الثامن والعشرين "بط"

6.2K 262 23
                                    

الفصل " الثامن والعشرين "


" بـــــــــــــط !! "


صعد الي شقته لم يجرأ علي دخول منزل والدته , كانت الأضواء مغلقة حين دخل , لقد ظن أنها سوف تكون معتمه أكثر من هذا وأن الهواء سوف يخنقه بها بدون وجودها فيها ولكن رغم حزنه وآساه وجد أن الشقة لم تخنقه مثلما توقع , " لابد وأنها رحمه الله بي لقد رأف بحالي حتى لا يزيد همي الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه " تمتم لنفسه .


توجه نحو السلم ولكنه صعق لما رآه فرك عينه بشدة لابد وأنه يحلم , لا بد وأن شيء ما حدث لعقلة من كثرة الصدمات التي تعرض لها اليوم , هل جن؟ ام ماذا؟؟!!! .


" أيـــة " كانت شهقة أكثر منها أسم , وجدها جالسه علي الدرجة الرابعة تقريبا حافية القدمين تسند رأسها علي الحائط وترتدي سروال فضفاض والقميص المرسوم عليه حوريه البحر وسترة البيجاما الرياضية خاصته وشعرها الطويل مسدول علي كتفيها وعيناها محمرة للغاية وفمها الممتلئ يا الهي لم يره بمثل هذه الحمرة من قبل .


أشاح بنظرة بعيدا عنها فهي محجبة وهو الآن أصبح طليقها ادار ظهره لها وارتبك لقد ظن أنها رحلت, هل هي موجودة من أجل توبيخه حسنا هو لن يلومها أبدا فهي لم تبلغ العشرون عام بعد وأصبحت مطلقة , لقد دمرها دون أي قصد منه .


أصبح يشعر بها خلف ظهره يسمع أنفاسها المضطربة , قالت بصوت مبحوح مكسور " محمد " لم يعتدها هكذا أبدا , أغمض عينيه من شدة الألم " يا الهي لما تحدثني يا أية ", لقد غاص قلبه الي قاع المحيط , ذاك المحيط الذي أراد إخفاءها به بشدة بعيدا عن عيون الجميع عدي عيناه هو , أخذ يدعوا الله ألا تنطق باسمه مرة أخري من فمها العذب هذا كي لا ينهار ويفعل ما يندم عليه .


وضعت كفها بخفه علي كتفة من الخلف ونطقت أسمه مره أخري بتوسل " محمد " , أغمض عينيه وشعر بدوار وتحرك بعيدا عنها ولم ينظر لها أيضا وقال بوهن " أيه أحنا أتطلقنا مينفعش توقفي قدامي كده " وأزدرد لعابة " وكمان مينفعش نعد لوحدنا , أنا معرفش أنك هنا أنا أسف أنا همشي " ولكنها تحركت بسرعة وبخفة نحو الباب وأغلقته بالمفتاح ووضعت المفتاح بجيب سروالة ونظرت له وعيناها تتوسل له , لم يستطع مقاومة تلك النظرة البريئة الحزينة بعينيها ونظر لها رغم عنه هو الأخر , اقتربت منه بهدوء شديد وقلبها يكاد يصم أذنيها لشدة ضرباته ورفعت يدها بتردد ثم وضعت كفيها بهدوء علي صدره ولم تزح بعينيها المتوسلة عن عينيه .


انهارت كل دفاعاته وذهب الهواء من رئتيه وبالكاد أستطاع التحدث " أيه مينفعش اللي بتعملية ده " وأزدرد لعابه بصعوبة " أحنا خلاص اتطلقنا " " ردني " قالتها بخفوت شديد وتجمعت الدموع بعينيها , "يا الهي ألا تعلم أنني بالكاد أتماسك سوف أنتهي إذا سقطت دموعها" , اقتربت منه كثيرا ورفعت نفسها وطبعت قبلة رقيقة للغاية علي فمه , أغمض عينيه وقد ذاب تماما لما الآن ؟ لما الآن فقط لمس تلك الشفاه الممتلئة لقد صعبت عليه الأمر للغاية , قال بوهن وعذاب " أية ..أحسنلك تبعدي عني أنتِ مش هتبقي سعيدة معايا ... أنا .. " وضعت أصبعا برقة علي فمه وغاصت الي داخل عينه المتحجر بها الدموع لتتذكر كل شيء وتعلم أخيرا الحقيقة ..... .

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now