الفصل العشرون

12.8K 794 137
                                    


معذرة على التأخير في نشر الفصل، لأني انتظرت نوم ابني الصغير لأبدأ في الكتابة ..


الفصل العشرون

أينما ذهبت بتفكيري المتصــارع، لا أجد إلا كل ما هو قابض للروح، محطم للنفس، ومدمر للشعــور، فمكانٌ يعج بمعتادي الإجــرام والقــتل بدم بــارد كفيل باستثارة كل هذه الأحاسيس المخيفة بداخلي. البكاء كان مرفوضًا، لم أحبذ الظهور بمظهر الذليلة الضعيفة، على الأقل علي التماسك إلى أن أختلي بنفسي.

معظم الوقت جلستُ بمفردي، وحيدة، تعيسة، شاردة، لا أجد من يدعمني، أو يقف بجواري ليشد من أزري، ورغم الحرقة المندلعة بصدري إلا أني حافظت على جمودي مرغمة، فالقـــادم يحتاج للثبات الذهني والانفعالي، بين الفنية والأخرى كنتُ انشغل بالتفكير في شــأن والدتي وشقيقتي، وحين أسرح عنهما أفكر في الطريقة التي انقض بها على عــدوي اللدود لأتخلص نهائيًا منه، كانت قبضتي تشتد على السكين المخفي في طرحة عرسي، استمد منه قوتي للصمود أمام الموجات العاصفة التي تكاد تطيح بالعاقل.

تأهبت حواسي، وتصلبت في جلستي عندما هتفت إحداهن قائلة فجـــأة:

-أنتِ إذًا من اختاروها لتكوني البديل؟!

استدرت ناحية مصدر الصوت الأنثوي، كانت امرأة توشك على بلوغ الستين من عمرها، ذات شعر رمادي، وعينان حادتان لونهما أزرق، مخيفتان إلى حدٍ ما إن أطلت النظر فيهما. كلماتها الغامضة استرعت انتباهي، فتطلعت إليها وقد ضاقت نظراتي باسترابةٍ، حمحمت متسائلة في وجومٍ طفيف:

-من أنتِ؟

اتخذت مستقرها إلى جواري، واضعة ساقها فوق الأخرى في عنجهية مثيرة للضيق، ثم استطردت بغموض أجفلني:

-لا أظن أنكِ ستصمدين كثيرًا.

تحيرتُ في أمرها للغاية، خاصة مع وجود هالة من الغموض حولها، احتدت نظراتي، وسألتها مباشرة دون أن أرهق عقلي في التفكير:

-هل أعرفك؟

لم تجاوب على سؤالي، وتابعت بنظراتٍ متفرسة:

-وأين هم عائلتك؟

أي وضع مخزٍ وذليل ذاك الذي علقت فيه لأجد الغربــاء يتجرأون على التطفل بوقــاحة على ما يخصني، دون أن أملك ما أصد به سخافتهم. صمتُ مجبرة، فلا حاجة لي لاختلاق المبررات والأعذار الكاذبة لإقناع هذه المرأة الفضولية بأن الأمور معي تسير على ما يرام، واختفاء عائلتي في حفل عرسي بشيء عادي، لا داعي لتضخيمه. انقبض قلبي وتوقفت لحظيًا عن التنفس عندما سألتني في جديةٍ تامة:

-هل تخلصوا منهم أيضًا؟

برزت عيناي في توجسٍ قلق، بينما واصلت هذه المرأة استرسالها:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياWhere stories live. Discover now