الفصل الثاني والعشرون

12.3K 664 45
                                    


عودة للنشر من جديد لفصول رواية في البداية حابة ندعي كلنا بظهر الغيب بالرحمة والمغفرة لزميلنا الكاتب ضياء الدين خليفة، واللي وافته المنية ليلة العيد متأثرًا بمرضه .. خسارته كانت صدمة للجميع لأنه من الشخصيات المحترمة جدًا، اللي كانت مسالمة لأبعد الحدود، ده بالإضافة لاجتهاده وتفانيه في كتابة أعماله .. ربنا يربط على قلب زوجته وابنه وكل ذويه ومحبيه ..هاسيبكم دلوقتي مع الفصل قراءة ممتعة


......................................................................

الفصل الثاني والعشرون

أبسط مظاهر الشفقة خلت منه، كان منعدم الإنسانية، روحه شريرة، قاسية للغاية، تفتقر لأدنى قدرٍ من مشاعر التعاطف والتأثر، أخذتُ أحدق في وجهه بنظراتٍ مصدومة غارقة في الخوف، بدت ملامحه حينها كملامح وجه شيطـــان عنيد يتلذذ بتعذيـــب ضحاياه قبل أن يقضي عليهم بإشارة من إصبعه، فما ألقاه على مسامعي حطم ما تبقى من صمودي، شعرتُ وكأني أُمزق من الداخل، فما تربيت عليه انهدم في لحظة وتحول إلى ركام. ابتلعت ريقي، وتحديته ببقايا شجاعة مذبذبة، وأنا أجاهد للنهوض واقفة على قدمي بعد أن لعبت كؤوس الخمر برأسي، فهتفت متسائلة بحدةٍ:

-ومن أخبرك أني سأسمح لك بالاقتراب مني؟

من موضع وقوفه -والذي يبعد عني مسافة لا بأس بها- تطلع إلي بجمودٍ مستخف، اشتطتُ غيظًا من هذه الصلابة المتجافية الباقي عليها، فأكملت بصوتٍ هادر:

-إنك واهم.

عندما أصبحت في مواجهته بعد نهوضي المهتز، يبدو أن ما تجرعته من مواد مُسكرة قد راح يؤثر بي بقوةٍ، فلم أكن في كامل وعيي أو طاقاتي. استقمت واقفة رغم ما يحل بي، ولمحت -من خلف كتفه- السكين على مسافة ليست ببعيدة عني، مُلاقاة إلى جوار إطار الباب، ففكرت سريعًا في استعادتها دون أن ينتبه لي، فربما أحوذ على فرصة أخرى لإيذائــه جسديًا، بعد أن دمرني معنويًا. تحركت ناحيتها، وأنا أواصل الصراخ الغاضب، مستخدمة يدي في التلويح، كنوعٍ من الإلهاء المتعمد:

-لن تمسني، ولن تضع يدك علي، وإن جمع بيننا عشرات الروابط المقدسة!

للغرابة احتفظ "فيجو" بصمته المريب، كان غير مهتمٍ بالرد على الإطلاق، وهذا ما أغاظني نوعًا ما، فحين يكون الحوار سجالًا بين الطرفين، يعطي الفرصة لإفراغ ما تكبته في صدرك من مشاعر مشحونة؛ لكنه لم يحرك ساكنًا، بل اتخذ موقف المشاهد اللا مكترث بأي شيء في العموم، استأنفت صياحي فيه، وأنا التف بحذرٍ حوله، لأصير قريبة من مكان السكين:

-سأظل أكرهك إلى أن أموت، أتمنى هلاكك في كل لحظة.

أصبحتُ على بُعد عدة خطواتٍ من هدفي المنشود، كنتُ أحسب كل خطوة أسيرها بحسابٍ، لئلا أثير الريبة في نفسه، خاصة أنه سريع الشك، ذكي في تفكيره، انتفضت كليًا بفزعٍ مكشوف عندما هتف "فيجو" من خلفي:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياDove le storie prendono vita. Scoprilo ora