الفصل الخامس عشر

9.7K 209 0
                                    



فتفاجئ بها ملقية على الارضية وهى فاقدة وعيها .. الجمته الدهشة وتسارعت ضربات قلبه ، هرول اليها وجثى على ركبيته امامه وهو يهز وجها هاتفاً بهلع :
_ شذى .. شذى ردى عليا

وضع يسراه اسفل ظهرها ويمناه فى وسط قدمها وحمل جسدها الضئيل على زراعيها ثم اتجه بها نحو غرفتهم ووضعها على الفراش بحرص شديد ... ثم اجرى اتصال بالطبيب طالباً منه المجئ فى اسرع ما يمكن ......
بعد مرور مايقارب الساعة كان الطبيب أتى وانهى فحصه عليها وذهب بعد ان اخبر علاء انه ما حدث ذلك كان بسبب هبوط حاد فى الدورة الدموية وطلب منه ان يجعلها تهتم بالتغذية السليمة لاجل صحتها .......
دلف اليها فى الغرفة واقترب منها وجلس على طرف الفراش امامها وهو يقول بصوت رخيم :
_ عاملة ايه دلوقتى ؟

اؤمات رأسها له بالايجاب فا تابع هو بصوت رجولى صارم :
_ انتى مكالتيش حاجة من امتى ؟؟

شذى بنبرة ممتعضة :
_ من امبارح الصبح !

صاح بها بضجر ونبرة حادة :
_ وقاعدة ده كله من غير أكل انتى مجنونة ، انتى وحدك اصلا ضعيفة ومش مستحملة بتزودى ده بعدم أكلك

ابتسمت ساخرة وهى تتمتم بصوت مسموع :
_ مهتم اوى يعنى بأمرى اكلت او مكالتش

رفع حاجبه الايسر وهو يرمقها بنظرات ثابتة ثم اقترب منها بشدة وهمهم بهدؤء قاسى :
_ انا مهتم بيكى فعلا بس مش حباً فيكى ولا خوف عليكى ، لا علشان مش عايز تحصلك حاجة بسببى واحس بتأنيب الضمير مهما كان انتى برضوا أمانة عندى وكانت مرات عمى موصيانى عليكى

ظلت تحدق به بصمت وقلبها ينسحق تحت الأسى والشجن فا اعتدل هو فى جلسته وهب واقفاً على ساقيه وهو يتنحنح بخشونة :
_ انا هاروح اجيلك أكل الدكتور قال مينفعش تقعدى من غير أكل .. عايزة حاجة معينة اجبهالك

شذى بتهكم :
_ متتعبش نفسك مش هاكل حاجة اصلا

اجابه بنظرة شرسة :
_ مش بمزاجك ... الاكل ده اجبارى ولا انتى عايزة تموتى وتطبى ساكتة

تمتمت بنبرة تحمل المرارة :
_ ياريت

هم هو بالرحيل فا اوقفته قائلة بسخط :
_ مش هاكل ياعلاء هاتتعب نفسك على الفاضى

توقف عن السير دون ان يتلفت لها للحظات عابرة ثم التفت لها وهو يحدجها بنظرة مرعبة وصوت حذر :
_ انتى مسمعتيش انا قولت ايه ... مش بمزاجك ، طلاما انا قولت هاتاكلى يبقى اجبارى برضاكى او غصب عنك ، ولعلمك انا مبحبش كلمة لا دى كتير هااا ، انا صبرى ليه حدود

صاحت به بانفعال شديد وهى تهم بالوقوف على ساقيها المتعبتين :
_ انت ايه ! ... حتى دى عايز تفرض سيطرتك عليا فيها وتغصبنى عليها

علاء بهدؤء مستفز :
_ بظبط كده !!

شذى بنبرة متحدية :
_ وانا مش هاكل ورينى هاتغصبنى ازى

اجابه وهو مازال محتفظ بهدوءه :
_ انا بقول الكلمة مرة وحدة وتتسمع ... اظن كلامى واضح

ثم استدار وغادر الغرفة تاركا اياها تتأفف باستياء بالغ .... زرفت مقلتيها بالدموع المريرة ... اصبحت المعاملة قاسية بينهم لم ترى اى تغير فى معاملته ، فعلت كل مابوسعها ولكنه كان فى كل مرة يثبت لها انه يملك قلب متحجر ... لم يعد علاء الذى اعتادت عليه سابقاً ، ذلك الشخص الحنون والمرح ، كان هو الذى يتحمل عنادها ووقحاتها وتصرفاتها الغير لائقة معه الان تغير الوضع واصبح العكس ......

***

فتح باب الغرفة ودلف الى الداخل فوجدها جالسة فوق فراشها وتتلو القرآن بصوت عذب وجميل ... ابتسم لها بدفئ ثم نزع سترته عنه وعلقها بمكانها المخصص ونزع حذائه عن قدمه ثم تسطح بجانبها على الفراش واضعا قبضتى يديه خلف رأسه واغمض عينه ببطئ مستمتعاً بتلاوة الورد التى تتلوها بارتياح شديد فاهو دواء يريح الانفس ويهدأ الاعصاب ويدوى الأم القلب .....
انتهت هى من تلاوة القرآن الكريم وتمتمت بخفوت :
_ صدق الله العظيم

فتح عينه وردد خلفها ما قالته واقترب منها مقبلاً رأسها وهو يتمتم :
_ ماشاء الله ايه الصوت الجميل ده ... ربنا يزيدك ياروح قلبى

هتفت باسمة :
_ امين يارب

ثم ادركت نفسها ودفعته بعيداً عنها بخفة وهى تهتف بتبرم :
_ ابعد عنى انا اصلا مش بكلمك ... انتى بتكلمنى ليه !

قال ضاحكاً :
_ انتى لسا زعلانة ... بعدين انا مقدرش متكلمش معاكى قوليلى اغلس على مين واستفز فى مين انا دلوقتى

ابتسمت له ابتسامة مستفزة وغمغمت :
_ روح شوفلك اى حد تغلس عليه غيرى

اعتدل فى جسلته وتمتم بلؤم :
_ تمام اروح اشوفلى اى وحدة بقى اغلس عليها

رمقته بنظرة نارية وهى تكاد تفتك به فقهقه مرتفعاً وهو يهتف من بين ضحكاته :
_ يعنى انتى بتقوليلى اعمل الحاجة ولما اقولك هاعملها بتدايقى !

مرام بنبرة شبه منفعلة :
_ انا قولت حد مش وحدة يعنى اقصد راجل مش بنت

اجابها بابتسامة ماكرة :
_ لا وانا هاعمل ايه بالراجل .. بعدين هاتعملى ايه يعنى لو هزرت مع ست !؟

اجابته وهى تصر على اسنانه وترمقه بنظرة شرسة :
_ بتسأل اسألة وانت عارف اجابتها كويس

احمد بمداعبة :
_ طيب سيبك من الموضوع ده دلوقتى .. متأكدة انك مش عايزة تكلمينى

مرام بحزم :
_ ايوه

تمتم بصوت مسموع :
_ حيث كده بقى افهم من كلامك انى انهى المفاجأة اللى كنت عاملها ومقولكيش عليها

اعتدلت فى جلستها والتفتت له سريعا جيداً وابتسامتها المشرقة تعلو وجها وتهتف بنبرة متشوقة :
_ مفاجأة ايه ؟

احمد بتصنع البرود :
_ لا ما خلاص بقى انتى مش عايزة تكلمينى وزعلانة

مرام بغضب طفولى :
_ اخلص يا احمد دى حاجة ودى حاجة

اجابها باسماً :
_ لا طبعا ازى دى حاجة ودى حاجة !

مرام بمضض :
_ طيب يلا هاكلمك مؤقتاً بس !

احمد :
_ وده اللى هو ازى بقى !!

_ يعنى لغاية ما تقولى المفاجأة بس

قهقه بقوة وهتف :
_ اه شغل مصلحة يعنى ، لا ميمشيش معايا الكلام ده

مرام بسخط :
_ على فكرة انا كده هازعل اكتر والمواضيع هاتتعقد اكتر

استمر فى ضحكه على طريقتها الطفولية وفضولها الذى سوف يقتلها ان لم تعرف ذلك الشئ وهتف بتصنع عدم الاكتراث :
_ انتى اللى بتعقدى الامور

هتفت باقتضاب :
_ طيب قولى كنت بتعمل ايه مع فاطمة وليه قابلتها

احمد :
_ هههههه يادى فاطمة ، حاضر علشان ترتاحى ياستى كانت عايزانى فى موضوع بخصوص عمتى كده ، خلاص ارتحتى

حدقت به للحظات وجيزة ثم عادت تسأله من جديد :
_ وايه هى المفاجأة ؟

ابتسم له بخبث وهتف :
_ عايزة تعرفى

اؤمات رأسها له ايجابياً بابتسامة واسعة فا اردف هو بنبرة اكثر خبثاً :
_ ماشى بس هو فى حاجة من غير مقابل

تلاشت ابتسامتها وهتفت بمضض :
_ وعايز ايه يعنى ؟!

اشار بأصبعه الى فمه فا تمكنت من فهم ما يريده وهتفت بتبرم :
_ انت هاتذلنى .. مش عايزة اعرف خالص طاب

_ ههههه ما انا كده كده هاخدها فهاتيها بالذوق احسن

اشارت الى وجنتها وهى تهتف بنبرة تحمل القليل من الحياء :
_ هنا بس !

ابتسم له بمكر وتمتم وهو يسايرها حتى ينول مراده :
_ ماشى !

اقتربت من وجنته وهمت بطبع قبلة صغيرة عليها ولكنها ادار وجه سريعاً وخطف قبلة من شفتيها فا ابتعدت هى سريعاً وهى تنكزه فى كتفه وتهتف بغضب :
_ كنت متوقعة انك ممكن تعمل كده ... اخلص قول يلا بقى

احمد ببرود ليثير غيظها :
_ لسا فى شرط تانى

اقتربت منه بشدة وهى تهتف بنبرة محذرة و تميل بجزعة للامام فا مال هو للخلف :
_ بقولك ايه .. انت هاتقول ولا اعمل تصرف مش لطيف

اجابها بمرح :
_ اهدى يامعلم هاقول خلاص

اعتدلت فى جلستها وهى تعدل من لياقة ملابسها بفخر وتهتف :
_ ايوه كده لازم الواحد يعنى يعلى صوته

_ لا ياشيخة !

مرام بتوسل ونظرات راجية :
_ يلا بقى يا احمد متقرفنيش والله زهقت

احمد بابتسامة واسعة :
_ مقرفكيش ! ... طيب اجهزى بكرة رايحين العين السخنة هاناخد اسبوع كده جهزى الشنطة بقى من دلوقتى

هتفت بدهشة :
_ بكرة !!

اؤما رأسه لها ثم امسك بيدها وقبلها بحنان وهو يهمس :
_ ايوه فضتلك نفسى مخصوص انتى وحنين من الشغل علشان كنتى زعلانة انى اغلب الوقت فى شغلى ومش بتلحقى تقعدى معايا ده غير انى ليا بدرى مخرجتكمش

ارتسمت على شفتيها ابتسامة رائعة وارتمت داخل احضانه وهى تتشبت به بقوة وهى تهمهم بهيام :
_ انا عمرى ما ازعل منك ومقدرة شغلك والله ياحبيبى

قبل رأسها وضمها اليه اكثر وهو يهمس :
_ ربنا يخليكى ليا

***

فى صباح اايوم التالى ...

والدة رقية بنبرة لم تخلو من السعادة :
_ يعنى موافقة عليه ؟

رقية بتهكم :
_ موافقة ايه ياماما هو انا شوفته اصلا ... لما اشوفه الاول

هتفت باسمة :
_ طيب اعملى حسابك هو جاى بليل

تمتمت باقتضاب :
_ وليه مستعجل اوى كده ... انا مش عارفة انتى ليه مصممة عليه كده ياماما ومصرة انى اشوفه الاول وبعدين اقول رأى

اجابتها ببساطة :
_ هاتغرفى لما تشوفيه

لوت فمها فى تأفف وتمتمت :
_ انا رايحة الكلية ... يلا السلام عليكم

_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

***

امسكت بالهاتف واجابت هاتفياً قائلة :
_ ايوه يا كريم

_ خلصتى ولا لسا ؟

_ خلصت ونازلة اهو حالاً

كريم بهدؤء :
_ طيب انا مستنيكى تحت البيت بالعربية

_ ماشى

هبطت مسرعة له ووجدته ينتظرها كما قال لها .. ترجل من سيارته بمجرد رؤيته اياها وهو يهتف بنعومة :
_ ايه الحلاوة دى بس

ابتسمت له بخجل وهى تتمتم :
_ شكرا

ثم صعدت بالسيارة بجانبه وانطلق بها ، كانوا يتبادلون الاحدايث كالاتى......

كريم بمداعبة :
_ انا مبحبش الهدؤء ده

قهقهت بخفة وهى تهتف :
_ اقول ايه طيب ؟!

اجابها بشغف :
_ اى حاجة .... روحتى الكلية النهردا ؟

جهاد بنبرة جادة :
_ لا مكنش عندنا محاضرات مهمة ومرحتش

هز رأسه بالايجاب ثم تمتم بهدؤء :
_ فى مكان محدد عايزة تروحيه ولا اى مكان

جهاد يايجاز :
_ اى مكان مفيش مشاكل

اجابها بمشاكسة :
_ ده انتى مطيعة اوى

جهاد :
_ هههههه مش اوى يعنى

***

استعد كل من مرام واحمد ، داليا وعمرو ، للذهاب الى تلك الرحلة التى جهزها كل من احمد وعمرو

احمد بنبرة شبه مرحة متحدثاً الى يوسف :
_ يلا ابسط بقى البيت كله ليك وحدك عيش حياتك .... بس متعيشش اوى يعنى

قهقه مرتفعاً وهو يهتف :
_ عيب عليك وانا بتاع الكلام ده برضوا يا ابو احميد

اكمل عمرو مداعبة احمد قائلاً :
_ اه ممكن الشيطان يوزك كده ولا كده

هتف مستنكراً وهو باسما :
_ يخربيت دماغكم الشمال ، انتو ايه !

تعالت صوت ضحكات الثلاث الرجال باستثناء داليا التى كانت تتابع حديثهم وهى تبتسم بعذوبة .. اقترب يوسف منها ووضع زراعه على كتفها وهو يهتف بمرح :
_ بصوا انتو سافروا وسبيونى انا داليا هنا هاظبطها متقلقوش

عمرو بغضب مزيف :
_ لا يامعلم ابقى ظبط نفسك كفاية عليك

اجابه مبتسماً :
_ تصدق انا غلطان .. حيث كده بقى يلا هوونا واتكلوا على ايه

عمرو ببرود مستفز :
_ براحتنا عندك مانع

ابتسمت لهم داليا بدفئ فصاح احمد منادياً على مرام :
_ مرام

هبطت الدرج مسرعة وهى تحمل حنين على زراعيها وتقول :
_ حاضر نازلة اهو

عانق احمد اخيه مودعاً اياه هامسا فى اذنه بنبرة مهتمة :
_ خلى بالك من نفسك

يوسف ساخرا :
_ حاضر هابقى اشرب كل يوم اللبن قبل ما انام والصبح كمان !

احمد :
_ اتريق اتريق

صعدوا بالسيارة ومضوا بها سالكين طريقهم .... تنهد هو بعمق ثم جذب سترته وغادر المنزل ذاهبا نحو مكانه المفضل ليهدأ اعصابه قليلاً .....
وصل الى ذلك المكان بعد مرور مايقارب الربع ساعة فرحب به صاحب المكان ترحيبا حارا واستقبله بابتسامته المعهودة وهو يهتف :
_ اهلا يايوسف بيه نورت المكان .... طلب حضرتك ايه

سحب المقعد للخلف وجلس عليه وتمتم بوجه متهجم :
_ قهوة سادة

_ من عنيا

ظل هو صامت شاردا يحدق فى الفراغ يحوز على تفكيره العديد من الاشياء من ضمنهم جهاد التى تشغل الجزء الاكبر من تفكيره ... لم يتحمل فكرة انها من الممكن ان تكون ملكا لغيره

لمح بطرف عينه فتاة تشبهها فا التفت برأسه تجاهها ، وجدها هى بالفعل ، ولكنها لم تكن بمفردها كانت بصحبة ( كريم ) تابعها هو بأعين مشتعلة الى ان جلسا على احد الطاولات ... ظل مسلط نظره عليهم وهو يتابع تعابير وجها الذى تبدى عن سعادتها ، فكانت ابتسامتها المشرقة تعلو ثغرها ، مما زادت من اشعال نيران الغيرة بداخله واثارة خنقه ... انتشله من شروده صوت النادل وهو يتمتم بنبرة رسمية وهو يضع كوب القهوة امامه على الطاولة :
_ القهوة يا يوسف بيه

لوح بيده له بصوت محتج :
_ ماشى خلاص روح انت

انصرف النادل فعض على شفاه السفلى بغيظ وامسك بكوب القهوة وارتشف منه القليل ثم صرف نظره عنهم حتى يتجنب اى فعل مفاجئ منه ... دققت هى النظر به عندما لمحته فتعرفت عليه شحب لون وجها ، توترت بشدة عندما وجدته هب واقفاً وهو يرمقها بسخط ونظرة مفترسة ، ثم اخرج حافظة نقوده واخرج منه بعض النقود ووضعهم اسفل كوب القهوة ثم رحل وهو يستشيط غضباً ويهتف متوعداً :
_ ماشى ياجهاد ... ورينى سى كريم ده اللى بيحبك وراجل كويس هاتتهنى معاه ازى

***

غابت شمس الصباح واستر الليل ستائره ... فذهب سليم الى منزل رقية حتى يتقدم لخطبتها .... جلس القليل من الوقت مع والدتها وهما يتبادلون بعض الاحدايث المهمة حول كثير من الاشياء ... ثم استأذنت منه وغادرت الغرفة ، طلبت من رقية ان تذهب وتجلس معه قليلاً وتراه ... اتجهت نحو الغرفة بخنق شديد فاهى لم تكن تريد الزواج مطلقا ولكن الحاح والدتها واصرارها اضطرها لمقابلة ذلك العريس ، دلفت الى الداخل وهى مطرقة الرأس فى استحياء كان هو يرمقها بابتسامة واسعة منتظر ان ترفع نظرها حتى تراه ليرى تعابير وجها عندما تراه

رفعت نظرها له ففغرت شفتيها بصدمة وهى تدور بنظرها بينه وبين امها بذهول ، استأذنت والدتها بالمغادرة متحججة بانها ساتقوم بعمل واجب الضيافة ، بمجرد ما ان غادرت الأم الغرفة هتفت بغضب :
_ انت !!

سليم بابتسامة مستفزة :
_ اه انا ايه رأيك فى المفاجأة دى

رقية با اغتياظ وصوت خافت :
_ انت ايه اللى جابك

اجابها بنفس النبرة :
_ اكيد والدتك قالتلك انا جاى ليه !

رقية باندفاع :
_ قالتلى ومش موافقة !

وقق على ساقيه وهو مبتسما ويتمتم بنبرة هادئة :
_ علطول كده ده حتى الواحد بياخد مهلة يفكر فى الموضوع وكده وبعدين يقول رأيه

اجابته بمضض :
_ انا مش بفكر معنديش وقت ... ثم تابعت بنبرة ساخرة :
_ بعدين انت متعرفش اللى فيها اصلا ده انا مفياش حاجة عدلة لسانى طويلة وعنيدة وبعيد عنك هاقرفك ده غير بقى انى مش تمام

رفع حاجبه الايسر وهتف بنبرة شبه جادة :
_ انتى عبيطة يابت فى وحدة تقول على نفسها كده !

اجابته بضراعة وتصنع الجدية :
_ طاب ماهى دى الحقيقة

حدق بها للحظات وجيزة بصمت وهو مبتسم ثم تمتم بنبرة ماكرة :
_ طيب واللى انتى متعرفهوش بقى انا بعشق البنات اللى مش تمام

رمقته بنظرة مشتعلة وهتفت :
_ وانا مش موافقة

سليم بمداعبة :
_ ده حتى انا امور ودمى خفيف .. بعدين انتى تطولى لما تتجوزى سيادة النقيب سليم ابو العزم

رقية باستخفاف :
_ لا مطولش ... وعلشان كده روح شوفلك وحدة غير بقى تتطول

لم يستطيع كتم ضحكاته اكثر من ذلك وانفجر ضاحكا بقوة .... فدلفت والدة رقية اعتدل هو فى وقفته .........

جلبت احد المقاعد وجلست عليها جلس هو الاخر على مقعده ، كانت ترمقه با استياء وهى تزفر بتأفف ، مرت دقائق معدودة ثم ذهب بعد ان طلبت رقية ان يعطوها مهلة لايام قليلة حتى تتخذ قرارا

***

غادر الفندق منذ بداية المساء لعمل ما ضرورى ... احست هى بالملل الشديد فا ارتدت اسدال الصلاة وحملت حنين وغادرت غرفتها وجلست على حافة الشاطئ امام الفندق وهى تداعب ابنتها ويتعالى صوت ضحكاتهم .... كانت السارعة تقارب الى الثانية عشر بعد منتصف الليل ... شردت بذهنها متذكرة ماضيها الاليم منذ وفاة والديها الذى كان بمثابة صدمة شديدة لها ، الى حتى الان وحياتها مع زوجها وابنتها ، نعم ، الله عوضها بزوجها عن فقدان والديها وما مرت به فى حياتها الماضية ، حنانه لم يختلف عن حنان والديها حتى ... تعيش معه اجمل ايام حياتها حبها له ليس له حدود ، ليس لديها سواه تلجأ له فى حزنها ومشاكلها ، عندما يضمها الى صدره ويطمأنها قائلا " اطمئنى انا معك دائما ولن اتركك " تلك العبارة كافية بأن تشعرها بالامان والسكينة ، احضانه الدافئة عندما تلجأ له فى اصعب اوقاتها تكون كالطير الذى ليس لديه جناحين ويتعلق بأمه ويتشبت بها جيدا حتى لا يسقط ارضا .. فا برغم قوة شخصيتها وكبريائها الذى لا مثيل له تتخلى عن كل هذا مقابل سعادته " فا الحب ليس اقوال بل افعال " كثير من يستطيع ان يقول ولكن القليل من يستطيع ان يفعل ويضحى ، ضحت بكبريائها حتى تعيش حياة مسالمة بالتأكيد لم تتنازل عن كبريائها بأكمله فهناك مواقف كبريائها وعزة نفسها يظهرون بها ويهيمنوا عليها كليا .... ظلت متأملة جمال صنع الخالق وامواج البحر التى تتعالى والنجوم المتكدسة فى السماء وضوء القمر المنير ... شعرت بيد فولازية على كتفها واليد الاخرى على خصرها فا شهقت بهلع والتفتت خلفها فتتفاجئ ..............

_ يتبع .....  

شموخ انثى  (الجزء الثانى) -  الكاتبه ندى محمودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن