حُبّ مُلَوّث

32..فاعل خير

ابتعد ياغيز عن النافذة و جلس خلف حاسوبه ثم قال بنبرة تهديد واضحة" و الآن..لنبدأ بالعمل الجدي..المرة الفارطة لم تنجح الصورة التي كلفت صديقي بالتقاطها في تقويض اركان منزل سراج اوغلو..لكن هذه المرة سينهدم المنزل على رؤوسهم..ذنب أبويك أنهما انجبا شخصا قذرا مثلك يا بولنت..سأري الجميع وجهك الحقيقي و سأفضح قذاراتك ..لقد انتهى صبر سنوات مضت و أنا اجهز نفسي للنيل منك..و حان الوقت لكي تدفع ثمن فعلتك الشنيعة تلك..لو كان الأمر بيدي لأحرقتك حيا لعل هذه النيران التي تأكل داخلي تهدأ و تنطفئ..لكنني لست مغفلا لكي أقتلك مرة واحدة..بل سأقتلك آلاف المرات كل يوم..هذه العدالة بالنسبة الي..نعم..هذه هي" ثم اخذ ينقر لوحة المفاتيح لكي يكتب كلاما لا يعرف كنهه و لا هدفه سواه..دخلت هزان الى غرفتها ..وضعت حقيبتها على الطاولة ثم نزعت حذاءها و توجهت مباشرة الى الحمام..خلعت ثيابها و وقفت تحت مرش المياه الدافئة التي غمرت جسدها و لامسته ببطء..أغمضت عينيها و اخذت تستعيد في ذهنها كل لحظة حب و عشق قضتها بين ذراعي حبيبها..تلك اللحظات التي حولتها من فتاة جاهلة لا تعلم شيئا الى إمرأة عاشت تجربتها الأولى و سلمت نفسها للشخص الذي وهبته قلبها..راحت تمرر الصابون على بشرتها و هي تتخيل بأن اصابع ياغيز هي التي تتحرك ببطء مثير و مقيت في آن واحد على جلدها..كانت سعيدة جدا بما حصل رغم أن عقلها كان يحذرها من خطورته و من عواقبه الوخيمة..فماذا اذا شفي زوجها من علته و طلب منها ان يمارس حقه كزوج فبماذا ستفسر له فقدانها لعذريتها؟ و كيف ستنظر الى وجهه بعد ما فعلته؟ هل تطلب الطلاق؟ لكنها تعلم جيدا بأنه لن يقبل خاصة في هذه الفترة الحساسة التي يمر بها..لتمر فترة الانتخابات ثم ستفعل بعد ذلك ما يجب أن تفعله..

عاد بولنت في ساعة متأخرة جدا الى المنزل و كانت الأضواء مطفأة و الجميع يغطون في نوم عميق..صعد الى الطابق العلوي و دخل مباشرة الى غرفته..كان قد أنهى اجتماعات مهمة مع اعضاء الحزب ثم قضى بعض الوقت مع تورغوت الذي كان منزعجا لأنه سيسافر الى باريس مع هزان فأخبره بأنه سيأخذه معهما و لكن بطريقة سرية لكي لا ينتبه احد الى علاقتهما..كان متعلقا به كثيرا و غير قادر على التخلي عنه رغم معرفته بأنها علاقة خاطئة و خارجة عن الطبيعة و عن المألوف و بأنه قد يخسر كل شيء اذا علم الناس بالأمر..لكنه كان مطمئنا من هذه الناحية لأن زواجه من هزان يبعد الشبهات عنه و يجعله آمنا و مرتاحا..القى نظرة على بريده الالكتروني كعادته قبل أن ينام فوجد رسالة الكترونية من شخص مجهول كتب له فيها" أنت زوج مخدوع..زوجتك تعيش علاقة عاطفية مع رجل غيرك..انتبه الى منزلك و عائلتك و الا سينهار كل شيء على رأسك..استطيع فضح الأمر لكنني أخير الصمت مبدئيا..هذه كانت رسالتي الأولى لك سيد بولنت..انتظر مني رسائل أخرى..فاعل خير" حملق بولنت في شاشة الحاسوب غير مصدق ما قرأه للتو..من هذا الذي يرسل له رسالة كهذه؟ و ما هدفه منها؟ ماذا اذا كان لديه دليل على كلامه؟ ماذا اذا فضح الامر في الجرائد؟ الوضع الآن لا يحتمل خبرا كهذا..أي اشاعة او خبر سيء سيؤثر على الحملة الانتخابية و سيجعله يخسر أحلامه..وقف بولنت و أخذ يذرع الغرفة جيئة و ذهابا..كان يفكر ان كان هذا الكلام صحيحا أم لا..و يفكر فيما يريده منه فاعل الخير هذا كمقابل على صمته و اخفاءه للخبر عن الصحافة..و هزان..ايعقل ان تفعل شيئا كهذا؟ و لم لا؟ و هو الذي قد حرمها من كل حقوقها الزوجية و يعيش علاقة عاطفية مع رجل ..لكن ما يزعجه في الأمر ليس الخبر في حد ذاته..و انما من يقف وراءه و هدفه و غايته منه..ارتمى بولنت على السرير منهكا و متعبا بعد يوم طويل و شاق ..حاول ان ينام لكن عقله كان مشغولا بتلك الرسالة الغريبة التي وصلته في هذه الساعة المتأخرة من الليل..لم يستطع أن ينام و بمجرد بزوغ الفجر و ظهور أشعة الشمس الأولى..خرج من غرفته و ذهب الى غرفة هزان..طرق الباب مرتين و عندما سمع كلمة ادخل فتح الباب و دخل..