جود _5_

40 6 12
                                    

               - جود     Pov

         وجه دائري ، عيون بنية واسعة ، شعر بني مموج طويل و ملامح رقيقة و حفرة بالذقن ..نقاط الشبه بينها رحمة الله عليها و بين مريم إلا أن مريم كانت قصيرة جدا في حين أن الأخرى كانت بطولي ..

       مريوم .. كنت أناديها في بعض الأحيان "أم ذقن مثقوب" لأضايقها و أنعتها بإسم أحد من الأبطال الخارقين الذين يملكون ذلك الذقن البارز .. لكنها تجيبني بأنها علامة من علامات الجمال و أنها تعتبر نوعا من الغمازات .. نعم أظن أنها تغار من خاصتي لهذا تحاول تحويل إسم ثقبها لغمازة ..

فتردها لي بالفور "يا شامي" تقول مثيرة غضبي ، لكن سرعان ما نتصالح في طريق عودتنا إلى المنزل ..

إنها دائما هكذا منذ الخمس سنوات الفارطة لا ترحل إلا و قد تركت الإبتسامة تشق طريقها على شفتاي .. رغم فارق السن بيننا إلا أني أراها تفهمني أفضل ممن هم بسني ...

أيقنت في تلك اللحظة أن الله يبتليك بالمصائب تيأس فيسحب منك هبة..

تصبر فيهديك هبة ... هذا ما عشته بالفعل ...فقد سحبت مني هبة ببلدي بعد يأسي لكن الله عوضنيها هبة بعد صبري ...

و يمكن في بعض الأحيان أن تكون الهبة على شكل شخص كالبلسم الشافي لجروحك..يواسيك و يبقى لجانبك مهما كانت الظروف ..يقنعك أن الحياة فقط مطبات نحو حياة النعيم ...

فيا ربي إحفظها لي و لا تريني بها سوءا فإنها قريبة مني أكثر من نفسي ..

        و كانت من أكره عاداتي بالنسبة لها بعثرتي شعرها بيداي ، و نرجسيتي التي أقصد بها في أغلب الأحيان مضايقتها ، و عادة قضمي لأظافري فكانت عندما تراني أفعل هذا تصفعني على مؤخرة رأسي بقوة ، و نعتها بالقصيرة و أم ذقن مثقوب و سنكوحة و الكثير من النعوت و كان الذي يرانا يظن أننا بنفس السن من كثرة شجارنا بالأيدي ، أحس حقا أنني طفل كلما جلست معها، كما أنها كانت دائما تقول أنها ناضجة أكثر مني و أعتقد أن هذا صحيح ...

ففي أغلب الأحيان أجد نفسي أتغابى كثيرا أمامها في حين أنها ترمقني بنظرة باردة ...

                      - لأخبركم قليلا عن عائلتي الكريمة ..
       أم جود والدتي العزيزة التي قد نال منها تعب الإحتلال ..

و قد قابلت تلك الحادثة المفجعة في ذلك الوقت ..فقررنا الخروج من فلسطين و القدوم هنا لعلها تخرج من صدمتها فقد كانت أكثر متضرر من تلك الحادثة.. و قد نجح ذلك فقد تخطت تلك المرحلة النفسية الرهيبة بفضل الله أولا ثم بفضل أم مريم التي كانت تساعدها على هذا ثانيا ..

       أب جود الوالد المصون .. لم يكن يريد الخروج من بلده أبدا لكنه قرر فعل ذلك و نسيان الماضي و بدأ صفحة جديدة مع عائلته في بلد آخر .. و كان له معارف هنا و كان قد دبر عملا أيضا .. حيث أنه بدأ عمله مساء وصولنا إلى هنا ..

       جوري أختي الصغيرة التي سمتها أمي نسبة إلى المرحومة .. تبلغ خمس سنوات فقط ،مشاكسة جدا و عنيدة غالب الأحيان ، أظن أنها تعيش بالشارع لأننا لا نراها سوى وقت الغداء و العشاء و ترجع للمبيت و كأنها قامت بإيجار غرفة فندق بمنزلنا ..تلعب كل الوقت في الشارع مع صديقاتها المتشردات اللواتي يشبهنها..كما أن أولاد الجيران يشتكون لي من صفعاتها المتكررة ، و عندما أسألها عن السبب تقول أنهم كانو يتنمرون عليها و أن صديقاتها شهود ... و عند تأكدي من صدقها حرصت على تعليمها شخصيا كيفية تصويب و تسديد الصفعة بنجاح ..
نعم ..بدون مدح ، أعلم أنني أخ صالح ..

أما بالنسبة لي شاب وسيم يملك كل ما تحلم به الفتيات من جمال و شهامة و طول ..

"الله يحميني من العين"..

لا تعتقدوا أنني نرجسي إنني أمزح فقط ، أنا شاب عادي حدث له موقف أدى إلى إنقلاب حياته رأسا على عقب و أدت إلى تغيير مسرى أهدافه بالحياة أيضا ..

   كنت أرى بصغري أنني سأصبح عالم نفس مهووسا بشخصيات الناس الغامضة ..

لكن الآن لم يصبح هذا الحلم إلا طريقا نحو هدفي الأساسي ..

        أعتقد أنني صدعت رؤوسكم بهذه النبذة المملة عن حياتي ..يجب عليكم تحملي قليلا بعد و لن أزعجكم مرة أخرى بهذا..

       

آلَــشّـآمِيTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang