حُبّ مُلَوّث

44..حقيران

حاولت هزان الوقوف لكنها لم تقدر..كانت عاجزة عن ضم ساقيها بعد الاغتصاب الحيواني الذي تعرضت له..بكت بشدة حتى تكسرت اهدابها و تورمت جفونها..و بعد مضي بعض الوقت..تحاملت على نفسها و تحركت نحو سريرها..ارتمت عليه و اسرعت تبحث بيديها عن هاتفها..اتصلت بياغيز مرة لكنه لم يرد..ثم اعادت الكرة فأجاب" الو" اختنق صوتها و هي ترد" ألو..ياغيز..أين انت؟ لماذا لا تجيب على اتصالاتي؟ اين اختفيت كل هذه المدة؟" اجاب ببرود" مشغول..ماذا تريدين؟" قالت" حبيبي..لو تعلم ماذا جرى..بولنت علم بأمرنا و ضربني و .." قاطعها" و ما دخلي انا بينك و بين زوجك؟ ليفعل بك ما يشاء..انه زوج خانته زوجته..كيف تريدينه ان يتصرف؟" شحب وجه هزان بشدة و قالت" ياغيز..حبيبي..لماذا تتحدث معي بهذه الطريقة؟ و ما هذا الكلام الغريب الذي تقوله؟ هو اراد ان يعلم من يكون حبيبي لكنني لم اعلمه بإسمك..انا و انت نحب بعضنا..سأهرب اليك و اتطلق منه لكي نعيش معا" ضحك ياغيز بصوت مخيف ثم قال" ماذا؟ نعيش معا؟ حب؟ عن أي حب تتحدثين يا هذه؟ هل صدقتي حقا بأن تلك النزوة التي حدثت بيننا هي علاقة حب؟ مسكينة انت هزان..هل تصدقين حقا بأنني احبك؟ انت واهمة عزيزتي..انا لا أحبك..آسف..لقد استعملتك فقط لأجل غاية في نفسي..الم يخبرك زوجك بأن هناك شخص يبتزه و يهدده و يحاول الانتقام منه؟ هذا الشخص هو انا..و بولنت سراج اوغلو اكبر عدو لي..استغليتك انت لكي اتمكن من تحقيق هدفي..تأكدت عندما لمستك بأن علاقتك بزوجك ما هي الا حبر على ورق..بالمناسبة..ربما لا تعرفين بأن زوجك شاذ جنسيا..انه يفضل معاشرة الرجال..لذلك لم يقترب منك طيلة سنة من الزواج..و حبيبه هو مساعده تورغوت..آسف لأنك تعرفين كل هذه الحقائق الصادمة بسببي..لكن أعتقد بأن الوقت حان لكي تفتحي عيونك و تري الأمور كما هي..ما كان بيننا هو مجرد خطة مني للانتقام من زوجك..لكي آخذ منه كل ما يملك..لكي أجعله يخسر كل شيء..و انت كنت وسيلة رائعة لذلك..اتمنى لك حياة زوجية سعيدة..هذا اذا لم يطلقك زوجك..تستطيعين اخبار زوجك بإسمي لأنني لا أخشاه..بل على العكس..الآن..حان وقت المواجهة..سيدفع زوجك ثمن كل الأذى الذي سببه لي..الوداع هزان هانم" و انهى المكالمة..تسمرت هزان في مكانها و بقيت تحملق في السقف بعيون تائهة و مصدومة..لا بد بأن ما تعيشه الآن هو كابوس مزعج تأمل أن تصحو منه قريبا..لقد خدعها ياغيز..و استغلها..و جعلها تقع في حبه لكي تستسلم له و ينتقم هو من زوجها..عقلها توقف و لم تعد قادرة على استيعاب ما يحدث..كل ما كانت تشعر به وقتها هو جرح كبير في قلبها و في كرامتها..بولنت و ياغيز كلاهما أحقر من الآخر...

فوجئت هزان بأن دموعها لم تنزل بعد الكلام الصادم الذي سمعته من ياغيز..أبت عيونها أن تذرف الدمع رغم الألم القاهر الذي كان يمزق قلبها..ربما لأن صدمتها كانت أقوى من قدرة عقلها و جسمها على الاستيعاب..فأن يكون ياغيز الذي أحبته من كل قلبها و سلمته نفسها في نفس الخانة مع زوجها بولنت..هذا حقا أمر صادم و موجع..كلاهما آذاها و استغلها بأبشع الطرق دون أن يحسب حسابا لمشاعرها..بولنت زوج خائن و مقرف تزوجها فقط لكي يغطي على شذوذه و على علاقته بتورغوت فخدعها و خدع عائلته و كل الناس..و ياغيز مثل عليها دور العاشق الولهان و عمل على تعويضها على كل نقائص حياتها لكي يغريها بالوقوع في فخه و يستعملها للوصول الى غايته و هدفه التي هي الانتقام..بقيت هزان تحملق في السقف دون أن تنطق بحرف او أن تذرف دمعة واحدة..أخذت تفرك جسدها بيديها بكل ما اوتيت من قوة و كأنها تريد أن تمحو كل أثر لكلا الرجلين عنها..انها تشمئز منهما و تكره نفسها لأنهما لمساها..تحركت بعد لحظات و دخلت الى الحمام..فتحت المرش و وقفت تحت المياه الدافئة..راحت تفرك اطرافها بقوة حتى احمر جلدها و انخدش..لم تبكي..لم تذرف أية دمعة..بل انهت حمامها و اندست تحت غطاءها و حاولت أن تنام..كلما اغمضت عيونها استعادت ما تعرضت له من اغتصاب مهين..و تذكرت كلمات ياغيز و لمساته..فتفتح عيونها على عجل كأنما لتمحو صورة كل منهما..كانت تشعر بالبرد الشديد و برجفة تهز جسدها كورقة في مهب الريح..و كلما سحبت الغطاء فوقها كلما شعرت بالبرد اكثر فأكثر..كانت تعاني من الحمى الشديدة دون ان تجد شخصا يعتني بها..كانت تهذي بكلمات غير مفهومة و شفاهها ترتعد بشدة..قضت ليلتها على تلك الحال الى ان هدها التعب و نامت..في الصباح..انفتح باب غرفتها و أطلت منه الخادمة..اقتربت من السرير و قالت" هزان هانم..السيد بولنت امرني أن احضر لك طعام الفطور الى هنا..هل انت بخير؟" لكن هزان لم تجبها..كانت ترتعش و تشد الغطاء على جسدها..اقتربت منها الخادمة و وضعت يدها على جبينها فشهقت بصوت عالي و قالت بقلق" انك تحترقين يا سيدتي..سأتصل بالطبيب في الحال..و سأخبر السيد بذلك ايضا..يا الهي..مالذي اصاب هذا المنزل؟ اية لعنة حلت به و بأهله؟" و خرجت الخادمة مسرعة ..اخبرت بولنت بمرض هزان و اتصلت بالطبيب الذي فحصها و أخبره بأنها مصابة بحمى شديدة و بأنها تعاني من ازمة نفسية حادة ..اعطاها بعض الأدوية و المهدئات و نصحها بالراحة..