الثاني عشر

8.2K 291 11
                                    

الفصل الثـــــاني عشر
"فراق الأحبــــــــــــة"

رن هاتفها يعلن عن قدوم أحمد، نزلت مع أمل الي الأسفل 
بحذر ووجدت أحمد ينتظرها ويفتح لها باب السيارة ، رحب كل من عبد الرحمن وأحمد  ب أمل وسألها عبد الرحمن بالقدوم مع سارة ولكنها اعتذرت منه " مرة تانيه ان شاء الله اصل عندي بحث مهم ولازم اقدمه بكره " " ربنا معاكي " ودعت اختها التي صعدت السيارة بشق الانفس وهي تعض علي شفتيها .
نظر عبد الرحمن لها والقلق يأكله " سارة أنتِ كويسه ؟ " " اها الغرز بس شده عليا شويا " ، نظر الي أحمد شزرا "مكنش المفروض تنزلي بس أنا عارف ان في رخم مبيرحمش اكيد هو اللي زن  عليكي " .
ضحك أحمد بمكر " خلاص بقي يا عُبد وبعدين هي وحشاني اوي وأنا متأكد كمان إن المرجيحة وحشتها ، براحه وعلي مهلك في المطبات بس " .
وصل عبد الرحمن في ضعف المدة الزمنية تقريبا كي يجنبها أي اذي وعندما دلف الي الحديقة التف هو وساعدها علي النزول ، وكم تألم وهي تعض علي شفتيها وتمسك بجرحها هكذا فقال لها محذرا "سارة دي اخر مرة تسمعي كلام المجنون ده فاهمه ولا لاء؟" ، ابتسمت له " حضرتك عارف انو مسيطر " ، ازاحه أحمد
" اتاخر كده  أنا مش عارف انت ايه اللي حاشرك بيني وبين مراتي يا اخي ؟! " وامسك بيد سارة وذهب في اتجاه المظلة . كانت سارة تسير بحذر وهي ممسكه بيد أحمد وواضعه الأخرى علي جرحها وعندما وصلت للطاولة وقف محمد تاركا لها اقرب كرسي لتجلس عليه ، وصاح بأخيه " والله انت حرام عليك " جلست سارة بحذر وهي تعض علي شفتاها ف العملية لم تكن بالهينة وجرحها لازال يحتاج الي عنايه .
وقالت السيدة نور عندما رأتها "  معلش يا سارة أنا عارفه انو زنان ولازم يعمل اللي في دماغه " ردت سارة وهي تضحك " عادي يا طنط أنا اتعودت خلاص " ، وبعد مده سألها أحمد " ها هتنزلي الشغل امتي أنا زهقت بجد " ضمت سارة ما بين حاجبيها بآسي  فتحدث السيد شهاب بدلا عنها " حرام عليك يا ابني سيبها ترتاح أنتِ قدامك شهر يا سارة ولو عاوزة اكتر يا حببتي براحتك " ، تهللت اساريرها مرة أخرى"  بجد يا عمي متشكره اووي " فهي كانت مرةقه للغاية وتريد الراحة قليلا كي تستعيد عافيتها .
اما أحمد فقد اشتعلت راسه عندما سمع فرحتها بالإجازة ، انها لا تهتم اذا تركتني وحيدا اصلا وهي تعلم انني وحدي ولا اذهب للعمل منذ ان مرضت هي ظل وجهه جامد لفتره ولم يتفوه بكلمه .
تابعها عبد الرحمن رغم انه تعهد بالا ينظر نحوها مرة أخرى لكنها لم تبدو علي ما يرام ، قاطع كلامها " سارة معاكي المسكن؟" قالها بحزم ،عضت شفتيها " نسيته " وحاولت الابتسام ، تنهد بآسي وقال " أنتِ وجوزك مشاء الله عليكو " ووقف ثم اردف " أنا فاكر اسمه هروح اجيبه " كان يتكلم بنفاذ صبر وتركهم وذهب نظر الجميع نحوها بقلق وسألتها السيدة نور " ايه رأيك تطلعي تريحي شويا يا سارة شكلك تعبان فعلا " " لا لا ابدا أنا اول ما هاخد المسكن هبقي تمام " ، قال أحمد بصوت جامد " تحبي تتمشي شويا " فهو يرغب بشدة في الحديث معها بعيدا عنهم .
قال محمد بنفاذ صبر " يا بني تعبانة سيبها ترتاح " صاح به أحمد " كلكوا بقيتو عارفين مصلحتها احسن مني ولا ايه ؟! " فزعت سارة عندما صاح هكذا والمها جرحها اكثر من تلك الفزعة ، نهره السيد شهاب " في ايه يا أحمد بلاش العصبية دي قولنا ميت مرة " شعرت سارة بأن هناك نوبه غضب قادمه ، امسكت يده ووقفت " بعد اذن حضرتك يا عمي أنا عاوزة أتمشى فعلا " ووقف هو الاخر وسار معها ،
وجميع من علي الطاولة يعلموا بانها ذهبت مكرهه حتي لا يغضب أحمد لا اكثر
تنهد حسام بآسي " واخرتها معاه يا بابا " فرك السيد شهاب وجهه وقال بآسي هو الآخر " معتش عارف حاجه يا حسام " .
حاولت تلطيف الجو قليلا كي تضحكه بعد أن اصبحوا بعيدا عن مجال رؤية عائلته " تعرف إن فارس رسمك امبارح وانت معايا في المستشفى " ثم ضحكت " كان شكلك مسخرة بصراحة فضلت اضحك علي الرسمة طول الليل وعلقتها علي المراية كمان " ، التفت نحوها كانت تعض علي شفتيها من الالم من الجيد انه لا يستطيع رؤيتها هكذا .
رسم سخريه واضحه علي فمه " بقي فارس اللي بيخاف يسلم عليا رسمني يا سارة "  وامسك ذراعيها بغل شديد وعنف " قد كده بتستخفي بيا يا سارة وبمشاعري؟ ".
تأوهت منه بشدة لقد كانت قبضته ساحقه نظرت نحوه غير مصدقه ما يفعله معها خصوصا وانها لم تفعل له أي شيء .
في تلك الاثناء عاد عبد الرحمن وقد كان وجد الدواء نظر اليهم " امال سارة فين؟ هي تعبت ولا ايه! " ، رد محمد بنفاذ صبر " بتتمشي مع أحمد " زمجر غاضبا
" بتتمشي ازاي هي كانت عارفه تعد هو اخوك خلاص مبقاش عنده مخ ! " .
في تلك اللحظة بالذات سمعوا صراخ سارة وبكاؤها وهي تتوسل أحمد بأن يتركها وهذا الاخير كان يصيح بها غاضبا ، هرع الجميع نحوهم واولهم عبد الرحمن ،
" أنا اعمي ايوة بس مش غبي يا ست سارة ، مش كفاية انك مش حاسة بيا ومش هامك " ، من بين شهقاتها وآلامها " أنا مش عارفه أنا عملت ايه عشان تغضب كده ! " ثم توسلت " سيبني يا أحمد ارجوك أنا بجد تعبانة " ، نهرها بشدة ثم واخيرا تركها ولكنه دفعها بعيدا عنه بشدة فما كان منها الا ان سقطت علي الأرض ، ثم اخذ يبحث حوله عن اي شيء يحطمه ووجد أصيص ورد فرفعه وحطمه بشدة في مكان ليس ببعيد عنها وسط صراخها الحاد .
كان عبد الرحمن اول الواصلين صاح بأخيه قائلا " أحمد انت اتجننت ! " فصاح الاخر بكل قوة " ايوه اتجننت ومتتدخلش يا عبد الرحمن احسن لك " ، كانت سارة مرتعبة وتجلس علي الأرض متأوه من الالم ، وصلت العائلة كلها علي هذا المشهد الغير سار.
حاول عبد الرحمن مساعدتها علي النهوض لكنها رفضت يده الممتدة لها ووقفت وحدها بشق الانفس وهي تتألم من جرحها اشد الالم ، لم تستطع النظر لأي منهم فهي تشعر بالخجل حتي الاعياء ، لقد ذهبت كرامتها بغير رجعه امامهم ، فما كان منها الا ان تركض الي الخارج تاركه أحمد يحطم ما يريد تحطيمه حتي بعد ان انقض عليه كل من حسام ومحمد ، لم تستمع لأي من هتافات السيد شهاب او السيدة نور بل ركضت هاربة الي الخارج وهي ممسكه بجرحها ولم تلتفت الي محاولات عبد الرحمن كي يوصلها هو ، خطفت حقيبتها من علي الطاولة وركبت في اول سيارة اجرة وجدتها .
اوقفها عبد الرحمن وهي بالسيارة " انزلي يا  سارة من فضلك أنا اللي هوصلك " كان يتوسل لها تقريبا ، لم تنظر له " مش عاوزة حد من عندي يعرف باللي حصل " وهتفت " اطلع يا اسطي من فضلك " تركها عبد الرحمن فهو يعلم ان المها لا يحتمل ولن تستمع لاحد ، لمح السلسال بعنقها وعندها تذكر ان المسكن في يده ولكن سيارة الاجرة كانت انطلقت .
حاولت باقي العائلة تهدئه الثور الهائج الذي دمر ورود وازهار السيدة نور كلها تقريبا وهو معمي من الغضب .
اما هي فأغلقت هاتفها ودلفت الي غرفتها سريعا قبل ان ينتبه احد الي ملابسها الملطخة بالطين ، بدلتها وغسلت الأخرى سريعا ودلفت الي غرفتها واندست تحت الغطاء لتبكي بحرقه دون ان يشعر بها احد .
***
مر اسبوع لا يخرج من غرفته ، لا يأكل ،لا يتحدث مع احد ، لقد ساء وضعه واصبح أسوء حالا من الاول .
لم يجرأ أي من السيد شهاب او السيدة نور بمكالمه سارة فهم يعلمون تمام العلم بأن ابنهم هو المخطئ وانه اصبح لا يحتمل .
حاول مئات المرات الاتصال بها " ولكن رد واحد تلاقاه الي الان " الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلق او خارج الخدمة برجاء الاتصال في وقت اخر " ، وبعد ان اخبرهم عبد الرحمن برغبتها بعدم معرفه اهلها بما حدث ، اصر السيد شهاب علي الا يتدخل احد ، فان هي لم ترد ان تخبرهم فهو شيء جيد لصالح أحمد كي لا تقطع اواصر العلاقة كلها مرة واحده .
عاد الحزن الي المنزل مرة أخرى ، أحمد غاضب ورافض لكل شيء ، وعبد الرحمن اغرق نفسه بالعمل والرياضة واصبح لا يحدث احد ، محمد متجهم لما حدث لسارة فهم اصدقاء وهو يشعر بالأسف لأجلها ولأجل حال اخوة ايضا ولخسارته الوشيكة ل آية ، وحسام هو الآخر يشعر بالحزن لعوده اخيه الي كأبته السابقة كما انه كان ينتظر بفارغ الصبر دخول سارة الي المنزل وان تصبح اخت لهم كان يشعر بأن الكثير سوف يتغير بوجودها وحال اخوة سوف يصبح افضل ، اما الان فهو يشك بعودتها مرة أخرى  ، والاب  والام لم يعجبهم حال ابنهم المسكين هذا .
_ دلف الي غرفه اخيه دون ان يطرق الباب وجلس علي حافه السرير وبدون أي مقدمات " أنا هروح بكره ليها وعاوزك معايا " نزع عبد الرحمن سماعات الراس من اذنه ، لقد كان يستمع الي الأغنية التي تعذبه وتوصف حاله ويتذكر عندما كانوا يستمعون لها سويا ب المشفى .
اعتدل في جلسته وقال ببرود " بتقول ايه يا أحمد السماعات كانت في ودني "
" بقولك هروح ليها بكره وعاوزك معايا " " خرجني أنا من الموضوع ده خد حسام معاك " ، التفت أحمد نحو اخوه يرجوه " مينفعش أنا عاوزك انت ، حسام مش هيفهمني " تنهد بنفاذ صبر" أحمد أنا مش عاوز ادخل في الموضوع ده من فضلك " " يا عبد الرحمن انت ضهري وأنا محتاج لك جنبي عشان اقدر اكلمها واروح لها " .
زفر عبد الرحمن بحنق " تقدر تقولي هتقول ليها إيه ؟ انت ضربتها وصرخت فيها قدمنا ومهمكش انها تعبانة ولسه قايمه من عمليه ، هتقولها معلش يا سارة أنا اسف سامحيني " صاح به أحمد " دي مراتي لازم تسامحني وأنا بحبها ولازم ارجعها " ، ثم اردف بآسي شديد " عبد الرحمن لازم تساعدني أنا مش هقدر اعمل كدة من غيرك ، ارجوك متسبنيش ".
***
دق جرس الباب وهو ممسك بيد اخيه الذي يحتضن الورد ، ويتمني بشدة ان تشفع له تلك الورود عند سارة ، فتحت السيدة وفاء لهم وتفاجأت عندما راتهم ورحبت بهم كثيرا .
بعد السؤال عن احوالها واحوال سارة " كويس انك جيت يا أحمد والله أنا حاسة انها مخبيه حاجه وخوفت تكونوا زعلانين يا بني " ، ازدرد أحمد لعابه " طيب ما تقولي لها إن احنا هنا يا طنط اصلها وحشاني اوي بقالي اسبوع مشوفتهاش " "حاضر يا حبيبي ربنا يخليكو لبعض " .
بعد عشرة دقائق خرجت سارة ، بدي عليها الشحوب الشديد وقف عبد الرحمن حالما دخلت وحزن لحالها كثيرا ، لم تستطع ان تنظر لأي منهم وجلست بعيدا عنهم قدر امكانها وظلت تنظر الي الأرض ، كالعادة شعر بها أحمد ووقف " ازيك يا سارة عامله ايه ؟ " خطفت نظره غاضبه نحوه واخفضت نظرها مرة أخرى .
عندما لم تجيبه اردف " سارة أنا اسف سامحيني " قالها بآسي شديد ولكن تلك الكلمة جعلتها تغلي حنقا عليه ، كل مرة يخبرها بانه اسف وبأنه لن يعيد الكره وكل مرة يهينها اكثر من تلك التي سبقتها، وما ألمها كثيرا انها لم تفعل له أي شيء فهي لا تعلم ما الخطأ الذي اقترفته ؟، لقد رسم فارس بالفعل صورته هي لم تكذب او تستخف بعقله وكيف له ان يهينها هكذا وهي مريضه؟ لقد شعرت بخوف شديد منه .
وها هو يثير حنقها بأسفه البارد ، نظرت نحو عبد الرحمن واستأذنت "لحظه وجايه" بعد دقيقتين جاءت ومعها اغراض كثيره وضعتها علي الطاولة امام أحمد واقتربت منه لتجلس الي قربه ، واختلج قلبها كثيرا عندما جلست الي جواره وتنفست عطره ، لكن لا بد لها وان تفعل ذلك ، فهي لن تقبل ب " علي " اخر من نوع اخر ، رغم الحب الكبير الذي تكنه له الا انها لا تستطيع ان تعيد الكره مرة أخرى .
خلعت خاتمها بهدوء وامسكت يده ، ابتسم أحمد وظن انها سوف تصالحه ولكنها وضعت فيها الخاتم وعندها غابت البسمة عن وجهه وازدرد لعابه بعصبية " سارة لا يا سارة استني من فضلك " ، نظر عبد الرحمن الي الأرض وشعر بقلبه يتمزق من اللوعة علي اخيه .
وضعت في يده بعدها مفاتيح السيارة قال أحمد بآسي شديد " دي هديه عيد ميلادك يا سارة لا يا سارة من فضلك متخليش الامور توصل بنا لكده " مسحت دمعه هاربة وذهبت الي غرفتها لتاتي بباقي الاغراض ، نظر عبد الرحمن الي علبه من القطيفة الحمراء وشك بها ففتحها و اذا بشكه في محله تماما ان بها السلسال الذهبي الذي اهداها اياه ووعدته بعدم نزعه من رقبتها .
دخلت ووضعت باقي الاغراض والهدايا ووضع عبد الرحمن العلبة امام عيناها نظرت له ودموعها تنهمر ، تكلم كل منهم بالنظرات " هو ده الوعد يا سارة ؟ " " اسفه صدقني غصب عني " ، اشاح بنظرة بعيدا عنها ووضع العلبة بعصبية علي الطاولة الصغيرة " أنا هستناك بره يا أحمد " قالها بعصبية وتركهم وحدهم .
تحسس أحمد بيده ليضع الخاتم والمفاتيح ، فوجد علي الطاولة باقي هداياه الذي اهداها اياها من قبل " ابتسم بمراره " ياااااه مش عاوزة أي حاجه مني " ووقف بعصبية للخروج بعد ان اصطدم بالطاولة وكاد ان يسقط ، امسكت به بسرعة وقف ولكنه ترك يدها وقال بمراره " ما خلاص أنتِ قررتي تسبيني في الضلمه لوحدي " وخرج سريعا وهو يتحسس طريقه .
شعرت بندم شديد لأنها تركته ، فهي لاتزال تحبه بل و تعشقه ولكنه خوفها من تكرار تجربة مريره أخرى  .....
حاولت والدتها معرفه ما يحدث ولما كل اغراضها بالخارج واين ذهب أحمد انهالت عليها بالأسئلة مرة واحده وكل ما ردت به " سبيني من فضلك أنا هقدر احل مشاكلي لوحدي " .
ظلت حبيسه غرفتها بعد ان علمت العائلة كلها بأن هناك خطب ما بينها وبين أحمد ، ظلت حبيسه غرفتها مده لابأس بها ، وبعد فتره خرجت منها وبدأت تمارس حياتها الطبيعية في المنزل بعد ان وعدها الجميع بألا يفاتحوها بالموضوع حاولت جاهده ان تبدو امامهم بخير لكن الجميع كان يعلم ان بها خطب ما ، فهي لم تعد سارة المرحة التي كانت ولم تقترب منها حتي .
ارادت سارة العودة الي أحمد بشدة ولكن خجلها مما حدث لها امام عائلته كلها جعل كبريائها الجريحة تنزف قهرا ومراره ، كما انها نكثت بأكثر من وعد في ساعة غضب وخوف ، لقد نكثت بوعدها الي أحمد حين وعدته بأنها لن تتركه ابدا ، ونكثت بوعدها للسيدة نور حين وعدتها باحتمال أحمد وألا تجرحه مرة أخرى .
وبوعدها لعبد الرحمن حين اعطاها السلسال الذهبي للمرة الثانية  في المشفى وايضا حسام الذي اخذ منها وعد بان تظل اخته وصديقته للابد ، لقد خسرت الجميع في ساعة رعب منها من المستقبل وها هي تعض أناملها الان من الندم .
_ بعد مرور أكثر من شهر وصلتها رسالة في السابعة صباحا من محمد " أحمد هيعمل العملية انهارده الساعة 10 " غاص قلبها عندما علمت بأنه سوف يجري العملية التي كانت توتره وتجعله مرتعب كلما ذكرت امامه ، يا اللهي إنه وحده الان يواجه خوفه هذا! .
ما الذي يمكن ان افعله؟ لم تجرؤ علي الاتصال به ظلت تزرع الغرفة ذهابا وايابا تفكر ماذا عساها ان تفعل فبرغم من انها رفضته الا انه رفض ان يطلقها ، صحيح انه لا يتحدث معها ولكنها لاتزال زوجته الي الان .
اتخذت قرارها سوف تذهب وليحدث ما يحدث ، حتي وان رفضها ورفضوها جميعا فهي تفضل تقبل خسارة قريبه الآن ، علي تقبل خسارة فادحة في المستقبل .
***
سارة
ذهبت الي والدتي التي كانت تعد الفطور كالعادة في هذا الوقت " ماما أحمد هيعمل العملية انهارده " " انهارده متأكدة ؟ " "ايوة أنا هروح ليه " " ربنا معاكي ومعاه يا بنتي " ركضت الي غرفتي وارتديت ملابسي واخذت حقيبتي وتوجهت الي منزلهم بسرعة .
دخلت من البوابة وتوجهت بحذر نحو العمارة ، فهذا المكان يحمل لي ذكريات أليمه لي وأخرى حلوة ولكن تلك الاولي هي ما يغلب علي تذكره الآن .
نزل حسام ومحمد في اللحظة التي نويت الصعود فيها ومعهم حقيبة يد ، ظننت ان أحمد سوف يتبعهم كان حسام متهجم الوجه ولم ينظر الي ومضي الي منتصف الحديقة ، اما محمد قابلني بلهفه والبسمة علي وجهه " كنت متأكد انك هتيجي أحمد محتاج لك اوي يا سارة " " هو نازل الوقتي ؟ " واشرت بحذر نحو المصعد ، هز رأسه نافيا " أحمد في المستشفى " دب الرعب في " متقلقيش ان شاء الله هنلحقه هتيجي معأنا مش كده ؟ " ، كان محمد يبتسم لي ويشجعني علي الذهاب معهم هززت رأسي بسرعة مؤكدة علي ذلك ، صاح حسام بمحمد "  طلع العربية بسرعة اتـأخرنا  " غمز لي محمد و ترك الحقيبة لحسام وذهب ليحضر السيارة ، شعرت بخجل شديد لأن حسام غاضب علي ، كنت قد ارتديت سلسال عبد الرحمن الذهبي علة يشجعني قليلا علي مواجهته ، ولكن لم يخطر ببالي ان حسام سوف يعاملني هكذا .
نظرت له والدموع متحجرة في مقلاتاي ولم اعرف ما الذي يمكن ان اقوله له ، جاء نحوي وهو غاضب وقال بحنق بالغ " هو ده الوفاء مش كده اللي مقدرش اشتريه بفلوس الدنيا " ’ بكيت بشدة " لا يا حسام مش زي ما انت فاهم أنا .. مقدرتش ابوص في وش حد فيكو بعد اللي عملوا أحمد معايا قدامكوا كنت عاوزه الأرض تنشق وتبلعني ، مستحملتش لما شوفتوني كده ومعرفتش هواجهكم تاني ازاي ؟ اكيد انت بتقول عليا معنديش كرامه عشان رجعت تاني بس أنا هموت من القلق علي أحمد " " اكتر من كرامتك! " نظرت للأرض وهززت رأسي بأسي ، صاح محمد مناديا إيأنا فنظر حسام الي وقال " أنتِ هتجنينني يا سارة والله اطلعي عشان أتأخرنا " ، تعجب حسام من كبريائي الشديد وفي نفس الوقت تعجب من اني تخيلت عنها لأجل حبي .
لقد اقتربت الساعة من العاشرة وشعرت بقلق يتملكني من ألا اراه مرة أخرى ، حاولت ان اخفي حزني ودموعي عن محمد وحسام ولكنهم استطاعوا الشعور بي أنا اكيده من ذلك ، كان محمد سعيد لان اخيه سوف يستعيد حبه وكذلك هو ، اما حسام فيشعر بالغرابة من موقفي أنا وأحمد .
وصلنا وصعدنا معا الي حيث الطابق الذي يوجد به ووجدتهم جميعا في الممر جالسون ، اشاح عبد الرحمن بوجهه عني ورحب بي السيد شهاب ، لم استطع النظر لهم فأنا اشعر بخجل رهيب من نفسي ومنهم لما حدث لي امامهم وبعد لحظه انتبهت الي ان جميعهم بالخارج إلا أحمد ، لقد دخل الي العمليات دون ان اراه ، جلست الي اقرب كرسي وغطيت وجهي وبكيت كما لم ابكي من قبل .
" خلاص يا سارة ملوش لزوم العياط ده " حاولت السيدة نور تهدئتي ، من بين شهقاتي " ملحقتش اشوفه " " أحمد مدخلش العمليات لسه " نظرت بسرعة نحو السيد شهاب ، ونظرت حولي مستفهمه بنظري اذا اين هو؟! ، فأشار نحو الغرفة بيده " صرخ فينا كلنا وطردنا من شويا " وابتسم بحنو لي " بس أنا متأكد انو هيدخلك " مسحت دموعي بسرعة ، " بجد! " ، اخذتني السيدة نور من يدي ووقفت بي امام الغرفة نظرت لها بخجل وأنا اعض شفتاي " بس أنا خايفه جايز ميبقاش عاوز يشوفني " ، طرق حسام الباب عني بنفاذ صبر كي اضطر الي الدخول ، كدت التفت هاربة عندما صاح أحمد من الداخل
" قولت ليكوا مش عاوز اشوف حد " ، ولكن حسام قطع علي الطريق وقال من بين اسنانه بنفاذ صبر حاد " ادخلي وخلصينا بقي! " ربتت السيدة نور علي " متخفيش يا سارة ادخلي " فتح حسام الباب وكاد ان يقذف بي الي داخل الحجرة ، والرعب ملئني من ان اوجه الرفض من أحمد وامامهم جميعا سوف تكون تلك الضربة القاضية ، كنت لا ازال ابكي عندما قذف بي حسام الي داخل الغرفة .
وقف أحمد فجأة من علي كرسي وثير الي جانب السرير الوحيد بالغرفة وقال بحده ممزوجة بدهشة " سارة! " " عرفت ازاي يا خفيف انت بتشتغلنا ياض " ، قال حسام بعبث واضح ، تقدم أحمد نحو الامام بحذر وقال بهدوء " أنا اعرف صوت عيطها من آخر الدنيا " ضحكت رغما عني اثناء بكائي هذا وتوجهت نحوه لا اراديا وامسك هو الاخر بي واخذ يتحسس وجهي وهو غير مصدق ، ثم احتضنني بقوة ليس لها مثيل كاد ان يسحق عظامي بين يديه ، وتخليت أنا الأخرى عن أي تحفظ ودفنت وجهي بصدره واخذت ابكي وأنا غير مصدقه انني كدت ان احرم منه ومن حنانه هذا علي .
***
اخذ محمد يصفر ويهلل " ايوة بقي يا ميدو يا جامد " غير عابئ بأنهم في مشفي ، وضرب حسام كف بالآخر " الله يخرب بيوتكو لما انت بتحبوا بعض كده تعبين نفسكوا وتعبنا معاكوا ليه؟! " والسيدة نور بكت من فرحتها لرؤية ابنها فرح هكذا والسيد شهاب كان سعيد هو الآخر.
حتي عبد الرحمن الذي كان يراقبهم من خارج الغرفة رغم كل شيء ورغم فقدانه الأمل مرة أخرى إلا ان شبح ابتسامه رسم علي وجهه فرحا بأخيه الحبيب .
بعد ان ضمها أحمد واطمئن الي وجودها اخذ يربت علي ظهرها ويحسها علي ان تكف عن البكاء بشدة وانه معها ويحبها وتأسف منها علي ما حدث منه .
تركته علي مضض ورفعت رأسها نحوه واخذت تتأمله بحب لقد اشتاقت له كثيرا ولرؤيته .
قال محمد وهو يصفق بيديه " طيب يالا يا جماعه احنا نسيب الحبيبة مع بعض شويا " قالت سارة بخفوت " لاء خليكو يا محمد " " يـــــا ســــارة عليا أنا؟ ما خلاص كل شيء انكشف وبـــــــان " وغمز لها ثم نظر الي أحمد " الله يسهلوا يا عم أحمد افتكر الجمايل دي " رفع أحمد يده وكانه جالس علي المقهى ويحي احد ما " مردوة لك في الافراح ان شاء الله يا عرب " ضحكت سارة كثيرا وذهبت دموع حزنها ليحل الفرح في قلبها محل كل الاوجاع التي شعرت بها الفترة الماضية .
بعد صوت اغلاق الباب قربها منه مرة أخرى وقبل يدها قبله حنونه رقيقه " وحشتيني اوي يا سارة ، هونت عليكي كل ده ؟ " كعادتها دائما وابدا طارت فرحا بكلامه لها .
" كنت خايفه ومقدرتش اواجه حد تاني كنت مكسوفه منهم اوي " وضع حبينه علي جبينها وشعر كل منهم بأنفاس الاخر " سامحيني يا سارة من فضلك معتش وقت "
" أنا مسمحاك من زمان مسمحاك علي طول يا أحمد وان شاء الله ربنا يقومك ليا بالسلامة " قبل راسها وضمها الي صدره مرة أخرى غير مصدق انها معه .
سمعت طرق الباب الان وابتعدت عنه ولكنه لم يترك يدها ، دخل محمد " مبحبش اكون هادم اللذات بس لازم تلبس الوقتي عشان الدكتور بيقول في اشعه وفحص لازم قبل العملية " اشتدت قبضتها علي يده ودب القلق مرة أخرى في قلبها ، وضع كفه علي خدها بحنان " متقلقيش أنا مش قلقان خلاص طول ما أنتِ معايا وبتدعي ليا يا سارة " " ربنا يقومك بالسلامة ان شاء الله " مسح دموعي وتركته علي مضض مع محمد والسيدة نور كي يساعدوه علي تبديل ملابسه .
وبعد عشره دقائق خرج أحمد علي كرسي متحرك وهو يرتدي ثياب العمليات لم استطع رؤيته هكذا بكيت متألمة بشدة من اجله تمنيت لو افديه بعمري واعطيه نظري في تلك اللحظة ، قبله والده " اجمد يا أحمد انت قدها وقدود " قبله عبد الرحمن في راسه " شد حيلك يا بطل " " ادعيلي يا عبد الرحمن " ربت عبد الرحمن علي كتفه يطمئنه ، وقبله محمد وقال عابثا كلها كام اسبوع وترجع ترخم علينا تاني " احتضنه حسام " يالا بقي عشان نفرح بيك انت والاوزعة دي " ضحكت السيدة نور التي كانت تبكي بشدة "ربنا يقومك ليا بالسلامة يا حبيبي يا رب " وقبلته قبله طويلة ، انتظرت الي الاخر خائفة من وداعه " انخفضت نحو اذنه " استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ابدا " فقد سمعت مرة قصه تفيد ان من يستودع الله احد يعود له سالما .
ابتسم لي بحنان وقبل يدي وتركته علي مضض يتقدم الي غرفه الفحص ثم الي العمليات لكننا علمنا بأننا لن نستطيع رؤيته بعد الفحص .
عضت يدي من الندم لما تركته ؟ لما ذهبت ؟ لما لم اكن الي جواره ؟ ، امسكت بالسلسال الذهبي وظللت اهمس فيه " ربي لا تحرمني منه ابدا " و ادعو الله ان يعود سالما لي ، حاولت التماسك إلا أن العالم من حولي لم يكن كذلك شعرت بالرواق يميد بي ويهتز من اسفل قدمي ، ثم بعد ذلك لا شيء اطلاقا مجرد ظلام لا نهاية له مثل ذلك الظلام الذي يحيط ب أحمد .
كان هناك من يراقب كل افعالي هذه دون ان اعرف .
بعد مده لا اعرف ما هي آلمتني عيناي لقد وجد النور طريقه الي وسط هذا الظلام ظللت أنادي باسم أحمد عله يأخذ بيدي لكنه لم يرد لقد جاء صوت اخر قربي " سارة ، سارة فوقي يا سارة أحمد كويس متقلقيش " قلت بوهن شديد " أنا فين ؟ " وحاولت النهوض " أحمد فين ؟ " صاح محمد بي " بنت حلال كنت لسه هروش عليكي مايه ، زهقتيني أحمد أحمد ، مفيش غيركو ولا ايه؟! " نظر عبد الرحمن له شزرا ثم نظر لي " حاسه ب ايه الوقتي؟ " رددت بتعب ثم سألته بلهفة " احسن ، أحمد فين؟ " " اطمني أحمد كويس " حاولت النهوض الا انني شعرت بدوار يفتل براسي فتلا .
" هو ايه اللي حصلي؟ " " ضغطك انخفض فجاءة والدكتور ادالك بعدها حقنه مهدئه عشان تبطلي عايط ، أنتِ نايمه بقالك اربع ساعات " سالت بلهفه " يعني أحمد خرج الوقتي مش كده؟ " حك راسه بشدة دون ان ينظر لي " أحمد مدخلش العمليات اصلا " " ليه؟ جراله حاجه؟! " سالت بذعر حقيقي ، " الدكتور الالماني بيعمل فحوصات خاصة جديدة وكشف علي عينه بأجهزة حديثه وقال إن أحمد مش هيقدر يعمل العملية قبل سنتين تلاته " " إيه!! " شعرت بالدوار يعود وذعر عبد الرحمن " سارة .. سارة فوقي " وناولني كوب ماء ، قال محمد بنفاذ صبر " يا بنتي ما تنشفي شويا بقي محدش عارف يكلمك كل شوي يغمي عليكي قطعتي نفس الراجل معاكي انهارده " واشار بيده نحو عبد الرحمن .
" أنا عاوزة اشوفه يا ابيه " " طيب لما تفوقي بس الاول " " لا ارجوك الوقتي حالا " ، لم يذهب الدوار ولكن تبا له يجب ان اكون اقوي من هذا لأجل أحمد ، تلمست طريقي الي غرفته وظل عبد الرحمن خلفي دخلت الي غرفه أحمد كان هناك ضمادات حول عينه امسكت بيده فلم يقل أي شيء كان جامد كالصخر ، سالت السيد شهاب لان السيدة نور كانت تبكي بشدة " ليه القطن والشاش مش مفيش عمليه؟ "  ، رد علي بوهن " ده من الفحص هيشيله انهارده بالليل قبل ما نمشي " سال أحمد بوهن " فوقتي يا سارة؟ " " الحمد لله انت عامل ايه الوقتي؟ " رسم سخرية مريرة علي فمه " اعمي " لم يستطع قلبي تحمل ما قاله جلست الي الكرسي الموجود بجواره ووضعت جبيني علي ظهر يده وظللت ابكي لم اعرف ما الذي يمكن ان اقوله ويخفف عنه ما هو فيه؟! .
***
اشار حسام للعائلة بأن تخرج وتجمع معهم بالخارج ، سال عبد الرحمن " هي سارة عرفت ازاي ؟ " " أنا بعتلها رساله " " كويس انك عملت كده كان زمانه منهار الوقتي " " تفتكروا هتأجل الفرح سنتين؟ " سال حسام ، نظر عبد الرحمن الي السيد شهاب " لازم تكلم عمو شاكر يا بابا الموضوع ده هيفرح أحمد وهيلاقي حاجه تنسيه اللي هو فيه " هز راسه " صح " ولم ينتهي الحوار حتي ظهرت عائلة سارة كلها خلف عبد الرحمن .
ربت السيد شاكر علي صديقه " أنا اسف والله لسه عارف الوقتي شد حيلك يا شهاب ربنا معاكوا ان شاء الله " ، بكت السيدة نور بشدة في حضن السيدة وفاء وحاولت كل من أمل وآية مواساه محمد وحسام وعبد الرحمن .
سمعت سارة طرق علي الباب رفعت رأسها الباكيه لتهتف " بابا " جاء وربت عليها وقبل أحمد في رأسه " شد حيلك يا أحمد ده اختبار من ربنا وكله في ميزان حسناتك ان شاء الله يا بني " هز أحمد راسه في آسي ثم قال بشرود " هتجوز بنتك لواحد اعمي يا عمي؟ " رد السيد شاكر بحزم وهو يضغط كتف أحمد " أنا مجوز بنتي ل راجل يا أحمد ، ها هتخلص شقتك امتي أنا عاوز اخلص منها واعمل اوضتها مكتب ليا " .
هتفت سارة " بجد يا بابا! " " شوف البت اتقلي عليه شويا يقول ايه بس! " ضحكت سارة وابتسم أحمد رغما عنه وتكلم بتعب " بجد يا عمي " " أنا ههذر معاك ليه يعني في حاجه زي دي ، اقولك خودها معاك وانت مروح حد يلاقي لبنته عريس زي القمر كده ويقول لاء " " بابا متعكسوش وأنا اعده عشان بغير " قبل أحمد رأسها " شوف العيال بتبوسها قدام ابوها كده عيني عينك " ابتسم أحمد وقال " مش مراتي يا عمي الله بقي! " " خلص شقتك وخدها أنا مش عاوزها خلاص " .
فرحت سارة واحتضنت يد أحمد الذي تهللت أساريره وانهالت المباركات عليهم وتحول البكاء الي ضحك وارادت أمل وآية اطلاق الزغاريد إلا أن والدهم حذرهم من وجودهم بالمشفى " سبهم يا عمي " سأله أحمد بأن يتركهم ، فاطلقوا زغاريد فرحه في نفس الوقت ، ضرب حسام كل يد بالأخرى وقال " يخرب عقلكوا ده انتو طلعتوا قرود !! " ، وسال أحمد سارة " بتعرفي تعملي كده ؟ " " لاء " ادعي الحزم "لازم تتعلمي " ، ضحكت الأسرة كلها بعد ان زال الهم عن أحمد وفرحوا بفرحه ، قال عبد الرحمن معلنا أنا هبدأ شغل في الشقة من بكره والصالون واوضه النوم هديه من عندي للعروسة والعريس فرح الجميع كثيرا لهذا الخبر ، وقالت آية بمرح " يا سلام واشمعني المطبخ بقي ! " " عشان خاطر آية المطبخ كمان " شهقت كل من أمل وسارة غير مصدقين كرم عبد الرحمن الذي ذهب ليقبل راس اخيه " احنا عندنا كام أحمد يعني " ، احتضنه أحمد بشدة فهو فعلا خير عون له في هذه الدنيا .
***
بعد يومين مر عبد الرحمن وأحمد علي سارة كي يذهبوا الي العمل وتجمع حسام ومحمد امام الشركة حسب اوامر عبد الرحمن ودلفوا الي المصعد لم يكن به غيرهم الخمسة ، كان أحمد ممسك بيد سارة كعادته وانخفض نحوها وهمس بشيء اضحكها واضحكه معها ، " يا بني خلي عندك دم  وراعي شعورنا شويا يا اخي " " واحد ومراته انت مالك انت يا غلس ! " ، والتفت الي سارة "أنتِ السبب انهم مدخلين في حياتنا كده ، احنا جايبين العربية عشان نسبها في الجراج " " أنا نسيت السواقة بقالي اكتر من تلات شهور مش سوقت خالص " ونظرت الي محمد رافعه حاجبها
" واسوق ليه ومحمد موجود " ، ضمها إليه " معاكي حق هو اصلا مبيعملش حاجه مفيدة نعمله سواق لينا "  " والله!! " تعجب محمد منهم ونظر شزرا الي سارة التي اخرجت لسانها غيظا فيه وسط ضحكات حسام وعبد الرحمن ، قال محمد بحنق " مراتك بتطلع لي لسانها " رد أحمد بتلقائية " مراتي متعملش كده " همست سارة " بس أنا عملت كده ! " رفع راسه سريعا " مراتي تعمل اللي هي عاوزاه " ضحكت سارة منتصرة علي محمد ، وصل المصعد امام الشركة وتذكرت سارة خوفها من مواجهه من هم بالشركة ، ولم تخرج من المصعد قال حسام " خلصينا يا بنتي " " لا أنا مكسوفه اووي أنا هدخل اخر واحده " قال عبد الرحمن بحزم " يالا يا سارة مع أحمد " زمت شفتيها " انتوا عشان كلكوا طوال بتتشطروا عليا! " .
دخلت سارة مع أحمد ممسكه بيده رغم ان كل العيون بالمكتب كلها اتجهت نحوهم إلا أن نظرات عبد الرحمن ومحمد وحسام كانت رساله تحذيريه للجميع ، بعد غياب سارة وأحمد تناثرت الاقاويل عن انها تركته وانه عاد الي وحدته مرة أخرى ، كان الاخوة يسمعون هذا الهمس دائر بالشركة لكنهم لم يفتعلوا أي مشكلة ولكن بعد عوده أحمد وسارة عليهم وضع حد لتلك الكلمات ، حتي لا تعكر صفو اخوهم الحبيب .
***
شعر عبد الرحمن بأنه افضل حالا الان حتي في المشفى عندما راها تقبل السلسال وتسال الله الشفاء لأحمد ، وبعد ان سقطت فاقده للوعي ، حسنا لقد انبهر من نفسه
لقد كان متماسكا لأبعد الحدود ولم يحدث منه ما حدث اثناء مرضها ، من الجيد انه يعلم ان احتياج أحمد لسارة اكبر بكثير منه وما كان منه إلا أن يتمني السعادة لكل منهم واخذ يدعو الله ان يرزقه النسيان ولو كان يشتري بالمال لسافر الي اخر العالم واشتراه وحذف حبه لها من حياته كلها .
***
اطلت سارة براسها الي غرفه مكتب السيد شهاب وجدته مع عبد الرحمن يتباحثون شيء ما ، لم تدخل سارة ولوحت لكل منهم بمرح " عمو ممكن ازوغ الوقتي " ضحك السيد شهاب خير في ايه ؟ " اصلي عامله مفاجأة ل أحمد " "ماشي يا بنتي ربنا يسعدكوا " ، اشارت بأصبعها نحو عبد الرحمن " خلي بالك منو " ولوحت لهم بمرح وتركتهم .
ركضت سارة الي المصعد بعد ان كذبت علي أحمد واخبرته بأن آية تريدها حالا وان عليها الذهاب ، وصلت الي منزل أحمد وفتحت لها السيدة نور الباب " اتأخرتي كده ليه يا سارة ؟ " " معلش بقي يا طنط علي ما لقيت حجه " .
وبعد مرور ثلاث ساعات دلف أحمد الي المنزل " ازيك يا حبيبي يالا اطلع غير هدومك علي ما الاكل يجهز " ثم اردفت " مالك يا أحمد في إيه ؟ " " مفيش " ثم زفر بحنق " كده ؟ بتخبي علي ماما! " " تفتكري سارة هتزهق مني يا ماما أنا مش عارف افكر من ساعة ما العملية اتأجلت ، لسه هصبر سنتين كمان معتش قادر أنا مخنوق ، أنا مقولتلهاش حاجه بس حسيتها انهارده بتهرب مني ومشييت وسابتني " ، ضحكت والدته " طب بس اطلع غير هدومك عشان تلحق تاكل وبعدين ما سارة وعليتها كلها جايه انهارده بالليل يالا يا حبيبي " .
صعد أحمد السلم وعندما امسك مقبض غرفته وجد عليه نقش ما تحسسه
" مرحبا بك في مملكتك الصغرى " استغرب الأمر كثيرا وفتح الغرفة ودلف تحسس الطاولة كعادته ليجد ورقة مكتوب عليها بطريقه برايل :
" اذا لمستني احيا بحبك ، واذا اخبرتك عن طريقك وصلت الي قلبك " ، ابتسم أحمد فلا احد في المنزل يعرف طريقه برايل هو نفسه لا يقرأ بها إلا في اضيق الحدود ، لابد وان هذه المشاكسة من سارة تحسس الطاولة ليجد ورقة أخرى مثبته عليها ومكتوب بها " أنا رتبت حاجتك من اول وجديد وريني شطارتك بقي " ، ابتسم أحمد كثيرا وتحسس الغرفة كلها ليجد انه اعيد ترتيب اغراضه كلها بنظام يسهل عليه جلب كل شيء بنفسه ، وتم توضيب كل شيء حسب اللون وما يلائمه فلا حاجه به ابدا بعد الان كي ترتب له والدته او اخوته ما يرتديه ، فيمكنه مع الارشادات المثبتة علي الادراج والأرفف معرفه كل شيء دون اي مساعده من احد ، وكان عليها ورق مكتوب ايضا للسيدة نور لأنها لا تستطيع قراه طريقة برايل وهكذا يمكنها اعاده الاغراض في مكانها الصحيح .
كان أحمد سعيد للغاية وكلما وجد ملاحظه مشاكسه مثل " هنا الشربات يا باشا " او " فرشتك راكضه هنا " كان يضحك بشدة وهو سعيد باهتمام سارة به ، فهو دائما يشك بانها سوف تتركه وتذهب يوما عندما تمل منه ومن حمله الثقيل .
كان الجميع يراقب الوضع من الخارج والكل واضع يده علي فمه كي لا يضحك بصوت مستمتعين برؤيه أحمد حائر هكذا وسط الترتيب الجديد لغرفته وفي النهاية وجد مظروف علي السرير فتحه واخرج ورقه منه مكتوب عليها " بالليل بعد ما الكل ينام هتلاقي صندوق تحت السرير افتحه ، اما دلوقتي  في صندوق في اخر درج في التسريحة تقدر تفتحه لو تحب تعرف فيه إيه " .
ذهب أحمد ليتبع التعليمات ، كانت سارة مختبئة في الرواق ولكن السيدة نور اشارت لها عندما رات أحمد وهو يخرج الصندوق وازاحت كل من محمد وحسام كي تجعل سارة تقف الي جوارها ، بينما عبد الرحمن كان يراقب الوضع وهو يبتسم بهدوء ، ف احب اثنين الي قلبه فرحين وينعمون بالسعادة و هو لا يريد شيء اخر غير ذلك ، فبعد ان راي كيف تدمر أحمد بعد ان حاولت سارة تركه ، حزن لحال اخيه كثيرا ، وغضب من نفسه وعزم كل العزم علي نسيانها ، فأحمد يحبها كثيرا ولا يوجد عنده شك الان في ذلك .
وعندما راها لأول مرة ذلك اليوم في المشفى اشاح بوجهه بعيدا خشيه ان يفضح شوق عينيه ما يكتمه قلبه منذ زمن وقرر انه لن يفكر بها ابدا بعد ذلك ، وكلما وسوس له الشيطان بشيء ما كان يفعل أي شيء ليلهي نفسه عن التفكير فيها .... .
_ اخرج أحمد من الصندوق كتاب عرف من نفسه انه القران الكريم بطريقه برايل ، قبله ووضعه بحرص ، ثم اخرج علبه أخرى صغيرة بها نظاره جديدة ومن النقش عليها علم انها لماركة محترمة وعلبه أخرى بها عطر رجالي رائع ، فرح أحمد كثيرا بالهدايا وطريقه مفاجأة سارة له هكذا .
انسلت بخفه وسط ضحكاتهم المكتومة الي الغرفة ولكن يدها لم تفلح في كتم ضحكاتها بالكامل ، التفت أحمد وقال بمرح " اظهر وبان عليك الامان " ، لم يعد هناك داعي لكتم ضحكاتها الان :
" كل ده عشاني ! " " اها " " عشان كده مشيتي بدري " ، ردت السيدة نور " طول عمرك ظالم " ، صاح السيد شهاب من اسفل " الغدا فين يا نور؟ " ، انتبهت السيدة نور وقالت بسرعة " يالا يا سارة عشان الغدا " " حاضر يا طنط هوضب الرف الاخير وانزل حالا "، تركتهم السيدة نور بينما سال محمد بعبث " مفيش رشه لآخوك من البرفان الجامد ده؟ " " لأ يالا انت وهو من هنا " ، لف محمد ذراعة علي رقبه حسام وقال وهو مغادر " ناس ليها سارة وناس ليها ترتر ، نفسي اتجوز واتلم قوي يا حسام " " انت عمرك ما هتبقي محترم ابدا يا محمد " " انت شايف كده ؟! " " اها " انقض محمد علي حسام وانهال عليه بالضرب والضحك .
لم يكن هناك من ينتبه الي أحمد وهو يغلق الباب بهدوء سوي عبد الرحمن الذي اغتاظ كثيرا لهذه الفعلة وظل امام باب الغرفة المغلق . توجه أحمد ناحيه سارة وقال بحنان " كل ده عشاني ! " " اها " واكملت رص الملابس امسكها أحمد وسد عليها الطريق وعندما همت بالاعتراض والنظر خلفه وجدت باب الغرفة مغلق فقالت بحزم " أحمد افتح الباب من فضلك " ، رد بمرح " أنتِ خلاص محبوسه هنا ومش هتخرجي الا لما اخد بوسه " .
لم يستطع عبد الرحمن الانتظار اكثر من ذلك وقام بطرق الباب بعصبية شديدة وفتحه سريعا ليجد أحمد يقف ويسد الطريق علي سارة ، التي انسلت سريعا وخرجت من الغرفة وقال أحمد بعصبية " في حاجه يا عبد الرحمن ؟ " " ماما بتقول الغدا هيبرد " قالها ببرود شديد وتركه ونزل الي الاسفل .
_ في الساعة الثامنة وصلت عائلة السيد شاكر فقد اصر علي حضورهم السيد شهاب لتجديد أواصر العلاقة التي كادت ان تقطع بينهم .
كان الجميع يجلس بالحديقة والجو كان رائع ، جلس كل من السيد شهاب والسيد شاكر والسيدة نور والسيدة وفاء الي الطاولة اسفل المظلة ، اما عن الشباب فقد افترشوا الأرض بفرش سميك منثور عليه وسائد عملاقه مريحه وكانوا يشاهدون الشباب وهم يتسابقون علي العاب الفيديو وبعد ذلك هدأ الجو قليلا من صخبهم واستولي فارس علي الالعاب وحده وعبد الرحمن وأحمد وسارة انشغلوا بديكور الشقة ، وحسام كان يحدث امل عما اذا كانت ترغب بالعمل بعد الدراسة ام لا .
اما عن محمد الذي حاول التودد الي آية ولم يفلح ، فقد اشتاط كل منهم غضبا ولمعت الحرب بينهم غير عابئين بأن كل من في العائلتين يستطيع سماعهم .
انحنت السيدة نور نحو زوجها هامسة " أنا مش عارفه انت مكبر الموضوع ليه البنت عجباني اوي وجميلة وزي القمر ، طب خليني بس اكلم حسام "  همس لها " يا نور مش وقته وبعدين مش فاهمتك بلاش ندخل في الموضوع ده حساس وممكن يأثر علي جواز أحمد وسارة واحنا ما صدقنا " ثم اردف ،" وبعدين آية صغيرة ولسه في الكلية " تنهدت بآسي " خلاص يا شهاب " .
تعالي صوت آية ومحمد وانطلق شجارهم من الهمس الي ان علي صوتهم .
نظر الجميع نحوهم باستغراب شديد ووقفت آية وسارت مبتعدة عنه ، ولكن هذا الاخير لم ينتظر سوي دقيقتين ثم ذهب اليها مرة أخرى يلحقها وقال بصوت حاول ان يكون هادئ " طب أنتِ مش عاوزة تفهميني ليه بس ؟ ليه مخبيه ؟ " " مخبيه إيه ! وانت يخصك إيه اصلا!! " كانت آية تتكلم بعصبية شديدة .
شعرت سارة وامل بالرعب مما يحدث ونظروا نحو والدهم الذي ......
حسنا لقد دهشوا كثيرا لرده فعله غير المتوقعة هذه . !!
لقد غرق السيد شاكر بنوبه من الضحك واستغربت السيدة وفاء كثيرا لأنه يضحك هكذا ثم همس لها " فاكره " وضعت يدها علي فمها وهي متعجبة ثم انفجرت بالضحك هي الأخرى مع السيد شاكر وسط دهشة السيد شهاب والسيدة نور .
قالت امل لسارة وهي تشاهد رده الفعل هذه " بينها فلتت من ابوكي وامك علي الاخر !! " ، بينما انفجر حسام هو الآخر من الضحك فجاءة حتي انه تمدد علي الأرض وامسك ببطنه ، وسط انفجارات الضحك هذه سال أحمد " حد يفهمني في إيه ؟ هما بيزعقوا ولا بيضحكو ! " ، قالت سارة ببلاهة " محدش عارف حاجه يا أحمد صدقني " نظر فارس نحوهم واشار بيده علي علامه الجنون ثم نظر الي التلفاز يكمل لعبه مرة أخرى .
" فاكره يا ام سارة " " خلاص بقي يا حج شاكر راحت علينا " كانت لاتزال تضحك بشدة .
فطن السيد شهاب اخيرا الي مقصدهم وضحك مقهقها هو الاخر ، " لااا كده كتير أنا عاوزة افهم " تذمرت السيدة نور ، رفع حسام راسه ورفع سلام عاليا وهو يضحك " والله العظيم منور يا عم شاكر " " ماشي يا نمس انت منوره بيك " ، همس السيد شهاب " مش كان نفسك فيها اهو محمد يا سيتي اللي هياخدها " شهقت السيدة نور ونظرت نحوهم وانفجرت هي الأخرى بالضحك .
قالت سارة بغيظ " أنا هموت واعرف هما بيضحكوا علي إيه ؟ " وقالت امل بعذاب " وأنا كمان الفضول هيموتني " قال حسام بمكر " تعالوا وأنا اقولكو " اقتربت كل من سارة وأمل بسرعة منه وكلهم اذان صاغيه وما قاله لهم جعلهم يشهقون  وكل منهن وضعت يدها علي فمها غير مصدقين ، كانت أمل مبحلقه ونظرت نحو آية وهي تهز راسها نافيه " مستحيل! " .
صاح عبد الرحمن " فيه إيه يا جماعه البيت كله اتهبل ولا إيه ؟! " ، قال أحمد " الظاهر كده يا عٌبد " قالت سارة وهي منومه " محمد بييحب آية " ، مط عبد الرحمن شفتيه قليلا ثم استوعب الامر وضحك هو وأحمد كثيرا .
قال السيد شاكر " اصل أنا كنت زي محمد كده بتخانق مع وفاء علي أي حاجه بدون سبب كنت بغير عليها مووت وكنا ناقر ونقير والمكان اللي بنتجمع فيه كان الكل يطفش عارفين ان فيه بركان هينفجر فيه " .
سالت السيدة نور " وانت كنت بتشوفها فين؟ " ربتت السيدة وفاء علي يد زوجها بحب " احنا ولاد خاله " ثم اردفت " بعد اربع سنين خناق جدتي الله يرحمها حكمت انو يخطبني ، وأنا اعدت اعيط وادبدب  مستحيل اتجوزة ده مش بيشوف وشي الا لما يتخانق معايا " ، نظر لها بحب واضح " وصلت الليل النهار عشان اتجوزها وفضلنا مخطوبين سنتين علي ما هي تخلص الدراسة رغم اننا كنا بنموت في بعض ، بس الخناق ده كان زي ازيك والله يسلمك كل حاجه خناق " .
اكملت السيدة وفاء " فضلنا كده لحد ما سارة جيت كانت بتتفزع من اقل صوت مكناش بنعرف نتكلم جنبها حتي وشويا شويا بطلنا خناق " ، ضرب السيد شهاب كفه بكف السيد شاكر " منور يا ابو النسب " " ده نورك والله يا شهاب يا اخويا " .
استمر شجار آية ومحمد غير عابئين بما حولهم ، تكلم اخيرا السيد شهاب وصاح بصوت حاول ان يكون جاد قدر الامكان " محمد تعالي هنا انت وآية حالا " ، حضر كل منهم وهو مكره وينظر في الأرض بغضب ، وتسللت أمل وسارة زحفا أسفل الطاولة واقتربا قدر الامكان لسماع ما سوف يقوله السيد شهاب لهم .
" في إيه يا ولد خلاص مفيش احترام لينا ، ازاي تزعق كده واحنا قاعدين و بتتخانق مع آية ليه اصلا !! " ، " هي السبب يا بابا " قال محمد بعصبية ، اغتاظت كثيرا " وانت مالك بيا اصلا " نظر نحوها وقال بعصبية " ما أنتِ لو كنتي رديتي عليا مكنش ده حصل " التفت كل منهم الي الاخر وبدأ الشجار من جديد متناسين وجود ابائهم امامهم .
لوحت بنزق " وارد عليك ليه؟ وانت بتسال ليه؟ ما تحل عني يا اخي!" اشار بسبباته محذرا" متكلميش معايا كده أنتِ فاهمه ولا لأ؟ " " لأ مش فاهمه أنا لو عليا مش عاوزة ابوص في وشك اصلا " .
كان الاباء متماسكين امامهم كي لا ينفجروا بالضحك من جديد .
" كده طب والله العظيم منا ماشي من هنا يا ايه الا لما اعرف مين الواد ده " وهنا تدخل السيد شاكر " في إيه  يا آية؟ " ردت بإباء " أنا مش مضطرة افسر له أي حاجه يا بابا " رفض محمد بشدة " لا مضطرة ومش هتتحركي من هنا الا لما اعرف مين الواد ده؟ "  " خير يا محمد هو انت ناوي تتقدم ل آية ولا حاجه ؟ " صدم محمد لملاحظه والده وصمت تماما بينما صاحت آية وهي تشير نحوه بإصبعها
" ده! أنا اتجوز ده! ده لو اخر واحد في الدنيا كلها لا يمكن ابدا " " ليه بقي ان شاء الله ؟ مشبهش الفرفور اللي معاكي في الجامعة ولا إيه؟ شايف يا عم شاكر بتشاور عليا ازاي ! " .
غضب السيد شاكر " انتو الاتنين زودتوها قوي ، مين الواد ده يا آية؟ " ، زفرت بحنق " شادي يا بابا " تهللت اسارير السيد شاكر والسيدة وفاء ، نظر محمد مستفهم " حضرتك مقولتش حاجه يعني يا عمي " " هو انت شوفت إيه مضايقك اوي كده يا محمد " ، ازدرد محمد لعابه بعصبية وتراجعت نبرته " عادي يعني شوفتها وهي بتديله كشكول وبتقوله سلام ، وكذا مرة الاقيه واقف معاها قدام الجامعة هي واصحبها " رد السيد شاكر بمنتهي الهدوء" عادي يا محمد أنا اللي قايل له " امتقع وجه محمد ! .
صاح حسام قائلا وهو يصفق " ما يوقع إلا الشاطر يا معلم " ، قال السيد شهاب " اعتذر منها يالا " تذمرت بغضب " أنا مش عاوزة منه حاجه يا عمي " وتركتهم آية وذهبت لأخواتها الذين نظروا لها نظره ذات معني ، فصاحت بهم وهي تضرب الأرض بقدمها " أنتِ اتهبلتي منك ليها !! " وتركتهم وذهبت لتجلس علي الأرجوحة وحدها .
انسحب محمد بهدوء بعد ان شعر بخجل شديد من نفسه ، ونظر السيد شهاب مستفهم
" ده ابن خالتها ولما مصطفي راح ليها الجامعة مرة كلمته وقولت له ياخد باله منها عشان مصطفي ميضايقاش " ، ابتسم السيد شهاب وعلم ان نيران الحب اشتعلت في قلب ابنه .
****
" بعد اربعه أشهر "
كان لا يزال علي فرح سارة و أحمد منذ تلك العزيمة حوالي الأربعة اشهر تقربت فيها السيدة نور من الثلاث فتيات كثيرا واحبتهم وشعرت نحوهم بحب وحنان الأبنة التي لطالما تمنت انجابها ، وما شجعها علي ذلك ان سارة كانت تحب الاخذ برأيها ولم تتجنبها مثلما فعلت صافي حتي فستان العرس اصطحبتها معها كي يختاروه سويا ....
" بييبيب بيييب بيب بيب بيييب " " حرام بقي يا آية متلخبطنيش عشان اعرف اسوق " " بالزمة دي منظر عروسه؟" " بس يا آية اسكتي " قالت السيدة وفاء من خلفهم ، بينما سالت أمل السيدة نور الجالسة الي جوارها " إيه رأيك يا طنط في الفستان اللي بعتلك صورته امبارح ؟ " " جميل عقبال فستانك يا امل ان شاء الله " ابتسمت امل بخجل ولولا وجود حماتها الي جوارها لقبلت خاتم الزواج بيدها فقد حصلت علي ما تتمناه اخيرا .
نظرت آية الي حماتها بمرح هي الأخرى " يا سيدي يا سيدي نطلع أنا وسارة منها يعني " ضحكت السيدة نور " كلكوا ولادي يا آية وربنا يعلم معزتكوا في قلبي " ، منذ ان دخلت الفتيات حياة السيدة نور وهي جميلة ومرحة وملونه بالوان الطيف فهم يعاملوها بحب ومرح مثل والدتهم بالضبط .
نظرت آية بآسي الي دبله خطوبتها لولا مرض ابيها وخوفها عليه لما قبلت بهذه الزيجة ابدا ولكنها فرحه للغاية من اجل سارة وامل ، فمنذ ان عقدت امل قرانها هي وحسام وامل مشرقه ومشعه وتناست العذاب التي راته من قبل ، ولكنها لا تستطيع ان تشعر نحو محمد باي شيء فهم لا يزالون علي حالهم يتشاجرون ويختلفون وهي لا تزال لا تثق به البته " ده بيتلون بكل لون زي الحرباية ، يعد يدحلب لحد ما يوقع البت وبعدين يفك هو " ترن تلك الكلمات برأسها دوما ، صحيح انها تراه مواظب علي الصلاة وسلوكه جيد ، إلا ان تحذير صديقتها لها لم يكف يوما عن الضرب برأسها منذ عقد قران سارة علي أحمد .
تم اختيار الفستان وبكي الجميع عند رؤيه سارة فيه لقد بدت خلابة بفستان كبير مثل السندريلا .
كانت سارة تركض ركض ايام العرس هذه فلا يزال علي العرس حوالي الاسبوعين وهناك الكثير الكثير من العمل الغير منجز .
" طنط .. سارة كانت عاوزة حاجه بس مكسوفه تطلبها من أحمد " " خير يا امل في إيه ؟ " " كان نفسها تاخد اجازة من الشغل بصراحة أنا وأية اللي اقترحنا عليها شايفه مبهدله في نفسها ازاي! عاوزين بقي نظبتها وكده قبل الفرح " " اممم اما اشوف أنا هحاول اكلم أحمد بس موعدكوش هو مبيحبش يروح الشركة من غيرها ، قبلتها كل من أمل وآية في نفس الوقت كل واحده علي خد .
رجعوا سريعا الي المنزل فهم الان يقومون بتوضيب الاثاث ليجدوا الشباب يعملون بهمه ونشاط " كويس انك جيتي يا سارة أنا جبت الشنيور تعلي شوفي اماكن الحاجه اللي هتتعلق يالا " كان هذا عبد الرحمن الذي يبدوا عليه الارهاق من كثره العمل ، كان أحمد يتسلط علي محمد وحسام بنقل الاغراض وطريقه ترتيب الصالون ف بالرغم من انه لا يري ف أحمد كان مهندس بارع ولديه خيال رائع وسارة اعجبت بكثير من الاشياء التي فعلها بالمنزل .
عند نهاية اليوم تكور الجميع وهو يشعر بالتعب البالغ من كثره العمل ، وكانت اكثرهم فرحه هي امل التي لم تترك حسام يفعل أي شيء وحده وكل ابتسامه يرسلها لها كانت تجعل قلبها يرقص فرحا ، وكل ثانيه كانت تهيم به عشقا لم تعرف للحب معني سوي له ، انها احبته من كلماته حتي قبل ان تعرف من هو وشعر قلبها به دون ان تراه من قبل .
***
مر اليوم بسلام وودعوا الجميع وذهبوا للمنزل وهم مرهقين للغاية .
حل اليوم التالي واستيقظت بأعجوبة كي تذهب للعمل مع أحمد ، بدي اليوم كأي يوم عادي للغاية ولا شيء جديد ، كان محمد احضر بعض التحف  للشقة وقررت انزالها الي السيارة " أنا نازله يا أحمد تعالي مع ابيه ماشي " " ما تخليكي وعبد الرحمن يشلهم " " لا مش مشكلة هما مش تقال وكمان عاوزة اشغل التكيف بتاع العربية " .
كانت حجه واهيه فهي تشعر بضغط هائل واصبحت تتصيد الفرص كي تكون بمفردها ولو لعده دقائق سوف يسعدها هذا .
نزلت الي الاسفل وفتحت حقيبة السيارة لتضع اغراضها  سوف ينتقلون الان الي المنزل لإكمال ترتيبه فلم يعد هناك وقت للفرح مجرد اسبوعين ، وضعت الاغراض بصندوق السيارة ورفعت رأسها وعندها رأت اخر شخص يمكن ان تتوقع ان تراه علي وجه الأرض !! .












نهاية الفصل
هل للحب حدود ، ام انه يمكنه كسر كل القيود ويقرب المسافات .
هل يجعلنا نتخلى عن مبادئنا وقيمنا كلها ونضرب بها عرض الحائط
انه يغير كل شيء فينا يجعلنا نعلو بأنفسنا احيأنا ،
وأحيأنا أخرى يجبرنا علي فعل اشياء تجعلنا نحتقر انفسنا بعدها
ولكن هل يسمي هذا حتي بالحب ؟
كيف وهو لا يسمو بنا !
اذا جعلنا نحط من قدر انفسنا فهو اذا ليس بالحب
انه نزوه، رغبة ، شيء دنيوي حقير ، أي شيء عدا اسم الحب .
فالحب يسموا بالروح والقلب والعقل .
هذا هو رأي ببساطه ....




إمضاء " حائر "
Please vote if you like it 😊 😍

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن