74..نجاة بأعجوبة

1.4K 31 2
                                    

سمع ياغيز صوت صرخة انطلقت من هزان و هي تقع على الدرج..خرج من الحمام و جرى نحوها كالمجنون..انحنى عليها و رفع رأسها بين يديه و هو يقول" هزان..حبيبتي..ماذا جرى؟ هل انت بخير؟ يالله..كيف حدث هذا؟ انظري الي..هل انت بخير؟" كان وجه هزان شاحبا شحوب الموتى و جبينها يتعرق بشدة ..كانت تشعر بالألم يمزق أحشاءها و كل جسدها جراء السقوط القوي..ابتلعت ريقها بصعوبة و تمتمت بصوت ضعيف" لم اقع لوحدي..هناك من دفعني..ياغيز..ارجوك..انقذه..لا تسمح له بأن يذهب و يتركني..لو سمحت..انقذ ابننا..لا تسمح له بأن يموت..أرجوك ياغيز" لم ينتبه ياغيز اول الامر الى كلمة ابننا التي قالتها هزان فرد" لا تقلقي حياتي..لن يحدث له شيء..سيكون بخير..لن يصيبكما مكروه" اتصل بالإسعاف ثم عاد لينظر الى هزان التي كانت تئن بشدة ..ترددت للحظة كلمة ابننا التي قالتها منذ قليل..تجهم وجه ياغيز و سأل بلهفة" هزان..ماذا قلتي منذ قليل؟ هل قلت ابننا؟ هل قلت انقذ ابننا؟ هل هذا الطفل الذي تحملينه ابني انا؟ ها..ارجوك ..اجيبيني" هزت هزان برأسها بالايجاب و غمغمت بصوت خافت" نعم..انه..ابنك..انت..ابننا ..انقذه ارجوك" ثم اغمضت عينيها و قد غابت عن الوعي..لامس ياغيز وجهها بحنان و هو يقول و قد تجمعت الدموع في عينيه" انه ابننا..انه ابني..يالله..ارجوك..لا تسمح بأن يصيبه مكروه..لا تحرمنا منه..سيكون افضل تعويض عما فقدناه انا و هي من احباء..ارجوك يالله" تجمع الناس حول ياغيز و هزان بمجرد سماع صوت سيارة الاسعاف التي لم تتأخر في الوصول..صعد ياغيز بجانب هزان و بقي يمسك يدها و يحاول التماسك و البقاء قويا و لسانه لا يتوقف عن الدعاء بألا يمس مكروه كلا من حبيبته و ابنه..تبع عمر سيارة الاسعاف بسيارته و قد انشغل باله على هزان و قلق على وضعها و وضع الجنين..وصلوا بعد لحظات الى المشفى فأسرعت الممرضة باخذ هزان الى غرفة الاسعاف..فيما بقي ياغيز يذرع الردهة جيئة و ذهابا و القلق و التوتر باديان عليه..وقف عمر بجانبه و سأل" عفوا سيد ياغيز..هل لي ان اعلم كيف وقعت الحادثة؟ هل كنت موجودا عندما سقطت هزان عن الدرج؟" اجابه ياغيز ببرود" كنت في الحمام عندما سمعت صوت صرخة و ارتطام قوي..أسرعت لاجدها على تلك الحال..لندعو الله بألا يمسها مكروه هي و الطفل" هز عمر برأسه و قال" معك حق..لا نملك سوى الدعاء لها" مرت الدقائق طويلة على ياغيز الذي كان قلبه يخفق بشدة من خوفه على هزان و على ابنه..ثم خرج الطبيب أخيرا فأسرع ياغيز نحوه و سأل" كيف حالها دكتور؟ هل هي بخير؟ و الطفل؟ هل نجا؟" ابتسم الطبيب و رد" انهما بخير..وضعهما مستقر..و الجنين نجا بأعجوبة"..

رفع ياغيز يديه نحو السماء و قال بصوت خنقته الدموع" الحمد لله..الحمد لله" ثم التفت الى الطبيب و سأل" هل أستطيع رؤيتها؟" هز الطبيب رأسه بالنفي و رد" مع الأسف..لا تستطيع في الوقت الحالي..انها تحتاج الى الراحة..و الايام القادمة ستكون على قدر كبير من الأهمية لكي نطمئن على صحتها و صحة الجنين..المجهود الزائد و التوتر مرفوض ..سأعطيها مجموعة من الفيتامينات التي عليها تناولها بانتظام..حمدا لله على سلامتها..عن اذنك" ابتعد الطبيب عنه فنظر عمر الى ياغيز و قال" من الجيد انك كنت بجانبها عندما وقعت..لو تأخرت لا سمح الله لكانت فقدت جنينها..تبدو لي العلاقة بينكما وطيدة جدا" رمقه ياغيز بنظرة باردة و قال بعصبية" ليس هذا وقت هذه الأحاديث التي تشبه التحقيق..نعم..علاقتنا وطيدة لأننا نعرف بعضنا منذ زمن و عائلاتنا أصدقاء..هل أخذت جوابك الآن؟ ..توقف عن طرح الأسئلة لو سمحت" رفع عمر يديه باستسلام و قال" تمام..آسف..لم أقصد ازعاجك..المهم أن تكون هزان بخير ..انها انسانة رائعة و طيبة و قريبة من القلب..انا حقا معجب بها و بشخصيتها المميزة" جمع ياغيز قبضته بغضب و فكر بأن يحطم له ذلك الفم الذي يتحدث به عن هزان..لكنه سيطر على نفسه و تأفف بضيق..قال عمر" ياغيز باي..سأذهب الى الكافيتيريا لاحضر قهوة..هل تريد شيئا؟" اجاب ياغيز" لا..شكرا" ابتعد عمر بينما بقي ياغيز واقفا أمام باب غرفة هزان..لقد مرت اكثر من نصف ساعة و لم يعد قادرا على الانتظار اكثر من ذلك..فتح الباب و دخل بهدوء..كانت هزان نائمة بسلام و تنفسها طبيعي..كانت هناك ضمادة صغيرة على جانب رأسها..جرح خلفته الوقعة اضافة الى دعامة كتف علقت لذراعها الأيمن..اقترب ياغيز منها و جلس بجانبها و هو يمسك يدها..همس بصوت ضعيف" حمدا لله على سلامتك حياتي..من الجيد انك بخير..انت..و طفلي..طفلنا..ذلك الصغير الذي خرج من روحك و روحي..من لحمنا و دمنا..ذلك البريء الذي لا ذنب له فيما فعله والده الأحمق..من الجيد أنه بخير..لو كنت فقدته بعد أن عرفت انه ابني لما كنت سامحت نفسي أبدا..لما كنت غفرت لنفسي..و لا استطعت أن أعيش حياتي..الحمد لله"

حُبّ مُلَوّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن