71..حفل

1K 30 2
                                    

صمت ياغيز و لم يجد كلاما يقوله لهزان..جلست هي بجانبه و أمسكت يده و هي تقول" ياغيز..اهدأ و حاول الا تفكر في شيء..سيمر كل هذا ..و ستنتهي هذه الأحزان و المصاعب..اعتبرها فترة امتحان صعب و ستتجاوزها بنجاح..توقف عن جلد ذاتك و تعذيبها ..ما حصل قد حصل..و الانسان لا يستطيع أن يعيد الزمن الى الوراء لكي يتفادى القيام بأخطاءه..لكنه دائما ما يحصل على فرصة لكي يصححها..و الامر يبقى متعلقا برغبته هو في ذلك و بنيته الطيبة او السيئة..و ما اراه واضحا بأن لديك هذه الرغبة و هذه النية..و هذا بنظري يعتبر افضل دليل على ندمك و على قلبك الطيب..انت لست شخصا سيئا ياغيز..انت فقط انسان سمح للانتقام بأن يسيطر عليه كما هو حال تورغوت الآن..لذلك يجب علينا أن نتحد لكي نجبره على التوقف قبل أن يحدث الأسوأ" رفع ياغيز عيونه نحو هزان و تمتم بصوت مبحوح" شكرا لك هزان" و قبل ان تجيبه كان قد استلقى على الاريكة و وضع رأسه على فخذها..كان كطفل صغير يبحث عن الحنان و عن الدفء..شعرت بدموعه تسيل متتالية على خده ثم تنزل على سروالها..شعرت بقلبها يتمزق حزنا عليه..قربت يدها من شعره و راحت تداعب خصلاته برقة..بقيا كذلك للحظات..دون كلام ..و كأن الكلمات تفقد معناها اذا قيلت في موقف كذلك..الى أن شعرت هزان بثقل رأسه على فخذها و سمعت صوت تنفسه الهادئ..لقد نام هناك..بين احضانها..ناسيا كل ما حل به و ما اصابه..و كأن كان فقط بحاجة ماسة الى وجودها بجانبه لكي يرمي كل الدنيا وراء ظهره و يهبها كل حواسه و مشاعره..

لم تتحرك هزان من مكانها لكي لا تزعج ياغيز و تقلق منامه..كانت تشعر بأنه يحتاج الى السكينة و الهدوء و الاطمئنان لكي يستيقظ قويا و قادرا على المواجهة..اضافة الى ان ضعفه و انكساره ذاك و الذي اظهره امامها دون تردد قد ارضى غرورها كإمرأة ظلمها ذات يوم و تجاوز في حقها و استغلها بطريقة سيئة..هاهو يرد لها اعتبارها دون أن يشعر..هاهو يشعرها بقيمتها في حياته و بأهميتها لديه..من كانت ذات يوم مجرد وسيلة لتحقيق غاية اصبحت اليوم ملجئا و ملاذا و مصدر سكينة و اطمئنان..مرت ساعتان تقريبا و ياغيز نائم بين احضان هزان التي وجدت نفسها تعود بالذاكرة الى تلك اللحظات الجميلة التي قضياها معا ..حتى و لو كانت مجرد كذب..الا انها اسعدتها و علمتها الكثير من الأمور التي كانت تجهلها..اضافة الى اكتشافها لنفسها و هي معه..تحولت بفضله من فتاة ساذجة لا تفقه شيئا من المشاعر و الأحاسيس و الامور الانثوية..الى إمرأة كاملة الأنوثة تعشق و تحب و تحمل طفله في أحشاءها..تحرك ياغيز ببطء و فتح عيونه الجميلة على مهل..رفع نظره نحوها و عدل جلسته قبل ان يسألها" هل نمت؟" همهمت هزان بالايجاب فرد" آسف..لا بد أن ساقك قد تخدرت..لم انتبه لنفسي..أنا حقا آسف..اعتذر" ابتسمت هزان و قالت" لا داعي للاعتذار..لقد كنت متعبا و تحتاج الى الراحة..فلم أفرط بايقاظك و تحريكك" وقفت هزان و اخذت تدلك ساقها التي لم تعد تشعر بها..رمقها ياغيز بعيون عاشقة و همس بصوت حنون" لولاك لم اكن ادري ماذا كان سيصيبني..شكرا لوجودك معي هزان..لقد كنت في حاجة ماسة الى ذلك" ردت هزان" مثلما كنت بجانبي و انا احتاجك..نحن فريق واحد الآن..و يجب ان نوحد قوانا لكي نواجه عاصفة الانتقام التي يجهزها تورغوت" قال" معك حق..هذا ما يجب أن يحدث" صمتت هزان قليلا ثم سألت" ياغيز..ماذا حدث مع سيفجي؟ هل تحدثت معها بالأمس؟" هز ياغيز برأسه و اجاب" نعم..تحدثت معها و طلبت منها ان نذهب معا الى الطبيب لكي اتأكد من حملها لكنها رفضت..و مع اصراري و ضغطي عليها اعترفت بأنها ليست حاملا و بأنها كانت تريد ان تستعيدني فقط" بدا الارتياح واضحا على وجه هزان لكنها قطبت جبينها فجأة و سألت من جديد" أيعقل بأن تكون قد وضعت يدها في يد تورغوت؟" اجاب" لا استبعد ذلك صراحة..لأنها هددتني بصريح العبارة بأنها ستدمرني ان لم أعد اليها" حملت هزان حقيبتها و فتحت الباب و هي تقول" ليكن الله في عوننا..لقد تأخرت و يجب أن أذهب..اعتني بنفسك جيدا و فكر في طريقة نوقف بها تورغوت..انا مشغولة جدا هذه الأيام بالحملة الانتخابية..و اعتمد عليك لكي تنقذنا منه" ابتسم ياغيز و قال" لا تقلقي هزان..سأفعل ذلك..

مر اليومان المواليان و هزان مشغولة بحملتها الانتخابية و بتنقلاتها هنا و هناك مصحوبة بحراسها..اما ياغيز فكان يبحث عن وسيلة للخلاص من تورغوت بعيدا عن فضح علاقته مع بولنت..كان يرفض ان يشوه سمعة بولنت بعد مماته هذا اضافة الى أنه سيفتح على هزان أبواب جهنم لأن الناس ستسألها عن والد طفلها و سيحرجونها و يجرحونها و هذا لا يرضيه و لا يسمح به..كان يريد العثور على طريقة لا تعرض هزان و طفلها للأذى بأي شكل من الأشكال..لكن الأمر كان يبدو صعبا و معقدا و يحتاج الى نفس طويل و تفكير عميق..انهت هزان جولتها بين احياء مدينة اسطنبول و عادت الى المنزل..وجدت رسالة من عمر يذكرها بموعد الحفل الذي دعاها اليه..استحمت و ارتدت فستانا بلون ذهبي..كان قصيرا من الأمام يصل الى ركبتيها و طويل من الخلف

كان قصيرا من الأمام يصل الى ركبتيها و طويل من الخلف

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

..منقوش على الصدر بخيوط ذهبية و أشكال مختلفة..رفعت هزان شعرها كله الى الأعلى و زينت عنقها بعقد ألماسي و اذنيها بأقراط تناسبه ثم وضعت مساحيقها الهادئة و التي اعتمدت فيها على الألوان الترابية ..رشت من عطرها المفضل و أخذت حقيبتها الصغيرة و شال الحرير خاصتها و خرجت لتجد شباب المرافقة في انتظارها بجانب السيارة..وصلت بعد دقائق الى قاعة مناسبات جميلة تطل على البحر..اسمها قاعة النسيم..نزلت من السيارة و تجاوزت البوابة فاعترضها عمر الذي كان يرتدي بدلة زرقاء و صافحها و هو يقول" اهلا و سهلا هزان..اسعدني جدا أن تقبلي دعوتي..تفضلي معي" مشت هزان بجانبه و ردت" لا داعي للشكر..اعتقد بأننا اصبحنا اصدقاء و لا مكان للشكر بينهم اليس كذلك؟" ابتسم عمر و قال" نعم..معك حق هزان..تعالي اعرفك على زملائي" تبعت هزان عمر من طاولة لأخرى و هو يعرفها على زملاءه الذين حصلوا على ترقية مهمة في العمل و قرروا أن يحتفلوا بهذه المناسبة..لمحت هزان ياغيز يقف غير بعيد عنها مع شاب أسمر طويل..استغربت وجوده هنا لكن استغرابها لم يدم طويلا..لقد دعاه صديق مقرب منه اسمه جوهر لكي يشاركه فرحة حصوله على الترقية..ألقى اللواء المشرف عليهم كلمة ترحيبية بالحضور ضمنها معاني الشكر و الامتنان ثم اثنى على ضباطه الأكفاء و الذين تحصلوا على ترقية كانت أقل مكافأة على تميزهم و اخلاصهم في عملهم ثم اعطى اشارة انطلاق الحفل..كانت هزان تقف بجانب عمر و تتحدث معه عن أمور عامة عندما طلبها للرقص بعد ان افتتح اللواء و زوجته فترة الرقص..وضعت هزان يدها في يده و تبعته الى الحلبة..وضع عمر يده على ظهرها العاري و قربها منه و اخذا يرقصان معا على انغام الموسيقى الكلاسيكية..مشهد رآه ياغيز و أشعل نيران الغيرة في قلبه...

حُبّ مُلَوّثWhere stories live. Discover now