الفصل السادس

14.7K 815 173
                                    


قراءة ممتعة


الفصل السادس

غاب عني المنطق في اللحظة التي ضغطت فيها على الزناد، لم أعد أرى، أو أسمع، أو أدرك ما يدور من حولي، كل ما يحيط بي بدا أطيافًا مبهمة، حتى الأصوات المنتشرة في محيطي تداخلت بشكلٍ مزعج. خلال نوبة هياجي، ساد استنفارًا مريبًا في المكان، فأصبح يعج بالكثيرين ممن ضاعفوا من الصخب، لا أعرف كيف اجتمعوا وتزاحم بهم هذا القبو الكئيب. لا إراديًا وجدت نفسي أضغط بإصبعي مرة ثانية على الزناد، فانطلقت طلقة نارية أخرى، لا أعرف من أصابت هذه المرة أيضًا، ولا سابقًا!

ما أحسست به لاحقًا في غمرة هذا التوتر المتصاعد، أن ثقلاً قويًا انطلق ناحيتي ليطرحني أرضًا على ظهري، ثم أطبق بكله على كلي ليثبتني في موضعي، شعرت كذلك بقبضة قوية تحاول انتزاع السلاح من يدي المتخشبة عليه، كنت أرفض التخلي عنه، تشبثتُ به بكل قوة، وعدت لأحملق بتحدٍ متضاعف في زوج الأعين الشرستين والناظرتين في قلب عيني بشيء غريب يحمل خوفًا متناقضًا عما أعايشه، أحقًا أتوهم ذلك؟ جعلتني هذه النظرة العجيبة المسددة لشخصي أتحير كثيرًا، ومع ذلك قاومت ترك أداة حمايتي، والخلاص من ألد الأعداء المتربصين بي.

ارتفع صراخي المهدد في المكان:

-سأقتلكما!

استطعت تمييز صوت "فيجو" وهو يأمر أحدهم:

-لا تنظر إليّ هكذا، أحضر المهدئ.

المهدئ، علاجي الفعال! ففي كل مرة أثور فيها، يستخدمون ذلك السائل لتحجيم مقاومتي، لن أسمح لهم بالسيطرة علي، إنها فرصتي للقضاء على أقطاب الشر، وربما أقدم خدمة لخالي لتولي الزعامة بعد مقتلهم. استنفر بدني وتصلب وأنا أسمع "لوكاس" يقول:

-دعني أقتلها، هذه الســاقـطة تستحق الموت.

الدنيء، أيجرؤ على نعتي بهذا اللقب؟ من يظن نفسه سافك الدماء هذا؟ هدرت أسبه في غير اكتراثٍ:

-سأحرقك حيًا يا (...).

شعرت بركبة قوية قاسية تضغط على لحم فخذي من أجل تثبيتي، وصوتًا حازمًا يأمرني:

-اهدئي.

ثم أحسست بقبضة أخرى تفرد ذراعي على امتداده وتلصقه بالأرضية الصلبة، لتقوم يد أخرى بانتزاع السلاح من بين أصابعي. آخر ما أذكره في هذه اللحظات العصيبة أني لم أتوقف عن الصراخ والصياح والمقاومة، حتى شعرت بهذه اللسعة تصيب عنقي، فخبت قوتي، وخارت بشكلٍ سريع، لأنتقل بعد ذلك ذهنيًا في تطوافٍ غريب داخل هلاوس أغرب، وأحلام أعجب، كلها دارت حول المشهد الدموي الذي عايشته بكامل جوارحي في طفولتي المبكرة، حيث قُتل المدعو "ماركوس".

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياWhere stories live. Discover now