السابع عشر "لا مكان للخوف"

6.1K 292 9
                                    

الفصل الســـــابع عشر
"لا مكــــان للخوف"

دخل بهدوء فلم تشعر به خلفها كانت تلكم كيس الملاكمة بغل وغضب متقطع واحيانا اخري تركله بقدمها فيرتد عليها وكاد ان يسقطها ، "دي ملاكمة جديدة؟!"
، فزعت عندما راته وتركت كيس الملاكمة وذهبت الي جهاز المشي وبدأت بخطوات بطيئة ، جلس علي العجلة الرياضية الي جوارها ، وادار قدمه بمهارة وسرعة وهو يتكلم وكأنه لا يبذل أي مجهود يذكر .
وبصوت ساخر مستنكر" غريبة سارة الرقيقة بقت بتضرب كيس الملاكمة وماشية بالصاعق الكهربي " نظرت له بدهشة مصعوقة فنظر لها بحنق " إيه؟ ناويه تغيري مجالك وتشتغلي بودي جارد؟! " ازدردت لعابها كيف عرف بالذي تخفيه في حقيبتها؟ ، كانت حانقه من جميع الرجال وهو يعلم ذلك جيدا .
تركت جهاز المشي وهمت بالصعود الي شقتها " استني عندك " صاح بها بصوت أمر، استغربت سارة كثيرا لمَ يعاملها هكذا؟ التفتت له والدهشة علي وجهها " عاوزة توصلي ل ايه باللي بتعملية دة ؟ " ارتبكت " م .. مش فاهمه قصد حضرتك! " ، ترك الدراجة بسرعة ووقف امامها وسد عليها الطريق وزمجر بها كالنمر الغاضب وقال من بين أسنانه " لا فاهمه كويس بس مش متخيله اني ابقي عارف مش اكتر " ردت بعصبيه " انت بتتكلم عن إيه؟ " امسك معصمها بقوة كاد ان يسحقه " أنتِ عارفه كويس " وعلت نبره صوته " بطلي بقي الضعف اللي فيكي ده والاستسلام ومتعمليش حاجه غصب عنك ، هتفضلي طول عمرك سلبية وحياتك هتروح منك عشان دفنه راسك في الارض زي النعام " .
حاولت سحب يدها منه ولكنها لم تستطع من تكون هي امامه ، انها كالحمل امام الاسد!، قالت من بين دموعها " ازاي تمسك ايدي كده؟! سبني " شدد قبضته اكثر واكثر واقترب منها حتي شعرت بأنفاسه تلفح وجهها " مش هتقدري تهربي مني يا سارة انا عارف كل حاجه وعارف انك مرعوبة ومش عاوزة تخطي خطوة واحد بره البيت دة ومطمنه عشان احنا فيه " وضحك بسخرية ،
" مشوفتيش وشك لما أحمد قال لك تعالي نسافر كام يوم واتحججتي انك تعبانة ومش قادرة ، والوقتي جايه تتعلمي الضرب وعاوزة تقومي بالدورين مش هتقدري ومش هتعرفي " صرخت به صرخة كالأطفال ، صرخة لها بحه غريبة شطرت قلبه الي نصفين " امال اعمل إيه؟ " ونزلت دموعها بغزاره وسحبت يدها بالقوة فتركها وهمت بالخروج ولكنه حينها استنتج شيء واحد ولام نفسه كثيرا علي ما فعله بها .
" انها لا تملك أي حل اخر هكذا صور لها عقلها البسيط انها سوف تتمكن من حماية نفسها وحماية أحمد من أي خطر ".
  سد الطريق عليها بسرعة قبل ان تخرج " استني يا سارة من فضلك انا لسه مخلصتش كلامي " ، كانت تبكي بشدة " معدش في بنا كلام خلاص يا ابيه " .
"اردت بشدة الصراخ بها وان اخبرها بأن تكف عن مناداتي بهذا الاسم السخيف ولكني تمالكت نفسي في اخر لحظه " .
" اهدي يا سارة ، انا اسف معلش سامحيني ، انا مش عارف عملت كده ازاي " ، كان حنق سارة فوق كل الحدود فصرخت به " كل شويا واحد يصرخ فيا وبعدين يقولي معلش يا سارة انا اسف " ، وجلست الي خشبه حمام السباحة الموجود بالقاعة واخذت تبكي بشدة وهي تخفي وجهها ، ترك بينهم مسافة وركع علي ساق واحدة امامها كي لا تخشاه وتوسل تقريبا " ارجوكِ يا سارة كفايه عياط انا مش قادر استحمل عياطك دة " " انا مش عاوزة أي حاجه من دي ، معتش قادرة خلاص "
" انا عارف والله ان الحمل عليكي تقيل اوي واكبر منك ومع ذلك أنتِ صابره ومستحمله ، وانا كنت جاي هنا عشان اكلمك في كده بس معرفتش اعبر عن كلامي صح واعصابي فلتت مني " .
نظرت له من بين دموعها " اعمل ايه يا ابيه ؟ " كان صوتها يتوسل له ، يا الهي لو تعلم ما الذي تفعله به ؟ وسوس له شيطانه " اعترف لها بكل حاجه وقلها انك بتحبها وخودها من هنا وامشي انت الوحيد اللي هيسعدها " نهر نفسه وشيطانة ثم نظر ورسم بسمه علي ثغرة " متعمليش أي حاجه " .
قالت بدهشه " ازاي؟! " " من هنا ورايح أنتِ مش لوحدك انا هبقي في ضهرك في كل خطوة تمشيها مش هسيبك ثانيه والحمل اللي عليكي ده انا اللي هشيلة " ، بكت اكثر وهي تهز راسها غير مصدقه " ازاي مش ممكن! " " لا ممكن أحمد عنده وساوس اننا هنسيبه ونتخلي عنه بعد ما نتجوز عشان كده مرعوب وعاوز يحملك كل حاجه ، بس من هنا ورايح أنتِ هتسمعي الكلام وانا اللي هنفذ مش أنتِ اتفقنا " .
" وذنب حضرتك ايه! " " مفيش أي ذنب ولا حاجه انا كده كده كنت بعمل ده ل أحمد وعاوز اعمله طول عمري لآخر نفس فيا بس هو اللي خايف وانا مش عاوز اضغط عليه " ، وابتسم لها برقه كي تطمئن " انا امانك يا سارة وفي ضهرك ومن هنا ورايح مفيش سفر شرم ، انا اعد راشق هنا ليكو " بكت بشدة لكن هذه المرة من الفرحة " انا مش مصدقة حضرتك ، مفيش اخ بيحب اخوة كده ابدا ، ربنا يخليكو لبعض " .
ابتسم لسذاجتها هذه ونظر الي نفسه وهو راكع علي قدم واحده امامها ثم قال بمرح " بالمناسبة دي احب اقدم لك حاجه " واخرج علبه صغيرة حمراء من جيبه ، وضعت سارة يدها علي فمها بطريقه درامية " حضرتك فجأتني يا ابيه عاوزة فرصه افكر " وضحك الاثنان معا ، ثم قالت وهي تمسح دموعها " مش متخيله حضرتك في الوضع ده ابدا " قال لنفسه " ليه ما انا عاملها قدامك اهه بس أنتِ اللي مش حاسه! " .
فتح العلبة وظهر ما بداخلها " هي السلسلة دي بتجري وراك " وعقدت ذراعيها " شكلها مش عاوزاني  يا ابيه ، لقيتها ازاي؟ " " كانت في ايد المجرم بس كانت انقطعت فخدتها عشان اصلحها ونسيتها في جيبي " هزت رأسها غير مصدقة أبدا
" انا بجد مش عارفه اقول إيه حضرتك بتفكر في كل حاجه " " خديها " ثم اردف بتردد " لو مش عاوزة تلبسيها براحتك " ، اخذت السلسال وفتحت القفل وقالت بمرح " انا عارفه اني خلفت وعدي قبل كده ، بس انا مستعدة احلف لك اني مش هقلعها تاني أبدا " وارتدتها " لا يا ستي انا مصدقك ، ها هتعشيني ايه انهاردة "
" اممم ما تيجي نطلب بيتزا ، اصلي مش قادرة بصراحة وليك عليا بكرة اعملك صنيه مكرونة باشاميل " " اممم ماشي يا اوزعه وانا كمان اللي عازمك " وخرج الاثنين بعد ان هدأت واصبحت افضل حالا وابتسم هو لنفسه في سخريه " اخرتها كده؟ مكرونة بشاميل! بقيت زي  زي هشام حلال المشاكل ماشي يا سارة " .
***
وفي عبد الرحمن في كل كلمة قالها لسارة وبالفعل كان عون لها في كل شيء حتي في اتفه الاشياء .
" راحه فين؟ " كانت سارة ذاهبه لجلب اغراض المنزل وقابلها عبد الرحمن علي السلم ، عاتبها " مش انا قولت لك هبقي في ضهرك " " لا بس مش للدرجة دي انا كده هتعبك معايا اوي! " " ملكيش دعوة أنتِ لحظه هغير هدومي " " طيب وانا هقول ل أحمد بقي بما ان حضرتك جاي " وعادت سعيدة الي شقتها .
وعندما لاحظ أحمد كثرة خروج عبد الرحمن معهم الي المركز التجاري " غريبة يعني يا عبد الرحمن بقيت بتيجي معانا كل اسبوع " فرك راس اخية بمرح " اصل المول دة فيه شوية حتت جامدة" " بقي كده من امتي يعني؟ ده انا عمري ما شوفتك بتبوص علي واحده! " ، زم شفتيه بسخرية من نفسه " يالا بقي بيني اتهبلت علي كبر " غزه أحمد بمكر" طب لو الحتت جامده اوي احجز لي واحدة علي ما اعمل العملية " ، نظر لأخيه بسرعة " لو سارة هنا مكنتش قدرت تتكلم " ضحك أحمد بسخرية " سارة دي علي نيتها يا بني ، بس بس يا عٌبد دة انت خام اوي " لم يعجبه كلام اخيه هذا ابدا ولكنه صمت ، ودخلوا بعدها محل للملابس الرجالية .
خرجت سارة وانتظرت تتفرج علي الوجهات بغير هدي ثم سمعت صوت يهتف باسمها ولم تستطع تصديق نفسها عندما التفتت ورات صاحب الصوت " هشام! " امسك بيد فتاة وعبر لها الممر ليحييها " سارة ازيك عامله إيه؟ " " الحمد لله والله حمد الله علي السلامة " ، في تلك اللحظة خرج أحمد وعبد الرحمن من المحل هتفت سارة بسذاجة " أحمد تعالي " واحتضنت ذراعة  " أحمد جوزي " كانت تعرف هشام عليه " عاوزة اعرفك علي هشام " ثم بترت الكلام في فمها ما الذي يمكن ان تقوله صديق زوجها السابق! " امم معرفه من أيام الامارات " ، مد أحمد يده " اهلا وسهلا " تعرف عبد الرحمن علية ومد يده ليسلم عليه بامتنان لأنه ساند سارة كثيرا .
" نورت مصر يا استاذ هشام " " نور حضرتك " " بش مهندس عبد الرحمن اخو أحمد " " اعرفك بقي يا ستي علي خطبتي " مدت سارة يدها لتسلم عليها وكذلك فعلت الأخرى وهي خجله ، ثم غمز الي سارة "مي" شهقت سارة بفرحه وقبلت الفتاة واحتضنتها " الف مبروك " اندهشت مي كثيرا ،" انا عارفه كل حاجه وعارفه انو مجنون مي " ، خجلت مي كثيرا ونظرت الي الاسفل نظر لها هشام بحب واضح ثم نظر الي سارة " أنتِ لسه مبيتبقش في بوقك فوله! " ، امسكت سارة بيد أحمد وقالت بغبطة " الحمد لله ربنا جمعكوا علي خير " رفعت مي راسها فجأة وسالت " أنتِ سارة بتاعة المكرونة؟ " ضحك هشام بشدة .
" يوووة انت لسه همك علي بطنك ، خطيبك مدمن مكرونة وكان بيتذلل لمراتات حامد وعصام عشان يعملوها ومكنش حد بيعبروا غيري " " لا ما خلاص بقي انا راجع بعد شهر ومي معايا ومقاطيع الشلة هما اللي هيتزللوا ليها عشان تعملهم مكرونه ومحشي " ، نظرت مي الي الأرض وهي سعيدة وخجلة .                      
تذكرت سارة هذا الشعور عندما كانت مع أحمد في اول ارتباطها ، لم تكن لتصدق ان بعد ما قاسته سوف تعامل مثل الاميرات ، ودعوا بعضهم وفي الليل سال أحمد سارة بهدوء وحذر " سارة مين هشام دة؟ " " أنا اسفة انا عارفه ان الموضوع حساس بس انا فرحت لما شوفته عشان هو وقف معايا كتير في بلد مكنش ليا حد فيها ابدا ، اممم هو كان صاحب طليقي ويا ما ساعدني حتي وقف في تعبي اكتر من علي نفسه بس ابتزازي مووت " ، تحرك من جلسته بغضب " ازاي يعني؟ " " مش بيعمل حاجه إلا وقصدها صنيه مكرونة، وعارف خطيبته دي " وحكت قصتها ل أحمد " اهاا " ، " عارف يا أحمد وهي وقفه معاه فكرتني بنفسي معاك مكنتش مصدقه نفسي ان في حد ممكن يحبني تاني بعد الذل اللي شوفته " ، ضمها أحمد اليه وقبل راسها " أنتِ احلي حاجه عندي يا سارة وطالما هو وقف معاكي زي ما حكيتي ليا ، خلاص هشيله من البلاك لست " قبلته في وجنته " ربنا يخليك ليا يا حبيبي " ... .
_ بعد مرور حوالي اسبوع علي هذا اليوم كانت العائلة مجتمعه علي العشاء بالخارج زفر أحمد زفرة معذبة " والله انا زهقت الجو هنا يخنق ، انا مخرجتش من زمان اوي " فك أحمد زر قميص بذلته الأول واخذ يزفر بشدة ، " بابا ممكن اخد اجازة كام يوم " " وماله يا حبيبي مفيش مشكلة " " عاوز تروح فين يا أحمد؟ " سالته والدته بينما غاصت سار بكرسيها وتركت طعامها وبدي انها انزعجت من شيء ، لاحظ عبد الرحمن ذلك .
" بفكر اروح شقتنا اللي في اسكندرية ، قدام البحر وهريح اعصابي شويا " ، حك ذقنه ثم قال " خلاص يا سارة جهزي الشنط " ، قالت سارة كمن وجد فكرة لامعه " ما تيجي يا طنط معانا " نظرت الوالدة نحو شهاب " إيه رأيك يا شهاب " " صعب الوقتي بس ممكن نحصلكو الاسبوع الجاي " نظرت لأحمد " خلاص نستني يا أحمد الاسبوع الجاي ماشي " زم شفتيه ، " انا مخنوق وعاوز امشي الوقتي واشمعني غيرتي رأيك ووفقتي تسافري عشان هيجوا معانا مش كده؟ "  سألها بحدة شديدة .
" طب وفيها إيه كده احسن صدقني " ، امسك معصمها بغضب بالغ وصاح بها " أنتِ مش هتبطلي بقي الجبن اللي فيكي دة ، أنتِ متجوزة راجل ولا كيس جوافة! "  " براحه يا بني مش كدة هي عملت ايه يعني! " سال السيد شهاب .
زمجر بحده" الهانم بتخاف تروح معايا في حته لوحدنا فاكراني مش هعرف احميها " هكذا يظن أحمد بسارة ولاكن سارة كانت تخشي عليه هو ، " من شهر العسل وانا عارف وكل ما اقول لها نروح في حته ترفض وادتها اكثر من فرصة مفيش فايدة فيها لما أنتِ حاسة اني مش هعرف احميكي ، اتجوزتيني ليه؟! " .
اخذت سارة تبكي بشدة وهي مطرقة الراس وهو يوبخها امام الجميع بهذا الشكل المهين ، هزها من ذراعها بعنف " انطقي مبترديش عليا ليه؟ اتكلمي يا سارة " كان يصيح بها بشدة ، انتزعت نفسها من بكاؤها وهي" والله .. انا بخاف عليك بس " " انا مش عيل صغير! " صاح بها اكثر من الاول ، " فاهمه ولا لاء انا مش عيل صغير، بيتعلم المشي وهتمشي وراه و خايفة يوقع ، انا راجل .. فاهمه يعني إيه راجل ولا لاء؟! " واخذ يهزها بعنف من ذراعها ، صاح به كل من حسام وعبد الرحمن كي يتركها وشأنها فهاج أحمد كالثور يصرخ ويكسر " محدش يدخل خـــــالص " ولوح بذراعه ليزيح أي شيء امامه علي الطاولة وكسر كل ما وجده بطريقة انتفض الجميع وذهبوا بعيدا عن الطاولة.
اما سارة فرجعت في كرسيها الي الوراء وهو يصيح بها واغمضت عيناها بشدة وضمت قبضتيها وهي خائفة ومرتعبة ، سمع شهقاتها المتتالية ، فصاح اكثر من الاول " مش عاوز اسمع صوتك ، متعيطيش فاهمه! متعيطيش " انسلت من الكرسي وذهبت بعيدا نحو العمارة ، اطاح أحمد بذراعه الأخرى ما تبقي علي الطاولة ونهض وامسك بالكرسي الذي كان يجلس عليه واخذ يضرب الارض به الي ان تهشم الكرسي ، كم يلعن عجزة كم يكره هذا الظلام الذي يحيط به من كل مكان ، اخذ يدور حول نفسه في غضب بالغ وهو يصيح ويصرخ وقفت سارة تشاهده والآسي يملئ قلبها ، بعد ان دار حول نفسه هكذا ، كان قد فقد اتجاهه اخذ يمد بذراعيه وكأنه يدفع شيء ما ويفتح ويغلق قبضه يده .
كان يطبق عليه بشدة إن الصندوق يضيق به حتي انه لم يعد يستطيع التنفس شق قميص بذلته واخذ يحاول التنفس وهو يطيح بقدمه في كل مكان يركل بقايا الكرسي لم يجرأ احد علي القرب منه كي لا يزيد هياجه اكثر وبكت السيدة نور لحال ابنها بهستيرية ، ظل هكذا لمدة ولم يعرف الي اين يذهب إن الصندوق يضيق به كثيرا إنه يضغط عليه من كل مكان ارتمي علي الارض يستند إليها بكلتا كفيه وهو يشهق بشدة لدرجة ان رزاز لعابه كان يتناثر من فمه واجهش بالبكاء ، ركضت سارة نحوه وتفاجأ الجميع لقد ظنوا انها صعدت الي الأعلى ، لم يجرأ احد علي القرب منه اما هي فأمسكت براسه وهي تبكي بشدة لحاله بعد ان جلست علي ركبتيها امامه .
امسك بيدها من علي وجهه وهو يبكي بشدة يريد الخروج من ذلك الصندوق اللعين الذي يريد الفتك به وكأن شيء ما يقبض روحه من صدرة ، ثم سقط في حجرها وهو يبكي اخذت تضم فيه بشدة الي صدرها وتربت علي راسه لم يكن احد يتكلم ، فقط تبكي وتضمه لها بشدة ، بدأ يهدأ وصمت عن البكاء ثم صمت مره واحده ، خرجت من شجونها واخذت تهزه بشدة " أحمد ، أحمد "  لقد اغشي عليه ، اخذت سارة تصرخ فيه بهستيرية فهو لم يغشي عليه مرة من قبل ركض عبد الرحمن نحوه هو وحسام وحملوه معا الي الأعلى ومددوه علي اريكة بشقة والدتهم ، كانت سارة تبكي بشدة وتتمتم " انا السبب " .
بعد رش المياه علي وجهه والكثير من التربيت علي وجنتاه قام أحمد واعتدل في جلسته ووضع راسه بين كفيه وظل صامتا ، لم يكن هناك كلمه واحدة تقال فقط صمت مطبق من العائلة كلها ، عدا بكاء سارة والسيدة نور ، ذهبت سارة الي شقتها وعادت بعد لحظات ومعها صندوق ، اخرجت ضماده ومطهر وملاقط وجلست علي ركبتيها امام أحمد الجالس علي الاريكة.                                                 اخذت احدي كفيه بهدوء وبدأت بنزع الشظايا بالملاقط ، وتطهير الجروح وتضميدها استكان أحمد كثيرا لها وهي تفعل ذلك بهدوء شديد وسحبت كفه الأخرى وطهرتها ، كان أحمد هدأ حينها وعندما انتهت وضبت العلبة وجلست الي جواره وحسته برقه شديدة كي يسير معها وبالفعل وقف معها وذهبا في صمت مطبق ودخل شقته معها وسط نظرات الجميع ، وما ان اغلقت باب شقتها الذي يواجه شقه السيدة نور حتي تهاوت والدته الي اقرب كرسي وهي تبكي بحرقه علي والدها .
_ ادخلته الي الحمام وساعدته علي خلع ملابسه واشعلت الماء الساخن وبعد انتهاءه جففته واجلسته بهدوء شديد في السرير وجففت راسه جيدا واعطته كوب حليب دافئ شربه علي مضض من اجلها فقط ، نامت الي جواره وهي تضمه الي صدرها واخذت تتمتم له بما تحفظه من القران الكريم ودموعها تنزل في صمت الي ان ذهب في النوم .
نام وهو يفكر لما حدث معه ما حدث ولما اطبق الصندوق عليه هكذا ولما نهرها وصاح بها وقال لها انه ليس بطفل صغير ، أوليس هذا هو حاله الآن امامها؟! ..... .
قامت سارة بهدوء كي تبدل ملابسها عندما سمعت صوت الهاتف يعلن عن رسالة
" انا مش قولت لك انا في ضهرك مروحتيش ليه يا سارة؟ " اغمضت عيناها فهي لم تظن انه سوف يهتم بهم الي هذا الحد ابدا ، " مش معقول حضرتك حياتك هتمشي علي مزاجنا ، وبعدين انا حتي معرفش الطريق ، مش عارفه اسافر ازاي؟ انا عمري ما سوقت برا القاهرة " رد فورا برسالة اخري " جهزي الشنط انا لما قولت انا في ضهرك كان قصدي كل كلمه قولتها وانا مبرجعش في كلمه ابدا " .
وبالفعل استيقظت سارة وحضرت حقيبة لكل منهما ، وعندما استيقظ أحمد كان خجل منها كثيرا ، وضعت الفطور واكل كل من منهم دون كلمه " أحمد إيه رأيك نسافر الوقتي انا حضرت الشنط " ترك الطعام " لا انا مش عاوز اروح في حته ، سارة انا اسف عشان اللي عملته امبارح " نظرت الي الأرض ولم تتكلم " سارة " لم ترد عليه ، حاول الامساك بيدها ولكنها سحبتها من يده " ارجوكِ يا سارة متسكوتيش كدة انا بتجنن لما مش بتردي عليا! " " لو عاوزني اكلمك يبقي تقوم تلبس الوقتي وغير كده مش هسامحك ومش هكلمك تاني نهائي " " يعني أنتِ مش زعلانه ؟ " " لا زعلانه ومش هسامحك إلا في إسكندرية وده اخر كلام عندي " كانت تتكلم بغضب طفولي مما جعله يبتسم " خلاص زي ما تحبي " .
نزلت الي السيارة وودعوا العائلة وهي لا تعلم بعد كيف سوف تذهب؟ وعندما دخلت الي سيارتها وجدت جهاز تحديد المواقع متوجه الي الإسكندرية وعليه ورقه صغيرة فتحتها " اتبعي التعليمات يا عبيطة التكنولوجيا " ابتسمت كثيرا واحتفظت بالورقة وانطلقت تتبع الإرشادات وبعد نصف ساعة اتصل عبد الرحمن ب أحمد
" ها يا عم أحمد يا بختك والله  الجو هنا نار " " طب ما تيجي يا عبد الرحمن " " اجي فين بقي يا عم مش عاوز اضيقك انت ومراتك " " اخص عليك هضايق في إيه بس! " " طب اديني سارة اما اشوف انتو فين " اعطها أحمد الهاتف " ايوة يا ابيه " " بوصي جنبك كدة " .
نظرت بحذر لتجده يلوح لها ، طارت من الفرحة ولم تعلم ما الذي يمكن ان تقوله واخذت تنظر له " بوصي قدامك مش عاوزين حوادث " هزت براسها له " انا هفضل ماشي وراكي خلي بالك من الطريق سلام " ، اعطت الهاتف الي أحمد وهي سعيدة ومطمئنه وجلست في الكرسي بارتياح شديد ونظرت بسعادة نحو أحمد ثم كشرت " أحمد انت لسه مربطتش الحزام! " تذمر بسخط منها " طيب طيب متجوز عسكري! " " ها تحب تسمع حاجه؟ " " اه مفيش مشكلة " و أدارت الموسيقي وهي سعيدة .
وعندما وصلوا الي وجهتهم بعد وصف أحمد لها ، ولكنها في الحقيقة كانت تتبع وصف عبد الرحمن الذي نزل من السيارة واخذ يشير بدرامية مضحكه الي العمارة المقصودة ، كادت هي ان تفشل كل شيء بسبب ضحكها .
دخلت الي الشاليه الذي يواجه البحر " الله يا أحمد فعلا المنظر يجنن والجو حلو اوي والشاليه تحفه ، بس دة نضيف انا قولت هيطلع عيني علي ما اوضبه! " " تلاقي ماما كلمت البواب عشان يوضبه " ، ابتسمت لنفسها فهي تعلم تمام العلم ان عبد الرحمن هو الذي اتصل بالبواب فهو لا يفوته شيء .
ارسل لها رسالة نصيه " انا رايح اجيب شويه حاجات للبيت ، مش عاوزة حاجه معينه " " سلامتك يا ابيه " وبعد ساعتين كان امامهم " عُبد لحقت تيجي! " " طبعا يا بني هو انت فاكرني زي السلحفة الي انت متجوزها " ونظر شزرا الي سارة التي كانت تقود ببطيء شديد ، وضب معها الاغراض ولم ينسي شيء مهما كان صغير ، كانت ترتب معه وهي تنظر له بامتنان واضح لكل ما يفعله لأجلها ، اما هو فشعر بالراحة لأنها سعيدة .
وقضت سارة عطله رائعة برعاية عبد الرحمن وصحبه أحمد وعادوا بعد اسبوع وهم افضل حالا .   


نهاية الفصل.
Please vote if you like it 😍 😊

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now