الفصل الأول

43.7K 1.3K 619
                                    


الفصل الأول

منحت المضيفة ابتسامة لطيفة، مع إيماءة ممتنة من رأسي، بعد أن أرشدتني إلى مقعدي بالطائرة. جلست بجوار النافذة، لأمتع عيناي برؤية السحاب، وما يقبع أسفله من مبانٍ تتضاءل في حجمها رويدًا رويدًا، إلى أن تلاشت كليًا. التفت برأسي نحو والدتي التي همَّت تسألني:

-هل أنتِ بخير؟

أجبت باقتضابٍ دون أن أخفي انزعاجي:

-نعم

داعبت "صوفيا" بشرتي بحنوٍ، وقالت بهدوءٍ محاولة تبديد مخاوفي:

-استرخي قطعة السكر، لا شيء خطير.

زممت شفتاي، واعترضت متسائلة بشكلٍ مباشر:

-لماذا نحن مضطرين للذهاب؟

تنهدت قبل أن تجيب:

-أصر خالك على حضورنا "ريانا"، وأنا لم أستطع الرفض.

واصلت احتجاجي قائلة:

-إنه حفل لا يخصنا بأي حالٍ، ولسنا على صلة بأحدٍ هناك.

شتت نظراتها عن وجهي، وقالت بقليلٍ من الجدية:

-لا يهم، هو أراد رؤيتنا.

قلت ببساطة:

-يمكنه المجيء في أي وقت لرؤيتنا، لا داعي لذهابنا نحن إليه.

عادت لتحدق بي قائلة:

-"ريانا"! أنتِ لا تدركين حجم المسئولية الملاقاة على عاتق خالك لكونه الرئيس، لن يكون متفرغًا لنا وسط كل تلك الصراعات.

أدركت أن الجدال معها لن يجدي، ولن تعدل عن رأسها فنحن بالفعل بالطائرة، وعلى وشك الوصول، وحتمًا ستتجه بمجرد هبوطنا إلى الفندق المحجوز مسبقًا لنا للاستعداد لحفل الزفاف، وأنا مرغمة على الذهاب بصحبتها، لذا تنهدت قائلة باستسلامٍ، وقد تهدل كتفاي:

-حسنًا.

حاولت أن ألتهي بعقلي –ولو بشكلٍ مؤقت- عن أي شيء يذكرني بعودتي إلى مدينة الموت؛ "شيكاغو". لا أصدق أني في طريقي إليها بعد مضي ما يقرب من أربعة عشر عام على ذاك الحادث المؤسف؛ اغتيال "أندرو". والحق يُقال لم تتزوج والدتي بعدها، فحينئذ قام خالي "رومير" بإعادتنا سرًا إلى مدينة "ميلانو"، لنظل هناك في معزلٍ عما يحدث من صراعات مميتة.

ما زالت تأتيني تلك الرجفة كلما انغمست في أحلامي العميقة حين أغفو، أعود لطفولتي البعيدة رغمًا عني، أشعر بمذاق الدم في فمي، وبرائحة الموت في أنفي. كنت على وشك الاختطاف لولا أن تدارك أحد رجال "أندرو" الأمر، وسدد سلاحه الناري في وجه الخاطف الذي تناثرت بقايا مخه المنفجر على جسدي بعد أن طُرحت أرضًا وهو يجثو فوق جسدي الضئيل، كان كمن حط صخرة لتهشم عظامي الواهنة، أبعده "رومير" عني وهو يلعنه راكلاً جثته بقدمه:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياWhere stories live. Discover now