الفصل التاسع ج٢

785 9 6
                                    

الفصل التاسع :
أغلقت الأخرى الهاتف وعلى وجهها يعلو إبتسامة خبيثة وبداخلها تقول :
-يارب تموت بغلها واخلص منها .
خرج من المرحاض وجدها جالسة على الفراش واضعة كفيها على وجهها لتداري دموعها اقترب منها وقال لها بلهفة :
-مالك ؟
مسحت دموعها وهي تقول له :
- أنت أبوه الطفل اللي هبة حامل فيه ؟
أتسعت حدقة عيناه في دهشة وقال لها بغضب:
-مين قالك كدا ؟
صرخت به قائلة :
- رد عليا قولي الحقيقة لأما أقسم باللي خلقنا ماهقعدلك في البيت ثانية واحدة ومش هتشوف وشي تاني .
أخفض عيناه عنها وأردف :
- انا عملت كدا علشان خايف عليكي .
أمتلىء عيناها بالدموع وهو يتابع :
- والله العظيم كان غصب عني .
نزلت دموعها وهي تردف بنبرة باردة كالثلج :
- غصب عنك ايه غصب عنك انك تنام في حضنها وتحمل منك لدرجادي أنت مش سعيد معايا .
كاد ان يقترب منها فصرخت به قائلة :
-متقربش مني اياك تتجرأ وتقرب مني .
أجابها قائلاً :
-أنتي فاهمة غلط .
نزلت دموعها وهي تضحك قائلة :
-فاهمة غلط اها والله فاهمة غلط اتصدق .
نظر لها وجدها تتابع وهي تمسك قلبها :
-انا ازاي كنت ساذجة كدة .
نظرت له هي تدمع لتكمل صائحة :
- قولي يا دكتور كنت سعيد معاها ؟
- الاء ممكن تهدي علشان نعرف نتفاهم .
امتلىء عيناه بالدموع وهو يحاول تهدئتها ولكنها أردفت :
- جاوبني بصراحة ياهيثم بتبقى سعيد وانت معاها ؟
أجابها قائلاً :
- عمري ماكنت سعيد غير معاكي .
دمعت وهي تكرر جملته خرجت من الغرفة فلحقها أمسكها من ذراعها قائلاً بترجي :
-الاء حبيبتي بالله عليكي متعمليش في نفسك كدا حقك عليا .
دفعته بقوة قائلة بصراخ :
-انا مش حبيبتك مش عاوزة اسمع منك الكلمة دي تاني أنا بكرهك بكرهك .
أصابها نوبة من الصراخ لم يستطيع تهدئتها حتى فقدت وعيها أمامه غارقة في ظلام دامس .
- انا مش عاوزة اشوف وشه تاني .
قالتها الاء لمصطفى فأجابها قائلاً :
-الاء مش عاوزك تقرري قرار تندمي عليه بعدين انتي عارفة انتي كدا اطلقتي كام مرة الناس هتقول عليكي ايه ؟
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تردف :
- هما الناس دول عاشوا عشتي حد جرب وجع قلبي قهرتي على شبابي اللي راح قلة حلتي وتقولي الناس هتقول ايه ؟
تلجلج الأخر قائلاً :
-الاء انا مقصدش اللي .
قاطعت حديثه قائلة بتضايق :
-ولا حتى تقصد يا مصطفى مش فارقة أنا محتاجة أعيش لوحدي اكيد هبقى أحسن بكتير .
أجابها اخيها :
- بس محديش بيقدر يعيش في الدنيا لوحده .
اردفت بصوت متحشرج :
- لا هقدر يا مصطفى هدوس على قلبي وهقدر .
دلفت مريم الغرفة الجالسة بها الاء بعدما انتقلت للعيش معهم وقالت :
- هيثم قاعد برة وعاوز يتكلم معاكي .
خرج مصطفى من الغرفة بعدما أخبرته بأنها لا تريد أن ترى وجهه وإن لم يذهب له ليخبره بذلك ستقوم بطرده هي وقف هيثم معتذراً :
-ازيك يا مصطفى انا اسف اني جيت من غير ميعاد .
رحب به مصطفى وقال :
- ميعاد ايه بس يا هيثم اقعد دا بيتك تنور اي وقت .
اخبره مصطفى بأنها لا تريد مقابلته وعليه أن يتفهم ذلك فأجابه هيثم قائلاً :
-انا مغضبتيش ربنا انا اتجوزت على سنه الله ورسوله ودا شرع ربنا سمحلي بدا.
خرجت الاء وكانها كانت تنصت لحديثهم منذ البداية فقالت وهي تبكي :
-وشرع ربنا سمحلك بدى لو كنت مقصرة في حقك لكن انا يعلم ربنا اني كنت خدامة تحت رجلك شرع ربنا سمحلك بدى لو كنت مبخلفش وانا جبتلك بنوته زي القمر البصة في وشها تطول العمر اها مستحيل اخلف تاني بس محرمتكش من الخلفة وربنا يعلم اني انا اللي كنت عاوزة اخلف وانت اللي كنت بتمنعني دايما بحجة انك خايف عليا.
وقف هيثم وأردف :
-الاء ممكن تسمعيني .
تابعت حديثها قائلة وهي تدمع :
- شرع ربنا سمحلك تتجوز تالت ورابع يا دكتور برحتك بس مكنتيش تظلم بنات الناس وكنت جيت تقولي من الاول لقبل لا ارفض مش تسبني زي الجاموسة وتروح تحب وتتجوز وتخلف كمان وانا ولا هنا ولا هناك.
أبتلع ريقه وقال لها معتذراً :
- مكنتيش اقصد اذيكي .
أكملت قائلة وكأنها لم تستمع منه شىء :
- عاوز مني ايه تاني ها عاوز تجيب اجلي حاضر يا دكتور هحققلك امنيتك واخلصك مني ومن مشاكلي وجنوني اللي مستحملتهوش .
هرولت ناحية المطبخ وأخرجت سكين خرجت به لعنده ووضعته على رسخها قائلة :
- وشرع ربنا برده حلل الطلاق طلقني لاما هنهي حياتي المأسوية معاك .
كاد أن يقترب منها ليأخذ منها السكين ولكنها صاحت به قائلة :
-أقسم بالله هقطع شرييني لو قربت .
امتلىء عيناه بالدموع وقال بصوت متحشرج :
- ابوس ايديك سيبي السكينه دي وخلينا نتفاهم .
دمعت وهي تصيح به قائلة :
- ابوس ايديك انت طلقني وخلصني من عشتي معاك من غير محاكم ولا فضايح .
اردف مصطفى وهو يقترب منها رويداً دون ان تشعر بذلك القرب :
- صلي على النبي يا الاء ونزلي السكينة .
نظرت لهيثم فوجدته يردف دامعاً :
-مقدرش أنا بحبك أقسم بالله العظيم بحبك وعمري محبيت غيرك .
صرخت به قائلة :
- بطل بقى تقولي الكلمة دي كرهتها منك أرحمني بقى .
دفع مصطفى السكين من يديها وضمها إليه ليحتضنها وهي تجهش بالبكاء وتصرخ بأنها لا تريد رؤيته قائلة :
- برة مش عاوزة اشوفك تاني مش عاوزة.
تركهم وغادر الشقة فهو لا يريد أن يراها تنهار أمامه من كثرة الصراخ اظلم بحقها فهي أعطته الكثير من الحب كانت تتحمل همه قبل فرحه وماذا انتظرت بالمقابل تزوج بأخرى وستنجب قريبٍ طفل من صلبه ،لم تستطيع النوم من كثرة مشاهده معها الذي يصورها عقلها كان اخيها يسمع أنينها في المساء يحاول أن يهدئها ولكن قلبها يؤلمها من جرحه
مر حوالي شهر منذ ذلك اليوم وهي تتحاشى مقابلته فقلبها يزداد ألماً كلما رأته تذكرت سنين عمرها معه من الحلو والمر قامت برفع دعوى طلاق لم تكن تدرك بأن الوضع سيزداد سوء بهذا الشكل الذي يجعلها تقف أمامه في محكمة الأسرة تطالب بالإنفصال عنه أعطت برهينها التي جعلتها تصل لتلك الحالة وأدى هو الاخر برهينه بأنه لا يريد هذا الطلاق فمازال يعشقها ولا يستطيع أن يفني عمره بدونها ولكن المحكمة لا تنصر المرء في كل الأحيان أمسكت قلبها حينما اردف القاضي :
- حكمت المحكمة حضوريا برفض قبول دعوى الطلاق وإلزام المدعية اتعاب المحاماه .
هكذا رفرف قلبه وقبض قلبها سيجبرها بالعيش معه ما تبقى من عمرها ،رفضت ذلك ولكنه لم يكن أمامه شىء سوء الإجبار .
أمسك يديها قائلاً :
- غصب عنك هتروحي معايا انتي وبنتي .
أزاحت يديه عنها بقوة قائلة :
- لو اخر يوم في عمري مش هرجع معاك ولا هخليك تمتلكني من تاني .
أردف بتضايق :
- انتي مراتي يعني برضاكي غصب عنك هتكوني تحت اشارة مني وانا بجبرك انك ترجعي معايا بيتي .
صاحت به قائلة :
- دا على جثتي .
اسندها حتى يستطيع فتح باب الشقة من ثم أعاد حملها بين ذراعيه ودلف بها غرفته كانت بالفعل نائمة أثر المهدىء الذي حقنها به فلم يكن هناك وسيلة تجبرها على العودة معه سوى تلك الحقنة ،أنامها على فراشه بعدما بدل لها ملابسها ووضع عليها الغطاء كانت تراقبه الصغيرة فأقتربت منه تجلس بجواره قائلة :
-بابي انا جعانة .
حملها على ذراعه وقال :
- يلا نعمل احلى اكل لرورو .
فتحت عيناها في المساء وجدتها نائمة في غرفتها وهو نائم بجانبها أعتدلت بجلستها وصاحت به قائلة:
- اصحى أنت جبتني هنا ازاي .
أعتدل يفرك بعيناه قائلاً بصوت هادىء:
- ايه يا حبيبتي ؟
أعتدلت واقفة مبتعدة عنه وقالت :
- رد عليا انا جيت هنا ازاي ؟
أجابها ببرود مصطنع :
- انا اللي جبتك يا حبيبتي .
دلفت الصغيرة الغرفة وهي تفرك بعيناها وقالت :
- مامي .
أمسكت يديها وقالت لها :
- يلا نمشي من هنا .
هرول واقفٍ أمامها كالحائط قائلاً :
- هو دخول الحمام زي خروجه .
زفرت بشدة قائلة بنبرة تهديدية :
- سيبني أمشي يا هيثم وخليها تعدي على خير .
أردف بإستنكار :
- تمشي منين من بيتك دا بيتك وانا جوزك ودي بنتك يعني مش غرب .
أبعدته عنها واتجهت نحو باب المنزل حاولت فتحه ولكنه كان مغلقاً أمسكت هاتف المنزل لتحدث اخاها وتترجاه بأن يأتي لأخذها ولكنه رفض فسرعان ما أخذ منها سماعة الهاتف وأخذ يحدث أخاها فتركته ودلفت غرفتها أغلقت وراءها الباب بالقفل حتى لا يحاول أن يدلف الغرفة حاول التحدث معها ولكنها لم تعطيه فرصة لذلك .
حينما فتح عيناه في الصباح بحث عنها وعن الصغيرة فلم يجدهم ولكنها لم تنسى أن تترك له خطاب لتخبره :
- ياريت متدورش عليا وسبني اعيش حياتي انا وبنتي بعيد وانت عيش حياتك يا دكتور عيشها وخلف اولاد كتير سامحني اني اخدت منك رؤى انت عارف
أني مش هقدر أبعد عنها هي اللي بقيالي دلوقتي بتمنالك حياة سعيدة من غيري .
ضغط على الورقة بيديه بغيظ فكادت أن تمزق فأخذ سلسلة مفاتيحه ورحل .
أخذت رؤى تراقب السيارات المارة بجانب سيارة النقل الجماعي التي تركبها مع الاء فقالت لها وهي تضع يديها على بطنها :
- مامي انا جعانة .
أخذت الأخرى أنفاسها وقالت :
-حاضر يا حبيبتي اول لما نوصل هجيبلك اكل كتير .
أردفت الصغيرة قائلة بإبتسامة ودية :
-بيتزا .
نظرت من النافذة المجاورة لها وأخذت تتذكر ركوبها معه الحافلة بالخارج وكيف أضلوا الطريق مزاحها معه حول طبق المعكرونة الجاهزة أنسابت دموعها دون أن تشعر بهما حينما تذكرته وهو خارج من غرفته بالبلد ومعه تلك الفتاة صوته الذي رن طبلة أذنها :
- هيكون بيني وبينها ايه دي بنت خالتي مش اكتر .
مسحت دموعها براحة يديها حينما سمعت صوت سائق الحافلة وهو يقول لها بصوت مرتفع :
-يا مدام المكان اهو اللي قولتيلي عليه اتفضلي انزلي مش هنبات هنا .
أخذت الصغيرة ووقفت أمام بيت قديم ولكنه في نظرها لم يتغير منذ عدة سنوات أحضرت للصغيرة حقيبة بها الكثير من الطعام وتقدمت نحو وفي قلبها شوق كبير ..
-لولو عاش من شافك .
قالتها عفاف وهي تحتضنها وتقبلها فبعدما جلست بصالة الشقة قالت لها
الاء :
- ازيك يا عمتي وحشاني .
أجابتها الأخرى قائلة :
-انتي اكتر يا حبيبتي وازاي اخواتك ؟
نظرت للصغيرة التي مازالت ملتصقة بأمها خوفٍ من عفاف فقالت لها :
- مين العسل دي بنتك ؟
أبتسمت لها قائلة وهي تمسح على شعرها :
- اها رؤى .
- بسم الله الله اكبر عليها قمورة زيك يا لولو .
قالتها عفاف وعلى وجهها ابتسامة كبيرة لتستحث الصغيرة بالأ تخاف منها وتأتي لعندها .
ذهب لإخواتها ليريهم ذلك الخطاب فتلقى سخط من جنونها المستمر إلى أين ذهبت تلك الفتاة ومعها طفلة صغيرة أردف محمد :
-أنت السبب أنت اللي عملت في اختي كدا .
أجابه هيثم قائلاً :
- انا بعترف اني غلطان بس احنا لازم نلاقي حل علشان نلاقيها .
جلست رؤى على فخذ عفاف وأعطتها قطعة من الشيكولاتة فأردفت :
- ايه اللي فكرك بيا بعد السنين دي كلها ؟
أجابتها الاء قائلة :
- ملقتيش غيرك يا عمتي ممكن تساعدني في الظروف دي .
طرق باب الشقة ففتحت الاء بدلاً من عمتها فإذا تلتقي بعصام إبن عمتها عفاف فهو شاب بمثل عمر أخيها مصطفى تخرج من كلية الحقوق كان يحبها كثيراً ولكن محمود لم يعطيه فرصة بأن يظهر لها كل ذلك الحب،إبتسم لها مرحبٍ :
- الاء عاملة ايه اسماعيلية كلها نورت بيكي .
إبتسمت بود قائلة :
- منورة بأهلها يا عصام .
جلس مقابلها والصغيرة بينما جلست الصغيرة بجوار أمه فأبتلع ريقه قائلاً بتساؤل :
- بنت محمود مش كدا ؟
لاحظ تغير ملامحها حينما نطق أسمه أمامها وكأنها تبغض أن تسمع سيرته ولكنها لم تعطيه فرصة بأن يتخيل ما حدث قائلة :
- باباها اسمه هيثم .
شرد قليلاً ليعود بمخيلته منذ عدة سنوات حينما نزل القاهرة مع عفاف على أمل أن يفوز بزواجها فجلس مع أخوتها وأخبرهم بأنه يريدها زوجة له كانت مازالت تدرس بفرقتها الأولى لم ينسى ملامح وجه ذلك البغيض حينما قال له بغضب :
-تتجوز مين الاء دي بتاعتي انا محديش هيتجوزها غيري .
فاق على صوت الاء وهي تقول :
- عصام أنت معايا ؟
أبتسم لها بود قائلاً :
- أومريني يا الاء .
أردفت قائلة :
-انا لازم اجر شقة علشان متبقوش مضايقين من قاعدتي دي .
نظر لها عصام وأجابها :
-ليه يا الاء انتي منورانا والله لو ياستي مكسوفة مني امشي أنا .
تابعت قائلة بتضايق:
- لا اكيد مش هخليك تسيب بيتك عشاني انا عاوزة شقة ايجار جديد لحد ماعرف هعمل ايه في حياتي هجدد قضية الخلع تاني وهاخد بنتي وهنسافر بعيد .
- اللي انتي شايفة صائب اعملي يابنت خالي وربنا يعينك يارب .
قالها وقلبه يرفرف فرحاً فالاء ستكون قريبة منه مرة اخرى قاطعت شروده قائلة :
-انا عاوزاك تساعدني يا عصام في موضوع الشقة دي .
حينها أردفت عمتها :
- في شقة عصام قدامنا بس هي مشكلتها انها مقفولة بقالها فترة بس ليكي عليا انضفهالك وهخليهالك تبروق على اقل تبقي قريبة مني واطمن عليكي دايما .
أبتسمت الاء وقالت فرحة :
-وانا هساعدك في التنضيف .
وقف مصطفى أمام منزل أبيه حينما رأى هيثم يقف هناك فترجل من سيارته والأخر على وشك أن يجن فالليل قد حل وهو لا يعلم عنهم شىء فقال له مصطفى :
- قلبت الدنيا عليها في المستشفيات ومفيش فايدة .
أمسك هيثم رأسه قائلاً :
-انا راسي هتنفجر من كتر التفكير .
زفر مصطفى من ذلك الوضع الذي غرسته به شقيقته فقال له هيثم بتساؤل:
- تفتكر تكون راحت شقتكم القديمة ؟
اجابه مصطفى قائلاً :
- مفتكرش لان مفتاح الشقة معايا وهي مش معاها نسخه .
اردف زوجها بتضايق :
- بكره هروح القسم واعمل محضر بتغيبها في جميع محافظات مصر.
وقفت بشقة عصام بعدما قامت أمه بتنظيفها بمساعدة عصام الذي رفض مساعدة الاء بالتنظيف خوفٍ عليها من أستنشاق كل تلك الأتربة كانت صغيرة ولكنها شعرت بها بالراحة لم تشعرها بأي شقة من قبل أقترب منها عصام وهو ينظر إلى شقته بعدما نظفت فقالت له الاء شاكرة :
- ميرسي اوي يا عصام انا تعبتك معايا انهارده وعطلتك عن شغلك .
أبتسم لها قائلاً بود :
-تعبك راحة اهم حاجة انك ترتاحي دلوقتي وبكره هشوفلك موضوع الشغل اللي كلمتيني عنه .
أبتسمت له قائلة :
-ميرسي يا عصام تصبح على خير .
دلف شقة أمه بعدما تأكد من دخولها شقته تنهدت وهو يمسك قلبه وعيناه تلمع كالنجوم حينها قالت له عفاف :
- عصام فوق من الاوهام اللي في دماغك لانها مش هتحصل .
اردف بتضايق :
- ياما هو انا اتكلمت وبعدين دي ست متجوزة ومعاها عيلة .
أجابته بخبث قائلة :
-كويس أنك عارف دا .
دلف غرفته في محاولة أن يتخلص من مناقشة حادة ستلقيها أمه عليه لتخبره كم مر من العمر دون أن يفعل به شىء فهي تزوجت وأنجبت وهو جالس كالطبق لا يتحرك إلى متى سيظل هكذا وإلى متى ستظل تنتظر أمر زواجه لينجب لها حفيدة جميلة كرؤى لم يعرف ماذا يقول لها أنه لا يراها في أي فتاة يذهب لبيتها على أمل أنه يتزوج منها أم أن قلبه يرفض رؤية غيرها وازداد الأمل اليوم في الوصول لها أصبح قريب بشكل كبير.
لم يمر سوى شهراً واحدوهي تحاول أن تكفي طفلتها من دون أن يساعدها أحد أما عن الصغيرة فلم تكف لحظة عن السؤال عن أبيها وأنها تشتاق إليه
حاولت الاء بأن تلهيها ببعض اللعب ولكنها لم تستطيع أن تنسيها هيثم ولا هي ايضا أستطاعت نسيانه ،الان اصبحت تعمل كطباخة بإحدى محلات السمك الصغيرة بالبلد أما عنه فمازال كما هو يعيش وحيدا يبحث عنها كل يوم بعد انتهاءه من العمل حتى يعود للمنزل بعد صلاة الفجر ينام القليل حتى يركض بداخل الدائرة مرة الأخرى .
جلست مع عمتها وعصام لتناول الإفطار فقالت له :
-انا عاوزة اسافر برة يا عصام .
أجابها بتضايق :
- مينفعش .
اردفت بترجي :
-بالله عليك يا عصام تشوفلي صرفة طريقة اخرج من البلد دي ان شاء الله حتى فوق سفينة .
ترك صحن الفطور قائلاً :
- انتي مجنونه يا بنتي انتي عاوزة تركبي مركب وتسافري بيها .
نظر لوالدته قائلاً :
- ماتقوليلها حاجه ياما .
قالت لها عفاف ناصحة:
-مينفعش يا الاء هتبهدلي نفسك انتي وبنتك في سفر غير مشروع .
اجابتها قائلة بتضايق :
- مش احسن ماعيش في البلد دي وانا مرعوبة وخايفة حد يجيلي .
أمسك سلسلة مفاتيحه قائلاً بنبرة جادة :
-انا هعتبر نفسي مسمعتيش حاجه وشيلي الافكار دي من دماغك بدل ما والله اتصل بمصطفي واقوله يقول للبيه جوزك على الكلام دا .
تركها وذهب للمحكمة بينما أخذت أمه تقنعها بعدم السفر ولكنها لم تستمع لها بل أصرت على أنها ستفعل ماهو صائب لها ولطفلتها .
وقفت شارده في المطعم وهي تقلب الطعام فقالت لها زميلتها :
-مين اللي واخد عقلك ؟
أنتبهت لها قائلة :
- فيه ايه ؟
ابتسمت الأخرى بخبث قائلة :
- لا دا انتي مش معايا خالص .
أمسكت الطبق بعدما قامت بتزينه واولته لها لتقول :
- بقولك ايه سيبيني دلوقتي وودي السمك دا للعميل .
-والله انت اللي معندكش دم انا روحتلك عند الحاج والحاجة واستنيتك تيجي وانت اللي مجتيش .
قالها عمرو صديق هيثم وهما يجلسان بأحدى مطاعم السمك فقال له هيثم معتذراً :
- حقك عليا يا خويا اكيد كان في ظروف منعتني واديني جتلك لحد عندك اهو .
وضعت الفتاة أطباق السمك أمامهم قائلة :
- الف هنا ليكم .
تناول القليل فسرعان ما أتسعت حدقة عيناه وقال لعمرو :
- بعد اذنك يا عمرو دقيقة وراجع تاني .
أبتعد عنه وقد أخبره أنه سوف يذهب للمرحاض وحينما وقف أمام تلك الفتاة التي وضعت قدمت الطعام قال لها :
- انا عاوز اقابل الشيف اللي عمل السمك دا .
أردفت بتساؤل :
-تقابلها ليه في مشكلة في الطعم ؟
أجابها قائلاً :
- ابدا بس هو عجبني اوي وعاوزة اشكرها وديني ليها بعد اذنك .
راقبته من بعيد وهو يتحدث مع زميلتها ألتقطت أنفاسها المتلحقة أسندت ظهرها على الحائط حتى يحميها من رؤيته لها ،سرعان ما أخذت حقيبتها وهرولت من الباب الخلفي تاركة المكان في وسط ذهول الجميع لما فعلت ذلك ؟
دلف المطبخ وفي قلبه يقرع طبوله لرؤيتها كم يشتاق ليرى وجهها الجميل الذي يداريه خمار بسيط وقف حينما لم يجدها وتلك الفتاة تسائل عنها قائلة :
- هي فين الاء يا بنات ؟
دلفت غرفتها وجلست على فراشها فوجدت الصغيرة تقول لها :
- مامي جبتيلي شيكولا؟
وضعت يديها على صدرها لعلها تخفض من دقاته المتسارعة نزلت دموعها في صمت فذلك القلب الأحمق لطالما يفضحها بإفصاحه حبه ولكنها ماذا تفعل لا تذهب للعمل بعد اليوم فقد يتعرف عليها هيثم ويقابلها هذه المرة وحينها لن يتركها حتى تعود معه نظرت في سماء الغرفةوهي تناجي ربها قائلة :
-يارب اعمل ايه انت الوحيد اللي عالم وشايف اني لو روحت في مكان تاني ممكن حد يعرفني ويدله عليا علشان ياخد الجايزة .
اردف عمرو بعدم فهم :
- اهدى بس يابني وفهمني لاني مش فاهم حاجة .
اجابه هيثم قائلاً :
- انا مش طالب منك غير انك تساعدني اوصل لمراتي .
قالت عفاف للاء بعدما رفضت تناول العشاء :
- هتفضلي كدا متاكليش هتقعي مني ؟
اردفت الاء :
-مليش نفس يا عمتي والله ماليا نفس كلوا انتم الف هنا وشفا .
كانت تقف في الشرفة فأتى عصام وجلس معها قائلاً :
-متقلقيش يالاء على الشغل هجيبلك شغل احسن منه بس متضايقيش نفسك وتعالي كلي معانا بالله عليكي .
تنهدت بضيق وقالت له :
- أنا عاوزة أشرب شاي من ايديك يا عصام .
أجابها قائلاً بود :
- بس كدا من عنيا الاتنين .
طرق باب الشقة فقامت الاء بفتحه وجدته يقف أمامها مبتسماً بحب فقال لها :
-وحشتيني اوي .
وقفت وهي تنظر له بصدمة وكأنها غير قادرة على النطق فأتت الصغيرة عندما رأته أقبلت عليه لتحتضنه صائحة :
-بابي .
انتبه لهم عصام وأنها تحدق بذلك الشاب فاقبل عليه قائلاً :
- مين حضرتك ؟
أجابته الاء قائلة :
-دكتور هيثم .
رحب به عصام قائلاً :
- اهلا وسهلا اتفضل البيت نور .
كادت أن تتركه وتغادر الشقة فأمسك يديها وقال :
-على فين انا مصدقت اني لاقيتك .
ازاحت يديه عنها وقالت له صائحة :
-رايحة في ستين داهية انت مالك بيا ؟
امسكها من رسخها بقوة وقال لعمتها :
-أنا أسف يا مدام اني ازعجتك بس ممكن تخلي بالك من رؤى لحد لما نيجي .
صاحت به قائلة :
- سيب ايدي .
اومأت عفاف بإيجاب فأخذها رغمٍ عنها ونزل بها ليركبها سيارته كادت أن تفتح أبواب السيارة ولكنه لم يعطيها فرصة بذلك بل أغلقها جميعاً فقال لها :
-أتهدي بقى واسكتي .
اوقف سيارته بجانب سور مطل على المياة وقام بفتح تلك الأبواب فترجلت من السيارة وقالت له :
- عاوز مني ايه يا هيثم جاي ورايا ليه ؟
أجابها قائلاً بنبرة هادئة :
- علشان مش قادر اعيش من غيرك .
امتلىء عيناها بالدموع وأزاحت وجهها نحو البحر قائلة :
-بس انا قدرت يا هيثم وعايشة كويس اوي من غيرك .
تابع قائلاً بتضايق من مبالغتها له :
-كفاية لحد كدا أحنا ملناش غير بعض ولازم تفهمي دا .
نظرت له وأردفت صائحة وهي تدمع :
- لا لينا لينا كتير يا دكتور أنت ليك ابوك وامك وهبة وابنك وانا ليا اخوات وبنتي .
أمسك يديها ليستحثها على تهدئة صوتها :
-ممكن تهدي شوية غلط عليكي الانفعال دا.
أزاحت يديها بقوة وتابعت :
-ملكش دعوة بيا لو شوفتني بموت قدامك سيبني ومشي .
قال لها بنبرة هادئة لعلها تستجب له :
-حبيبتي اسمعي بس أنا.
صاحت به قائلة :
-متقوليش الكلمة دي بتضايقني مش عاوزة اسمعها تاني أنا بكرهك وبكره قلبي اللي في يوم اتعلق بيك وحبك .
أمتلئ عيناه بالدموع وقال لها :
- متقوليش كدا انا بحبك .
بكت بشدة وهي تقول له :
-ياخي ملعون ابوه دا حب أنا خلاص مبقتيش احب حد أنا بقيت أكره الصنف كله كلكم زي بعض بكرهكم كلكم .
-طيب اهدي علشان نعرف نتفاهم .
قالها ليستحثها على الحديث فقالت له :
-أحنا مفيش بنا تفاهم وحياتي عندك لطلقني .
صاح بها قائلاً :
-بطلي جنان بقى أنا عمري ماعمل كدا .
اردفت قائلة :
-لا هطلقني ودلوقتي حالا لاما هرمي نفسي في البحر وارملك .
أردف بضيق :
-الاء اعقلي واستعيذي بالله من شيطانك دا شيطان ودخل بنا .
-بردو مش عاوز تطلقني ماشي .
تحركت وكادت أن تلقي بجسدها بالمياة ولكنه أمسكها ليمنعها من السقوط فدفعته بقوة قائلة :
-متلمسنيش اخرج من حياتي بقى .
أبتعدت عنه بضع خطوات وهي تبكي فأوقفتها كلمته :
- أنا طلقتها.
ألتفتت له وكأن كلمته صعقتها فقالت له متسائلة :
- ايه ؟
أجابها مردداً كلمته :
- طلقتها طلقت هبة خلاص .
#يتبع
الباشمدرسة_اية

رواية كيف لي ألا أحبك Where stories live. Discover now