الخدمة _6_

43 7 18
                                    

- مرت الأيام...

بما أنني بلغت التاسعة عشر من عمري الشهر الماضي فأنا أفكر الآن بالإلتحاق بالخدمة الوطنية لهذا البلد ،و هذه خطوة أخرى أخطوها لتحقيق حلمي الجديد .. و وجدت فرصتي حقا فقد قبلوا طلبي بالرغم من جنسيتي الفلسطينية ، و قد طلبو مني القدوم بالشهر القادم و هذا ما دفعني إلى وقف عامي الجامعي و تجهيز نفسي للذهاب .. كانت عائلتي قد تقبلت هذه الفكرة بصدر رحب ، أما مريم فأنا أفكر للتو في كيفية إخبارها بهذا ، فستأكلني حقا إن علمت أنني خططت لكل هذا بدون علمها ،لكنني سأحاول إقناعها ...

طلبت منها ملاقاتي في الحديقة لأنني لا أعتقد العتبة تجدي نفعا الآن مع حجم أجسادنا ...و قررت الآن إخبارها بالأمر..

"مريم !" قلت لها بتردد بينما كانت تعبث بهاتفها

"شو في خير إنشالله عم تناديلي بإسمي اليوم صايرلك شي !" قالت مستفسرة بسبب نعوتي الدائمة لها و ندرة مناداتي لها بإسمها إلا في لحظات غضبي

"مو صايرلي شي بس بدي خبرك .." قلت بتردد أكثر من السابق

"شو بدك تخبرني !" سألتني بإنتباه بعد أن قامت بوضع هاتفها بجيبها

"أممممم كيف بدي قلك " قلت و قد إختفت ثقتي بنفسي التي كانت هنا و لم تعد
و قد إستمرت تنظر إلي منتظرة تكملة الجواب ..

"إلتحقت بالخدمة الوطنية " قلت بسرعة و بقيت أنتظر ردة فعلها المتأخرة ، لا أعتقد أنها إستوعبت الأمر بعد ،

"الخدمة الوطنية هون ! يعني رح تصير جندي أو شو" تساءلت بعدم فهم

"إيه هون، بتجند بعدين أرجع" قلت و لم أحدد المكان التي تعود عليه كلمة 'أرجع'

"إيه والله منيح بلكي يصير عندك عضلات و ما تصير لحمة على عضمة هيك " قالت و هي تمسك بذراعي النحيف

"بلكي حتى ما رح تعرفيني لما أرجع" قلت بفخر

"بنشوف.." قالت ضاحكة بتحدي

إستغربت حقا ردة فعلها الطبيعية لأنني لم أتوقع أنها ستتقبل الأمر بسرعة..المهم في الأمر أنني سأفتقدها كثيرا..سأفتقد عائلتي و أصدقائي الذين قامو بتحضير حفلة توديع لي لإغاضتي فقط و كأنهم يحسبون أنني ذاهب بلا عودة ، هه شلة حمقى ...

و قد مر ذلك الشهر بسرعة الريح و كنت إغتنمته بتقسيم يومي على جميع أحبتي قبل غيابي، و كنت أمضي غالب أوقاتي معها بحيث زادت علاقتنا متانة في هذه الأيام و هذا ما لم كنت أرد حدوثه ، فبعد ذهابي سيتسبب لي هذا الأمر بفراغ كبير لاسيما أنني ألفت التحدث معها بكل المواضيع تافهها و مهمها،فكنا عندما لا نجد موضوعا للحديث ..تجدنا نتحدث عن أنواع النمل و عن أحاسيس القطط المارة في الطريق و نبدأ بلعب أدوارهم و نخلق حوارات لا معنى لها بين تلك القطط المسكينة التي تهرب بعد سماعها لضحكاتنا الغبية .. و نلعب ألعاب أطفال ساذجة .. و لهذا بالتحديد كنت أحب صحبتها لأنها تحب روحي الصبيانية على عكس ما أبدو عليه من نضج .. و لأنها تتقبلني بشخصيتي الغريبة و تتصرف بطبيعتها معي ...
و كان رفاقي يخبرونني دائما أن علاقتنا قد تعدت حدود الصداقة أو الأخوة ... و كنت أعطيهم مبررات حتى أنا لم أكن مقتنعا بها شخصيا ..
لا أعرف ربما هم على حق ،لكن كل ما أعرفه أنها تعتبرني أخا أكبرا لا أكثر و أنا متأكد من ذلك .

آلَــشّـآمِيWhere stories live. Discover now