الجار الجديد _1_

131 8 35
                                    

          - أتذكر تلك الفترة جيدا ..

        كنت في العاشرة من عمري أرتدي فستانا قصيرا ، أجلس على عتبة باب منزلنا في حينا الشعبي  ..و كان بين يداي كراسة و قلم بإنتظار أن يجذبني منظر ما  لأقوم برسمه في هذه الورقة الفارغة أمامي ، و لكنني لم أجد.. فبقيت أشاهد المارة بملل ..

و قد ذهبت كل صديقاتي بالحي إلى الإجازة الصيفية بينما لم يمض على رجوعي من بيت جدتي في الريف أنا و عائلتي إلا أيام  معدودة ..
      

       بينما كنت على تلك الحال.. وقفت سيارة أمام المنزل المهجور المقابل لنا ،نزل منها رجل مسرعا و فتح الباب الخلفي لإمرأة في منتصف العمر تحمل رضيعا ..أعتقد أنها زوجته .. نزلت هي الأخرى بإعياء و قد بدى على وجهها التعب الشديد ..

قام الرجل بحمل الرضيع عنها و أخرج حقيبتان من خلفية السيارة و بدأ ينادي
" جود ! تعا ساعد بابا الله يرضى عليك "

  و كل ما بدر إلى ذهني في تلك الحين أن لهجته تشبه لهجة المسلسلات السورية التي تشاهدها أمي بالتلفاز ..

في ذلك الحين نزل شاب أظن أنه يكبرني بعشر سنوات مبتسما و بادر بحمل حقيبة و قام باللحاق بأبيه و أمه إلى داخل المنزل المقابل ..

دخلت إلى المنزل و وجدت والداي يتحدثان في المطبخ ،أخبرتهما بما حدث..

"يبدو أنهما أبو جود و أمه اللذان قال لنا جارنا أنهما سينتقلان إلى المنزل المقابل" قالت أمي موجهة الحديث إلى والدي

"نعم،أظن ذلك و أعتقد أنه يجب عليك زيارة هذه المرأة و مواساتها قليلا و إخبارها أننا هنا إن كانا يحتاجان لأي شيء فأنت تعلمين أنهما في حالة نفسية رهيبة"

"أعلم ذلك و هذا ما كنت أريد قوله لك للتو .." أجابته أمي

     و شعرت في تلك اللحظة أنني كالأطرش في الزفة فبالرغم من صغر سني إلا أنني أعتقد أنه يجب عليهما إخباري ما الذي حدث لتلك العائلة المسكينة و قد قمت بسؤال أمي لإرضاء فضولي
"صغيرتي ، هؤلاء عائلة فلسطينية و ليست سورية ،و أظن أنك تعلمين ماالذي يحدث في وطنهم " قالت أمي بشيء من العتاب

و قد تسللت إلى عقلي مشاهد تلفزيونية من ذاكرتي حيث كان الأعداء يقصفون غزة و يهدمون منازلهم بشراسة و يشردون الصغار في الطرقات بلا رحمة..

"آه" أطلقت تنهيدة خفيفة من فمي

" أعتقد أنني فهمت الآن " أجبت بعد تذكري لتلك اللقطات المريعة

آلَــشّـآمِيWhere stories live. Discover now