49..هل ارتحت الآن ؟

1.5K 30 1
                                    

كانت هزان جالسة في غرفتها عندما قدمت الخادمة و اخبرتها بأن هناك ضيفا يريد مقابلة السيد بولنت..هزت هزان كتفيها و قالت بلا مبالاة" و ماشأني انا بضيوف السيد بولنت؟ فليقابلهم بنفسه" قالت الخادمة" لقد خرج السيد بولنت منذ ساعة تقريبا و لم يعد بعد..هل تريدين ان اصرفه يا سيدتي ام ستنزلين للقاءه؟" صمتت هزان قليلا ثم اجابت" تمام..سآتي للقاءه" نظرت هزان الى فستانها الأسود الطويل الذي كانت ترتديه و الى وجهها الخالي من المساحيق ثم احتذت حذاءها و نزلت الى غرفة الاستقبال..دخلت لتجد الضيف واقفا بجانب النافذة..قالت بنبرة هادئة" مرحبا بك أيها السيد..زوجي ليس في المنزل..لقد خرج منذ أكثر من ساعة و لم يعد بعد..هل تريد أن تخبره أمرا ضروريا؟" التفت ياغيز فالتقت عيونه بعيون هزان الباردة و التي لم تعكس أي انفعال ..رد و هو يفرك اصابع يديه ببعضها" هزان..هذا انا..اردت فقط ان.." رفعت هزان حاجبها استغرابا و سألت بصوت ثابت" عفوا؟ هل نعرف بعضنا؟ لا اذكر أنني التقيتك من قبل..و يستحسن ان تناديني بالسيدة هزان..انا لا أسمح للغرباء بأن ينادوني بإسمي مجردا" ابتلع ياغيز ريقه بصعوبة و حملق في هزان كأنه يراها للمرة الأولى ثم قال" آسف سيدة هزان..كنت أريد أن التقي السيد بولنت لكي أعطيه هذه الصور و أخبره بأن انتقامي قد انتهى..خسارته كانت أكبر مما خططت له..لم اكن يوما اريد له أن يخسر اهله الى الأبد" صفقت هزان بقوة تصفيقات متتالية ثم ردت بنبرة ساخرة" برافو..فعلا برافو..تكاد تدمع عيوني من هذا الخطاب الانساني الرقيق..ماذا قلت اذا؟ انتهى انتقامك؟ هكذا؟ بهذه البساطة؟ تتسبب في قتل شخصين لا ذنب لهما في هذه الحياة بسبب لعبة انتقام حقيرة ثم تأتي الى هنا و تدعي البراءة و صحوة الضمير؟ بصراحة لقد ابهرتني سيد..عفوا..ماذا كان اسمك؟" مرر ياغيز اصابعه خلال خصلات شعره و قال بصوت مخنوق" ياغيز..اسمي ياغيز" واصلت هزان كلامها" سيد ياغيز..أيا كان ما ستقوله لزوجي..يستحسن ان تقوله له بصفة شخصية..اما انا فلا وقت لدي لسماع تفاهاتك هذه..عن اذنك" و همت هزان بالخروج لكن ياغيز استوقفها بقوله" هزان..أنا آسف..لقد جئت لكي اعتذر منك..لقد أسأت لك و .." قاطعته هزان و قد التفتت اليه و رفعت يدها في وجهه" اياك..اياك ان تنطق بحرف واحد..انا لا اعرفك يا هذا..و لا اعلم عم تتحدث..ان كان لديك ما تقوله فقله لزوجي..صفيا حساباتكما بعيدا عني..لا دخل لي بما بينكما..و ان كان ضميرك يؤنبك حقا كما تدعي فتستطيع اعادة والديه الى الحياة من جديد..ربما يستطيع مسامحتك" هم ياغيز بالكلام لكن دخول الخادمة منعه..

قالت الخادمة بصوت مرتعش" سيدتي..هناك شرطي يريد أن يراك" نظرت اليها هزان باستغراب و قالت" شرطي؟ اسمحي له بالدخول" دخل رجل في اواخر الثلاثينات من عمره و قال" مرحبا سيدة هزان..انا الضابط عمر بيركان من الأمن الجنائي" صافحته هزان و هي تقول" مرحبا سيد عمر..خيرا ان شاء الله" عبس عمر و زم شفتيه ثم اجاب" أنا آسف سيدتي..كنت أتمنى أن أحمل لك أخبارا جيدة..لكن مع الأسف..الخبر الذي احمله سيزيد من آلامك بعد فقدان السيدين صدقي و فريدة" نظرت اليه هزان بثبات و قالت" أخبرني..لقد تعودت على سماع الاخبار السيئة" صمت عمر قليلا ثم رد" يؤسفني ان اعلمك سيدتي بأن زوجك بولنت سراج اوغلو قد مات..لقد انزلقت سيارته بسبب الامطار في الهاوية و احترقت السيارة بعد انفجارها..تعازي الحارة لك سيدتي" انهار ياغيز جالسا على الكرسي و اخذ يضرب جبينه بيده و يقول" أنا السبب..انا السبب..ما هذه المصائب المتتالية؟ هذا كثير..هذا اكثر بكثير مما أستطيع تحمله..ماذا فعلت أنا يا الله؟ ماذا فعلت؟" واصل الضابط كلامه" سيدتي..اريد أن اخذ اذنك لكي نقوم بفحص الحمض النووي للجثة المحترقة كإجراء ضروري للتأكد من هوية الميت رغم اننا عثرنا على بعض المتعلقات المحترقة جزئيا و التي تؤكد هوية السيد بولنت..لكن هذا اجراء ضروري" استندت هزان على الكرسي القريب منها بيدها لأنها شعرت فجأة بدوار شديد ثم نظرت الى عمر و اجابت" فلتفعل ما تراه مناسبا سيد عمر" قال" تعازي القلبية من جديد سيدة هزان..عن اذنك" ثم انصرف فالتفتت هزان الى ياغيز الجالس على الكرسي و الذي كان يخفي وجهه بين يديه..قالت بنبرة باردة" هل ارتحت الآن سيد ياغيز؟ هل انطفأت نار انتقامك؟ ماذا كنت تقول منذ قليل..ضميرك يؤنبك..فلنرى الآن كيف ستنام ليلا؟ هل ستهنئ بنومك و بحياتك بعد أن قضيت على عائلة كاملة؟ هل ستنام ملئ جفونك عندما تضع رأسك على الوسادة ليلا؟ هل ستستطيع عيش حياتك و كأن شيئا لم يكن؟ أهنئك من كل قلبي سيد ياغيز على هذه الخطة الانتقامية الجهنمية..يجب أن تحصل على الاوسكار كأفضل ممثل و كأفضل مخطط للانتقام..تستطيع الانصراف الآن..و احذر أن تأتي لرؤيتي مرة ثانية و اياك أن تتحدث عن الضمير و الندم و الانسانية لأنك لا تملك أيا منها..هيا اذهب من هنا" وقف ياغيز و قال" سأذهب..لكنني سأترك هذه الصور التي كنت أهدد بها المرحوم..معك حق..انا من تسبب في كل هذه المصائب..و اعلم جيدا بأنني لن انعم بعيش هنيء بعد اليوم..لكن فلتعلمي شيئا واحدا فقط..هو أنني نادم من كل قلبي على كل ما فعلته و ما تسببت فيه عن قصد او عن غير قصد..و لتصدقي بأنني لم اتعمد هذا..و لم اخطط له..آسف"..

حُبّ مُلَوّثWhere stories live. Discover now