الفصل التاسع

13.1K 857 194
                                    




مساء الورد على كل القراء .. بذكركم بطرح روايتي الجديدة ألقيت عليك محبتي خلال فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، الرواية موجودة في جناح إبداع بصالة واحد، وسعرها 60 جنية فقط ..


الفصل التاسع

بين كل ارتجافة وأخرى، حين يلامس هذا التيار العنيف جسدي المبتل، كنت أفقد جزءًا من إنسانيتي، بهجتي، وحتى رصيدي من الذكريات الحلوة، ليسود مكانها كل ما هو بشع ومخيف. كنت ببساطة أتحول إلى أخرى غير تلك التي كنت عليها قبل أن أخوض معارك لا تخصني. لو كان حاطفي قد اختار الموت لي، لاسترحت نهائيًا؛ لكنه يُصر على تعذيبي وإزهاق روحي بلا هوادة، لمجرد الحصول على تسلية تُرضيه. توقف عن صعقي وكنت أظنه لن يكف، ومع هذا لم يتوقف بدني عن الاهتزاز. جلجل صوت ضحكاته المنتشية في الحجرة من جديد، وأخذ يدفع القفص بقبضتيه وهو يصيح:

-كم هذا ممتع!

استمر يرجه وهو يبصق الكلام في وجهي، وأنا لا أميز ما يردده، ثم أوقف القفص فجــأة، ليمد بيده من بين القضبان، أسمك بوجهي، ورفعه إليه وهو يضغط على فكي بخشونةٍ وقسوة، كدت أشعر به يتحطم تحت أصابعه الغليظة، أجبرني على استعادة قدرًا من وعيي والانتباه له، جذبني من وجهي إليه، فشعرت بجسدي يتمزق، وبفقرات عنقي تفرقع من العنف المفرط، اقترب بوجهه مني، ثم سألني في وقاحةٍ وهو ينظر في عيني الضائعتين:

-ما رأيك أن نجرب شيئًا آخرًا؟

ضحك في تلذذ قبل أن يضيف بأنفاسه الكريهة:

-سيكون الاختيار وفق ذوقي، وأنا أعشق كل ما يحث على الصراخ.

أنهى جملته وهو يضرب برأسي قعر القفص لتجتاحني موجة عاصفة من الصداع المختلط بالألم. بكيت بقهرٍ شديد، وتمنيت الموت بحرقة، لا أريد تجربة المزيد من هذه المعاناة القاسية، نفد ما لدي من طاقة وتحمل. راحت عيناي المغلفتان بسحبٍ من الدموع تطالعان إياه عندما خاطبني:

-لستِ الأولى في تجربة ساديتي...

الســـادية، هذه الكلمة التي تتضمن إن أمعنت التدقيق في معناها شتى أصناف العذاب ودرجاته، وعلى ما يبدو فقد بلغ هذا اللعين الدرجة الأخيرة في مقياسها. أكد ما يجوس في عقلي المشوش بقوله:

-ولكني سأختبر معكِ أقصاها.

تُرى ما الذي قرره لأجلي؟ أخذت أدقق النظر فيما يفعله من بين ضلالاتي، لاستكشف وسيلة تعـــذيبي التالية، كان يعبث بين أدوات معدنية، وسيــاط، وغيرها من الأشياء المستخدمة في تحويل البشر إلى عبيد أذِلاء.

.........................................................

بنصف عين، ونظراتٍ مشوشة مليئة بالأطياف، نظرًا لتورم وجهي وعجزي عن فتح عيني الأخرى، بقيت أراقب حركاته العشوائية، وأنا أظن أن الوقت لا يمضي، مع العلم أنه قد انقضت فقط بضعة لحظات؛ لكنها بدت طويلة للغاية، كأنها امتدت لأمــد الدهر. للغرابة، سمعت جلبة عجيبة تداخلت مع صوت ضحكاته المستفزة، وشوشرت عليها، لم ألقِ لها بالاً، كنت متخشبة في موضعي، أعاني تنميلاً فظيعًا في أطرافي، وفقدانًا للإحســاس في غالبية أجزاء جسدي.

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياWhere stories live. Discover now