الفصل التاسع "أمان"

8.1K 313 15
                                    

الفصل التاســــــــع
" أمـــــــــــــــــــان "
لم تستطع أيه السكوت أكثر من ذلك فأخبرت أختيها بعد أن استحلفتهم بالله بألا يخبروا والدهم بشيء ما.
أمل بصدمة "أنا مش مصدقة!" وأخذت تهز رأسها وتبحلق في الفراغ، أما سارة فلم تعرف ما الذي يمكن أن تقوله فهي تكره أن تخوض بسيرة أحد حتى ولو كانت تراودها شكوك بهذا المصطفي من قبل، لكنها لن تتخلي عن طبيعتها الآن حتي تحت هذا الظرف.
"أيه أهدي بس الأول لازم تتكلمي معاه وتوجهيه ..أنتِ اتكلمتي معاه من يوميها؟" ، أمل بحنق بالغ "أنتِ هبله يا سارة؟! العالم الوردي اللي أنتِ عايشة فيه ده مش موجود خلاص، واحده بترد وبتتمايع بالشكل ده تبقي إيه يعني؟!" حنقت سارة "انا مبحبش سوء الظن يا أمل وأنتِ عارفه" نفخت أمل بحنق بالغ وهي تلوح بيديها " يوووووه ما هو هبلك ده اللي ضيعك!" زمت سارة شفتيها
"أنا قولت رأي يا آية وأنتِ حره في اللي عاوزة تعمليه بس من العدل أنك متحكميش من قبل ما توجهي، أنا طالعه".
خرجت سارة وذهبت الي غرفتها أمسكت بالهاتف ولم تجد سوي أحمد يمكنها أن تتحدث معه فهي تشعر بضيق شديد لما حدث ل آيه فهي تحبها وتخشي عليها ورغم عدم شعورها بالراحة ناحيه مصطفي إلا أنها لا تزال عند رأيها يجب علي آية أن تواجهه، ولكن هل فعلت هي ذلك؟ هل واجهت علي؟ لكن الطريقة المهينة التي تطلقت بها دون أي سابق إنذار التي كسرت الذرة الأخيرة بداخلها كأنثى فهو رمي بها كقطعه قماش باليه دون أي أهمية، دون أن يلتفت وراءه كي يعتذر حتي!.
رن أحمد الهاتف وهي ممسكه به ردت بسرعة "أحمد" قالتها بلهفه وحزن تغضب حاجباه "مالك يا سارة في إيه؟"  ابتسمت بوهن بالغ" كده عرفت علي طول من كلمه واحده" سأل ملحا "في إيه بس مالك؟" "مخنوقة شويا" وأختنق صوتها للغاية.
"تحبي أجي لك الوقتي" " يا ريت والله يا أحمد لو كنا بدري كان ممكن لكن الوقتي هعذبك علي الفاضي هشوفك بكرة أن شاء الله" "يا سارة أنا كده قلقت عليكي قولي لي مالك" "مفيش أنا بس شديدت مع البنات شويا ومزاجي وحش" "بس كده؟"
"أها"
"متقلقيش يا ستي هتلاقيهم داخلين الوقتي يصالحوكي" ابتسمت سارة ومسحت دموعها "معاك حق أقولك أنا اللي هروح لهم، شكرا يا أحمد" "علي إيه بس" "لأنك حاسس بيا أنا كنت ماسكه الموبايل وعاوزة أكلمك عشان أرتاح شويا بس أنت سبقتني وكلمتني" "يعني فكرتي فيا أول واحد علي طول"
" اه"
تحدث بلهفة "مستني بكرة بفارغ الصبر يا سارة معاد العملية قرب واحتمال كبير نبقي مع بعض، أنا خلاص مبقتش قادر علي الوحدة اللي أنا فيها دي" "مفيش احتمال يا أحمد" قالتها بنبرة حازمه "بغض النظر عن النتيجة إن شاء الله انا وانت لبعض ومفيش حاجه هتغير ده" أراح رأسه الي الوراء وزفر زفره راحه كبيرة واطمئنان فقلبه يغلي كلما اقتربت اللحظة الحاسمة التي سوف يتقرر فيها مصيره يخشي أن يخسرها ويخسر كل شيء أخر معها.
_ رجعت سارة الي أختيها وفتحت الباب بهدوء وجدت آية لاتزال علي حالها تبكي وأمل تواسيها ، دخلت وأغلقت الباب بهدوء شديد، غمغمت أمل بخجل "أنا أسفه يا سارة" نظرت لها سارة ثم نظرت ل أيه التي فور أن رأت أختها "أنا خلاص هكلمه" كانت تبكي بحرقة شديدة.
هزت سارة رأسها موافقه وأشارت نحو أمل "يالا إحنا يا أمل" فزعت آية "لااا خليكو معايا" ذهبت سارة وجلست الي جوار أختها تربت علي ظهرها بحنان أحست سارة وكأن قلبها مشطور الي نصفين علي حال أختها تتمني لو تجعلها سعيدة ولكن لا يوجد أي شيء بيدها يمكنها فعله.
ظلت أمل ممسكه بيد آية وسارة تربت عليها وتمسد شعرها الغجري الطويل الي أن رد مصطفي علي آية، كان صوت الكلام مسموع بوضوح من مصطفي، إلا أن أمل الصقت أذنها بالهاتف فهي لا تعرف كيف ترضي فضولها بعد!.
_ "ألو" قالها مصطفي ببروده شديدة ، "أيوة يا مصطفي" "ها يا أيه أزيك"
تحدثت بعصبية "مش كويسه يا مصطفي وأظن انت عارف ليه" "معلش انا كنت مشغول شويا اليومين اللي فاتوا علي العموم يا سيتي كل سنه وأنتِ طيبه".
بصوت غايه في الحنق "اقدر اعرف كنت مشغول في إيه اليومين اللي فاتوا اللي هما اصلا اجازة لدرجه إن واحده مايعه ترد علي تليفونك مكانك؟!!" ، بصوت غاضب لا يشوبه ذرة ندم "هو مين الراجل ومين الست يا ست آية أنتِ متصله تحاكميني؟" "يعني أنت بتعترف!!" كانت أيه مصدومة تماما وضمتها اختيها اكثر وأكثر.
"انتو مش أجلتوا الفرح مستنيه إيه؟ وبعدين أنا راجل وحر في اللي أعمله فاهمه ولا لاء" لم تستطع سارة رؤيه أختها تنهار هكذا أمامها وتخلت عن كل تحفظها وخطفت الهاتف من يد أختها "يا ريت يا استاذ مصطفي تيجي تاخد حاجتك انهارده، وبالنسبة لكونك راجل فأنا أشك والله، أنت واحد معندوش دم ولا دين ولا أخلاق والحمد لله أن ربنا كشفك لينا قبل فوات الأوان".
وأغلقت الهاتف ورمته علي السرير وهي تمسك برأسها من الألم كيف ل آية الرقيقة الحلوة أن تعاشر مثل هذا "الحيوااان؟!" ضمت آية الي صدرها بشدة
"أيه بابا لازم يعرف مبقاش في حاجه تستخبي خلاص" هزرت آيه رأسها وتركتها سارة مع أمل وهي لا تعرف كيف سوف تحمل ذلك الخبر التعيس الي والدها.
طرقت باب غرفة نوم والدها، رد بصوت متعب "أدخل" دخلت سارة ووجدت والدها يجلس علي كرسي وثير ويسند رأسه الي الخلف والإرهاق والتعب بادي علي وجهه، ممسك بالمسبحة يسبح بها ويستغفر، دخلت سارة وجلست في مواجهته وعندما نظر لها أبتسم ابتسامه باهته "أزيك يا سارة" لم ترد عليه بل وقفت وقبلت رأسه قبله طويلة حنونه وضمته بقوة كي تساعده علي ما هو فيه وبعد ذلك جلست وظلت ممسكه بيده الكبيرة وقالت بتردد والدموع في عينيها "بابا أنا عملت حاجه من غير ما أرجع لك وعاوزة أقولك عليها".
نظر الأب لها بتفهم وهي تقص عليه ما حدث منذ المكالمة الي الآن ولم يبدو عليه أي دهشة وهو يسمع وعندما انتهت "أنا أسفه يا بابا أني أتصرفت من دماغي وقولت له يجي ياخد الشبكة المفروض حضرتك الي كنت تقوله كده بس أنا مستحملتش  منظر أيه قدامي ولا بجاحته وهو بيتكلم كأن اللي بيعمله ده عادي ومفيهوش أي حاجه عيب أو حرام" وسقطت دموع سارة أخيرا ولكن والدها ربت علي يدها بحنان "أنا مش زعلان منك يا سارة لأن مكنش في حاجه تانيه تتعمل غير كده".
غضت شفتيها السفلي مترددة "بابا .. لو . سمحت يعني .. حضرتك مش متفاجأ ولا حاجه، أنت كنت عارف؟" زم شفتيه وهز رأسه بآسي " انتو بنات يا سارة واظن أنتِ شايفة الزمن اللي إحنا عايشين فيه وأنا مش ضامن أعيش لبكرة" ربتت علي يده بلهفة "ربنا يخليك لينا يا بابا متقولش كده" ربت علي يدها
" دي سنه الحياه أحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به وعش ما شئت فإنك ميت ، وكلنا هنموت مفيش حد بيعيش للأبد ، يمكن لو فارس كان الكبير مكنتش قلقت عليكوا كده واستعجلت عليكوا في الجواز كان كل همي أني مسبكوش لوحدكوا في الدنيا، خصوصا أن ملكوش ولاد عم كبار حتي أقدر أعتمد عليهم يخدو بالهم منكو، وأوعي تفهمي غلط أنا عمري ما شفتكو عبئ عليا أبدا بالعكس أنا علي طول كنت فخور بيكو وانتو عندي أحسن من ميت ولد لكن من كتر حبي فيكوا دمرتكوا " وضحك بسخريه من نفسه "عملت زي القطه لما بتخاف علي عيلها بتاكلهم".
"بابا انت عمرك ما قصرت معانا في أي حاجه" وابتسمت له "وبعدين اللي خلقنا مش هيسبنا وانا بنتك الكبيرة أهو بميت راجل وعمري ما هسيب أخواتي أبدا لو إيه اللي حصل" "عارف يا سار " ثم نظر الي الأرض وأردف "ونعم بالله يا بنتي" ضحك لها "من صغرك وأنتِ بتحسي بيا وبحب أتكلم معاكي أوي عشان بعدها برتاح" كان والدها يبتسم الآن بصفاء ذهن وإن لم يكن كامل إلا أنه أفضل حالا من قبل.
"مش هتقولي عرفت أزاي؟" "من بعد اللي حصل معاكي أنتِ وأمل وأنا مخلي ناس تتابع مصطفي وعارف حركاته من زمان وقولت جايز يعقل ويتهد بس واضح أن مفيش فايدة" قبلت سارة رأس والدها واستأذنت كي تذهب الي آية.
بعد ساعه طرق الوالد غرفه آية وأمل وحالما دلف أخفت آية وجهها بسرعة كبيرة وظلت تبكي وتنتحب، أشار السيد شاكر الي ابنتيه بالخروج وجلس الي جوار آية وتكلم بهدوء شديد "أرفعي وشك يا آية" ردت من بين شهقاتها "مليش . عين .. أبوص ليك يا بابا .. بعد ما حذرتني منه وأنا مسمعتش الكلام" تحدث بحزم أكثر
" أرفعي وشك يا أيه " " مش قادرة.. والله يا بابا " كان صوتها خافت وتبكي بحرقه شديدة.
رفع والدها وجهها ببطيء ووجه نظراته الحنونة اليها "أنتِ بتعيطي عشان مكسوفه مني يا آيه بس أنا مسامحك يا حببتي أنتِ صغيرة ومعندكيش خبرة وأتخدعتي فيه، بس أنتِ مش بتحبيه يا آيه متزعليش عليه يا حببتي أنتِ كنتي عاوزة واحد قوي عشان يحميكي ويخلي بالوا منك أنا عارف أنتِ حاسه ب إيه كويس، عوزك  تبقي قوية وأنتِ اللي تحمي نفسك مش حد تاني يا آية" ارتمت أيه بحضن والدها وضمها إليه هو الأخر بكل قوة كي يمدها بالأمان الذي تحتاج له .
****
وفي اليوم التالي عندما كان أحمد وأخوته يستعدون الي النزول رن هاتف أحمد "ايوة يا سارة احنا نازلين حالا، ليه؟، اه الف سلامه عليها، هكلمك لما أوصل سلام" سأله عبد الرحمن "في حاجه يا أحمد؟" "سارة مش هتيجي أنهارده اطلع بينا علي الشركة علي طول" "هي كويسه؟" سال بحذر "اه بس أيه تعبانة شويا وعاوزها معاها" هز رأسه "أها الف سلامه عليها".
لمعت عين محمد لهذا الخبر ولكن لا يمكنه فعل شيء أبدا بهذا الخصوص لقد تعهد علي نفسه ان يتغير ولن يعود الي محمد الذي كان من قبل وانه لن يجتمع ب أيه الا في أضيق الحدود لذلك لم يشاركهم بأي رأي عندما أقترح عبد الرحمن زيارتها بعد العمل.
****
"يا سارة بقي مش معقول بقالك أسبوع بتتعلمي ولسه بتخبطي في حافه الرصيف لحد الوقتي!" صاح أحمد غاضبا من الكرسي الخلفي.
كانت سارة مكشره وتعض علي شفتها السفلي بشدة حتي أدمتها ولم تعد تستطع تحمل كل هذا الضغط، تعرقت يدها بشدة ولم تعد تستطع التحكم بمقود السيارة، ناولها عبد الرحمن الجالس الي جوارها منديل ورقي كي تجفف يدها ونظر لها نظرة مشجعه، إلا أنها لم تفلح في إزاله توتر سارة صاح مزمجرا مرة أخري وهو يعبث بياقة قميصه يشعر بالاختناق "أنا معتش قادر أستحمل نزليني قدام البوابة وكملوا أنتو".
قادت السيارة بهدوء الي باب المنزل ، "أنزل يا أحمد ومن هنا ورايح متحضرش معانا يا أخي طالما مش هتعرف تمسك لسانك" وبخه عبد الرحمن نزل أحمد وصفق الباب خلفه وتحسس طريقه الي داخل الحديقة بعصاه بغضب بالغ.
قادت سارة السيارة الي مكان هادئ نسبيا واوقفتها واسندت رأسها علي المقود، أرادت ان تبكي بشدة وبكل قوتها لكن وجود عبد الرحمن الي جوارها منعها، كانت تشعر بألم رهيب يمزق معدتها رفعت رأسها بهدوء وأدارت مفتاح السيارة مرة أخري.
"سارة خلاص كفاية عليكي كده أنهارده أنزلي يالا" "لا يا أبيه معلش أنا حابه أكمل نص ساعه بس علي الأقل" "معلش يا سارة متزعليش من أحمد العصبية دي مش ب ايده " هزت رأسها بآسي "هو معاه حق أنا فعلا مش عاوزة اتعلم" اتسعت عينه بدهشة " يعني لما كان بيزعق من شويا وبيقول انك .... " قاطعته باندفاع بالغ "أيوة أنا مش عاوزة أشيل المسئولية .. ومش عاوزة أتعلم.. ومش عاوزة أعرف حسابه " وبكت سارة عند هذا الحد ولم تستطع تحمل المزيد "ليه يا سارة؟" سألها برقه شديدة، مسحت دموعها بعنف  وتحدثت من بين شهقاتها " أنا خايفه يا أبيه.. الحاجات دي كلها جديده عليا ومسئولية كبيرة.. وأنا خايفه مقدرش عليها .. أو أكون السبب في إنه يخسر حاجه علي .. الأقل مش مرة واحده وأحمد مش صابر عليا خالص.. وعاوزني أتعلم كل حاجه مرة واحده".
وسوس له شيطانه "قولت لك مش بيحبها هو عاوز حد يعتمد عليه لو أنت سبته في يوم من الأيام، أحمد بيأمن نفسه بسارة مش أكتر" نفض عبد الرحمن صوت الهسهسة من رأسه وأنتبه الي الطريق مع سارة التي تحاول كل جهدها ألا تصطدم بشيء ما ومع سلاسة عبد الرحمن معها نجحت الي حد ما في ذلك وأخذ عبد الرحمن يشجعها بهدوء علي التقدم وبالفعل مرت النصف ساعة بدون أخطاء تذكر حتي انها اندمجت بشارع به سيارات غير ذلك الهادئ الذي تدربت به ولكن الألم ازدادت حدته مما جعلها توقف السيارة فجأة وأمسكت ببطنها بقوة شديدة، كان القلق يتأكل عبد الرحمن  "سارة مالك؟ أنتِ كويسه"  هزت رأسها موافقه وتحدثت بصعوبة "شويه مغص بس" قال بحزم  "طيب يالا أنزلي" التفت عبد الرحمن وأنزلها وساعدها علي الركوب وربط الحزام وقاد بها نحو المنزل ....
قالت بتأوه "لو سمحت يا أبيه انا عاوزة أروح علي البيت علي طول" فهم عبد الرحمن بانها لا تريد رؤيه أحمد ولكنه يعلم  أن أخوه سوف يجن لو سارة ذهبت هكذا دون أخباره نظر بالسيارة "بس الشنطه بتاعتك في الحديقة" هزت رأسها بآسي "متقلقيش أنا هنزل أجبها وهرجع علي طول عشان أروحك البيت" همست "شكرا يا ابيه" واسندت رأسها الي الخلف واغمضت عينيها لكن الألم لم يذهب عنها.
دخل عبد الرحمن الي الحديقة وقال  لأخيه بفتور "سارة تعبانه أنا هروحها البيت" "تعبانه مالها؟" "معرفش تقريبا عندها مغص بس جامد شويا" وأخذ الحقيبة وقال بنفس البرودة  "سلام" توجه سريعا نحو السيارة وأنطلق بسارة الي المنزل، كانت تعض علي شفتيها من الألم ولم يستطع رؤيتها هكذا "سارة إيه رأيك نروح المستشفى الأول" رفضت بشدة "لا لا انا بس محتاجه أرتاح شويا مش أكتر" وصلوا الي المنزل وساعدها علي النزول وصعد بها الي باب الشقة، كانت تستند الي الباب عندما فتحت لهم أمل التي ساعدت سارة علي الدخول وأصرت علي عبد الرحمن بأن يدخل، وقف والقلق يتأكله الي أن طمأنته أمل بأنها أخذت حبه مسكن وسوف تصبح أفضل حالا بالغد.
ذهب عبد الرحمن وقد وجد شيطانة أرض خصبه كي يرتع فيها بوساوسه "معقول ده حتي مطمنش عليها لما تعبت؟، شوفت بيعاملها أزاي لو أنت اللي كنت مكانه كان زمانك ماسك أيدها الوقتي وبتخفف عنها ومسبتهاش لحظه، هو فين ؟ تقدر تقولي الوقتي هو بيعمل إيه؟ سبها تعبانة ده معرضش حتى أنو يوصلها معاك، يعني ولا همه أنت بتأذي سارة يا عبد الرحمن".
_ تلاحقت أنفاسه بشدة وقد تمكن منه الغيظ ودلف الي الحديقة ومنها الي الدور الأرضي حيث الألعاب الرياضية وظل هناك ينفس عن غضبه الي منتصف الليل.

***
ارسل حسام رساله الي أمل في الساعة الثامنة مساءا من أحد الأيام
"أزيك يا أمل"
كاد أن يغشي عليها عندما رأت الاسم علي الهاتف، ردت بسرعة والحماسة تأكلها "الحمد لله أزيك يا حسام" "محتار والله يا امل" أرتعش قلبها من الفرحة "خير مالك؟" " عيد ميلاد سارة قرب ومش عارف اعمل إيه خالص، أحمد عامل مفاجأة ليها وأنتِ وآية لازم تيجو تجهزوا معانا " عضت شفتيها من الحماسة وكتبت
بسرعة " اكيد " " ها عارفه هتجيبي لها إيه هديه " " اها " " يا بختك "
" ههههه هو الموضوع صعب كده "  " طبعا يا بنتي وفي نفس الوقت مهم زي أغنيه الخطوبة بالظبط " ابتسمت أمل كثيرا وارتعش قلبها لأنه لازال يتذكر.
" اممم ما تعملي لي خدمه بقي عشان الحفلة بعد بكرة وأنا بجد محتار "
" تحت أمرك " " خلاص أستأذني ماما وانا هعدي عليكي بكرة بعد الكلية عشان نروح نشوف هديه " كاد قلبها أن يقفز فرحا من صدرها لرغبته هذه " خلاص إن شاء الله هقول لها وأرد عليك ".
ذهبت أمل بعد أن حاولت بكل مجهودها وطاقتها ان تبدو طبيعية وأخبرت والدتها همسا عن المفاجأة لسارة، ابتسمت والدتها وقالت " ماشي بس ما تتأخريش وخدي أيه معاكي " قبلت أمها فرحه وطارت تخبره انها سوف تقابله غدا في الرابعة أمام الجامعة وأنهم سوف يمرون علي أيه في الخامسة عندما تنتهي هي الأخرى لتذهب معهم.
وفي تلك الليلة كانت أمل كطفل صغير لم يستطع النوم من فرحته لأنه سوف يذهب في رحله لأول مرة، وحاولت رمي أي مرارة خلفها.
حل الغد بشمسه الرائعة وطقسه البديع ومن فرحتها نسيت أمل أنها لا تنتظر ابدا تحت أي ظرف من الظروف امام باب جامعتها بسبب التهديدات التي كانت تطالها من زوجها وانه حاول التهجم عليها أكثر من مرة امام الجامعة، لكنها نسيت كل ذلك من فرحتها ولم تفر كعادتها من الباب الي أول سيارة أجرة بل خرجت باكرا من لهفتها وظلت هناك تنتظر حسام الذي تأخر ربع ساعة عن موعده حتي الآن كانت تحتضن دفترةا وبدأ القلق يتسرب إليها من ألا يأتي.
" يــــــــاه أخيرا أتقبلنا .. لما ولاد الحلال قالوا لي انك وقفه هنا مصدقتش " كادت عيناها ان تخرج من مقلتيها عندما سمعت هذا الصوت وتلاحقت أنفاسها بشدة رهيبة، لم تلتفت له وانما سارت بخطوات حاولت ان تكون هادئة مبتعدة عنه لكنها لم تكد تخطو خطوتين حتي قبضت يد من حجر علي ذراعها وأخذ يجرها بالقوة الي سيارته.
دب الرعب بداخلها وسقط دفترةا وأخذت تصيح به والرعب يملئها بأن يتركها وشأنها، كز عن أسنانه وزمجر بها " أنتِ هتيجي معايا الوقتي وانا هعرفك ازاي تهربي وترفعي عليا قضيه كمان وهطلبك في بيت الطاعة وهتشتغلي زي الكلبة تحت رجلي العمر كله فاهمه ولا لأ " لقد رأت أمل مستقبلها كله امام عينيها والنهاية وشيكة لا محاله سوف يخفيها ولن يعلم أبوها أبدا اين هي ومع طوله وقوته لن تعرف المقاومة أبدا.
حاولت  أن تستنجد بحرس الجامعة لكنه حذرها " قسيمه الجواز في جيبي هتشوشري علي نفسك علي الفاضي أنجري معايا يالا "، جاء صوت من خلفه جعل قلبها يدق مرة أخرى والدماء تسير في عروقها من جديد " الورقة اللي في جيبك دي بلها وأشرب مايتها وأعتذر منها حالا " التفت "الحيوان الأنوي" نحو حسام وجده يقف بثبات شديد ويضع يده في جيبه " وده يطلع إيه ده كمان؟! " سال "الحيوان الأنوي" بكل احتقار .
نظرت الي حسام وكأنها تغرق في المحيط ووجدت قارب نجاه للتو، وعندما راي حسام الرعب في عين أمل " سيب أيدها حالا وإلا هندمك علي اليوم اللي اتولدت فيه! " رد الأخر ببلاهة ممزوجة بغباء غير عادي " طب مش سايب ووريني بقي هتعمل إيه ! " نظر حسام له نظرة شيطانيه وقد لمع الغضب في عينه ومال برأسه بطريقه جعلت أمل نفسها ترتعب!، أمسك بسرعة البرق بذراع "الحيوان الأنوي" لويا إياه للخلف مما جعله يتلوى من الألم وأضطر الي ترك يد أمل.
قال حسام لأمل بنفاذ صبر دون أن ينظر لها " روحي استني عند العربية " رد الأخر " وبتركب معاك العربية كمان هو ده بقي اللي سبتيني عشانه وهربتي مش كده؟ " صاحت أمل بحنق بالغ " أنا مهربتش أنا روحت لبابا عش...." زمجر حسام بها " مش قولت لك استني عند العربية " هزت رأسها واطاعته فورا وذهبت باتجاه سيارته والدموع تعمي طريقها، بينما حسام كان لا يزال يلوي ذراع  "الحيوان الأنوي" عض شفتيه بغيظ وقال بغضب بالغ "مش كفايه أنك حيوان كمان عاوز تجيب في سيرتها؟! ".
" طراااااخ " نطحه حسام برأسه نطحه أخلت باتزان "الحيوان الأنوي" وامسك بمقدمه ملابسه وقال بغضب " لو عندك ذرة رجولة طلقها " رد الأخر بغباء " أما تتنازل عن كل حاجتها الأول " عض حسام شفتيه وكور يده باتجاه أنفه الذي أسال فور هذه الحركة وقال باشمئزاز " هي مش خرجت بالهدوم اللي عليها عاوز إيه تاني؟! " رد الأخر بغباء أكثر من زي قبل " لسه المؤخر تتنازل عنه الأول " أمال حسام رأسه مرة أخري من الغضب وزمجر " أنت اللي جبته لنفسك " وغرس ركبته ببطنه وتركه مكور علي الأرض ورحل.
كانت أمل تبكي بهستيرية عند السيارة فتحها وساعدها علي الدخول وركب هو الأخر وأنطلق، كان يتنفس بحنق شديد وأمل مرتعبة وتبكي وهي تخفي وجهها بكفيها، اوقف السيارة في مكان هادئ نوعا ما ونزل لشراء مياه ورجع مرة أخري ، ناولها منديل بنفاذ صبر " كفاية يا أمل خلاص "تمتمت بصعوبة من بين شهقاتها " لو مكنتش جيت .. كان . اخدني معاه ومكنش حد هيلاقيني تاني ".
حاول حسام كتم رغبه قويه في الضحك إلا أنه فشل وضحك حسام رغم عنه، فسكتت أمل عن البكاء ونظرت له بكل بلاهة وسألته " بتضحك كده ليه؟! "
" عشان أنتِ مش معقوله والله أزاي يخدك كده يعني هي سايبة! " رمشت بعينيها بدون فهم وبنفس البلاهة سألت " بس هو لوكان خدني مكنش حد هيعرف! " رفع حاجبه " يا سلااااام ده أول واحد الشرطة كانت هتجيبه " مسحت أمل دموعها بسرعة وقالت بدهشه " بجد!! " ضحك أكثر من الأول " أشربي أشربي مفيش سذاجة كده أبدا " عضت شفتاها وضمت حاجباها في آسي " ربنا يسامحك " .
أنطلق بالسيارة ثم صاح فجأة " أنتِ أتجوزتي الحيوان ده أزاااااي ؟! " رددت بتردد " كنت فاكراه كويس " قال وهو يشير بيده علي أن هذا الأمر نهائي
"  يا ريت متفكريش في حاجه تاني خالص يا أمل من فضلك " . ..... .
****
علي ناحية أخري انتظرت آية أمام جامعتها وقد شاءت الأقدار أم الصدف لا أحد يعلم! أن تجد مصطفي أمامها يحاول أن يسترضيها ويعتذر منها ويصر علي أن يلبسها دبلتها مرة أخري وأن ما فعله كان نتيجة لضغط والدها عليه وتأجيله للفرح شعرت آيه بالاشمئزاز منه أكثر وأكثر وندمت كثيرا لأنها عرفته.
" هي مش قالت ليك مش لابساها " كادت عين آية تخرج من محجريها عندما سمعت صوت محمد، كيف يظهر هكذا لها في الاوقات الصعبة؟ ورغم عنها ودون إرادة من عقلها وجدت جسدها يهرب خلفه من مصطفي الذي ولسخريه الظروف يفترض بها أن تهرب من محمد خلف مصطفي ولكن هكذا وضعتها الاقدار في هذا الظرف.
_ "زمجر مصطفي مين ده يا آية؟ " " كلمني أنا ملكش دعوة بيها " " أنت تطلع إيه انت؟! انا خاطبها وحر معاها " صاحت آية بعد أن تخصرت بطفولية " لا مش خطيبي ولو عاوز ترجعني كنت روحت لبابا مش تتهجم عليا في الشارع؟! " اشارا محمد نحو آية بأصبعه " أظن الكلام واضح يا أستاذ مصطفي مش عاوز اشوف وشك هنا ولو بالصدفة فاهم ولا أفهمك بطريقتي " قال كلمته الأخيرة وهو مكور قبضته.
فهم مصطفي الرسالة ونظر شزرا نحو آية التي بدت مستمتعة بهزيمته وذهب بعيدا وهو ينفس اللهب، قادها محمد نحو السيارة وفتح لها الباب وعندما ركب هو الأخر سألته " فين حسام وأمل؟ " رد باقتضاب " هنروح ليهم الوقتي حسام كلمني وقالي اعدي أخدك " " شكرا أنا هكلم أمل وأروح ليهم أنا " وهمت بالنزول من السيارة إلا انه انطلق غير عابئ بما قالته، صرخت به " بقولك نزلني ، مش عاوزة اركب معاك " رد ببروده شديدة " مش هسيبك إلا قدام البيت وأتأكد انك طلعتي الشقة كمان ".
صاحت به بمنتهي الوقاحة " أنت فاكر نفسك مين؟! " ، نظر لها شزرا وهو يعض علي شفته السفلي وفضل الصمت ولكنها لم تصمت عن التذمر، تحدث ببروده شديدة " حسام امني عليكي ومش هتنزلي إلا لما هو يروحك أو انا وبطلي عشان صدعت من صوتك! " ردت باستهجان شديد " وحسام ملقاش غيرك أنت يأمنه عليا! " كانت تشير بأصبعها نحوه بسخريه، أشطاط غضبا ودعس الفرامل مرة واحده مما جعلها تصطدم بمقدمه السيارة وتصرخ من الالم، 
وصاح هو بأعلى صوت لديه " أنتِ مجنونه يا بنت أنتِ ولا شكلك كده! أنا عملتك إيه عشان تخافي مني كده!! " .
اعتدلت أيه في جلستها وامسكت بذراعها الذي اصطدم للتو وصاحت هي الأخرى بوقاحة بالغة " أنا مش بخاف منك أنا بقرف منك " وفتحت باب السيارة ونزلت وتركته مصدوم منها كالعادة، جعلته أصوات البوق خلفه يتحرك رغما عنه ولا يعلم لما هي بالذات تكرهه الي هذا الحد أنها تتكلم عن شخص أخر كان هو هذا الشخص، لكنه لم يفكر بها هكذا أبدا وهو نفسه قد تاب وتغير أختنق الهواء بالسيارة، رغم انها كانت تصيح وتتبجح به إلا أن رائحتها أفضل من هذا الفراغ.
ترجل من السيارة وذهب الي جوارها مرة أخري وهي تمشي علي الرصيف
" مصطفي زمانه جاي علي الطريق ده يالا يا آية واستهدي بالله " قالت من بين أسنانها " ولو أرحم منك ، ولا أقولك أنتو الأتنين زي بعض " مسح وجهه بتعب " استغفر الله العظيم يا آية أنا عملت لك إيه بس مش عارف؟، علي العموم مش وقته اركبي من فضلك " همست من بين أسنانها بحنق شديد " بس أما أشوف أمل هوريها عشان تحطني معاك في عربيه واحدة " قال بنفاذ صبر " حسام هو اللي كلمني وقال أن أمل عوزاكي عشان تعبانة شويا " توقفت فجاءة " إيه؟ ومقولتش ليه من الاول! " ضم يديه معا وانحني أمامها بسخرية " معلش.. أنا أسف ..أنا اللي الحق عليا يالا عشان أتاخرنا! " .
ركبت معه علي مضض وأنطلق بها دون أن يتحدث معها وبعد فترة " هي أمل مالها؟ " سالت بخفوت ، دون أن ينظر لها " جوزها أتهجم عليها أو حاجه زي كده " شهقت " الحيواااان وهي كويسه؟ " سألته بلهفة كبيرة " متقلقيش حسام معاها وهي كويسه الوقتي " نظرت الي الأسفل وظلت هكذا الي أن وصلا الي المركز التجاري المتفق عليه.
صعدت آيه بسرعة وضمت أختها إليها بقوة كبيرة وربتت عليها الي أن هدأت، وبعد شرب العصير وقف حسام " ها أحسن يا امل تقدري تمشي الوقتي؟ " هزت رأسها مبتسمه وذهبت معه، نظر حسام لكل من محمد وآية " هنتقابل هنا بعد ساعة سلام " .
تركت أمل آيه وسط دهشتها وذهبت مع حسام، وقف محمد ولملم أغراضه من علي الطاولة " يا لا عشان منتأخرش " ، عقدت ذراعيها وقالت بكبر " أنا همشي لوحدي " زم شفتيه والتفت خلفة لبرهة ثم انخفض نحوها وقال بهمس غاضب
" يا ريت متخلنيش أتجنن هنا كمان عشان مينفعش نصرخ في بعض هنا ولا أنت شايفة حاجه تانيه؟ " " أووووف " نفخت الهواء بوجهه ونهضت وسارت أمامه بكبر شديد ، لم يعرف ما الذي يفعله سوي الابتسام بشدة لتلك الحورية الصغيرة التي تحيره من أول يوم راها فيه.
_ " ها ناويه علي إيه؟ " سال حسام أمل  أجابته بابتسامة هادئة " برفان "
" هي بتحبهم يعني؟ " ابتسمت أكثر ونظرت الي الأرض بخجل " أبدا بس من ساعة ما أتكتب كتبها وهي مهوسه بيهم " ضحك حسام
" تعرفي أنها بتراعي أحمد بشكل مش طبيعي يعني مبتحبش تخرج عشان متحرجوش في مكان غريب ولما نقولها أي حاجه لازم تدورها في دماغها الأول وتشوف هتنفع أحمد ولا لأ حتي لو هي عاوزها " هزت أمل رأسها " اكيد عشان بتحبه "  تنهد حسام يغبط أخية " يا بخته بيها يا ستي " ، وبعد أن قررت أمل الرائحة التي سوف تهديها الي أختها ناولت حسام الزجاجة فهز رأسه مستحسن اختيارها وقال بطريقة معذبه أضحكتها للغاية " يا عذااابك يا أحمد "، وبعدها مباشرة فرقع أصابعه " أنا عرفت هشتري إيه ، ساعة إيه رأيك؟ " هزت أمل رأسها " فكرة حلوة " وبالفعل ذهبوا لاختيار واحده وطبعا أراد حسام اختيار أغلي ساعة موجودة وعندما سأل أمل عن رأيها عضت شفتيها واشارات الي ساعة بسيطة ورقيقة وأخبرته أن هذه سوف تناسبها أكثر، أبتسم لها حسام وهو معجب برقتها وبساطتها هي وأخوتها وأعاد الساعة التي أختارها وأخذ الساعة التي أعجبت بها أمل.
_ أما عن محمد الذي كان يركض تقريبا خلف آية! زفر بقوة " أنتِ عارفه هتجيبي إيه ولا لسه مقررتيش؟! " وقفت ولم ترد عليه ونظرت له نظرة تحدي لم يعرف لها أي سبب!، لوح برأسه " أستغفر الله العظيم يا رب، ممكن ندخل المحل ده طيب عشان أجيب هديتي " وأشار الي محل تحف، اشارات له بنفاذ صبر بأن يتقدمها فتح لها الباب ودلف الأثنين وقد كان المحل أكثر من رائع وانبهرت به آية تماما إلا أن الأسعار به لم تكن مناسبة لميزانيتها الصغيرة فاكتفت بالمشاهدة فقط ووقع نظرها علي تحفه كريستال أعجبتها للغاية، لاحظ محمد هذا وأشار الي البائع بأنه يريدها ويرغب بتغليفها غلاف للهدايا، وعندما سألها عن رأيها هزت أكتافها بلا مبالاة " مش بطالة " هز راسه غير مصدق عناد تلك الفتاة معه ومع ذلك يجد نفسه يبتسم وغير مصدق ما يحدث منها.
كانت آية في حيرة شديدة من أمرها ولم تعرف ما الذي يفترض بها أن تهديه الي اختها ولكنها لم ترد هذا الواقف الي جوارها أن يعرف ذلك عندما وقع نظرها علي بلوزة جميله بأحد الوجهات قررت أن تأتي بها ودخلت دون أن تخبره وعندما خرجت قالت ببرود " أنا خلصت ممكن نروح " أشار بأصبعه نحو الكيس
" أتأكدتِ من المقاس؟ " عضت شفتيها وأخرجت البلوزة مكرهة امامه لتنظر الي المقاس وبدلا من ان تشكره نظرت شزرا له وقالت باحتقار بالغ
" طبعا ما انت خبرة! " ودلفت الي المحل لكي تأتي بمقاس أكبر حجما وتركته كالعادة مصدوم من رده فعلها.
ما الذي فعله بحق السماء لكي ينال منها هذه المعاملة، وعندما خرجت سألها باقتضاب دون ان ينظر نحوها " لسه عاوزة تجيبي حاجه تانيه؟ "
" لا "
" طيب يالا عشان عاوز اصلي ".
أخذها الي احد المطاعم الموجودة بالطابق العلوي وأحضر لها مشروب
" متتحركيش من هنا علي ما تشربي اللي قدامك هكون جيت " بلسان لاذع كالسوط " انت فاكر نفسك مين عشان تديني أوامر؟!! " عض شفتيه بغل رهيب أرعبها  حتي أنها عادت بكرسيها ال الخلف " لو فاكره أني ممكن أغلب فيكي تبقي غلطانة أنا اللي مصبرني علي قص لسانك أني بحب سارة وأمل ومش عاوز أخسرهم " وأشار لها محذرا بوعيد بالغ " حذاري يا آية أجي ملاقيكيش هنا " ونظر لها نظرة تهديد واضحه وتركها وذهب، لم تستطع فتح فمها وجلست مدهوشة مكانها وكل ذرة بجسدها حانقة عليه.
رجع كل من حسام وأمل وقد كانوا منسجمين للغاية ، حنقت آية علي أختها لأنها تركتها مع محمد وحدها فهي لم تستمتع بذلك المشوار علي الأطلاق، وجدتها فرصه سانحه لإغاظة محمد فهو لن يستطع فعل شيء أأمام حسام وأمل واستأذنتهم بأنها سوف تذهب لرؤيه شيء ما بأحد المحلات ودخلت الي أحد المحلات بالفعل وظلت تراقب الطاولة من بعيد الي أن اتي محمد وأخذ يتلفت عنها بكل مكان والغيظ الشديد بدي علي وجهه ، وضعت آية يدها علي فمها لتكتم ضحكتها وأخذت تدور بالمحل بغير هدف، وعندما نظرت مرة اخري الي الطاولة لم تجد أمل او حسام وانسحب اللون من وجهها وذهبت سريعا الي هناك حيث محمد يلملم أغراضه سألته عنهم فاخبرها دون ان ينظر لها بانهم ذهبوا وتركها ومضي في طريقة سارت خلفة بخطوات سريعة علها تجد أمل وتلحق بها ولكن ما حدث أنها حالما رات امل كانت تحركت هي وحسام بالسيارة ولم تستطع اللحاق بهم بينما محمد نزل بكل برود وركب سيارته وذهب هو الاخر.
عضت علي شفتاها لو لم تتعمد إغاظته لما حدث لها أي من هذا سارت ببطيء فهي تعلم انه سوف يعود من أجلها ولكنها لم تكن متأكدة تماما من ذلك!.
بعد عده دقائق وجدت سيارته تسير بهدوء الي جانبها ، لم تجرأ علي النظر له بينما اوقف هو السيارة وانزل الزجاج " اركبي يا ايه الوقت أتأخر ومينفعش تمشي لو حدك كده " ركبت معه مكرهة ولم تنظر له بل ظلت صامته وتنظر الي الأسفل ظل هو الأخر فترة صامت ثم قال لها بصوت حاول ألا يكون غاضب ولكنه فشل في ذلك " مستنتيش زي ما قولت لك ليه؟ " عضت شفتها السفلي ولم ترد عليه لا تعلم مدي تأثير تلك الحركة عليه، حاول التنفس بطريقة طبيعية وفتح زجاج السيارة كي ينعشه قليلا " ردي يا آية من فضلك "، حسنا لم يكن يتخيل ذلك في اشد احلامه خيالا ، لقد اخفضت راسها وتساقطت دموعها بهدوء دون أن يصدر عنها أي صوت أما هو فاغمض عينيه وقد نال منه الارهاق والحيرة ولم يعد يعي ما العمل اوقف السيارة علي جانب الطريق وأسند رأسه علي المقود وكل شيء في عالمه انهار تماما امام دموعها الهادئة الصامتة هذه.
" آيه من فضلك كفاية " رفع راسه وناولها أحد المناديل أخذته منه بتردد شديد وحاولت النزول من السيارة إلا أن محمد كان أغلق جميع الأبواب احمرت انفها بشدة وكذلك شفتيها الممتلئة وعينيها وبدت جذابة للغاية قاوم رغبه ملحه في ضمها الي صدره وتقبيلها الي مالا نهاية أشاح بوجهه بعيدا عنها لم يؤثر احد فيه هكذا من قبل ابدا!.
سحب نفس قوي كي يستطيع اخراج الكلام من فمه " أيه انا والله مش قصدي أؤمرك او أي حاجه من اللي أنتِ فاكرها دي انا بس كنت خايف حد يضايقك وانا مش موجود، اما بالنسبة لرفضك ليا بدون أي سبب واضح مع ان عمري ما عملت لك حاجه فيا ريت تخففي حدتك نحيتي شويا أحنا مش هنتقابل مرة او اتنين احنا بقينا عيله واحدة خلاص يعني لازم نتعود علي وجودنا مع بعض علي الأقل عشان خاطر أحمد وسارة " هزت رأسها بخفوت شديد " طيب ممكن تبطلي عايط أنا مش قادر أشوف دموعك " التفتت نحوه مرة واحده عندما أخرج تلك الكلمات من فمه وأشاحت بوجهها ناحيه الزجاج تشاهد الشارع.
تنهد بآسي وسار بالسيارة مرة أخري واتجه مباشرة نحو المنزل وحاول ان يكون مسرع قدر الإمكان حالما أوقف السيارة نزلت سريعا وتوجهت نحو أمل التي كانت ترجلت من السيارة هي وحسام ، سالتها بحده دون ان تعبئ بوجود حسام " أنتِ مشيتي وسبتيني لوحدي ليه؟ " رد حسام بدلا من أمل " انا اللي قولت ليها يا آيه مش معقول يعني هتسيبي محمد يجي لوحده " نظرت بحده نحو حسام المبتسم وضربت الارض بقدمها وهي تحضن دفترها العملاق وصعدت دون أي كلمه، نظرت له أمل بدهشة " هو في إيه! " نظر نحو محمد المتهجم ومال عليها " اصل الاتنين دول لما بيتحطوا مع بعض " ثم اشارا برأسه نحو محمد " صاحبك مفيش واحده كسرت منخيره قبل كده وانا عاوز أربيه " سالت ببلاهة  " يعني إيه؟ " "يعني أنا اتعمدت اسبهم طول اليوم مع بعض عشان أربيه شويا " وابتسم لها بمكر " يالا بقي عشان منتأخرش " هزت رأسها وصعدت السلم وهي لا تعي أي شيء!.
_ صعد كل من محمد وحسام مع الفتيات وطلبوا مقابلة السيد شاكر لشرح ما حدث معهم اليوم دون ان يتسببوا في أي حرج للفتيات، بدأ حسام بالكلام وأخبره ما حدث لأمل امام الجامعة وجن جنون السيد شاكر ونظر لها وصاح " أنتِ كويسة؟ " هزت رأسها وسالت دموعها عندما تذكرت ما حدث وانفجرت بالبكاء " لو حسام مكنش جه كان زمانو خدني ومكنتوش هتلاقوني تاني أبدا " نهرها كل من والدها ووالدتها علي هذه الفكرة الغبية وأن لا أحد يستطيع فعل هذا بها أبدا!.
طلب حسام من السيد شاكر ملف قضيه أمل وانه هو ومحامية من سوف يتولى هذا الأمر الآن في البداية رفض السيد شاكر وشكرة وأخبره بأنه قد فعل أكثر من اللازم لأبنته وانه لا يريد أن يشغله أكثر من هذا ولكن حسام صمم " معلش يا عمي الواد ده استفزني شخصيا ومينفعش امل تفضل عايشه في رعب كده أنو ممكن يتهجم عليها كل شويا في أي مكان " . اعطي السيد شاكر الملف لحسام فهو علي استعداد لعمل أي شيء من اجل خلاص ابنته المسكينة.
تنحنح محمد هو الأخر وقال " معلش يا عمي انا كمان كنت عاوز حضرتك " وقص عليه ما حدث مع آيه هي الأخرى واعتذر لتطفله ولكن لم يكن بيده شيء أخر يفعله ، لم يكن غضب السيد شاكر هذه المرة طبيعيا وحنق كثيرا علي مصير بناته هذا " خلاص بنات شاكر عبد الحليم بقوا لعبه وملطشة للرايح واللي الجاااي؟!! " كل من آمل وآية والام كانوا يبكون بشدة لغضب الوالد هذا.
حاول حسام ومحمد تهدئة السيد شاكر الذي توعد الوغدين بعقاب وأهانه لا نهاية لها علي ما حدث مع فتياته وبعد مفاوضات عديدة واقناع كبير من محمد وحسام أتفقوا معه علي أن يصطحبوا الفتيات من الجامعة الي أن يهدأ الجو قليلا.
بعد انتهاء المفاوضات نظر السيد شاكر حوله " سارة فين؟ " تحمحم حسام ورفع يده " معلش يا عمي انا لما لقيت الوضع كده كلمت عبد الرحمن وأحمد عشان يأخروها عشان لو عرفت اننا كنا مع البنات المفاجأة هتبوظ " وأخبره عن نيه أحمد بعمل حفل مفاجئ لها ضحك السيد شاكر رغما عنه وهز رأسه غيلا مصدق
" والله أخوك أحمد ده عايش في كوكب لوحده!! " " بعد إذنك يا عمي عشان زمان سارة علي وصول " ودعهم السيد شاكر وشكرهم علي ما فعلوه مع كل من آية وأمل اليوم.
***
أما عن سارة فكانت بإحدى محلات الملابس الرجالية بعد ان طلب منها عبد الرحمن المساعدة لعدم رغبته بالشراء وحده.
_ بعد ان وجد حسام أمل منهارة اتصل بمحمد كي يصطحب آية وعبد الرحمن كي يؤخر سارة ولم يجد الأخير حجه افضل من هذه، بدأت سارة باختيار الملابس له وهو يقيس ويجرب وكالعادة استمتع معها كثيرا وكان يقوم بشراء أي شيء تحضره له " مش كتير كده يا أبيه! " " لا عيشي حياتك انا زهقان من كل اللي عندي " ، غابت سارة لفترة وعادت بعده اطقم ، زم شفتيه متسأل " بس دول مقاسهم صغير " ضحكت " لا يا ابيه دول لأحمد انت عاوز تكوش علي المحل كله! " تهجم وجهه وحاول ان يكون طبيعيا ولو قليلا، انه لا يغيب عن بالها في أي شيء لام نفسه كثيرا لأنه نسي نفسه معها وظن ان الوقت يمكن ان يمر دون ان تذكر اسم أحمد فيه، لكن ما يشعر به ليس بيده ووجوده معها في نفس العائلة ورؤيتها كل يوم جعلته يتعلق بها أكثر وأكثر دون قصد منها أو وعي منه، شعر بأعياء شديد ولم يصدق ما يفعله والي متي سوف يظل عذابة هذا؟! .
" حضرتك كويس؟ " سألته بقلق " هااا " نظر للأسفل لتلك القصيرة انها لا تناسبه بأي حال من الأحوال فهي تبدو كابنته الصغيرة شكلا وموضوعا! " اه كويس يا سارة لو خلصتي خلينا نمشي " " اممم عارف يا ابيه لو مكنتش معانا طول الوقت كنت قولت ان حضرتك بتحب " وغمزت له بمكر " انت الجو بتاعك في شرم ولا إيه؟ ".
احمر وجهه وسال بحده " إيه اللي خلاكي تقولي كده؟ " ذهب اللون عنها " امم انا اسفه والله يا ابيه انا كنت بهذر مع حضرتك " فرك راسه بعصبيه واضحة
" معلش يا سارة مش قصدي والله وبعدين عادي يعني لما  تساليني ، بس إيه اللي خلاكي تقولي كده؟ " تمتمت بخفوت " أصل حضرتك بتسرح علي طول " ابتسم لها برقة " بس عشان كده " " اها " .
قال لها وهو يدفع ثمن المشتريات " طب لو بسرح في الشغل كتير يبقي ايه العمل ؟ " " يبقي حضرتك واقع لشوشتك " نظر مستفهما " بردو! " هزت رأسها " طبعا بس في الشغل " ضحك كل منهم وذهبوا الي السيارة وقلبه يعتصر من الألم لقد شعرت بحبه ولكنها لم تشعر بأنه يهيم بها هي.
كان حسام ارسل رسالة له تفيد بانهم ذهبوا لذلك لم يمانع عندما اخبرته برغبتها في الذهاب لمنزلها مباشرة.






نهاية الفصل.
Please vote if you like it 😊 😍

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ