33..أخي

1.9K 32 6
                                    

جلست هزان على حافة سريرها و نظرت الى بولنت الذي دخل لتوه و جلس بجانبها و هو يقول" صباح الخير هزان" ردت" صباح النور بولنت..هل انت بخير؟ يبدو انك لم تنم جيدا ليلة البارحة؟" هز برأسه و اجاب" فعلا..معك حق..لم استطع ان انام رغم الارهاق و التعب الذي كنت أحس به..لكن عقلي ليس مرتاحا" ربتت هزان على يده و قالت" أعلم..الانتخابات تأخذ كل وقتك و تفكيرك..لكن لا يجب أن تنسى بأن صحتك لها حق عليك و يجب أن ترتاح" نظر اليها بولنت لوهلة ثم قال" هزان..كنت افكر بأن نؤجل السفر الى باريس..أشعر بأنني متعب جدا و السفر سيزيد من حالة الارهاق و الارق التي اشعر بها..ما رأيك انت؟" ابتسمت هزان و ردت" و انا ايضا كنت سأحادثك في نفس الامر..انا ايضا متعبة و لا أريد ان اسافر..كما تعلم هذا أوج الموسم السياحي و لا استطيع ترك الفندق او تأجيل العمل..فالاجدر بنا هو أن نؤجل السفر و العطلة الى ما بعد الانتخابات..عندئذ نستطيع الاستمتاع بعطلتنا كما ينبغي" قال" تمام هزان..سنؤجل اذا السفر الى حين انتهاء فترة الانتخابات..سيكون هذا افضل لكلينا" وقف بولنت و اتجه نحو الباب و هم بالخروج لكنه توقف فجأة..التفت الى هزان و قال" هزان..هل أستطيع أن أسألك سؤالا؟" ردت" نعم..بكل تأكيد..تفضل" سأل" هل سبق و أن وقعت في الحب؟" رفعت هزان حاجبها استغرابا و سألت" و لماذا تسأل سؤالا كهذا الآن؟" هز بولنت كتفيه و قال" مجرد فضول..اذا كنت ترفضين الاجابة فهذا حقك..اردت فقط أن اعرف" اجابت" عادي..لم يزعجني السؤال لكنني استغربته و حسب..لا مانع لدي من الاجابة..لا..لم يسبق لي أن وقعت في الحب" صمت بولنت قليلا ثم هم بسؤالها ان كانت تعيش الآن قصة حب لكنه عدل عن رأيه..فسؤال كهذا من شأنه أن يجعلها تسأل أسئلة كثيرة لن يكون قادرا على الاجابة عليها..ففتح الباب و قال" سأنام لساعتين أو ثلاثة..أخبريهم بألا يوقظوني" قالت" تمام ..سأخبرهم" بقيت هزان بعد خروجه تفكر في سبب طرحه لسؤال كهذا..ايعقل بأنه يشك بها و بتصرفاتها..ايعقل بأنه علم شيئا عن علاقتها بياغيز..لكنها استبعدت ذلك فلو كان يشك مجرد شك لكان غضب و افتعل مشكلة معها لانها تبقى زوجته حتى و لو كان عاجزا عن ايفاءها حقوقها كزوجة..

في جناحه..حمل ياغيز حقيبته التي تحتوي على آلة التصوير خاصته و هم بالخروج عندما سقطت صورة من حقيبته على الارض..انحنى و أخذها بين أصابعه ..ضغط عليها بقوة ثم قربها من شفتيه و قبلها بحنان ثم جلس على الأريكة و راح يحدثها بعيون امتلأت دموعا..كانت الصورة لفتى صغير لا يتجاوز عمره الاثني عشر سنة..كان يشبه ياغيز كثيرا..نفس لون الشعر الذهبي..نفس العيون البلورية..نفس الشفاه الرقيقة..نفس الوسامة و نفس الملامح..قال ياغيز يخاطب الصورة" أخي..ياسين..لقد اشتقت اليك كثيرا..غيابك ترك في حياتي فراغا لم ينجح احد في ملأه الى اليوم..أنت لم تكن مجرد أخ لي..لقد كنت ابني و مدللي و صغيري..كنت عبارة عن بهجة و سعادة متحركة..كنت تمنحني الأمل و القوة للوقوف في وجه الحياة القاسية التي اجبرتنا الظروف على عيشها..فبعد وفاة والدينا في حادث سير لم يبقى لاحدنا سوى الآخر لكي يتمسك به و يواصل العيش بسببه..لكن يبدو أنني لم أتمسك بك بالشكل الكافي..أو ربما أنت من تخلى عني..و ترك يدي..لماذا ذهبت و تركتني أخي؟ لو تعلم ماذا حدث لي بعد ذهابك..لقد صببت الاسمنت على قلبي لكي يصير متحجرا ..لكي لا اشفق و لا ارحم و لا اغفر..لكي لا تهزني أية مشاعر اخرى سوى الرغبة في الانتقام..و كيف لا انتقم لك و انت قطعة من روحي..لا بل انت روحي..لقد ذهبت سعادتي بذهابك..و أصبحت الحياة لا تعني شيئا..انا اليوم اعيش لسبب واحد فقط..و هو الانتقام من ذلك الوحش البشري الذي لم يرحم طفولتك و لم يعطف عليك..ذلك الحقير الذي كنت تحبه و تعتبره افضل مدرس رياضة على الاطلاق..ذلك النذل الذي انتهك جسدك و اعتدى عليك..ذلك المغتصب الحقير الذي كان سببا في انهاء حياتك..ليتك لم تنهي حياتك بسببه أخي..ليتك لم تنتحر بسبب ما حدث لك..بسبب ما فعله ذلك القذر معك..ليتك بقيت معي و شاهدتني و انا ادمر حياته و اهدم دنياه على رأسه..ليتك كنت معي لكي ترى كيف سأنتزع منه كل أحلامه و طموحاته و كيف سأفضح قذارته و علاقاته العفنة..ليتك تمسكت بي يا اخي و وثقت بي..ليتك لم تسمح لنذل حقير مثله بأن يأخذك مني..آاااااه يا أخي..لقد قتلتني معك يوم دخلت الى غرفتك و وجدتك معلقا في السقف..لم تمت وحدك يومها..لقد متنا نحن الاثنين..لقد مات ذلك الياغيز الرؤوف المتعاطف المتسامح و الذي يحب الخير للجميع..لقد مات ذلك الياغيز العاطفي و الذي يتأثر اذا رأى شخصا يبكي حتى و لو كان ذلك في فيلم او مسلسل..لقد مات ذلك الياغيز الذي تملأ قلبه المشاعر و الأحاسيس..و عاش ياغيز الذي أعمى الانتقام عيونه و قتل كل المشاعر الاخرى داخله..ستنام مرتاحا في قبرك يا اخي عندما آخذ بثأرك..انا واثق..."

حُبّ مُلَوّثWhere stories live. Discover now