لقد قُضِيَت حاجتك

Start from the beginning
                                    

قبلت ذلك، وكان ياتي يوميا ويأخذ قرصيه منّي وينصرف الى عمله.

وذات يوم وكنت قد خبزت له خبزه، وانتظرته ليأتي كالمعتاد لأخذِ خُبزه ولكنه لم يأت في الوقت المقرر.

ذهبت لاسأل عن حاله فقالوا لي انه مريض.
ذهبت الى عيادته واستأذنته بالاتيان بالطبيب لمعالجة فقال:

لا حاجة الى ذلك، فاني ساموت الليلة وعندما اموت سياتيك شخص في منتصف الليل ويخبرك بموتي، فتعال الى هنا وقم بكل ما يأمرونك به وما بقي من الطحين فهو لك.

اردت ان ابقى تلك الليلة الى جنبه فلم يقبل، ولذا رجعت الى دكانى.

وفي منتصف الليل استيقضت على صوت طرقات باب الدكان فسمعت شخصا يقول لي:

قم يامحمد على!!

قمت مسرعا فوجدت رجلا لا اعرفه فاخذني الى المسجد وعندما دخلنا المسجد وجدت جنازة الجندى مسجاة وكان رجلان الى جنب جثمانه، فقالا لي:

تعال وساعدنا في أخذ الجنازة الى جنب النهر وغسلناها وكفّنّاها وصلّيا عليها وجئنا بها الى المسجد ودفنّاها الى جنبه.و رجعت الى دكّانى.

بعد عدة ليال من تلك الحادثة، سمعت طرقات الباب.خرجت من الدكان فرأيت رجلا يقول لي:

السيد يدعوك، تعال معي لتتشرف بخدمته.

اطعت ذلك الرجل بدون نقاش، وذهبت معه حتى وصلنا الى صحراء كانت نيّرة وكأنّ القمر في ليلة تمامه وكماله مع ان الشهر كان في آخره، فتعجبت من ذلك كثيرا.

بعد عدة لحظات وصلنا الى صحراء النور (وتقع من شمال مدينة دزفول الايرانية)

فرأيت من بعيد عدة اشخاص يجلسون حول بعضهم البعض ورأيت رجلا يقف في خدمتهم وكان أحد اولئك الرجال الجالسين عظيما جليلا جدا فعرفت انه حضرة صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف).

سيطر علي الرعب والخوف كثيرا، فقال لي الرجل الذى جاء لي الى الدكان: تقدم

فتقدمت قليلا ثم وقفتُ

فقال الرجل الذى يقف بخدمة اولئك الاشخاص: تقدم ولا تخف فتقدمت قليلا الى الامام.

فقال صاحب العصر (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) لأحد اولئك الاشخاص:
امنحه منصب الجندى لاجل ما قام به من خدمة للشيعة.

قلت: سيدي انّي كاسب حائك فكيف اكون جنديا؟

(وكنت قد تصورت بانه يريد أن يجعلني حارسا على بيت ذلك الظالم بدلا من الجندي).

فتبسم الامام (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) وقال:

"نحن نريد ان نمحك منصب الجندي"

كررت نفس الكلام السابق.

فقال (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف):

نحن نريد ان نعطيك مقام الجندي المرحوم، لا أنّ تكون جنديا حارسا، اذهب فانك في مقامه.

رجعت لوحدي، ولكن كان الظلام دامسا جداً ولا اثر لذلك النور الذي كان قد انتشر في الصحراء.

وبحمد اللّه منذ ذلك اليوم والى الآن تصلني حوالات واوامر مولاى صاحب الزمان (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف)

وانّي على ارتباط به ومن جملة ذلك قضّيتُك التي اخبرني بها.

إشارة:

الطعام الذي يأكله الانسان له أثر كبير في حياته، ليس فقط مادياً وجسدياً، بل معنوياً وروحياً.

والاثر الروحي المعنوي للغذاء، اذا لم يكن اكبر أهمية من الاثر الجسدي، فهو على الاقل مساو له، فان الامراض الجسدية الناشئة من تناول بعض الاطعمة يمكن معالجتها بسرعة وبسهولة، ولكن الامراض الروحية الناشئة من تناول الاطعمة، يصعب علاجها وقد يتعذر الى الأبد.

فاكل المال الحرام، له آثار سلبية جداً على روح الانسان قد تودي الى ان يصبح هذا الانسان سفّاحاً ظالماً متجبراً عالياً في الارض، يهلك الحرث والنسل، وحينئذ لا طريق له للعودة.

ومن هنا اكّدت الآيات الشريفة والروايات الواردة عن المعصومين (عليهم السلام)، على ضرورة التنزّه عن اكل المال الحرام، بل وحتى المال المشتبه، كل ذلك فراراً من تلك الاثار السيّئة.

والعكس بالعكس، فكلما كان طعام الانسان منزها عن الحرام، كلما اثر ذلك في صفاء روحه ونقائها وسرّع في كمالها، وقد ذكرت في كتب السير كثير من الحكايات التى وصل ابطالها الى مقامات عالية في الدنيا وفي الآخرة بسبب اجتنابهم اكل الحرام.

ومن جملة ذلك ما ورد في قضية هذا الجندي الذي أبى ان ياكل الاّ الطاهر من الحرام، وقد ادّى ذلك به الى ان يصير من أعوان الامام الحجة (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) في قضاء حاجات المؤمنين المتوسلين به (عليه السلام).

ولعمري، فان الانسان يكفيه قرصان من الخبز يومياً وعدة تميرات ياكلها لتقوّيه على حياته ومعاشه وعبادته، فلماذا كلّ هذا الطمع والجشع الذي يؤدي بالانسان في نهاية المطاف الى اكل المشبوه والحرام مع ان اللّه تعالى تكفّل له بالرزق الحلال والقوت الذي يحتاجه ويغنيه عمّا في ايدي الناس.

(اللّهم ارزقنا العفاف والكفاف).

المصدر: الاربعون في الامام المهدي وقصة الجزيرة الخضراء

قصص  اللقاء بصاحب الزمان عجل الله فرجه الشريفWhere stories live. Discover now