18

2K 33 2
                                    

#شيزوفرينيا١٨
( فتحت عيناي .... تحسست رأسي الذي ينبض من شدة الالم ... تجولت ببصري في ارجاء المكان ... قليلا حتى استوعبت بأنني في مشفى حكومي ... بدأت ضربات قلبي بالاسراع .... يا الهي .... انا اتذكر جيدا م حدث ... ملاحقته لي ثم فقداني لوعيي في احدى الشوارع الطرفية التي تعمدت الهرب بها حتى لا يلحقني .... هزبر .... انا الان اعلم من انت .... قبل عام ونصف ... عندما صدمت سيارتي خلفية سيارتك المارسيدس السوداء ... اذكر جيدا التوتر الذي انتابني لدرجة انني لم اجرؤ على الترجل من سيارتي عندما رأيتك تنزل لتتفحص سيارتك من الخلف .... اكتفيت بالنظر اليك كقطة صغيرة قطع لسانها .... اتيت نحوي ثم طرقت زجاجي بأطراف اصابعك بهدوء ..... عندما انزلت الزجاج .... اخبرتني بأن سيارتي هي التي تأذت .... واخبرتني ايضا بأنك ستتولى تصليحها ان لم تكن مؤمنه ...
شكرتك وقتها وذهبت لشأني وانا احمد الله الذي اخرجني من ورطه كبيرة كنت سأقع بها إن كنت فظا وإن تأذت سيارتك .... بعدها بأسبوع فقط قابلتك بالقرب من مقر عملي....لا ازال اتزكر قميصك الازرق وبنطالك البيجي وذلك الحزام الجلدي الذي توسط خصرك .... كنت جذابا جدا وانت تحرك مفاتيح سيارتك بإصبعك .... بدوت كفارس احلامي الذي رسمته في مخيلتي عندما كنت مراهقه ... اسمر جذاب طويل بجسد رياضي وكتفين عريضين .... لحية مهذبة وتفاحه استقرت في وسط حلقك وعروق زينت يداك .... وكل هذا لم يضاهي صوتك .... صوت رجولي خشن سلب عقلي.... تكررت لقائاتنا بشكل ملحوظ .... كنت دائما ما تخبرني بأنني مضحكة ومشاغبه .... كنت استغرب من اهتمامك الزائد بي .... فأنا لا ارى نفسي جميلة او حتى جذابة ليصادقني او يهتم بي شخص مثلك مجرد ( بايرة وم ملحلحه ) كم تدعوني والدتي .... بعد قرابة العام اعترفت لي بحبك .... وانا التي كنت اظن ان حبي من طرف واحد.... اخبرتني في تلك الليلة انك كنت تخفي مشاعرك عني قرابة العام لخوفك من رفضي لك ثم خسارتي كصديقه ... واخبرتني ايضا بأنني جميلة حد الثمالة وبمثابة الادمان بالنسبة لك .... كنت تراقبني وقد اعتلت ابتسامة رائعة شفتيك .... تراقب التوتر الذي بدا ظاهرا في وجهي وتصرفاتي..... كانت ذلك من اروع ايام حياتي .... عرفتني على والدتك التي بدا واضحا جدا انها لم تحبني .... كانت نظراتها المتفحصة تزعجني كثيرا .... لكنني لم اظهر ذلك .... قبل شهرين ونصف .... تم عقد قراننا .... اثبت لي صدق حبك ورجولتك عندما اتصلت بي بعد عقد القران وقلت لي : "اها انا وفيت بي وعدي "
تلك الصورة التي رأيتها في مكتبك التي كنا جالسان فيها بقرب بعضنا ونبستم كانت بعد خروجي اليك عندما طالبت برؤيتي ..... لا ازال اتذكر صوت الزغاريد التي كانت تخترق احلامي في الاونه الاخير .... والسعادة التي بدت في وجه رائد ربما لتخلصه مني ..... حدد زواجنا بعد ٣ اشهر ...... بعد شهر فقط اخذتني برفقتك الى منزلك ..... واخذتني الى الطابق العلوي لتريني شقتنا التي صممت بحسب طلبي ..... رن هاتفك ثم استأذنتي ونزلت الى الاسفل .... بعد تفرجي على شقتي الرائعه نزلت الى الاسفل وانا اناديك .... سكت عندما سمعت صوت والدتك العالي وهي تتحدث معك بغضب :
_ البنت دي انا م عايزاها لبك .... لكن انت م بتسمع كلامي .... نهائي كلامي م بتسمعو ..... م من مستواك .... فاكرها هسه متزوجاك حبا فيك ? لا يا بابا فوق لنفسك اكيد متزوجاك عشان تلهف قروشك وتسكن ف البيت دا .
_ يا امي .... انت ادي نفسك فرصة واتعرفي عليها .... فداء م من النوعية دي ..... بنت ناس ومهذبة و كفاية بس اني بحبها ومقتنع بيها
_ انت مقتنع بيها لكن انا م مقتنع بيها .... انا اصلا خاطبة ليك دكتورة إكليل .... حسب ونسب وجمال .... مش زي دي .
_ امي لو سمحتي احترمي قراري .... انا راجل م ولد صغير وبعرف الصح من الغلط ... إكليل على عيني وراسي بس نظرتي ليها م بتتجاوز كونها مجرد اخت وخلاص .
قلت هذه العبارة وانت تفتح الباب .... بدت الدهشة الممزوجة بالاحراج واضحة على وجهك ..... خفضت رأسي وطلبت منك ان تأخذني الى المنزل .... حينها خرجت والدنك من الغرفة .... نظراتها المملوءة بالكراهية اخترقتني .... لم تنبث ببنت شفاة اكتفت بمراقبتك وانت تتبعني للأسفل ... م ان ركبنا السيارة حتى بدأت بالاعتذار والتبرير لوالدتك لكنني فضلت الصمت ولم انطق حتى ..... عندما فقدت الامل من ردي عليك اخذتني لمنزلي .... في تلك الليلة بكيت طويلا .... كلمات والدتك كانت كالرصاص على جسد هزيل ..... اهانت كرامتي بها .... وبدأت احسب هل حقا هناك فرق مستويات بيني وبينك ? ..... في النهاية توصلت لقراري ... ترسل لك رسالة نصية بالاتي : " باين ماف قسمه ونصيب بينا وكلام امك صح .... ربنا يكتب ليك بنت الحلال الترضيك وترضى امك .... وياريت لو سمحت ورقة طلاقي توصلني "
لم تمضي ١٠ دقائق حتى اتصلت بي ... بدا صوتك حزينا وانت تسألني عن ذنبك في كل هذا ? وهل كراهية امك لي سببا مبررا لجعلك تطلقني ... كنت غاضبة لدرجة جعلتني افضي جام غضبي من حديث والدتك عليك انت .... اقفلت الخط في وجهك واغلقت هاتفي .... وأكملت بكائي .... في صباح اليوم التالي وجدتك تنتظرني مع رائد بالقرب من سيارتي .... حاولت الحديث معي لكنني لم اعطك اي فرصة .... ظللت تلاحقني باتصالاتك المستمره .... وانا اتجاهلك رغما عني .... اعاقبك انت على تصرف والدتك .....
الى ذلك اليوم .... قبل ان افقد ذاكرتي ..... كلفني مديري بأن اكتب تقريرا ممتاز بخصوص قتل الظابط .... وانا في طريق عودتي من العزاء .... لاحظت لأحدهم .... كان يسلم شابين بدت عليهما ملامح الإدمان .... عبوة مغلفة بالاسود .... وتسلم منهما مبلغ كبير .... حملت كاميرتي بسرعه والتقط الصور عندما بدت لي ملامح هذا الشخص .... كان انت ..... انت يا هزبر .... كنت تحادثني قبل رؤيتي لك بدقائق .... تملكني الفضول ..... من هاذين الشابين ? وماذا سلمتهما .... وما ان تحركت حتى لاحقني احدهم بسيارته وضايقني للدرجة التي جعلتني انحرف الي الطريق المعاكس .... ثم حدث ما حدث .... الان عرفت لماذا سمح لك رائد بأخذي لمنزلك .... كنت زوجتك .... وادعيت حمايتي .... بينما كنت تريد قتلي ..... قتلي لأنني سأكشف قريبا تورطك في اعمال غير قانونية.... الان عرفت سر اثر الخاتم في يدي .... وسر الفرسة السوداء التي كنت اسأل نفسي اين رأيتها من قبل ..... كثيرا م اريتني صورها واخبرتني انها المفضلة لديك..... لدرجة انك اطلقت عليها اسمي .)
_يا انسة
رفعت راسها وعاينت للدكتور الواقف قدامها  : حمدلله على سلامتك .
ردت ليه بصوت خافت : الله يسلمك
_ حضرتك فاقدة الوعي ليك قرابة الساعة ... لقوك واقعة في واحدة من الشوارع وجابوك هنا .... حافظة رقم زول نتصل بيه يجي يستلمك?
_ اي .... اي حافظة وياريت تتصل لي عليه بسرعه .
بدت تملي فيه في رقم رائد
…....................................................
في الجهة التانيه هزبر كان بتكلم في التلفون بعصبية :
م لقيتوها ? كيف يعني م لقيتوها حتكون مشت وين يعني ? حتى في البيت مافيشة ? تجيبوها من تحت طقاطيق الارض وبي اسرع من السريع مفهوم ? يلا شوفو شغلكم .
قفل الخط ورما التلفون بي غضب ....
مشا ناحية الشباك لمن سمع صوت عربية بتقيف .... لمن لقاها امو نزل بزل بي سرعة تحت ....
جات داخله وهي بتتكلم في التلفون : والله يا هدى القعدة كانت حلوة شديد لكن تقولي شنو لازم اجي عشان اشوف هزبر طولت منو .... خلاص تمام حبيبتي بنتقابل تاني .... وقولي لي إكليل خالتك زعلاااااانه منك ليها يومين م شافتك ..... هههههههه خلاص كويس .
قفلت التلفون وختتو في شنطتها .... لقت هزبر واقف جمب السلم وبعاين ليها ...
_هزبر كيفك
_الحمدلله
مشت اتجاه المطبخ : كدي اشوف عزيزة عامله لينا شنو في الغداء .
وقفت بي صدمة لمن قال ليها : سوزان ... انا ولد منو ?
قبلت عليهو ووشها شاحب من شدة الخلعه .... ابتسمت ابتسامة مزيفة وهي بتقول ليه بي صوت مرتجف : دا شنو البتقول فيه دا يا هزبر ?
_ انا ولد منو ?
جات عليه : ولدي .... ولدي انا .
_اممممممممم ..... ولدك مولود سنة ٨٦ .... وانتي عارفة سنة ٨٤ حصل شنو .
قالت ليه بخوف :الكلام دا جبتو من وين يا هزبر ?
فتح ليها الصورة الصورها بتلفونو ....
مسكت التلفون وبقت بتعاين للصورة .... التلفون وقع منها وانفاسها قامت : هزبر دا كلو كلام فارغ انت ولدي انا .
رجع منها لورا : وريني الحقيقة
بكت وهي بتقول ليه : والله العظيييييم ولدي .... والله ولدي انا .
قال ليها بعصبية : رحمك مستأصل قبل سنتين من ولادتي ....  كيف حتكوني امي .... اتكلمي فهميني انا خلاص  حأجن .
_طيب .... طيب حاوريك كل شي انت بس اهدا ...
قعدت في اقرب كرسي ليها بانهيار .... مسحت دموعها النازلة وهي بتعاين ليه :
انا يا هزبر بعد م عرست بي ٣ شهور بس ظهر لي ورم في الرحم ..... كان حميد .... لكن قررو يستأصلوه لي ....
وطبعا انت عارف اهل وتفكيرهم ... جدك كان عايز حفيد .... وانا ماف طريقة تاني اولد بيها .... وهم م عارفين اني استأصلت رحمي ..... كانو بيرمو علي الكلام في المشية والجيه ..... تعبوني شديد .... م ولدتي لحدي هسه لي ? م ناوية تفرحينا وتفرحي راجلك ? الحقي اولدي سريع قبل م العمر يجري بيك ..... كأنو انا الولادة دي بيدي ومابياها ....
لحدي م في النهاية كتر علي .... وطلبت من ابوك يمشي يعرس .... بس هو رفض لأنو كان عارف انو شي زي دا حيدمرني .... اصريت عليه .... كل الاصرار بس هو ابا .
بعد فترة كلمني انو هو لقا طفل .....
قاطعها بصوت باكي : ودا انا صح ?
هزت راسها من بين دموعها .
_ كملي
_ سافرنا بيك بورتسودان .... لمدة سنه على اساس حملت وولدت هناك ولمن رجعت بيك لقينا الناس الكذبة انطلت عليهم .... وكنت احلى شي في حياتنا والله .... وبتكبر قدام عيونا بي كل حب .
_ كنتي ناوية تتكلمي متين ? كنتي ناوية توريني الحقيقة متين ?
_ هزبر انت ولدي
قال ليها بعصبية : يااااخ بطلي .... كفاية كذب .... انا م ولدك ولا يحزنون .... جايبني من الميتم صح?
لا .... لا والله ما من الميتم .... انت ولد شرعي
_ طيب وين امي وابوي ?
سكتت
_ ياخ اتكلمي وريني .... وريني وين امي وابوي الحقيقيين .
_ انا عارفة امك وين .... لكن .... لكن ابوك م عارفاه .
_ طيب وريني امي ..... امي وين ?
_ اسمها سيدة ... شغالة في التأمينات وساكنه في حي ......
هزبر بقا بعاين ليها بي الم : البيت دا م عندي قعده فيه تاني .
_ هزبر لا ...... الله يرضى عليك لا ..... هزبر بعد السنين دي كلها حتسيبني .... اي هي ولدتك لكن انا السهرت عليك وتعبت فيك وربيتك وكبرتك .... عليك الله م تمشي تسيبني .
_ معليش يااا .... يا سوزان .... انا ماف سبب بقعدني هنا تاني .
_ سوزان ? ... من متين بتقول لي سوزان كدا ? هزبر انا امك .... انا البتناديني بي ست الكل .... يخسي عليك يا ولدي بعد السنين دي كلها بتقول لي سوزان.
اتراجع لي ورا وقبل هلى جهة السلم وطلع فيه بي سرعه وهو بيمسح دموعو .
جرت وراه .......
دخل اوضتو وجا طالع وهو شايل شنطة .
سوزان : هزبر ... هزبر ماشي وين .
اتجاوزها وم رد عليها .....
ونزل تحت وطوالي اتوجه لي بره ناحية عربيتو وهو بيتجاهل في صوتها الباكي وهي بتترجاه م يمشي يخليها.....
قعدت في ممر اشجار الليمون بانهيار وهي بتنتحب وبتراقب في عربيتو وهي بتتحرك .... ختت يدها في قلبها وهي بتصرخ بي اسمو .
وهو سايق دموعو كانت نازلة .... م هانت عليه ..... ولا هان عليه صوت بكاها ..... وهي لسا باعتبارها امو .... لكن كمية الغضب والزعل الكانت جواه عمت بصيرتو ....
تلفونو ضرب ..... رد بصوت بارد : الو
_ هزبر اولا النتيجة طلعت م متطابقة .... ودا بيدل على انو كلامك صح ..... وثانيا الخطه حقتنا اتكشفت .... وحاليا الاسلحة في طريقها للتسليم .
_ الخطه البديلة ... نفذوها بي سرعه .
وقف بعربيتو قدام مبنى ضخم .... نزل بي سرعه وهو شايل شنطتو واتوجه ناحية واحدة من الشقق .
قفل الباب وراهو .... ومشا ناحية الشباك حق الاوضة الفاتح في فيلا فخمه ومدججة بالحرس .... وكان في حركة دائبة فيها .... كأنو في حفل حيتعمل فيها .....
فتح الشنطه وطلع بدلة تكسيدو سوداء وجزمة جلدية فاخره وساعه وعطر .... واخيرا مسدس فضي .
عاين ناحية الفيلا وهو بيبتسم : خلاص .... جا الوقت الحكشف فيه كل شي وحتنتهي الحكاية ....
بالجهة التانيه .....
مصطفى كان بتكلم مع دينا في التلفون .
قال ليها : كدي يا دينا دقيقة .... باين انو في عربية باظت حمشي اشوفهم لو عايزين مساعده
_ باظت وين ?
_ هنا قدام بيتنا
_ ايوا .
سمعت صوت رجولو وهو ماشي عليهم .... وشوية صوتو وهو بيسألهم اذا عايزين مساعده .
فجأة سمعت صوت حاجه قوية اضربت وصوت زول بقول ارفعو بسرعه .
بقت بتقول : الووووو .... مصطفى انت كويس ? الووووو مصطفى رد علي .
وشوية الخط قطع ..... ولمن رجعت تاني لقت التلفون مغلق .
#نهاية الحلقة الثامنة عشر

شيزوفرينياWhere stories live. Discover now