السادس عشر "بقلبي شيطان"

7.2K 268 12
                                    

الفصل الســــادس عشر
"بقلبي شــــــــيطان"


دخل عبد الرحمن غرفته وخلع ملابسه بعصبية، واخذ منشفه ثم توجه نحو الحمام وقف لساعة تقريبا اسفل الماء البارد فهو لا يريد ان يري دموعه، لكن عينه المحمرة ونحيبه افسدا تلك الفرصة تماما!.
رفع راسه الي الأعلى وجعل الماء ينزل مباشرة علي وجهه ، منذ اليوم لم يعد هناك تراجع ، لا امل في أي شيء لقد اصبحت رسميا وبكل معني للكلمة زوجته ، ومن حقهم الطبيعي ان يغلق عليهم باب واحد ، وهو يعلم ذلك ويعيه جيدا ، ولكن ما الذي يمكن ان يفعله بالنار التي تأكل في صدره وتنهش في رجولته؟ لا يستطيع فعل أي شيء .
" انها بين ذراعيه الأن بينما كان من المفروض ان تكون لك ،
انت من تخاذل عنها حتي بعدما عرفت كل شيء مرت به ،
تركتها وانت تعلم جيدا انها لن تكون سعيدة معه " ،
صاح عبد الرحمن بشدة والغضب يأكل منه وهو يضرب الحائط بقبضته ويسدد له عده لكمات " اسكت بقي .. اسكت " كان يتحدث الي الصوت الذي يدور بشدة في خلده والعذاب الذي يلاقيه من كلامه .
لملم نفسه وغسل وجهه من المياه الباردة المنسابة عليه واغلق الصنبور واخذ نفس عميق جمع فيه كل اشلاء نفسه وقلبه وتجمدت عيناه كالحجر ، إنه اقوي من هذا الذي يوسوس له بأذنه طوال الوقت ، سوف ينساها الي الابد ولن تكون بحياته مرة اخري ..... .
***
_ استيقظت سارة تتمطي ببطيء لتجد أحمد يجلس الي جوارها
" يااه اخيرا صحيتي " تنهد زوجها
ابتسمت كثيرا لرؤيته سعيد بها وينتظر استيقاظها ، وهمس برقة " صباح الخير " رد بصوت رصين " صباح القمر ، يا لا بقي عشان ناكل " " حاضر لحظه واحده واحضر الفطار " " تحضري ايه بس انا محضر ومجهز كل حاجه " وجدت سارة الي جوارها صينيه بها فطور وعصير وورده حمراء غاية في الروعة شهقت غير مصدقة " الله ورد كمان! "، ضمها إليه وقبل وجنتها وقال بحب " وحشتيني " ردت بمرح " وانا نايمه جنبك! " " بردو وحشتيني " واعطها قبله مرح علي طرف انفها ، سالته بدلال وهي تعبث بوجنته " طب والعمل " ، ابتسم لها بمكر
" نفطر بس الاول وانا هحل المشكلة دي " ..... .
الساعة الواحدة ظهرا كان أحمد وسارة يجلسون علي اريكه بغرفه النوم وأحمد مستمتع بوجود سارة في احضانه، كانوا يتحدثون عن الفرح وسارة تخبره بانها اعجبت بالرقصة كثيرا وهو ايضا سحب نفس متألم " كان نفسي اشوفك اوي بالفستان " قبلته علي وجنته " محمد صورني 1000 صوره وان شاء الله هتشوفهم وبعدين الفستان عندي اول ما تقوم بالسلامة هلبسه ونعمل فرح من اول وجديد " ابتسم أحمد لها رغما عنه انه ليس اكيد من انه سوف يري مرة اخري ولكن هذا ليس وقته انه فرح لأنها تتحدث من جديد ولا يريد ان يحزنها بأي شيء .
فزعت سارة وشهقت شهقة عالية عندما سمعت الطرق المزعج وضرب جرس الباب الهستيري المتواصل ، " يا خبر في إيه يا أحمد؟ اكيد في حاجه حصلت!"
علي عكس سارة كان أحمد هادئ جدا " اهدي بس انا عارف مين اللي بيعمل كده " ذهبت سارة وراء أحمد وهي خائفة ونزلوا الي الاسفل صاح أحمد من وراء الباب
" اتلـــــــم منك ليه " ليأتي الصوت العابث " احنا عاوزين نبارك بس " صاح حسام ، " إيه يا عريس عاوزين نبارك ليكو افتح بقي!" .
" استني يا أحمد هغير وافتح لهم" " تفتحي لمين! أنتِ علي نياتك اوي لو دخلوا مش طالعين تاني!" ثم صاح بهم " غور ياض منك ليه من هنا " صاح محمد بلوم
" الحق عليا عاوز اطمن عليك عاوزين نعرف إيه الاخبار؟!!" سمعوا قهقه حسام بالخارج ، ثم صوت السيدة نور يصيح بشيء ما وكل من حسام ومحمد يقول بآسي
" حاضر يا ماما "  .
دفنت سارة راسها بصدر أحمد من الخجل ، ربت علي شعرها وهو يضحك
" معلش  هما بيحبوا يهذروا معايا بس هزارهم حلوف شويا! " .
_ في الساعة الرابع ارتدت سارة ملابس أنيقة وخرجت للشرفة وهي تشعر بفرح الي درجة انها من الممكن ان تطير من سعادتها .
خرجت وهي تنظر للسماء بحب شديد والبسمة تملئ وجهها
" يا عروسه ، يا عروسه " ، انتفضت سارة وهي تنظر للأسفل لم تكن تعلم بأن العائلة كلها تتناول الغداء بالخارج .
ابتسمت بخجل لهم ولوحت للسيدة نور التي قالت لها بحب " ازيك يا سارة الف مبروك يا حببتي " ، كانت سارة خجله للغاية رددت عليها بخفوت هي والسيد شهاب ، سال حسام " امال أحمد فين؟ " نظرت الي الداخل انه لم يخرج بعد من الحمام ولم ترد اخبارهم بذلك " زمانو جاي الوقتي " .
همس محمد لحسام " بس اما يطلع وربنا لوريه "  ، كان عبد الرحمن وجهه جامد كالصخر ولم ينظر الي سارة حتي فهو عزم النية علي ذلك .
" ما تيجو يا سارة تتغدوا معانا يا حببتي " سالت السيدة نور " حاضر هسال أحمد واقول لحضرتك "  " تساليني علي إيه؟ " نظرت السيدة نور لابنها بلهفه شديدة وهي تراه مشرق هكذا وسعيد ارادت ضمه الي صدرها والفرح به .
ضم سارة بذراعيه من الخلف وقال لها بغضب " أنتِ استأذنتي قبل ما تطلعي البلكونة؟! " عضت سارة شفتيها وقالت بخفوت " لا "  " أنتِ متعاقبة يا هانم " رفعت سارة راسها له وهي غير مصدقه ، ثم ازاح الغضب وقال لها برقه
" هسامحك لو بوستيني هنا " واشار بأصبعه علي خده .
ضحكت سارة لأنه يمزح معها ووقفت علي رؤوس اصابعها وقبلته وامسكت بذراعيه التي تلفها من الخلف ، " ها يا عريس إيه الاخبار؟ " تبدلت نبرة أحمد من الهيام للجمود " حسابي معاك بعدين عشان اللي عملته في سارة امبارح ، فضلت اهدي فيها ساعة بسببك يا حيوان " ضحك حسام ومحمد وضرب كل منهم كفه بالآخر وغمز بمكر " ايوة هنتحجج بقي من اولها " .
تذكرت سارة ما فعله " والله حرام عليك يا محمد اللي عملته فيا امبارح ده والله لردهالك " مسد ذراعيها بحنان " متشغليش بالك يا حببتي انا هوريه بس بعد شهر العسل " وقبل راسها واخذت سارة تنظر له بحب ونسيت ان كل من بالأسفل ينظر لهم ، ازاح محمد الطبق من امامه بذراعه بدرامية معذبه واطرق براسه علي الطاولة بشده وهو يتأوه وقال بلهجه معذبه " خلي عندك دم يا أحمد وخد مراتك وخوش جوا وراعي ان احنا سناجل يا اخي " ، صاح أحمد بمكر " مضايق " " اه وربنا دا انا والع " " احسن خليك لما تشيط عندك وريحتك تطلع " ، لم يستطع حسام الذي كان يشرب الماء ان يمسك نفسه اكثر عن الضحك فنفخ الماء بوجه عبد الرحمن الجالس الي جواره وهو يضحك .
هاج عبد الرحمن من تلك الحركة ، هكذا ظن الجميع لكن الحقيقة إنه كان يستشيط غضبا من الحوار الدائر بين اخوته ولم يعجبه أي من تكهناتهم هذه.
غضب عبد الرحمن ونهض فجأة وهو يصيح بكل من حسام ومحمد " ما تحترم نفسك بقي انت وهو! أي حاجه بقيتوا تتكلموا فيها كده عادي! " ورمي بفوطه الطعام وغادر السفرة نحو المرأب ، سأله أحمد " تعالي يا عبد الرحمن اعد معانا شويا " ، لم ينظر نحوهم " معلش يا أحمد مرة تانيه " وذهب بعيدا .
نظرت الام شزرا نحوهم " عجبكوا كده " .
***
مرت ثلاثة اشهر علي زواج سارة من أحمد الذي ظل ملازم المنزل لثلاثة اسابيع ولكن سارة الحت عليه بأن يذهب للعمل .
كان دائما وابدا يجلسها الي جواره ونادرا ما كانت ذراعه تفارق خصرها كان يحدثها بود وحب ، اما هي لم تكن تصدق ان أحمد يحبها هكذا ، حسنا هي لم تصدق بأن تلك الامور موجوده اصلا بعد ما مرت به ! .
رفضت سارة أي محاولات للسفر في شهر العسل وتعللت بانها سعيدة هنا ولا داعي للسفر .
_ كانت سارة تخرج اغراض المنزل من السيارة ويبدوا عليها الارهاق الشديد ومعها اكياس عده وعندما رفعت رأسها وجدت عبد الرحمن ينظر لها فشهقت رغم عنها " مش معقول حضرتك هنا! " ابتسم لها " ازيك يا سارة " " الحمد لله كل الغيبة دي يا ابي ؟ مفيش سفر شرم تاني " وربعت ذراعيها بغضب طفولي  ابتسم عبد الرحمن بتعب لها  " ليه بس كده؟" " والله البيت وحش من غيرك وأحمد كان نفسه تيجي اوي 3 شهور وحضرتك مش هنا تقريبا من بعد الفرح ، انا جيت طفشتك ولا إيه ؟ " وعقدت ذراعيها بمرح .
ازدرد لعابه وقال بوهن " لا ابدا أنتِ عارفه الشغل بقي " " ربنا يوفقك ، أحمد هيتبسط اوي لما يششوفك تعالي عشان تعملو مفاجأة " وهمت بحمل الاغراض ،
" لا لا سيبي من ايدك " " حضرتك تعبان من السفر وكمان الشنط دي " واشارت الي حقائبه " ولا يهمك هبقي اجبهم بعدين " " متشكره اوي يا ابيه " .
كان يبدو عليها الارهاق واضح ولكنه اشاح بنظرة بعيدا عنها لا شأن له بها ، صعد معها ودخلوا المصعد " البيت هادي يعني " " حضرتك نسيت ولا إيه انهارده الخميس بنقضيه عند ماما بس انا مشيت بدري عشان الحق اجيب حاجه البيت عشان اخد بكره اجازة " ثم ضحكت له " كويس ان حضرتك جيت انهاردة عشان تسهر معانا " .
خرجت وهو خلفها بالأغراض وفتحت باب شقتها وصاحت " أحمد انا جيت " " طيب يا سارة انا نازل اهه " دخلت سارة واشارت لعبد الرحمن بالصمت واغلقت باب الشقة ، نزل أحمد علي السلم وفي منتصفه هتف " اوعي يا سارة يكون اللي في بالي " ضحكت سارة بسرعة " هو يا قرد " ، نزل بسرعة وهرع نحوه عبد الرحمن كاد أحمد ان يبكي وهو بحضن اخيه " كده يا عبد الرحمن كل الغيبة دي ؟ معتش بوحشك خلاص " . ...... .
***
بعد ان رحبت العائلة به والكثير من السلام والاشتياق ، طرق كل من محمد وحسام باب عبد الرحمن الجالس الي سريرة " يالا يا عُبد تعالي معانا " " علي فين بهدوم البيت كده انت وهو؟ " قال محمد " عند أحمد " " بتعملوا إيه هناك ؟ " ضرب كل منهم كفه بالآخر " بنطلع عين سارة " ، " لا روحوا انتو وبعدين عيب سيبه الراجل ومراته براحتهم " .
هز محمد براسه لحسام وهو يضحك " اخو ك ده علي نياته اوي انت حر " وذهبوا وتركوه .
" اروح هناك برجلي! " حدث نفسه وبعد خمسه دقائق وجد الهاتف يعلن عن قدوم رساله " حضرتك كده قاصد انك متعدش معانا احنا زعلاناك في حاجه؟ " ، ليرتجف قلبه عندما قرأ الرسالة فهمس بوهن " سبيني في حالي ونبي يا سارة وخليني بعيد احسن للكل " ، وبعد خمسه دقائق اخري رن الهاتف ليعلن عن رساله اخري كان يعلم انها منها ، " طيب تعالي عشان نحي فريق بودي وصرصور ونواجه رخامه محمد وحسام احسن دول طلعوا عيني " .
عض شفتيه ، لم يستطع يوما ان يرفض لها طلب ما ، ارتدي سترة بيجامته الرياضية وذهب اليهم .
فتح حسام له الباب ورحب به وناداه أحمد وهو فرح " تعالي يا عبد الرحمن اعد جنبي ، سارة لسه قايله انك مستحيل هتسبني ومتجيش تعد معايا " نظر نحوها كانت واقفه في المطبخ مع محمد وبيدها سكين اشارات بها علي فمها وكأنها تقول له لا تخبره ، ثم غمزت له بمرح لتذيب قلبه الجامد ، ثم التفتت الي محمد وقالت بغضب طفولي " قطع كويس يا ابو ذمه بلاستك " ، نهض حسام ونظر نحو الفرن " خلاص كده يا سارة " القت نظرة "اه تمام جوانتي الفرن هناك حاسب علي ايدك" .
وبعد لحظات امتلأت الطاولة الصغيرة بمقبلات ومقرمشات وفشار وعصائر ومثلجات وضعها كل من محمد وحسام وسارة .
سال أحمد " ها نشغل بقي يا سارة " " ايوة مدام ابيه جه خلاص بس انمي والله لو حطيتو رعب زي المرة اللي فاتت مش قاعده معاكو " زفر محمد بقوة " يوووه هنعيل بقي ، يا بنتي انشفي شويا ميبقاش قلبك خفيف كده!" ، وضعت سارة الفيلم وقالت بتحدي " ماشي مشوفكش بتضحك نهائي يا استاذ محمد " وماهي إلا لحظات حتي ضحك الجميع لقد كان فيلم كوميدي رائع للأطفال .
***
عبد الرحمن
ظللت صامت الي جوار أحمد الذي ضم سارة الي جواره من الناحية الأخرى وراقبتهم وهم يضحكون ويستمتعون معا بالطعام والفيلم، ندمت كثيرا لأنني لا استطيع ان اكون مثلهم حبي لها لم يجلب علي سوي الشقاء وتأنيب الضمير المستمر ومنعني من حقي الطبيعي من ان استمتع وسط عائلتي مثل اخوتي الان انهم يضحون ويمزحون معها وكأنها اخت لهم والجميع سعيد وانت وحدك يا عبد الرحمن الحزين دائما وابدا وكل ذلك بسبب الشيطان المزروع بداخل قلبك عليك نزعه بكل قوة ، وان لم تستطع ،  اقتله ...... .
_اصبحت الرياضة جزأ لا يتجزأ من حياتي ، خاصه العنيفة منها ، وكلما انتهيت من العمل ولم اجد ما افعله التهي باللعب بالأسفل لساعات كي انفس عن غضبي ، ووجدت نفسي كثيرا في الملاكمة .
كنت اشعر بتلذذ كبير وانا اسدد ضرباتي الي كيس الملاكمة مما ادي الي ظهور عضلاتي اكثر واكثر واصبح جسدي مصقول بها .
وفي يوم وجدت سارة تساعد أحمد علي الدخول الي القاعة الرياضية الموجودة اسفل المنزل ، " عبد الرحمن انت هنا؟" " تعالي يا أحمد " لم التفت له بل ظللت اوجه ضرباتي للكيس ، اقترب هو وسارة الي ان وصلا الي جواري " هو حضرتك داخل البطولة ؟ " ضحكت رغم عني لمَ هي ساذجة هكذا دائما؟!.
***
_ التقط أنفاسه وخلع قفازي الملاكمة " من لبسكو كده شكلكوا جاين تتمرنوا "
" كويس اننا لقينا حضرتك " وضربت أحمد علي بطنه " الاستاذ ده مأنتخ بقاله كتير وشكله عاوز يعمل كرش وانا مش هسمح بكدة ابدا " قال أحمد بحنق " خلاص بقي فضحتيني "  " اسكت انت " وضربته مره اخري علي بطنه ، " ها يا ابيه هياخد قد ايه منك ".
ضرب هو الاخر علي بطن اخيه " شهر كده وهتستلمي حاجه زي الفل ان شاء الله بس بطلوا أكل مكرونه شويا ، امسكت ذراع أحمد تضغط عليها وكأنها اسفنجه " طب لو عاوزة اعمله عضلات هنا هياخد قد إيه؟ " انتفض أحمد " لااا بقي ده أنتِ زودتيها علي الأخر!" والتقطها بيده واخذ يدغدغ بطنها " اه، خلاص حرمت " وأخذوا يتضاحكون معا ، زفر عبد الرحمن "انتو جاين تلعبوا بقي مش تتمرنوا " " لالا خلاص يا أبيه " " اطلع يا أحمد علي جهاز المشي " ، صعد أحمد بمساعده سارة واخذ يسير ، استنكرت سارة " هو بيمشي براحه كده ليه؟ " ازاد عبد الرحمن السرعة له واخذ يركض " ايوة كده اقطع نفسه عشان يخس " قالتها سارة بانتصار .
أعاد عبد الرحمن القفازات والحبال إلي مكانها " انا طالع عاوز حاجه يا أحمد ؟ "
" إيه يا عبد الرحمن ما تخليك معانا يا أخي أحسن سارة هتفطسني لعب " " لا معلش لازم أخد دش ، سلام " وذهب سريعا .
استغربت سارة كثيرا منه إنها تشعر بأنه يتجنبها بشكل غير طبيعي منذ عمليه أحمد منذ ان أشاح بوجهه بعيدا عنها ، لم يعاملها جيدا سوي عند مرضها وبعد الفرح اختفي وعندما عاد وكأنه لا يريد النظر حتي إليها هزت كتفيها ووضعت الموسيقي بآذانها ، لن تجرأ علي إخبار أحمد أي شيء ولكنها فقط تستغرب اكل هذا لأنها نكثت بالوعد ، ام انه شيء أخر؟! .... .
مرت شهور علي زواج سارة من أحمد وبدأت تعي المعني الحقيقي لكلمه والدها عندما سألها اول مرة " سارة دي مسؤولية كبيرة هتقدري تحمليها؟ " ، بدأت تعي اخيرا معني هذه الكلمة فالمسؤولية وقتها كانت تعني لها انها سوف تهتم وترعي أحمد وتأخذ بيده وتسانده في المشي، اما الان فهي تعي المعني الحقيقي لكلمة المسؤولية التي سألها والدها عنها اول مرة .
بدأت تشعر بحمل كبير يضغط كاهليها ويرهق اعصابها ، فهي تقوم بالدورين في حين انها ارادت ان تقوم بدورها هي لم تكن لتتذمر ولكن ......
حسنا انها تجد انها لمفارقه غريبة حقا فهي عندما كانت مع علي زوجها الاول كل ما كانت تتحمل مسؤوليته هو منزلها الصغير ، وعلي كان يهتم بكل شيء آخر لم تكن تشعر بالرعب معه بالخارج ، واذا حدث لها أي شيء كانت تعلم بانه قادر علي ان يحملها ويركض .
لا يمكنها هزم الوساوس بعقلها ومع الوضع الامني المضطرب بالبلد ، جعل رعبها يزداد هي لا تريد ان تقود السيارة به ، ماذا لو تعرض لها احد بالطريق؟ كيف سيكون مصيره حيناها؟ ، اجل انها قلقه من اجله هو لا من اجلها ، ماذا لو ضربوه وتركوه ملقي علي الطريق؟ كيف سيتمكن حينها من العودة الي المنزل؟ ، انها تشعر برعب شديد عليه ، كما ان نوبات غضبه بدأت تزداد حده وشراسة .
وفي نفس الوقت كانت تعشق حنانه عليها عندما يكون هادئ ، فبعد كل يوم شاق تمر به من عمل بالشركة والمنزل والعناية به ، يقبلها بحب قبل ان تنام ويخبرها كم هو ممتن لوجودها بحياته وانها هي نور حياته فيذهب كل الالم وتختفي معظم الشكوك ، لكن مع اشراق يوم جديد تعود الالام والشكوك مرة اخري .
عرض عليها اكثر من مرة السفر معه للسياحة ودائما ما كانت تتحجج بشيء ما ، انها بالكاد تستطيع تدبير امرها معه وسط عائلته فهي تشعر بالأمان معهم .
لكن بالخارج بمكان لا يوجد به سواها هو وهي لا ، لا تريد لكنها خائفة عليه هو لا هي .. ماذا لو جاءته نوبة غضب ولم تستطع ان تسيطر عليه؟، ماذا لو سقط كيف ستحمله؟ كيف ستنقذه؟ من سوف يكبله عند هياجه؟، من سوف يحكم قبضته عليه كي لا يؤذي نفسه او يتعرض لسوء ما؟! .
كل تلك التساؤلات تأكل بعقلها كلما عرض عليها السفر أو الخروج بمكان غريب ، كان هناك من يراقب دون ان تعلم ويشعر بمعاناتها ، ولكنه اقسم علي ألا يتدخل شهور وهو يراها تزداد شحوب وتحمل المسؤوليات لكنه اقسم علي ألا يتدخل الي ان آتت القشة التي قسمت ظهر البعير .... .
_ كانت سارة تشتري أغراض للمنزل وأراد أحمد الذهاب معها في هذا اليوم، ذهب الاثنين معا لكنها ركنت السيارة بمكان بعيد نسبيا عن المركز التجاري نظرا لعدم وجود مكان لركن السيارة وعندما عادت بالأغراض هي وأحمد حسنا،.....
حصل ما كانت تخشي دائما ان يحدث هجم عليها ملثم ما ويبدوا إنه انتبه إلي أن أحمد لا يري ، أشار بإصبعه نحو فمه " أي تصمت ولا تتحدث بشيء " وأشار لها بان تخلع حليها وتعطيه حقيبتها وهو مهدد إياها بسكين صغير ، كادت سارة ان تموت من الرعب امتثلت إلي أوامره دون ان يصدر منها أي صوت كي لا يؤذي أحمد بشيء وكان أحمد ملتهى بفتح باب السيارة والدخول إليها ويظن ان سارة التفت لتضع الأغراض بصندوق السيارة ، أعطته الحقيبة وخاتم الزواج وأسواره يدها ولم تنتبه الي سلسال عبد الرحمن ، فظنت أنها أعطته كل شيء ، اخذ الأغراض منها ثم نزع السلسال عن صدرها بوحشية ولما رآها مرتعبة وهي تنظر  إلي أحمد علم ما يدور بخلدها ، فنزع الشال من علي فمه ولعق فمه بطريقة مقززة وامسكها من ذراعها والصقها بالجدار ، أرادت ان تموت أرادت ان تصرخ ولكن الصوت لم يخرج من حنجرتها المر تعبة وهي تنظر نحو أحمد بالسيارة بخوف شديد ، اطل أحمد برأسه من السيارة " يالا يا سارة كل ده ب تعملي إيه؟ " ، صاحت برعب " أحمد اقفل باب العربية عليك بسرعة " .
كان هذا أفضل ما استطاعت فعله، لاحظت توتر المجرم الذي امسك بخناقها ومن ثم حدث ما لم تتوقعه " طراااخ " لقد ضربه عبد الرحمن في رأسه وانهال عليه بالضربات والركلات في نفس اللحظة التي خرج بها أحمد من السيارة يصرخ بها
" سارة، سارة ، أنتِ فين؟ " ولم يستمع إلي تحذيريها .
***
سارة
التفت إلي عبد الرحمن " أنتِ كويسه؟ عملك حاجه؟ سارة أتكلمي؟! " لم استطع فعل شيء سوي التثبت بذراعه كي لا اسقط أرضا ، أدخلني الي السيارة فارتميت علي الكرسي الخلفي كله ابكي بشدة من الرعب ، لقد كدت ان انتهي منذ لحظات ولكن الله أرسله لي كي يحمني .
انهال عبد الرحمن مرة أخري علي المجرم وهو راكض علي الأرض ولملم أغراض سارة ونزع السلسال من قبضته وصاح ب أحمد بهياج بالغ كي يصمت عن سؤال ما الذي يحدث؟ .
أشهر عبد الرحمن مسدسه بوجه المجرم وأغلق السيارة علي أنا وأحمد وأخذه الي امن "المركز التجاري" وسلمه لهم ثم عاد سريعا لنا ، اصطحبنا إلي المنزل وجعل أحمد يصمت عن الصياح بي ، وأنزلني برفق من السيارة نظرت له وعيناي ممتلئة بالدموع وبالامتنان أيضا ، لما فعله من اجلي .
***
عبد الرحمن
_ أردت ان أضمها إلي صدري وان أطمئنها وأهدئها واخبرها بأنني لن اتركها أبدا .
التقطها أحمد بيده " مقولتيش ليه يا سارة ، مصرختيش ليه؟ " كان أحمد يهزها ويصيح بها ، لم استطع تمالك نفسي أكثر من هذا صحت به بشدة وغضب " يا أخي مش شايف حالتها خدها في حضنك و طمنها مش وقته الكلام دة! "  ، ضمها وهو مكره بعد صراخي به وأخذت هي تبكي بشده وتتمسك به ، شعر بالذنب لصراخه فيها فهي حقا مرتعبة واحكم قبضته عليها إلي أن هدأت وصعدنا جميعا وضعت لها أغراضها عدي السلسال وتساءلت والدتي عما حدث واخبرها أحمد  واسفت كثيرا علي حال سارة ، بعدها سألتني  بحدة " من امتي وانت معاك مسدس؟" رددت باقتضاب " من سنتين " وتركتهم وذهبت وانا حانق من هذا الحظ التعس الذي يوجد لدي ، كلما حاولت نسيانها يحدث لها شيء ما يستدر عاطفتي ويشعل النار واللوعة بقلبي من جديد ما هذا الحظ ؟!! .
سالت السيدة نور أحمد " وايه اللي جاب عبد الرحمن في الوقت ده ؟ " " انا كلمته قولت له تعالي نتغدي سوا بس هو قال ان وراه شغل ومعرفش انو جاي ، اكيد غير رأيه " ، دعت سارة الله في سرها تشكره علي مجيء عبد الرحمن فلولاه الله وحده اعلم ما الذي كان سوف يحدث لها .
_ بعدها بعدة أيام استدعها أحمد وهو مبتسم " تعالي يا سارة " دلفت وكان هو جالس مع عبد الرحمن والسيد فتحي محامي الشركة ، جلست سارة ونظرت الي أحمد المبتسم كان يود قول شيء ما ومن وجهه يبدوا إنها مفاجأة من اجلها .
امسك بيدها ثم قال " الاستاذ فتحي جاب الورق اللازم عشان عبد الرحمن هينقل الوكالة باسمك من هنا ورايح أنتِ اللي مسئولة عن كل حاجه " ، امتقع وجهها وسحبت يدها من يده واستأذنت السيد فتحي بوهن " ممكن حضرتك تسبنا شويا يا استاذ فتحي " " اه طبعا مفيش مشكلة " وحالما اغلق الباب سأل بقلق" في ايه ؟ "
" في اني مش هعمل كده " " يعني ايه مش هتعملي كده! " نظرت لأحمد بحنق ثم نظرت لي ، " ليه يا سارة ؟ " سالتها ببروده وانا اوجه نظري عليها " انا مش عاوزة كده يا ابيه " .
ابتسمت بوهن فقد تحققت كل شكوكي بخصوص أحمد الذي حرص بل واصر علي ان تتعلم سارة كل شيء وها هو يريد ان يلقي بالحمل عليها ، لهذا السبب اراد ان يتزوجها لأول مرة احنق بداخلي علي أحمد انها يستغلها .
" لو قلقانه اني ممكن اضايق يا سارة تبقي غلطانه ، انا و أنتِ واحد المهم راحه أحمد " رفضت بغضب وعيون دامعة " انا مش عاوزة المسؤولية دي " وخرجت وهي غاضبه من المكتب حانقه منه كل الحنق ، ان الحمل الذي يضعه علي كاهلها يزيد علي المدي ولا ينقص انه يريدها ان تتعلم كل شيء ويختبرها طوال الوقت وهي لا تريد أي من هذا ، تريد ان تجلس بالمنزل وان تنجب ، انها مشتاقه لأن تكون ام ولكنها رضيت بشرطة المجحف بعدم الانجاب إلا بعد ان يجري هو العملية .
***
دخلت الي الحمام واخذت تبكي وبعد فترة غسلت وجهها وعادت لتمارس عملها وتجنبت النظر الي عبد الرحمن ، ومن الجيد انها فعلت ذلك لأنه كان يشعر بحنق شديد منها لأنه يعلم بقراره نفسه بضعفها وان أحمد سوف يؤثر عليها ويجعلها ترضخ لمخططه وبذلك يكون امن مستقبله كما يجب ، علي حساب تلك المسكينة التي تصرخ عيناها بانها تكره كل هذا ، ولكن لا احد يريد ان يسمع .
ارتسمت حدة ما علي وجهها اصبحت لا تفارقها إلا نادرا ، لقد فرض عليها الزمن ان تكون قوية وهي لن تستسلم ولن تصبح ضعيفة لا وقت للضعف منذ الان ،
ولكنها للأسف كانت تفتعل ذلك فبداخلها لازالت ذلك الكائن الوردي الهش الذي يحتاج الي من يضمه .... .











نهاية الفصل .

هنزل رواية اسمها الغرق انهارده بالليل اتمني تعجبكوا المشهد اللي جاي منها
قراءة ممتعة 😊😍

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now