الفصل الثامن عشر

16K 1.3K 139
                                    

#نيكولاي:

أصبح من الصعب التحكم في أعصابي في ذلك المنزل...

حب كاساندرا المفرط، بلاهة أخي الطفولية، استفزاز سيرجيو الشيطاني؛ والآن كره وتجاهل كايتلين لي!

أظنهم يعزمون على إدخالي إلى مصحة مجانين قبل سن الثلاثين.

"لا تترك ذئبتي بمفردها! عد إليها"
تذمرَ ذئبي اللعين وكاد يُسيطر على هيئته بينما كنتُ أركض في الغابة.

نسيتُ أن أذكُره في لائحة أمراضي المزمنة... هوسه بذئبة كاساندا غير صحيّ لي. صحيح هي توأم روحي، لكنني أجد نفسي منزعجا منها أكثر من واقع في غرامها أغلب الحين.

ربما عليّ التحدث مع أمي بهذا الشأن، هي تعرف دائما ما عليّ فعله. تواصلتُ معها من خلال رابطة القطيع فوجدتها في مكتب أبي تهتم بأعماله الورقية.

عدتُ إلى الشجرة التي خبأتُ فيها ملابسي، ارتديتها ثم أسرعتُ إلى المنزل.

لم أجد أحدا في غرفة المعيشة، لحسن حظ أعصابي. لكنني الآن سأبقى أتخيّل كلّ احتمالات ما يفعله سيرجيو وقطتي...

دخلتُ مكتب أبي بعد أن طرقتُ ثلاث مرات للاحتياط.

"أهلا صغيري. كيف حالك؟"
قفزت أمي إليّ وحضنتني بقبضة لونا.

"تعلمين أنني سأبلغ الثانية والعشرين قريبا، صحيح؟"
علّقتُ وأنا أقبّل جبينها.

"عمّك ماركوس يكاد يبلغ الأربعين ولا يزال جروا مزعجا في نظري. لا تحاول معي، بنيّ"
قهقهتْ وأخذتني إلى إحدى الأرائك لنجلس معا.

استلقيتُ ووضعتُ رأسي في حضنها كما اعتدت فبدأتْ تداعب شعري الذي أصبح طويلا قليلا، كل هذه الدراما أنستني أن أهتم بمظهري.

"إذا يا حبيب الماما، عمّا أردت التحدث؟"
سألتْ أمي بعد لحظة من الهدوء فزفرتُ نفسا عميقا وغطيتُ وجهي بكفّيّ.

"بشأن كاساندرا..."
تمتمتُ بانهزام فكان دور أمي لتزفر هذه المرة.

"هل أنتَ حقا متأكد من أنها توأم روحك؟"
نظرتْ في عينيّ فأجابها ذئبي بزمجرة.

تحولتْ عيناها للون الذهبيّ فجأة، دليل على ظهور ذئبتها لتأديب جروها.

"أعتذر، أمي... إنه يتصرّف بدفاعية كبيرة تجاهها"
تحكمتُ به ثم فسرتُ لها.

"ذلك طبيعي فهو فقدها لفترة ما، لكن لا تدع تفكيره يشوش تفكيرك. الغريزة الحيوانية لا تتبع شيئا اسمه منطق ولا مشاعر"
تكلمتْ بحِكمتها المعتادة فهدأ عقلي قليلا.

"وما تفسيركِ لانزعاجي الكبير من تصرفات كاساندرا؟"
سألتُها بفضول وتعب.

"هي مزعجة"
ردت ببساطة وبوجه خالٍ من التعابير.

"أمي! أنا أتكلم بجدية هنا!"
تذمرتُ فضحكتْ عليّ.

"وأنا أيضا... كنتُ أجد والدك مزعجا للغاية -ما زال كذلك في نظري- لكنني تعلمتُ التغاضي عن عيوبه لأرى إيجابياته"
تكلمتْ أمي بنبرة حالمة وهي تحدق في الفراغ بابتسامة.

"ما هي إيجابيات أبي؟"
تساءلتُ لعلي أستلهم منها إيجابيات كاساندرا.

"يُحب عائلته، مستعد للتضحية بكل شيء من أجلنا، وسيم، لا يرتاح حتى يتأكد أن القطيع بأمان، جميل، ليّن القلب رغم أنه يتظاهر بعكس ذلك... وهل ذكرتُ أنه خلاّب؟"
تركتْ شعري لتعدّ على يديها بطفولية.

"وسيم، جميل، خلاب... كلها مترادفات يا أمي!"
قاطعتُها لتقهقه ثم تشير لي بالهدوء.

"مرحبا عزيزي، لقد عدتَ بسرعة"
بدأت في الكلام قبل أن يُفتح الباب ليدخل والدي.

"تركتُ سيرجيو يُنهي جولتي"
أجاب وومى جسده بجانبها.

"لا تُجهد الفتى، لا يزال جديدا في أرضنا"
عاتبته أمي بصفعة على رِجله.

"لهذا أنا أُعلمه... ماذا تفعل أنت هنا؟"
جذب شعري قليلا ورفع حاجبه في تحدي.

"أوانس أمي بينما تعمل أنت"
رديتُ باستفزاز وأمسكتُ بيدها ثم ضممتُها إلى صدري.

"أنا هنا الآن، بإمكانك المغا.."
نكزتْه أمي بكوعها بعنف فلم يُكمِل كلامه.

"حسنا، سأغادر سأغادر..."
تنازلتُ عن مكاني ليشغره والدي المُنهك وذهبتُ إلى غرفتي.

كانت كاساندرا هناك مشغولة بقلب خزانتي رأسا على عقب...

"حبيبي، أحتاج ملابس!"
استقبلتني بتذمرها.

"ستأخذكِ كايتلين للتسوق غدا، ما رأيكِ؟"
اقترحتُ وأنا أدعو بداخلي ألا تودّ التسوق برفقتي، فأنا لستُ مستعدا لعذاب تجربة وشراء الملايين الملابس.

"فكرة جيدة! فنحن نحتاج لوقت فتيات فقط"
فرحتْ كاساندرا باقتراحي أما أنا ففرحتُ لأنهما ستصبحان صديقتين أخيرا.

"لنُعِد الخزانة إلى ما كانت عليه سابقا"
حملتُ أحد قمصاني من الأرض وبدأتُ في طيّه.

"أنتَ افعل ذلك، وأنا سأُراقب عضلاتك"
غمزت لي بعد أن أخذت أنفاسي بقبلة ثم جلستْ على حافة سريري تبتسم ببراءة.

ابتسمتُ لا إراديا وبدأتُ العمل.

لا أستطيع أن أحكم إن كانت تملك إيجابيات مثل إيجابيات أبي، لكنني متأكد أن الجمال من ضمنها... ستة مرات على الأقل.

نيكولاي | NICOLAI حيث تعيش القصص. اكتشف الآن