السابع والعشرين "فراق"

6K 264 10
                                    

الفصل" السابع والعشرين "
" فــــــــــــــــــراق "
جاءت سارة وأخذت أحمد وتمنت للجميع ليلة سعيدة بينما تمتم السيد شهاب بمرح للسيدة نور " كان عندك اربع مجانين بقي عندك سبعه هبل! "  , صعد عبد الرحمن الي غرفته بعد ان قبل رأس والديه وهرب من والدته التي تعرض عليه عروس للمرة المليون تقريبا!! .
ارتمي علي سريرة ورفع يده يفرك جبينه , متي سوف ينتهي العذاب الذي يعيشه متي يكشف من يرسل تلك الرسائل اللعينة؟ من خطف امل؟ لا بد وأنه بعد أن فقد الخمسة ملاين جنيه يخطط لشيء اكبر شيء اخطر من كل ذلك خاصة وانه أستلم منذ يومان رسالة أخرى " أنا مش ناسيك " , "يا له من ملعون أتمني فقط أن أعتصر حياته بيدي ولا شيء أخر" .
جاء اليوم الثاني ولم يخرج أي من أمل أو حسام  كان محمد أعطي أية المفاتيح كي تضعها بالغرفة ولكن حسام قرر أنه لن يخبر أمل بذلك الآن وظلت حبيسة الاصفاد لثلاثة أيام ..... .
أزداد الألم وأشتد بمحمد فقرر الذهاب اليوم للطبيب , كان خائف للغاية من هذا المشوار يشعر بأن هناك شيء سيء سوف يحدث خاصة وأنه شك في التهاب الكبد لدية , جلس أمام الطبيب وبلغ التوتر أشدة أمامه وبعد أن كشف عليه الطبيب كان محمد واجم كثيرا وأثناء كتابة التحاليل تكلم بصعوبة " من فضلك يا دكتور أنا .. احم .. من فترة يعني كنت .. يعني حضرتك عارف الشباب شرب وكده وعاوز أعمل كل التحاليل اللازمة عشان اطمن " " حضرتك متجوز؟ " نظر الي الدبلة وابتسم بوهن " كتب كتاب وعاوز اطمن قبل أي حاجه " هز الطبيب رأسه وأضاف عده تحاليل أخري .... .
رجع محمد وهو واجم بعد أن سحبت منه عده تحاليل جلس بسيارته فوق المقطم وهو يفكر " إذا وجدت شيء سيء عندي لن أكمل مع أية لن أؤذيها أبدا كيف لم أفكر بذلك من قبل؟ " .
لقد أتخذ عده إجراءات منذ توبته أولها بعدم معرفة أي من أصدقاء السوء حتى لا يعود إلي ما كان عليه , وثانيا ألا يذهب إلي أي مكان كان يذهب له معهم من قبل , ومسح وحذف أسمائهم وكل ما يخصهم والبعد كل البعد عن تكهناتهم , وكي تقبل توبته قام بحل كل مشاكله السابقة وعمل اللازم كي يسامحه هؤلاء الذين أخطأ بحقهم في يوم من الأيام .... .
بعد ثلاثة أيام حيث موعد ذهاب محمد إلي الطبيب كان اليوم عصيبا علي الجميع وحيوات كثيرة علي المحك وليس محمد وحدة , رغم أن لا أحد أطلاقا يعلم بذهابه للطبيب ولكن كان هناك قلق وتوتر و..... حسنا لنقول أخبار ومفاجآت مدمرة للعائلة كلها !! .
توجه الخمسة للشركة معا كعادتهم سارة وأحمد مع عبد الرحمن فسارة لا تقود منذ اختطاف أمل بأوامر من عبد الرحمن وتبعه كل من محمد وحسام , بدي اليوم طبيعي للغاية كل أمور العمل تسير بسهولة ويسر والعمل علي قدم وساق من أجل الاستعداد لمناقصة كبري سوف تغير من تاريخ الشركة , كان عبد الرحمن من أكبر المتحمسين اليها ونقل حماسته هذه إلي سارة وأحمد في أخر اجتماع وقرروا العمل وبذل كل مجهودهم معه بالرغم من تخوف السيد شهاب وقلق حسام من كبر حجم هذه المناقصة .
وفي الساعة العاشرة إلا عشرة تقريبا " الخمسة مليون بقوا عشرة عشان تحرم تلعب معايا " أطرق برأسه علي المكتب وتمتم لنفسة هذا ليس وقتك مطلقا أيها اللعين , وفي العاشرة بالضبط أي بعد عشرة دقائق بينما عبد الرحمن كان يغلي حنقا في مكتبة وصلت رسالة أخرى امسك الهاتف بكل غل وهو يفتح الرسالة ثم أنتفض وأخذ يبحث عن سارة بالشركة كلها ولم يجد لها أثر وكلمات الرسالة تطرق بعقله مثل المطرقة " تفتكر السنيورة فين الوقتي؟ " , دخل الي أحمد و حسام وحاول قدر الإمكان رسم الهدوء .
" أحمد سارة فين كان المفروض تجبلي الملفات من نص ساعة " زم أحمد شفتيه " معرفش دي مش هنا من ساعتين تقريبا " خرج دون كلمة واحدة وغاص قلبه بصدره وكاد يصرخ ويفضح نفسه وينتهي من الألم اللعين الذي يجتاحه اتجه الي غرفه الملفات عله يجدها هناك , هكذا دعا الله من كل قلبه , وعندما فتح الباب غاص قلبه بصدره صحيح إنه وجدها إلا أنها ملقاة علي الكنبة لا يصدر عنها أي حركة وكوب القهوة خاصتها متحطم ويدها تتدلي من علي الكنبة .
شعر بخدر يملئ أوصاله كلها وبالكاد نزع نفسه من صدمته وتوجه بوهن نحوها وأخذ ينطق باسمها ولكن لم يكن هناك من يجيب أمسك يدها بهدوء ليري إن كان بها نبض ولكن يده كانت متعرقه وترتعش للغاية ولم يستطع الإحساس بأي شيء " سارة " قالها وهو يلفظ أنفاسه وكأنه أنتهي من العدو للتو لا شيء لا يوجد رد , خرج سريعا بظهرة وتوجه الي مكتب أخيه وهو ينهج بشدة أين ذهب الهواء اللعين من رئتيه , قال بوهن وضعف " أحمد تعالي معايا من فضلك " " مالك يا عبد الرحمن؟ " سأل حسام بقلق , أشار له بيده ولم يستطع التحدث , أخذ بيد أخيه وحالما أصبحوا بالغرفة المخصصة للملفات تحدث بصعوبة " سارة مغمي عليها تقريبا وبحاول اكلمها مش بترد "  " إيه!! فين؟ " أزدرد عبد الرحمن لعابة " هي علي الكنبة " وأخذ بيد أخيه .
حالما لمسها أحمد أخذ يربت علي خدها " سارة , سارة مالك يا حبيبتي سارة فوقي ســـــارة " لا شيء مطلقا , أخذ يهزها بعنف وبشدة ولكنها لم ترد لم ترمش بعينيها حتي , ضمها إلي صدره وأخذ ينوح باسمها ثم وضع رأسه علي صدرها قال برعب " مش حاسس بقلبها يا عبد الرحمن! " ورمي عصاه وحملها وقال بارتباك شديد لازم ناخدها علي المستشفى حالا " , قال عبد الرحمن بوهن " يالا " كان أحمد محتار وهو يحمل سارة فهو يحملها بكلتا يديه ولا يوجد ما يتحسس به طريقة , جاء حسام وصاح بعبد الرحمن " شيلها يا عبد الرحمن " هز رأسه نافيا " مش قادر " قالها بما يشبه الهمس , أخذها حسام من أخيه وركض بها الي الاسفل ووضعها بسيارته وبعده جاء عبد الرحمن وأحمد ركب معها بالخلف وأخذ يبزل كل مجهوده كي يجعلها تفيق أما عبد الرحمن فجلس الي جوار حسام كالتمثال لا يرى لا يسمع لا يتكلم .
دخل بها حسام الي المشفى وهم من بعده وهرع بها الي قسم الطوارئ وبعد نصف ساعة أخبرهم الطبيب بأنها حاله تسمم وسوف يجري لها غسيل معدة , شعر بالهواء يدخل رئتيه إنها هي علي قيد الحياة إذا , لم يخبروا أحد خصوصا أن سارة استعادت وعيها بعد ساعة تقريبا من إسعافها " سارة عاملة إيه يا حبيبتي؟ " سأل أحمد بلهفة " الحمد لله يا أحمد متقلقش " ردت بوهن , أمسك يدها الغير مغروز بها الإبر بشدة , " هو إيه اللي حصل؟ " رد حسام " الحمد لله ربنا ستر كان عندك تسمم بس لحقناكي " استغربت سارة كثيرا " بس أنا بطني موجعتنيش أنا أخر حاجه فاكرها أني كنت بشرب النسكافيه ودخلت أجيب الملفات عادي , وفطرت الصبح توست جبنه زي كل يوم " حدث عبد الرحمن نفسه بالطبع أنه ليس تسمم غذائي لقد دس لها أحد ما السم .
تركهم وتوجه سريعا لغرفة الطبيب المعالج قبل أن يأتي هو " مساء الخير يا دكتور ممكن اعرف سبب تسمم مدام سارة " " الحقيقة التحاليل لسه وصله حالا وأنا مضطر أبلغ لأنه تسمم وكمان مش غذائي مدام سارة كان في معدتها ماده سامه وكميه كبيرة من منوم هي بتعاني من أرق او اكتئاب " " حضرتك بتلمح لأنها حاولت تنتحر؟ " , نظر الطبيب بآسي للأوراق " اللي يمزج منوم بمادة سامه ملهاش تفسير تاني علي العموم مش هنستبق الأحداث بس لازم يكون في محضر بالحالة حضرتك عارف دي إجراءات ولازم تتم " " أكيد , هي تقدر تخرج أمتي؟ " " طبعا أنا بفضل أنها تفضل يوم تحت المراقبة بس لو هي لسه مصممه علي الخروج لما المحاليل اللي متعلقة تخلص تقدر تمشي " " متشكر اوي يا دكتور " .
هو أكيد من ان سارة لم تحاول الانتحار , وان ذلك اللعين الذي ارسل الرسالة هو من فعل بها هذا , جاء ضابط وأخذ أقولها وعندما سألها عما تناولته ,أخبرته " حضرتك أنا اللي حضرت النسكافية بنفسي وكان آخر كيس في العلبة وانا بشرب منه عادي كل يوم " , حسنا إذا هناك جاسوس في المكتب لهذا اللعين وأكيد من انه دس لها شيء بالقهوة خاصتها .
_ وبعد فترة " انا عاوزة أمشي بقي يا أحمد انا والله كويسة والمحلول خلص خلاص والتاني طنط نور هي اللي هتحطه ليا , يالا بقي نمشي " وبالفعل نجحت بإقناعه وأوصلها كل من حسام وعبد الرحمن وأصرت عليهم بأن يعودوا للشركة مره أخري وانها بخير , وعندما صعدت للسيدة نور رجتها بألا تخبر أية وأمل كي لا يقلقوا وصعدت الي غرفة أحمد تحت أصرار السيدة نور , بدلت ملابسها وغفت تحت عناية زوجها الذي ظل جالسا حوالي الساعتين أمامها علي الكرسي لا يفعل أي شيء سوي الاستماع الي صوت تنفسها .
"يا الهي " الهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك " الحمد لله أنها بخير فبدونها كنت عدت الي ظلامي الذي كنت أعيش فيه من قبل , ها أنا جالس امامها لمده لم تتجاوز الساعتين وبصمتها رجعت الي ظلامي مرة أخري" .
دخل حسام وعبد الرحمن الشركة وسال محمد والسيد شهاب عن حالها الآن وأكدوا لهم أنها بخير وضيق السيد شهاب بين حاجبيه عندما علم بالتفاصيل " مين اللي حطلها الحاجات دي قصدك ان في جاسوس هنا يا عبد الرحمن! " " بابا يا ريت نهدي لحد ما نعرف هنعمل إيه , مش لازم نحسس حد بحاجه " , توتر محمد بشدة " عبد الرحمن الموضوع كبير , أمل كانوا عاوزين يخلوها تنزل الجنين وسارة حطوا لها سم ومنوم , دول قصدهم موت فاهم يعني إيه موت مش بس سموها كان ممكن ترجع وحد ينقذها , لاء دول نيموها عشان تموت أزاي نأمن نسيب ماما ونسيبهم لازم يتمسك في اسرع وقت الوقتي قبل بالليل " ارتعش عبد الرحمن حالما ذكر محمد موتها وامسك برأسه من شدة الألم وعض يده بغل " مش وقت الكلام هنا بس الموضوع خلاص هينتهي انتو لازم تفتحوا عنيكوا كويس بس الايام دي وبلاش أحمد يعرف عشان ميفقدش أعصابه " رن الهاتف يعلن عن وصول رسالة أخري نظر الجميع بترقب لعبد الرحمن وهو يقرأ " المرة دي قرصة ودن , المرة الجاية مش هتلحق تاخدها علي أي مكان غير قبرها " توتر الجميع بشدة عندما رأوا الرسالة ولعن عبد الرحمن "أقسم بالله لما أمسكك في إيدي مش هرحمك يا ... ."
***
نزلت ايه وامل لتناول الغداء مع العائلة بناء علي طلب السيدة نور وكانت سارة استيقظت من قيلولتها وأخذت حمام سريع وبعد أن أدت صلاة العصر ونزلت الي الاسفل مع أحمد الذي كان يمسك بها بشدة لأول مرة يسندها هو ويدلها علي طريقها .
رفعت السيدة نور سماعة الهاتف الموجود الي جوار الباب " ايوة , ماشي خليه يطلع " وبعد دقيقه استلمت السيدة نور ظرف من رجل الآمن بالأسفل , لم تجد عليه أي شيء سوي " ايه شاكر عبد الحليم " " ايه تعالي يا حبيبتي في ظرف ليكي " جاءت أية وزمت شفتاها وهزت رأسها مستنكرة " متعرفيش مين اللي بعته يا طنط " " لا " " اول مرة يجيلي ظرف يا تري مين؟! " كانت أية تشعر برعب شديد لما يمكن أن يكون موجود بهذا الظرف وتشعر بانقباض داخلها حتى انها لم تكن تريد فتحه , سالت السيدة نور التي بدي عليها الفضول واضح " إيه يا أية مش هتفتحيه؟ " ردت بمرح مصطنع " ليكون في قنبلة ولا حاجه " صاحت أمل " تلاقيه من الجامعة " أطمئنت قليلا وهي تفتحه ودعت ربها بكل توسل ان يكون من الجامعة , ولكن عندما سقطت أرضا من دهشتها علمت أمل انه ليس من الجامعة .....
_ خرج محمد من العمل وذهب الي الطبيب الذي أخبره بأن الكبد سليم تماما وان الآمه هذه من حصوات صغيرة بالمرارة فرح محمد كثيرا لهذا الخبر ثم أسودت الدنيا كلها بوجهه حالما أكمل الطبيب كلامه وبعد فترة , بعد أن استطاع تجميع أجزاء روحه المبعثرة بكل مكان عدي جسده ، خرج الي السيارة يهيم علي وجهه , ثم قرر الرجوع الي الله هو وحدة من اصبح يشكو له همه هو وحده من سوف يقف معه , نزل الي اقرب مسجد وأخذ يصلي ويبكي وبعد أن تعب أسند ظهره الي أحدي أعمده الجامع ونزلت دموعه بهدوء بعد أن أغلق الهاتف لكثرة طلب والدته له وابيه ..... .
***
كان عبد الرحمن يشعر بذنب رهيب نحو سارة لقد كادت أن تفقد حياتها اليوم بسببه هو , واراد أن يهديها شيء ما وهذه المناسبة جيدة ولن يشك به أحد , ذهب الي السيد جرجس الصائغ الذي تتعامل معه العائلة ووقف يتأمل المصوغات بعد استقبال السيد جرجس له , اخذ يفكر وهو ينظر الي الخواتم الماسية " أنا جبتلها في كتب الكتاب أسورة وفي عيد ميلادها سلسله " اراد أن يهديها سلسال ماسي ولكنه شعر بالسخف لأنها لم تخلف بوعدها ولازالت ترتدي السلسال الذهبي خاصته وقرر أخيرا ان الخاتم سوف يفي بالغرض , ولكن السيد جرجس فهم حيرته علي نحو خاطئ وأشار بأصبعه علي خاتم ماسي " بتشبه عليه يا بش مهندس مش كده " آفاق عبد الرحمن من تخيلاته  " قصدك ايه يا عم جرجس؟ " ضحك وأخرج الخاتم وأعطاه لعبد الرحمن " من اربع شهور كده مدام صافي جيت وباعته " أمسك عبد الرحمن الخاتم بلا مبالاة وابتسم لنفسه بسخرية أنه لم يكن ينظر حتي نحوها فكيف له ان يعلم بالخاتم الذي ترتدي! .
" مخدتش بالي والله يا عم جرجس , شوفلي خاتم بس يكون رقيق وشيك كده علي ذوقك " " والخاتم ده مش عاوزة؟ " أعاده له مرة أخري وقال بلا مبالاة  " لاء ميلزمنيش " , " علي العموم أنا كنت سبت قبل كده المجموعة بتاعتها عشان خاطر الاستاذ حسام غالي عليا بس لما عرفت أنهم انفصلوا نزلتها للبيع يا ريت متزعلوش مني يا بش مهندس "  " لا يا عم جرجس الشغل مفهوش زعل وأديك قولت هما سابوا بعض وحسام كمان اتجوز وان شاء الله هيعرفك علي مراته وتبقي زبونتك " ثم انتبه الي شيء , " هي باعت كل مجوهراتها يا عم جرجس؟ "  " لا ده والدها هو اللي جه من حوالي ست شهور وباعهم كلهم مرة واحده وهي من أربع شهور باعت الخاتم ده " .
هز عبد الرحمن رأسه وتفهم سريعا لابد وأنها أفلست الآن لتبيع كل شيء وراءها حمد الله لأن حسام تخلص منها أخذ الخاتم الجديد ومضي في طريقة ..... .
_صعد محمد السلم بوهن ودخل منزل والدته كان باب الشقة لا يغلق في معظم الأحيان لذلك لم يندهش , لكن حالما وقع نظرة علي الجالسين شعر بحلول كارثة ما , نظر يبحث عن سارة فهي كانت مريضه ولكنه وجدها الي جوار زوجته الباكية التي تورمت عيناها بشدة من كثرة البكاء حتى سارة وأمل كانوا يبكون , اما باقي أفراد عائلته فتنظر نحوه شزرا أو باشمئزاز " في إيه؟! " قالها بذعر  وهو ينظر نحوهم , سأله والده باشمئزاز " كنت فين لحد الوقتي ؟ " , نظر محمد باستغراب في ساعته " الساعة لسه تسعه " ثم اردف " مالك يا أية؟ " اصبحت أنفاسه تتلاحق بشدة لابد وأن كارثة ما وقعت .
صاحت فجأة من بين بكاؤها " طلقني ومتجبش أسمي علي لسانك تاني " ازدرد لعابه بوهن لابد وأنها كارثة أخري من ماضيه الأليم , رفعت السيدة نور في وجهه ورقة واحده جعلت الدماء تنسحب من وجهه ويتهاوى في كرسيه وغطي وجهه بآسي شديد ازدادت حده بكاء أية وتركت أخوتها وانقضت عليه , وقف وهو مطرق الرأس بينما هي أخذت تصيح به بكل ما لديها من قوة وغضب " يالا قولي ان دي كمان مقلب وان اصحابك اللي بعتوه قسيمه الجواز دي أتكلم! أكدب! " وأخذت تضربه علي صدره .
أستسلم لكل ما تفعله أيه وعندما خارت كل قواها امسكت بها كل من سارة وأمل , وصاح السيد شهاب " أنطق يا حيوان الورقة دي إيه؟! " ضغط فكيه بشدة وقال بصوت بارد " دي قسيمة جوازي "  كتمت أية شهقة عالية , هل كان لديها أمل يكذب ما يحدث؟ ولكن لما الأمل ألا تعرف مسبقا بكل قاذوراته! , قالت السيدة نور مصعوقة " أزاي تعمل كده؟ " صمت ونظر الي الارض لن يفسر لأحد أي شيء لربما يكون ارسل الله له الحل أخيرا فهذه الزيجة محكوم عليها بالإعدام منذ أول يوم .
" يا خسارة تربيتي فيك يا محمد ليه تعمل كده يا بني و ليه تبهدل بنات الناس معاك طالما متجوز ليه خبيت كل ده " كان يعاتب أبنه بشدة , لم يتكلم فثارت السيدة نور وصاحت به بشدة " انطق يا حيوان عملت كده ليه؟ " , حنق كثيرا منهم فهم يعلمون جيدا أنه كان فتي عابث لما اللوم الآن؟ لما لآن فقط! , قال ببروده وغضب دون ان ينظر لأحد " لسه فاكرين تسألوا الوقتي " .
كادت السيدة نور أن تجن " أنت بتتكلم ببردوه كده ليه؟ انت مش حاسس بالكارثة اللي عاملها! " أبتسم بسخرية وهو ينظر للفراغ " بقي بتسمي دي كارثة هههههه اعمل أي حاجه إلا الجواز مش كده! " صاح عبد الرحمن به " أتكلم مع امك كويس أحسنلك مش كفاية عملتك المهببة " .
لوح بذراعيه في الهواء بسخرية شديدة منهم جميعا وقال بدراميه ساخرة " بقي الميتم ده منصوب عشان انا طلعت متجوز هههههه ده أنا عملت بلاوي أكتر من كده بكتير " ثم صاح فجاءه وهو ينظر لوالده ووالدته " ومحدش فيكو أتكلم " .
  زم عبد الرحمن شفتيه بشدة وصفع محمد صفعه مدوية , أسقطته أرضا وجعلت الدماء تسيل من فم أخيه , ظل محمد مستند علي الأرض بكلتا يديه وهو راكع علي ركبتيه , شهق الجميع حالما فعل عبد الرحمن ما فعله حتى أن أية اشفقت علي محمد من تلك الصفعة الكارثية , وبدي الندم علي عبد الرحمن فور أن صفعها له إلا  إنه لم يستطع تحتمل صياح أخيه بأمه وأبيه , بعد أن أستوعب محمد ما حدث للتو ظل راكعا هكذا ثم بعد برهة بدأ بالبكاء والنحيب بشدة وأخذ يجهش بالبكاء وتوجه الي عبد الرحمن وهو متعثر بخطواته الي أن سقط أسفل قدم أخيه وأمسك بساق عبد الرحمن ودفن رأسه بها , أشفق الجميع عليه بلا استثناء وزاد بكاء الفتيات لحال محمد فهم لم يروه من قبل في هذه الحالة , عض عبد الرحمن علي شفته السفلي حتي أدمها من شدة ألمه علي أخيه , تعالي صوت بكاء محمد بشدة وهو متمسك بساق أخيه أنحني  عبد الرحمن  وقال بوهن " قوم يا محمد " وحاول جعل محمد يقف علي قدمه مرة أخري إلا  ان محمد لم يتحرك من مكانه هذا .
تكلم محمد من بين بكاءه وشهقاته " معملتش كده من زمان ليه؟ " ومسح أنفه بشدة " مضربتنيش الألم ده من قبل كده وفوقتني ليه يا عبد الرحمن؟ " وأجهش في البكاء وقال بصعوبة بالغة " الألم ده جه متأخر أوي أوي , يمكن لوكنت ضربته ليا قبل كده مكنش حاجه من دي حصلت " وذهب في نوبة من البكاء وأنحني عبد الرحمن وجلس الي جوار أخيه أرضا وأخذ يربت عليه كي يهدأ من بكاءه هذا فهو لم يري محمد بهذا الشكل أبدا من قبل .
رفع محمد رأسه وأكمل " عمركوا ما زعقتوا فيا ولا قولتولي عيب ولا حرام ومهاما طلبت منكو فلوس كنتو بتدولي " وصدر عنه شهقة عالية " كنت مستنين إيه اللي يحصل من واحد قدامه كل حاجه فلوس وعربيه وعايش حياته بالطول والعرض محدش بيقوله أنت فين ؟ ولا بتعمل أيه؟ "  قال السيد شهاب بوهن " ده جزائنا أننا كنا عاوزينك تبقي مبسوط! " تعالي بكاء محمد " ومين قالك أني كنت مبسوط كده؟! " ثم أردف بعد أن مسح أنفه مرة أخري " وحتى لو كنت مبسوط فأنا بدفع تمنه الوقتي بدفعه غالي قوي قوي " مسح وجهه بشدة بالغه ونظر لأية الباكية والمصعوقة من كل ما يحدث أمامها وتوجه نحوها يملئ عينيه بنظرة أخيرة من وجهها الملائكي , ونظر الي شفتاها المتورمة من كثره البكاء لكم تمني أن يقبل تلك الشفاه ولكنه لم يفعل ولو لمرة واحده وأقر بنفسه بأنه لم يستحق تلك القبلة قط   " أنا .. أنا أسف يا أية , أنتِ تستهلي واحد أحسن مني بكتير " وتساقطت دموع عينه بشدة ونظرت له اية في عينة مدهوشة من هذا الشخص الذي تراه أمامها وغاص قلبها بصدرها من اللوعة والألم .
يقسم أنه شعر بأن أحد ما أخذ قلبه من صدرة وأخذ يعصر فيه عصرا ولكن حتى هذا الوصف لم يكن ليكفي الألم الذي يشعر به في تلك اللحظة , اللحظة التي سوف ينتهي كل شيء عندها , التي سوف يتوقف فيها نبض قلبه الي الابد .
بصعوبة شديدة أخرج نفسه من ألمه هذا " أنتِ طالق " وركض بعيدا الي الاسفل , إلي الخارج , خارج هذا العالم البالي كلة ......
بينما ظلت أية جامدة مكانها تسقط دموعها بهدوء ولم يصدر عنها أي رد فعل سوي النظر في الفراغ الذي كان يشغله منذ لحظات , كانت سارة وأمل من صدر منهم شهقة عالية وأزداد نحيبهم ,
بينما هي بدت .... حسنا خالية من الحياة .... .
نظر عبد الرحمن إلي أية بآسي وركض خلف محمد فحالته لم تبدوا طبيعية أبدا , قال أحمد بوهن "حسام خدني معاك " وذهب مع حسام خلف أخوته وصعدت أية وهي منومه الي شقتها كي تبدل ملابسها وتذهب بعيدا عن هذا المنزل للابد , لم يعد هناك ما تنتظره , كانت تأمل بحدوث معجزة ما ولكن ..... لقد أنتهي زمن المعجزات .

تمتمت لنفسها " وداعا حبيب قلبي الي الأبد " ..... .








النهاية .
Please vote if you like it 😍 😊

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now