حتى الباب

156 3 0
                                    

يقول السيد حسن الابطحي (رحمه اللّه):

في سنة ١٩٥٣م وعند ما ذهبت الى الكوفة، كان هناك شخص باسم الحاج الشيخ محمد الكوفي، يقال انه تشرف بخدمة حضرة بقيّة اللّه الاعظم (ارواحنا فداه) مرارا.

فحدثنا الشيخ محمد الكوفي بقصّة هي:
سابقاً، لم تكن وسائل النقل مستخدمة في طريق العراق - الحجاز، فتشرفت بزيارة بيت اللّه الحرام على الجمل، وحين العودة من هناك، تخلفت عن القافلة وضللت الطريق حتى وصلت الى بعض المستنقعات فطمست رجلا البعير في تلك الاوحال، ولم يكن بوسعي النزول عن ظهر البعير فكاد البعير ان يموت.

وفجأة صحت من اعماق قلبي:

"يا ابا صالح المهدى ادركني"

وكررت ذلك عدة مرات، فرأيت فارسا يتقدم نحوي، ولم يكن يتأثر بذلك الطين، حتى وصل الىّ وهمس بكلمات في اذني البعير لم أسمع منها الا آخرها حيث سمعته يقول:

(حتى الباب).

نهض بعيري من ذلك المستنقع وتحرك بعد ان اخرج رجليه من الطين وسار باتجاه الكوفة بسرعة.

التفت الى ذلك السيد وقلت له: (من أنت)؟

قال: (أنا المهدي).

قلت: (اين اراك ثانية)

قال: (متى شئت!)

ابتعد البعير عن ذلك السيد وسار حتى وصل الى بوابة الكوفة وسقط الى الارض.

جئت الى البعير وهمست في اذنه قائلا: (حتى الباب) وكررت ذلك، فنهض البعير وسار حتى اوصلني الى باب منزلي، وسقط هناك ومات لفوره.

يقول السيد حسن الابطحي:

لقد كان الحاج الشيخ محمد الكوفي طاهرا متقيا الى درجة ان الانسان لا يحتمل اصلا ان يُكلّم هذا الرجل الصالح بما يخالف الحقيقة:

ثم اضاف الشيخ محمد الكوفي قائلا: بعد تلك القضية تشرفت بخدمة بقية اللّه (ارواحنا فداه) خمسة وعشرين مرّة.

إشارة:

التشرف بخدمة المولى صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) ولقائه تارة يكون في عالم الرؤيا واخرى في عالم اليقظة وثالثة يكون في عالم الكشف.

والالتقاء به في عالم اليقظة له انحاء هو الآخر.

فتارة يتشرف الانسان بلقائه (عليه السلام)، ولا يتعرف عليه، واخرى يتعرف عليه بعد انصرافه وثالثة يتعرف عليه حين اللقاء.
وافضل انواع التشرف بخدمته (عليه السلام) هو التشرف الناشىء من الارتباط الروحي الدائم به (عليه السلام).

ولعلّ الامام (عليه السلام) يشير الى هذا الارتباط عندما يقول لبعض الاشخاص الذين

يسألون منه قائلين:

سيدي متى اتشرف بلقائك ثانية؟

فيجيبهم الامام (عليه السلام): متى شئت!.
فالامام (عليه السلام) يحث هولاء على ايجاد حالة الارتباط الروحي الدائم به، وان يظن الانسان انه مع امام زمانه وان الامام (عليه السلام) حاضر معه على الدوام، وهذا يدفع مثل هذا الانسان الى التخلق بالاخلاق المرضيّة من قبل الامام (عليه السلام)، والاتصاف بصفات الاولياء الصالحين وحينئذ لا تكون هناك حواجز وحجب تمنعه من الالتقاء به (عليه السلام) متى شاء.

وبطبيعة الحال، فان هذا الارتباط الروحي لا يحصل بسهوله وانما يحتاج الى اكثر من الالتزامات الاخلاقية فضلاً عن الالتزامات الشرعية (الواجبات والمحرمات) ولكنه غير محال.

المصدر/الأربعون حديث في الإمـام المهدي(عج) وقصة الجزيرة الخضراء

قصص  اللقاء بصاحب الزمان عجل الله فرجه الشريفWhere stories live. Discover now