وأخذت صغيرتها وغادرت الشقة اخذت الصغيرة تلهو مع أبناء اخيها محمد أوقفتها الاء قائلة:
-اوعي طنط علياء تشتكي منك .
اومأت بإيجاب قبل أن تنطلق تلهو مع الصغار تركت المنزل دون أن تخبر أخيها بما تنوي فعله أستقلت سيارة أجرة لتنقلها للبلد .
وصلت لمنزل حماها فأخذها لينقلها لبيت هبة وهو يشكرها لتعاونها معه حينما دلفت الشقة
آبى أبيها بإستقبالهم ولكنها أخبرت والدتها بأنها اتية لأخذ هبة لشقتها بالقاهرة رحبت بهم والدتها وفتحت لها باب غرفتها وجدتها نائمة كالجثة الهامدة تحدق بسقف الغرفة أقتربت الاء منها حتى أصبحت بجوارها مباشرة أجبرتها على تحريك وجهها لتنظر لملامحها المبتسمة فقالت لها :
- سلامتك يا حبيبتي شفاكي الله وعفى عنك .
نظرت لحماها الذي يقف بجوار تلك الفتاة وفي عيناها تبحث عنه بالمكان على أمل رؤيته مرة أخرى شعرت الاء بأنها تبحث عن هيثم فأحبت أن تطمئنها قائلة :
- انا جاية اخدك مصر تعيشي معانا انا وهيثم هناك .
أمتلىء عيناها بالدموع حينما ذكرت أسمه ولكنها لم تنطق ولو حرف واحداً بينما قال صبري للاء :
- انا هستناكوا برة وانتي غيرلها عقبال ماجي .
اومأت بإيجاب فخرج صبري حينها جلست الاء على حافة الفراش الصغير الذي لا يساع غير جسد هبة لحمله فقالت لها :
- متقلقيش يا هبة هيثم هيردك لعصمته ودا وعد مني .
أركبتها سيارة أجرة قبل أن تقف معتدلة لتقول لصبري :
- متقلقش عليها يا عمي انا هشيلها في عيني .
أستيقظ من نومه نادى عليها ولكنها لم تجيبه أزاح الغطاء عنه وهو يمسك جرحه متألم وقف وهو يتسند على الحائط وينادي عليها ولكنه لم يجدها هي وطفلته بالشقة كاد أن يعود لغرفته ولكنه وجدها تفتح باب الشقة ودلفت ومعها هبة أتسعت حدقة عيناه حينما رأها فقال لها بتضايق من رؤيتها :
-ايه دا يا الاء ايه اللي جابها دي ؟
أسندتها الاء حتى جلست على أقرب كرسي وهي تنظر له وعيناها تمتلىء بالدموع فقالت له الاء :
-بقولك ايه يا هيثم انزل شوف شيخ يقولك ازاي تردها لعصمتك .
أمسك جرحه متألماً ليتابع بخبث :
- مش هروح في حتة انا تعبان .
وقفت أمامه وهي عاقدة ذراعيها لتردف بنبرة جادة :
- هتنزل يا هيثم تردها لعصمتك .
نظر لها بغضب فتابعت قائلة بنبرة تهديدية :
- ورحمة ابويا وامي لو مرجعتهاش يا هيثم مانت شايف خلقتي تاني وهخدها وهنبعد وماهتعرفلنا طريق جرة .
قال لها بتضايق :
- الاء بلاش كدا .
تركته وأقتربت منها لتقول لها :
-يلا يا هبة نمشي من هنا .
زفر بشدة وقال لها بغضب :
- خلاص يا الاء هلبس وهنزل اشوف شيخ .
جلست بجانبها وهي تبتسم لها قائلة :
- مش قولتلك متقلقيش .
حينما رحل أخذتها وأنامتها بفراشها بعدما بدلت لها ملابسها احضرت لها طعام واخذت تطعمها حتى أبته فقالت لها مبتسمة :
-شفيتم .
هاتفت علياء بالمنزل لتخبرها بأن تحضر رؤى للبيت فهي لن تستطيع أن تأتي لأخذها فقالت لها علياء :
-هي كلت ونامت بكرة الصبح هجيبهالك .
شكرتها وأغلقت معها المكالمة كان قد أتى للمنزل فقالت له متسائلة :
- الشيخ قالك تعمل ايه ؟
اومأ بإيجاب فتنهدت قائلة :
-هبة جوه في اوضتك ادخلها .
كادت أن ترحل وهي تدلف غرفة طفلتهم فأمسك يديها ليمنعها من الدخول فقال لها بصوت ضعيف متحشرج :
- ايه اللي جبرك على كل دا ؟
-علشان ربنا فوق كل شىء ثم أن جوها حتة منك يا هيثم .
حاولت أن تمنع عيناها من البكاء فقالت تابعة :
- ادخل لمراتك يا هيثم ربنا يهدي سركم ويقومهالك بالسلامة .
ترك يديها تفلت من بين أصابعه فأغلقت خلفها باب الغرفة حتى لا تكمل بتلك المحادثة فإن فعلت فستنهار بين يديه باكية لتخبره بأنها لم تعد قادرة قلبها يمزق الأن وهي تعلم بأنه سيكون معها ولكنها من كانت سببٍ رفعت عيناها لسقف الغرفة وهي تردد دامعة :
- يارب قدرني واربط على قلبي .
لم تصدر أي إيماءة حينما أخبرها بأنه يردها لعصمته بل ظلت تحدق به وكأنها تحلم وستستيقظ حينما تسمع صوت صياح الديك بمنزل أبيها ،أقترب منها حتى جلس بجوارها فقال :
- سامحيني ياهبة انا جيت اكيد ابويا كيدتك .
أمتلىء عيناها بالدموع فرتب على ذراعها بحنو قائلاً :
- ان شاء الله تقومي بالسلامة لابنك .
كانت تهتم به حتى تعافى أما عن زوجته فهي من اصبحت تتولى رعايتها وتنظيفها وتناولها للدواء والطعام فلم تقول لها إلا الحسنى كان يعلم بأنها مازالت غاضبة منه فلا تسمح له بأن يجلس بجانبها ولا يداعبها حتى لا ينجرح قلب هبة وهي مريضة كانت تلاحظ هبة ذلك فلو كانت محلها لكانت فرحة بها وبأنه طلق حبيبته وعاد إليها ولكنها لم تفعل فهي تراها دائماً تبتسم بوجهها تعاملها وتهتم بها أكثر ما تهتم بمظهرها وبصحتها ولكن كيف تقدر على فعل ذلك وهي تعلم بأن هبة تحمل بأحشائها جنين حبيبها يالصبرها على ما إبتلت به .
وضعت طعام الإفطار الخاص بهبة على صنية بعدما رحل هيثم إلى العمل فحملته بين كفيها ووضعت به أمام هبة لتتناول القليل فقالت لها :
- يلا ياحبيبتي نفطر علشان الدواء.
قامت بإطعامها كمثل كل يوم حتى أنتهت منه فوقفت الاء وهي تحمل الأطباق فارغة وكادت أن تعود للمطبخ لغسل الصحون ولكنها إستمعت لصوت هبة وكأنها لم تستمع له منذ وقت طويل وهي تقول :
- الاء .
تغيرت ملامح الاء فالتفتت لها بدهشة وهي تقول لها فرحة :
-هبة انتي اتكلمتي .
تركت ما بيديها وجلست بجوارها في فرحة وهي تتابع :
-حمدالله علسلامتك يا حبيبتي .
أردفت الأخرى :
- انتي ازاي كدا ؟
أتسعت حدقة عيناها وهي لا تعلم ماذا تقصد فقالت لها متسائلة :
-يعني ايه ؟
تابعت الأخرى وقد أمتلىء عيناها بالدموع وهي تقول :
- ازاي اتحملتي كل اللي حصلك من تحت راسي وصبرتي وانتي بتعمليني حلو ؟
أمسكت يديها وهي ترتب عليها لتواسيها قائلة :
-انتي اختي الصغيرة ربنا يطمني عليكي وتقوملنا بالسلامة .
أزاحت هبة يديها عنها وهي تجيبها بإستنكار :
- انتي ازاي ساذجة كدا؟
صمتت الاء وقد حدقت بها فهي لا تعلم ماذا تقصد فقالت لها الاخرى بصوت ضعيف :
- انا اذيتك يا الاء كنت بغير لما الاقي هيثم بيحبك ويفضلك عليا من غيرتي معرفتيش اشوف غير نفسي .
أبتلعت ريقها وهي تكمل :
- مكنش قدامي حل غير اني اروح لدجال يسحرلك ويأذيكي علشان هيثم يبقى ليا لوحدي .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تنظر لها فأمسكت صدرها وقد أحست بؤخذ بقلبها والأخرى تتابع دامعة :
- جيت اكيدك كدت انا روحي .
وقفت الاء وابتعدت عنها وهي لا تصدق ما تسمعه منها فقالت لها بصياح :
- بس مش عاوزة اسمع كلمة منك حرام عليكي اذيتك في ايه عملتي فيا كدا ليه ؟
وقفت هبة واقتربت منها وهي تردف بخبث :
-اذتيني لما اخدتي حبيبي مني بمنتهى الانانية وانا كنت محتاجاه كزوج .
دمعت الاء وهي تقول بصراخ :
- اخدت ايه دا جوزي انا حبيبي انا ابوه بنتي الوحيدة .
اجابتها الأخرى بغضب :
- وهو حبيبي انا برده وابوه ابني اللي في بطني .
دمعت الاء وهي تحدق بها في ذهول فقالت لها الأخرى بترجي :
- سامحيني .
أولتها الاء ظهرها وهي بداخلها بركان من الغضب فقالت لها بتضايق:
- اسامحك على ايه على حياتي اللي اتدمرت من ساعة ما دخلتي فيها ولا اسامحك على اذيتك ليا ولجوزي وبنتي .
شعرت حينها بألم يسيطر على نصفها السفلي فأمسكت بطنها وهي تتابع :
- الاء انتي اديتيني درس عمري اني اذتك ومدتنيش غير الحلو وبس .
مسحت دموعها براحة يديها وهي تجيبها :
-علشان مش زيك عمري ماعرفت اذي حد كل الناس اذتني ودمرتني وانا كنت بستعوض أمري عند ربي أنتي مش زي يا هبة وبتمنالك متعشيش عشتي ابدا أنتي شايفة ان جوزي بيحبني وعايشين سعداء بس متعرفيش دخليتنا ايه انا حياتي قبله كانت عاملة ازاي ؟
صرخت متألمةوهي تقول :
- الحقيني يا الاء .
تقدمت نحوها وأمسكت يديها وهي تسندها فقالت لها :
-مالك ؟
شعرت بسريان المياة الدافئة على قدميها ممتزجة بالدماء فلاحظتها الاء فقالت لها بصدمة :
-هبة انتي هتولدي؟
وقعت بالأرض فاقدة الوعي هرولت الاء لتطلب هيثم بالعمل ولكنه لم يجيبها كان بغرفة العمليات وجعل هاتفه وضع صامت بجيب معطفه كانت تتحرك بالغرفة ذهاباً واياباً تائهة وهي لا تعلم ماذا تفعل معها ولكنها لم تجد حل سوى أن تطلب أخيها محمد لتخبره بما حدث .
فتحت عيناها ببطء فوجدتها تمسك بيديها بشدة فضغطت على يديها جعلتها تنتبه لها وشقيقها ينقلهم إلى المشفى فقالت لها بصوت ضعيف :
- سامحيني يا الاء قبل ما اموت سامحيني .
اردفت الأخرى وهي ترتب على يديها :
-متقوليش كدا انتي هتبقي كويسة انتي وابنك استحملي قربنا نوصل .
فقدت وعيها مرة أخرى فقالت لمحمد وهي ترتجف خوفاً :
-بسرعة يا ابية ابوس ايديك .
وصلوا للمشفى كانت قد نزفت الكثير من الدماء وجهها المتعرق شاحب كثمرة الليمون تركت يديها حينما فحصها الطبيب وأخبرهم بأن ينقلوها لغرفة العمليات الولادة ،جلست الاء على كرسي الأستراحة ترتجف من القلق فجلس بجوارها أخيها وهو يطمئنها :
-هتبقى بخير ان شاء الله .
اهتز هاتفها في جيب حقيبتها معلن عن تلقيه مكالمة من زوجها فقالت له بلهفة :
- انت فين يا هيثم ؟
اجابها قائلاً :
- في المستشفى يا حبيبتي اسف مردتيش عليك كان عندي عملية ولسه مخلصها حالاً .
قاطعته قائلة :
-انا قدام غرفة عمليات الولادة تعالى بسرعة هبة تعبانه اوي وبتولد .
أغلق معها المكالمة فهرول متجهاً نحو ذلك المكان وقلبه يكاد يخرج من قفصه الصدري اقترب منهم وهو يقول لها :
-هي فين ؟
وقفت الاء وهي تدمع أردفت :
- جوه يا هيثم ادخلها بسرعة .
تركهم ودلف غرفة العمليات أقترب منها كانت فاقدة الوعي ملابسها تمتلىء بالدماء يستعد الأطباء للقيام بجراحة امسك يديها وهو يقول لها :
-استحملي يا هبة ان شاء الله هتقومي بالسلامة .
خرج بعد قليل ووجهه شاحبٍ هرول مبتعداً عنها فلم تستطيع ان تكلمه عنها فقالت لأخيها :
- ياترى ايه اللي حصل ؟
خرجت ممرضة من الغرفة فأوقفتها الاء قائلة بتساؤل :
-هبة عامله ايه طمنيني ؟
أجابتها الاخرى :
-ان شاء الله تبقى كويسة هي محتاجة نقل دم لانها نزفت كتير اوي وجسمها مش متحمل ولادة .
نظرت لشقيقها قبل أن تتسائل تابعة :
-دمها نوعه ايه ؟
جلست بغرفة مجاورة لغرفة العمليات وقد ثبتت لها الممرضة الأبرة لتسحب من وريدها الدماء حتى تملىء الكيس فظلت تنظر لسقف الغرفة وهي تتذكر ما حدث لها منذ أن تزوجها هيثم لحظاته معها كيف أتت لتعيش معها بمنزل واحد صور يعرضها عقلها واحدة تلوى الأخرى شريط ذكرياتها تعرض أمامها من حلو ومر شعرت بالدوار من كثرة الدماء التي فقدتها ولكنها حاولت التماسك لعلها تنقذ روحين .
أتى هيثم وهو يحمل اكياس الدماء فلم يجدها مع أخيها خارج غرفة العمليات فقال لمحمد متسائلاً :
-الاء فين ؟
أغمضت عيناها وقد شعرت بخدر بيديها اليسرى حتى أنها لم تعد تستطيع ان تأخذ أنفاسها بشكل جيد سمعت صوته وهو يدلف المكان يصيح بالممرضين :
- انتم اغبية ازاي تسحبوا من الحالة دي دم ؟
أقترب منها ونزع حقنة سحب الدم من ذراعها
حاولت التكلم وتهدئته قائلة بصوت متقطع:
- هيثم هبة محتاجة .
أوقفها قائلاً :
-هتبقى كويسة أرتاحي انتي بس .
أغمضت عيناها وهو يستحث نبضها فحينها دلفت الممرضة الغرفة وقالت له بلهفة :
- الحق يادكتور هيثم .
ترك يديها وهرول وراء تلك الممرضة رأته وهو يبتعد عنها حتى أختفى من ناظرها وكذلك أختفى ضوء الغرفة في عيناها.
يتبع ....
#الباشمدرسة_ايه

رواية كيف لي ألا أحبك Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt