الفصل الأول

40.6K 2.1K 125
                                    

#نيكولاي:

"أين قبلتي؟"
بسطتُ ذراعيّ لها وحركت حاجبيّ بالطريقة التي تُضحكها وتزعج حبيبها.

حصلتُ على رد الفعل الذي أردته فاتسعت ابتسامتي حتى آلمتني وجنتاي.

"أبله، أقسم أنك أبله"
تمتمتْ كايتلين وهي تحضنني بعد أن فهمتْ نواياي.

"ولهذا تحبينني، قطتي"
رفعتُها عن الأرض قليلا لأتمكن من رؤية وجهها أفضل فهي لا تكاد تصل إلى كتفي.
أعين خضراء لامعة من والدتها، شعر أسود ناعم من والدها، وجنتان دائمتا الاحمرار، أنف صغير ظريف وشفتان ورديتان لا تكفان عن الابتسام.

حفظتُ صورتها جيدا بكل التفاصيل، فقد لا أراها لمدة طويلة...

"حسنا، هذا يكفي!"
قاطعنا ستيفن بنبرة تُقطّر غيرة وسحب كايتلين لتقف بجانبه وبعيدا عني.

"إنه أحمق كوالده، لا تُعره اهتماما"
انضمّ إلينا العم ماركوس، والد قطتي، والعمة أوليفيا، والدتها ، تسير خلفه.

"على الأقل لست جروا مزعجا!!"
رد عليه أبي، جوشوا، بنظرات قاتلة.

وتلك كانت بداية شجارهما الطفوليّ لليوم، أمي تقول أنهما هكذا منذ مراهقتهما إلى حد الآن، كما أنها هي من أطلقت عليهما هذه الألقاب.

"جوشوا! ماركوس! نحن هنا من أجل ابني وليس من أجل تصرفاتكما الصبيانية"
أوقفتهما أمي، سامنثا، بنبرة صارمة. وحين لم تنتهي مسابقة تحديقهما، صعقتهما ثلاث مرات بالبرق.

إنها مخيفة عندما تريد أن تكون، جزء من كونها لونا على ما أعتقد.

"أمي، هل أحضرتِ هدية نيكولاي؟"
همستْ كايتلين لوالدتها لكنني سمعتها بالطبع، لستُ مستذئبا هباءً.

"أجل، إنها هنا"
أجابتها بصوت منخفض وأخرجت شيئا من جيب سروالها.
تظاهرنا جميعا أننا لم نسمعهما وانتظرنا أن نرى المفاجأة. حين فتحتْ قطتي يدها رأيتُ سوارا بلون عينيها، لوني المفضل، وبه تميمة حظ على شكل هلال.

"وضعنا عليه تعويذة تحميك من السحر، ولتتذكرني به"
ربطَتْه حول رسغي بيديها الصغيرتين مبتسمة.

"لم لا آخذك معي؟ ذلك أفضل"
حضنتُها مجددا بقبضة أقوى وحفظتُ رائحة العسل والفراولة التي لا تغادرها.

"فوق جثتي المتعفنة!!"
زمجر ستيفن بصوت ذئبه وخطفها من بين ذراعي ثم دخل بها إلى المنزل، لكن ليس قبل أن أرسلتُ لها قبلة في الهواء.

"تعال إلى هنا، أيها المشاغب"
فاجأتني أمي بضربة على رأسي ثم عانقتني بقوة حتى كدت أختنق.

"تلك تربيتكِ أنتِ..."
تكلم أبي مع نفسه لكننا سمعناه فجاءته صعقة أخرى جعلته ينضم للعناق في صمت.

لحقته العمة أوليفيا والعم ماركوس أيضا، فصِرت أجد صعوبة في التنفس بعض الشيء.

"أحبكم جميعا ولكنني... أفضّل ألا أموت قبل أن أنطلق في رحلة البحث عن توأمي الروحي..."
تكلمتُ بعد دقيقة من الاختناق تحت قبضتهم.

"آسفة صغيري، لكننا سنشتاق إليك كثيرا"
ابتعدوا إلا أمي التي تشبثت بيّ أكثر إلى أن شعرتُ بالبلل على قميصي من دموعها.
"شهر واحد فقط وسأعود"
ربتتُ على ظهرها مبتسِما ونظرتُ إلى أبي فسحبها عني وإلى حضنه.

لوحتُ لهم مرة أخيرة وحملت حقيبتي إلى سيارتي السوداء ثم انطلقت في رحلتي.

----------

كنتُ أقود غارقا في أفكاري، الطريق التي سلكتُها كانت فارغة تماما وتحيط بها الغابة فقط، وهي الوحيدة للوصول للقطيع المجاور.

محطتي الأولى في البحث عن توأمي الروحي فقد تأخرت كثيرا، يفترض أن أكون قد وجدتها بعد بلوغي الثامنة عشر مثلما فعلت كايتلين العام السابق. لكنني الآن في الحادية والعشرين ولا أثر لها.

كنتُ قد بدأت أغرق في بحر الكآبة حين اقترح ستيفن فكرة التجول حول القارة بحثا عنها.

هدفه لم يكن نبيلا كما قد تظنون، دافعه لم يكن الشفقة بل الغيرة، فقد أراد إبعادي قدر الإمكان عن قطتي.

لا ألومه حقا، فأنا أوسم منه بأشواط وأعرفها قبله على أي حال. 19 عشر سنة من الصداقة بالتحديد...

"هناك من يتبعنا"
قاطع شرودي صوت ذئبي فركنتُ السيارة على جانب الطريق.

شممت رائحة ملاحقي قبل أن أراه فأخرجتُ له سروالا قصيرا من حقيبتي وتركته له على طرف الغابة.

عدتُ واستلقيت على مقدمة سيارتي منتظرا وصوله.

"أمي ستقتلك. تعلم هذا، صح؟"
سألتُه بسخرية دون النظر إليه.

"هي أرسلتني لمرافقتك"
رد لويس بتحاذق وتقدم ليركب.

عندها نظرتُ إليه في صدمة، لأنني لم ألمح كذبا في نبرته.

"أمي؟! أمك؟! أمنا؟! سامنثا سانييتي؟! متأكد يا فتى؟"
كدتُ أنزلق وأقع على مؤخرتي من شدة دهشتي.

"صدقني حتى أنا كنت منصدما حين أخبرتني. أعتقد أن أبي هو من أقنعها..."
أصابتنا قشعريرة حين قال ذلك ولم نتكلم للحظة.

"لا تكرر ذلك واركب بسرعة أمامنا رحلة طويلة"
أوقفتُ أفكاري عن الذهاب بعيدا ودفعتُ أخي الأصغر نحو باب سيارتي.

نيكولاي | NICOLAI حيث تعيش القصص. اكتشف الآن