الفصل الثاني عشر ج٢

559 6 10
                                    

الفصل الثاني عشر :
كان صوتهم واضح بما يكفي لجعلها تستفيق من غفلتها وجدت جميع أخواتها بجانبها وزوجاتهم ولكنه لم يكن بحوزتهم بحثت عنهم بعيناها لعلها تراه فدنت منها مرسم وجلست على طرف الفراش وأمسكت يديها لتقول لها :
- حمدالله على سلامتك حبيبتي .
أردفت بتساؤل :
- هبة كويسة ؟
أخفض الجميع عيناه عنها وكأنهم لا يعلمون ماذا سيخبروها فكررت تساؤلها وهي تنتظر رد فعل منهم فحينها قالت لها علياء :
- هبة تعيشي انتي .
أمتلىء عيناها بالدموع وأزاحت يد مريم عنها كما نزعت تلك الأنبوب السخيف المتصل بوريدها وقالت لهم :
- اكيد انتم بتهزروا صح دي لسه عيلة انا هروح ادور عليها .
أمسكها مصطفى قبل أن تخطو خطوة واحدة وقال لها :
- الاء متعمليش كدا .
نزلت دموعها في لحظة وهي تنظر لأخيها قبل أن تنظر ناحية باب الغرفة فتابعت دامعة :
- انتم مش حاسين بحاجة لازم تعيش هيثم السبب هو اللي خلاني مدهاش دمي علشان خاف عليا انا هروحله .
دفعت أخيها بعيداً عن طريقها وخرجت من الغرفة وهم ورائها محاولين إيقافها ولكنها صرخت بهم بأن يبتعدوا فخشوا أن تفقد وعيها مرة أخرى من كثرة الصراخ فتركوها تبحث عنه .
أصوات صراخ وعويل والدتها ترج أركان المكان أبيها يقف في ذهول منه يدمع في صمت رتب على كتفه صبري وهو يقول له :
- لكل اجل كتاب .
حاولت زوجته أن تهدئ من رد فعل أمها فهي الأن لا يصح أن تفعل بها هذا بل تطلب من ربها الرحمة هذا ما يمكنها فعله ،قطع صراخها رؤية الاء وهي تستند على مسند الحائط تأتي لعندهم في لهفة تبكي بشكل هستيري حتى وقعت بالأرض باكية فلحقها صبري وهو يسندها فقالت له لصوت باكي :
- هيثم .
نزلت دمعة من عيناه فأمتزجت بالمياة الدافئة  على جسدها فقال :
- عاوزك تسامحيني يا هبة على كل حاجة انتي دلوقتي في دار الحق واحنا في الباطل .
أمسك يديها الباردة وهو يتابع :
- انا اها معرفتيش احبك بس عمري ما كرهتك وهتفضلي دايماً في قلبي ذكرى محفورة وحتة منك بتجري قدامي .
قبلها من رأسها وهو يقول :
- هنتقابل تاني في الجنة باذن الله .
أقتربت من غرفة المتواجدين بها فتحت الباب وجدت هيثم يكوم بتكريم زوجته بعدما أخبرها والده برفضه أحد القيام بذلك فأمها لن تتحمل بفعلها كان المشهد يتكرر منذ عدة سنوات وهي تقف على غصن والدتها وكذلك طفلها الصغير راقبها وهي تدنو منه حتى وقفت مقابله تدمع وهي تحدق  هبة فقالت لها :
- مشيتي ليه بعدتي ليه عني ؟
أقترب منها وأمسكها من ذراعها حاول إبعادها عنها وهو يقول :
- اخرجي يا الاء غلط عليكي تقفي هنا .
أبعدت يديه عنها قائلة وهي تدمع:
- سبني ملكش دعوة بيا .
نظرت لها فتذكرت والدتها أمسكت يديها بشدة وهي تبكي لم يتحمل رؤيتها هكذا فأمسكها من ذراعها وجذبها نحو الخارج ليخبر أبيه بأخذها للغرفة صرخت بهم قائلة :
- سيبوني .
تركها وأغلق خلفه الباب فاخذت تضرب بقبضتها الباب صارخة فأنتبه لها الجميع أمسكها والده ليجبرها على الذهاب معه فأخذها أخيها مصطفى بدلا عنه وذهب بها رغمٍ عنها للغرفة فأعطتها إحدى الممرضات حقنة مهدئة جعلتها ترخي أعصابها وتدلف بنوم طويل .
لم تعلم ماذا حدث بعد كل ما تتذكره بأنها أستيقظت في المساء وجدته يجلس بجانبها يرتدي ملابس سوداء عيناه متورمة من كثرة البكاء أمسك يديها وهو يردف بلهفة :
- انتي كويسة ؟
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تجيبه :
-لا مش كويسة .
أزاحت وجهها بعيداً عنه وهي تنظر ليديها التي تتصل بذلك الأنبوب المؤلم قائلة :
- انا اللي كان لازم ابقى مكانها .
نظر لها فأنسابت دموعه وقال لها بصوت متحشرج :
- بالله عليكي ماتقوليش كدا ربنا يباركلي في عمرك .
مسحت دموعها وهي تردف :
- البيبي مات ؟
أجابها قائلاً :
-لا هو كويس بس نزل ضعيف وحطوه في الحضانة .
أبتلعت ريقها وهي تتابع :
- عاوزة اشوفه .
وقفت بجانب حضانة الصغيرة تراقب ملامحه الصغيرة عبر الزجاج المحاوط له فوضعت يديها فوقه قائلة :
- شبها اوي .
اومأ بإيجاب قائلاً :
-ربنا يرحمها .
نزلت دموعها رغماً عنها وهي تكمل بترجي :
-ممكن اشيله ؟
رتب على ذراعها وهو يقول :
- كلها يومين وهيبقى في حضنك هو ملهوش حد غيرك بعد ربنا .
أخذت أنفاسها وهي تحاول منع نفسها من البكاء فقالت :
- هتسميه ايه ؟
اجابها قائلاً :
- أنس .
أبتسمت للصغير قائلة :
- ربنا يحميك يا أنس ويخليك ليا .
وضع يديه فوق يديها وكأنه كان يقصد ذلك فأزاحت يديها عنه وقد شعر بأنها ارتجفت فضمها إليه ليقول :
- ربنا يخليكي انتي لينا .
لم تمنع نفسها من البكاء على صدره فرتب على ظهرها بحنان وهو يواسيها قائلاً :
- اهدي .
أبعدت رأسها قليلاً عن صدره فرأى عيناها حكراء كأكياس الدماء وهي تردف :
- انا السبب .
أجابها قائلاً :
- لا يا الاء متقوليش كدا انتي ملكيش ذنب دا عمرها .
ضمها إلى صدره ليهون عليها حتى توقفت عن البكاء فأخذها لتعود إلى الغرفة تسطحت على الفراش فأدفئها جيداً واقترب منها ليقبل رأسها قبل أن يتركها وينام على الفراش المجاور لها .
في الصباح عادت لشقتها وجدت صبري وزوجته يجلسون مع الصغيرة التي همت لتستقبلها فرحة بعودتها أبتلعت ريقها حينما قال لها صبري :
- حمدالله على سلامتك يابنتي .
أحتضنتها والدته وهي تقول :
- نورتي بيتك .
امسكت يد حماتها وحاولت التبسم بوجهها قائلة :
- البيت منور بيكم .
رتب هيثم على ظهرها فقالت لهم :
- ارتاحوا عقبال ما اعملكم الغدا .
أمسك هيثم ذراعها ليوقفها قائلاً :
- متتعبيش نفسك يا حبيبتي انا هجيب اكل من برة .
تنهدت بضيق وهي تقول :
- سيبني اعمل الاكل ياهيثم .
تركت يديه ودلفت المطبخ فجلست أمه على أقرب كرسي وهي تضرب فخذها :
-كان مستخبلنا كل دا فين بس ياربي .
نظر له صبري فتركهم ودلف ورائها المطبخ وجدها تمسك برخامة المطبخ هرول ناحيتها ليمسكها من خصرها قائلاً :
- الاء مالك ؟
أنزلت يديه عنها وقالت له مطمئنة :
- متقلقش عليا روح اقعد مع اهلك .
نظر ليديها التي ترتجف فأمسكها ليجلسها على كرسي المطبخ وهو يقول :
-اقعدي انتي وانا هعمل الأكل خليني في مرة اساعدك من نفسي .
كانت شاردة وهو يقف أمام النار يقوم بطهي ما يكفيهم وهي تمسك أحدى السكاكين تقطع الخضار فكادت أن تجرح يديها غصب عنها لولا أنه أخذ منها تلك السكين وهو يردف :
- انا قولت هعمل كل حاجة ادخلي ارتاحي في اوضتنا لحد لما اخلص اكل .
أومأت بإيجاب فتركته دون أن تتفوه بكلمة واحدة ودلفت غرفتها كان قد مرة الكثير وهي لا تدخل تلك الغرفة منذ أن كانت هبة تنام على فراشها أقتربت من الفراش نامت على ذلك الجانب التي كانت تنام عليه الأخرى فاحتل رائحة تلك الفتاة انفها جعلتها تدمع فدفنت وجهها بالوسادة .
وقفت سامية بجانب هيثم وهو ينظر لطفلته التي تلهو بساحة الشقة فرتبت على كتفه وهي تواسيه قائلة :
- ربنا يعوض عليك يابني ويصبر قلبك .
كور قبضة يديه وهو يسندها على رخام المطبخ فقال :
- ويربط على قلب الاء ياامي .
أيقظتها الصغيرة وهي تحرك جسدها بأطراف اناملها  تقول لها :
-مامي اصحي علشان تتغدي .
لم تجيبها حتى دلف الغرفة وجلس بجوارها فقال لرؤى :
-حبيبتي روحي عند تيتا واحنا جايين .
خرجت الصغيرة فوضع يديه على ذراعها وهو يرتب عليها قائلاً:
- الاء يالا يا ماما علشان تاكليلك لقمة .
أبتلعت ريقها وهي تردف :
- روح انت يا هيثم انا مليش نفس .
أزاح يديه عنها وقد عقد أصابعه معاً وهو يقول :
- طيب على اقل تقعدي معايا تفتحي نفسي انتي عارفة اني مش بعرف اكل وانتي مش قاعدة جمبي .
ضمت ذراعيها من صدرها فتنهد قائلاً :
- برحتك يا الاء نامي كويس .
تركها وغادر الغرفة فنزلت دموعها رغمٍ عنها فوق وسادتها ،جلس بجوار أمِه فقالت له متسائلة :
- مش هتيجي تتغدى ؟
اومأ بالرفض فنظر له والده وهو يردف :
-معليش ربنا يصبركم .
لم يجيبه هيثم بل قال لوالدته :
- اتفضلوا ياجماعة كله بالف هنا .
بعدما أنتهوا من تناول القليل قال له والده بأنهم عليهم الرحيل حتى يمكنه مراعاة زوجته أحتضن والدته فرتبت على ظهره قائلة :
- ربنا يعينك يا حبيبي .
في المساء أستيقظت وخرجت باحثة عنه فوجدته جالس بالشرفة فجلست بجواره فقال لها :
- هحطلك تاكلي .
كاد أن يقف ولكنها أمسكت يديه لتقول له :
-خليك انا مش عاوزة اكل .
أردف بتضايق :
- هتفضلي كدا متاكليش أنتي فقدتي دم قد كدا لازم تعوضيه المحاليل مش هتعوضك حاجة .
تنهدت وهي تردف بحزن :
- ياريته كان بفايدة .
أبتلع ريقه وهو يتابع :
- ربنا يرحمها ويغفر لها ادعيلها يا الاء .
نظرت للسماء وهي تقول :
- ربنا يغفرلها ويرحمها .
امسك يديها فأنتبهت له وهو يقول :
- هقوم احط العشا وناكل مع بعض .
صمتت فتركها ودلف الشقة ليقوم بوضع الطعام بالأطباق فحملها وعاد إليه وجدها شاردة بالسماء فجلس بجوارها وأمد لها يديه ليطعمها قائلاً :
- يلا يا حبيبتي خدي قطمة علشان خاطري .
تناولت القليل حتى يتمكن هو الأخر من تناول الطعام ثم أخبرته بأنها مرهقة تحتاج للنوم فذهب بها للغرفة وأنامها وقام بوضع فوقها الغطاء جلس بجوارها اخذ يرتب على ذراعها حتى نعست فقبل رأسها قائلاً :
- تصبحي على خير حبيبتي .
في اليوم التالي استيقظت على صوت رؤى وهي تقول لأبيها :
- انا عاوزة اشيله يا بابي بليز .
تركت فراشها مسرعة وقلبها يخفق بشدة فوجدته يحمل طفله بين ذراعيه وصغيرته تمسك ساقه تترجاه بإعطاءه لها فأبتسم لها حينما وجدها تقف تراقبه وقال :
- مش عاوزة تشيلي انتي كمان انس .
نظرت له وهو يقترب منها ليناولها الرضيع وهو يقول :
- سمي الله وشيليه براحة .
كان حجمه ضئيل جداً بين ذراعيها أبتسمت بعفوية وهي تحمله تراه يضع أصابعه في فمه الصغير لشعوره بالجوع فأمتلىء عيناها بالدموع وهي تقول له :
- ماشاء الله ربنا يحفظه .
أبتسم لها هيثم وهو يردف :
- ربنا يخليكي لينا .
صرخ الصغير باكياً لرغبته في الرضاعة فقالت لهيثم :
- اجري يا هيثم هاتله علبة لبن وبامبرز وتاتينة.
أجابها بمزاح :
-مااجبله بوتي بالمرة .
أردفت بتضايق :
-انت بتهزر اجري روح هاتله الحاجات اللي قولتلك عليها ومتنساش دوا المغص .
أمسكت رؤى يديه وهي تقول فرحة :
- هاجي معاك وانت بتجيب لنونو اللبن .
خرج وهو ياخذ معه طفلته وترك معها أنس الذي ضمته لها واخذت تهدئه وتصنع له بعض الأعشاب حتى ينام فلم يمر الكثير حتى اتى وجدها مازالت تحمله وقد نعس بين ذراعيها فقالت له بحزن :
- نام مرة واحدة .
ابتسم لها قائلاً :
- مستعجلة ليه على صحيانه بكرة يقرف اللي جابونا ميخلناش نعرف ننام .
ظلت تراقبه طوال فترة نومه حتى أستيقظ فقامت بإرضاعه فينام مرة أخرى ،كان فرحاً برؤيتها تهتم بطفله كثيراً لم يعلم بأنها ستحبه بهذا القدر .
تأكدت من أنه ذهب لعمله كان الصغير قد نام بعدما قامت بإرضاعه فخرجت من الغرفة وقالت لرؤى :
- يلا افطري بسرعة علشان هنخرج .
صاحت الصغيرة فرحة قائلة :
-هيييييه .
امسكتها الاء وهي تمنعها من الصياح :
-بس هتصحي اخوكي مصدقت انه نام .
بعد حوالي ساعة كانت واقفة بالشارع تحمل على ذراعها أنس وتمسك باليد الأخرى رؤى راقبتها علياء عبر النافذة فانتابها الفضول إلى أين ؟
أوقفت سيارة اجرة واركبت رؤى ثم ركبت هي بجوارها في الكنبة الخلفية فقالت علياء لمحمد :
- اختك خديت البت رؤى والواد ابن هيثم وركبت تاكسي ومشيت معرفش رايحة فين دلوقتي  ؟
اردف بتضايق وهو يعتدل على فراشه :
-انتي مالك بيها سيبيها تروح مترح ماتروح .
وقفت أمام ساحة مقابر العائلة قرأت الفاتحة على جميع أمواتها وتقدمت بضع خطوات وقامت بوضع الورود فوق مقبرة هبة وهي تقول لها :
- انا جيتلك انهارده علشان اخليكي تشوفي انس محبتيش يمر كتير على ولادته وانتي مشوفتهوش بصي يا هبة شبهك ازاي .
جلست رؤى على الكرسي المجاور لها في الساحة فتابعت قائلة :
- متقلقيش عليه هو زي ماهو ابنك فهو ابني انا كمان .
اكملت وهي تبتسم :
-انا عارفة انك شايفاني دلوقتي وروحك حاسة بيا أبنك عندي وابني معاكي .
أمتلىء عيناها بالدموع وهي تتابع :
- قوليله يسامحني اني معرفتيش اكون ام كويسة لي وربنا يقرب البعيد واجيله .
دمعت وهي تعدل من وضع الطفل فوق ذراعيها فقالت لها:
- انا جاية اقولك اني مسمحاكي يا هبة على كل حاجة عملتيها فيا وبدعي ربنا دايما يغفرلك وعمري ماهنساكي في صلاتي وانا برده عاوزاكي تسامحيني يا حبيبتي اني اخدت هيثم منك وقصرت في حقك سامحيني وانتي بين ايادي ربنا لعلي لما أجيله يسامحني على كل اللي غلطت فيه وانا مقصدش .
ارتعش هاتفها المحمول في حقيبتها فامسكته رؤى وحينما قرأت أسم أبيها أجابته قائلة :
- ايوة يا بابي انت فين احنا عند طنط هبة .
انتبهت لها الاء وأخذت منها الهاتف فقال لها :
- الاء انتي فين ؟
ابتلعت ريقها وقالت له :
-بزور هبة و .
لم تكمل كلمتها حتى أغلق المكالمة دون ان يقول لها كلمة (سلام) نظرت بغضب لطفلتها وهي تقول لها :
- ارتاحتي لما قولتيله  .
مر حوالي نصف ساعة حتى وجدته واقف ورائها يلقي السلام على الجميع فأخفضت عيناها حينما قال لها :
- اتفضلي يا هانم علشان اروحك .
كان صامتٍ وهادىء كهدوء ما قبل العاصفة فإبتلعت ريقها وهي تتسائل :
- انت ايه اللي جابك ؟
أجابها قائلاً :
- انتي بتستهبلي صح ؟
أردفت بتضايق :
- هيثم .
تابع قائلاً :
-ازاي يا هانم تنزلي من غير ما تقوليلي هو انا طرطور في البيت مليش لازمة فهميني ؟
أجابته قائلة :
-متقولش كدا انا مكنتيش اقصد بس عارفة اني لو كنت قولتلك رايحة ازور عيلتي وهبة مكنتيش هترضى .
زفر بشدة وهو يتابع القيادة فقال لها بإستنكار :
- مكنتيش هرضى لاني خايف يحصلك حاجة وانتي هناك مين كان هيسعفك الغفير ؟
أخفضت عيناها وهي تقول :
- محصلش حاجة لكل دا يا هيثم انا كانت عاوزة هبة تشوف انس وبس .
قاطع حديثها وهو يكمل بإستنكار :
- واكيد قاعدتي تعيطي وانهارتي من العياط مش كدا ؟
لم تجيبه بل أجابته طفلته :
- ايوة يا بابي قعدت تعيط كتير .
نظرت لها الاء بغضب وهي تقول لها :
-يابنت الفتانة اسكتي .
صك أسنانه بغيظ وهو يكمل طريقه فقال لها :
- ماشي يا ست الاء لما نشوف اخرتها ايه ؟
ادخلهم الشقة فأمد لها يديه ليأخذ منها مفتاح الشقة فلم تتسائل بل أعطته له فخرج منها وأغلق الباب وراءه جيدا .
تركت الرضيع على كنبة الأنترية وهرولت وراء طفلتها التي اخذت تصرخ وهي تصيح بها قائلة :
- ورحمة أمي وابويا لاضربك .
ضربتها على ذراعها وقامت بقرصها وهي تقول لها :
- تعرفي لو نميتي عليا تاني هديكي بالجزمة .
تركتها حينما صراخ الرضيع معلناً بحاجته لتناول الغذاء ،كانت رؤى جالسة أمام التلفاز تتابع أحدى برامج الرسوم المتحركة حينما جلست الاء بالمطبخ لتعد الغداء له وكذلك تحدث صديقتها مريم .
-انتي غلطانه انك مقولتلهوش من الاول .
قالتها مريم للاء فأجابتها الأخرى :
-والله مكنتيش اقصد اضايقه هو لو كان عرف من الاول كان منعني .
قالت لها مريم :
- معاه حق .
زفرت الاء وهي تقول لها بإستنكار :
-انتي معايا ولا معاه ؟
لم يأتي لتناول الغداء في موعده كانت تطلبه لتطمئن عليه بأنه قد أنتهى من عمله بالمشفى ولكنه كان يعطيها هاتفه الرد :
- المكالمة مشغولة .
تركت هاتفها وهي تقول لنفسها بصوت مسموع :
-برحته بقى مش هتصل بيه تاني .
كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حينما رصف سيارته بجانب العمارة راقبته من الشرفة وهو يترجل منها فهرولت لتدلف تنتظره أمام باب الشقة فحينما دلف البيت ورائها واقفة تنتظره أزاح وجهه بعيداً عنها وتركها وكاد أن يدلف غرفته ولكنها اسرعت لتحتضنه قائلة :
- انا اسفة مش هتتكرر تاني .
التفت ليحاوطها من خصرها وهو يردف :
- ولو حصل .
لوت شفاهها وهي تتابع :
- ابقى تف في وشي .
ضحك وضمها إليه وهو يقول :
- شكلي هترفد على ايديك .
جلست على طرف الفراش تحمل ذلك الرضيع لتعطيه غذائه حينما وجدته نعس وضعته بفراشه الصغير الذي احضره له هيثم ليضعه بجانبهم ،أنتهى من إستحمامه فأقترب منها ليجلس بجانبها فقال لها :
- اكلتي ؟
أجابته بإستنكار :
-اومال هستنى جنابك لما تيجيلي وش الفجر .
قلدها وهي تجيبه قائلة :
-لوش الفجر .
نكزته في ذراعه وهي تردف :
- طيب ورحمة امي مانا حطالك الأكل نام من غير عشا .
اراحت جسدها على الفراش فتمدد بجانبها وهو يقول لها مداعباً :
- لولو لولو حبيبتي .
أجابته قائلة :
-عاوز ايه ؟
قال لها بخبث :
- مش هتغيريلي على الجرح .
أعتدلت قائلة بميوعة :
-بس كدا عنيا .
ابتعدت عنه قليلاً فتسائل :
- على فين ؟
نظرت له وهي تتابع بخبث :
- هقوم أعملك جرح موازي للأول علشان تعرف تتدلع صح .
هرول مبتعداً عنها وهو يقول لها مازحاً :
-ايه يا بت انتي اتجننتي ؟
أمسكت كوب المياة المجاور لها وهي تقول له بتهديد :
- نام يا هيثم وقول يا صبح نام .
ألقى بجسده على الفراش وهو يقول :
- هو انا قولت غير كدا .
ضحكت بشدة وهي تنظر له وهو يدعي النوم فضحك هو الأخر كادت ان تنام ولكنه جذبها نحو تصبح بحضنه فقال لها :
-تناحة بتناحة بقى .
صرخ الصغير وهو يطلبها فقال لها بمزاح :
- هبتدي اغير من الواد دا .
ضحكت وهي تقول له :
- تصبح على خير .
أبتسم لها وهو يجيبها :
- وانتي من اهله حبيبتي.
نامت بمجرد أن الصغير عاد للنوم كانت تحتاجه بشدة فإنها لم تعد تنام الوقت الكافي لها بل اصبحت تنام النوم المتقطع حتى يأتي إليها زوجها فتعد له الطعام فيعود لعيادته ويتركها للتتولى رعاية طفله .
- مامي سيبي انس وتعالي حليلي الهوم ورك دا .
قالتها رؤى وهي تقف مقابل باب الغرفة فقالت لها الاء :
- هنيم اخوكي وهجيلك اساعدك فيه .
زفرت الأخرى وهي تتمتم :
- كل شوية يعيط كل شوية يعيط انا زهقت نوتي اوي .
رتبت على ظهره بحنان حتى يستطيع النوم فحينها طرق باب الشقة  فقالت الاء لصغيرتها :
-استني يا رؤى متفتحيش انا هفتح .
أرتدت الحجاب ليداري شعرها وخرجت من الغرفة فوضعت الصغير فوق كرسي وهي تقول بصوت مرتفع :
- ايوة لحظة .
فتحت باب الشقة فحينها أتسعت حدقة عيناها في ذهول قبل أن تقول له بصدمة :
- انت ؟
أبتسم لها بخبث وهو يردف :
- ازيك يا لولو .
يتبع ..
#الباشمدرسة_ ايه

رواية كيف لي ألا أحبك Where stories live. Discover now