الفصل الثالث والثلاثون

11.1K 671 40
                                    


ملحوظة قبل الشروع في القراءة .. اليوم سيتم نشر الثلاث فصول الختامية للعمل ..

في انتظار تعليقاتكم وتفاعلكم المميز


الفصل الثالث والثلاثون

في هذه الآونة المتواترة علي، بدت مشاعري متضخمة إلى حدٍ غير مقبول، مثير للمتاعب والقلق، فالبسيط لدي أصبح كبيرًا، والطبيعي تحول إلى خارق، ولا أجد إلى الآن تفسيرًا لذلك، يبدو أن رغبتي في سماع ما يثلج صدري قد بات مستحيلًا وموجعًا في نفس الوقت.

لماذا الوقوع في حب الشخص الخطأ مؤلمًا لهذه الدرجة؟ ألا يمكن تجاوز تلك المشاعر الخانقة بسهولة؟ توقفت عن إرهاق عقلي بما يؤرقه من أسئلة لا إجابات لها، ونهضت من على الفراش لأهرع ناحية الحمام. بالطبع التأنق وارتداء الملائم من الثياب الرسمية في هذه الساعة المتأخرة لم يكن شرطًا أساسيًا للخروج، لكون الأمر غير معدٍ مسبقًا، اكتفيت فقط بارتداء زيًا رياضيًا مريحًا من اللون الأبيض بعد أن تحممت في تعجل، خرجت من غرفة تبديل الثياب، ووقفت أمام تسريحة المرآة لأمشط خصلاتي سريعًا دون أن أهتم بتجفيفها، جمعتها معًا في عقدة واحدة لتنساب على ظهري في شكل ذيل حصان رطب. نفضة خفيفة عصفت ببدني و"فيجو" يهتف من عند باب الغرفة:

-لا تتأخري، أنتظرك بالأسفل.

التفتت برأسي لأنظر إليه وأنا أخبره:

-سألحق بك في التو...

رأيته يرمقني بهذه النظرة المطولة الغريبة، لم تكن قاسية، ولا تحوي كرهًا، بل مختلفة إلى حدٍ كبير، تدفعني لإبقاء عيني عليه طوال الوقت، لعل في تحديقي أكشف السر الذي يناضل لإبقائه مدفونًا في أعماقه. قبل أن يهم بالانصراف رفعت من نبرتي لأكرر عليه سؤالي الحائر:

-أين سنذهب؟

ما زال الغموض يحاوطه كليًا وهو يجيبني:

-ستعرفين بعد قليل.

لم أسعَ للإلحاح عليه، فهززت رأسي مرددة:

-حسنًا.

ثم رسمت بسمة لطيفة على محياي؛ لكنه غادر قبل أن يراها، أحسست حينئذ بالندم لتلفظي بمثل هذه الحماقات المرتبطة بالمشاعر والعاطفة، لماذا أواصل محاصرته بشيء لا ولن يفقه ماهيته مهما حاولت؟! تنهدت مليًا وخاطبت نفسي:

-من الأفضل أن أتوخى الحذر فيما أفوه به معه.

ترددت في تقرير إن كنت بحاجة لأخذ إحدى حقائبي أم الذهاب خالية الوفاض؛ لكني أثرت أن تكون معي واحدة كبيرة الحجم نسبيًا، إذ ربما أتخذها كدرعٍ في حالة نشوب أي شجار بيننا، وهذا كان متوقعًا بعد ليلة مليئة بالتوترات المتفاوتة، ما لبث أن تذكرت شيئًا هامًا، منذ أن تزوجت بـ "فيجو" لم يقم مرة واحدة بالاعتداء بالضرب العنيف علي، مثلما يحدث مع باقي الزوجات، حين يقوم أزواجهن بتلقينهن دروسًا قاسية تترك آثارها المكدومة على أجسادهن لأسابيع وأشهر، بل على العكس كانت له طريقته المتفردة في التعامل معي، وبما يجعلني أظهر ضعفي وحاجتي إليه. توقفت عن تفكيري التحليلي، وهرعت إلى الخارج لألحق به، وكل ما في يرجو أن تمر هذه الليلة المشحونة على خير.

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياWhere stories live. Discover now