34- اهتم بحياتك...

485 27 212
                                    

غريب هو حال هذه الحياة...تختبر صبرنا...تشدد علينا ازدحام الثواني...ترافق مسيرتنا...و تتكون من أزمنتنا المؤقتة...من طيلة مكوثنا على وجه الأرض...تارة هي العاصفة الهوجاء...و الصقيع في عز الشتاء...و تارة أخرى تصبح الدفء في عز الصيف...و ورق الشجر المهرول في عز الخريف...و أحيانا هي الربيع بكل ما فيه...من جمال و أمل...

كانت الساعة السابعة صباحا...الأصوات التي كانت مخفية بدأت بالظهور...و الضباب المهيمن بدأ بالإختفاء...في هذا الوقت تماما يستيقظ البعض...و البعض الآخر يتجهز للعمل من جديد...و البعض الآخر قلق على غياب أحدهم...أما هي...فقد أنهت زيارتها القصيرة لقبر خالتها...أجل...عادت للمنزل...فتحت الباب ليتراءى لها وجه زوجها الغاضب و صديقتها القلقة...

لنقل أن ايلين لم تكترث لتوبيخاته...أو أنها قد ملت فعلا...تعبت من الكلام...فأحيانا الصمت أفضل تعبير عما في داخلنا من صراخ و عتاب...

كانت لورا تحاول تهدئته مذ قدم إليها...كان قلقا...مشتتا...أو بالأحرى خائفا...تهيأها بعيدة عنه...تخيل قمره الفضي غائبا...أو أنه هجره ليضيء سماء ثانية...احتضنها بشوق...كأنما لحظة واحدة و هي بعيدة عنه تكفيه لأن يصبح مجنونا...بل و كأنه لم يكن معها يوما...

كانت ايلين مرهقة جدا...ضعيفة لدرجة أن لا تقاومه...متعبة لدرجة أن تسمح لمن حولها بأن يؤذيها كيفما كان...كانت كالدمية تماما...لا حركة فيها و لا إحساس...بينما يغتنم جورج فرصة اللعب بها...و يفضل أن يمتلكها دونما أحد غيره...

أطفأ مايك المنبه سامحا لجسده أن يتحرك مبتعدا عن سريره...حدق بنفسه في المرآة قليلا...ثم أظهر انزعاجا لعدم قدرته على التحدث مع جورج و ايلين البارحة بخصوصه...تنهد بضيق...ثم أخذ يتذكر أحداث البارحة...تذكر كل تفصيل منها خشية أن تضيع منه مرة أخرى...تذكر إغماء ايلين المفاجئ...تبا هل كان الوقت مناسبا لهذا؟! هكذا فكر مايك...

صحيح أنه قد انتظر مدة طويلة للحصول على فرصة مثل هذه...إلا أن انشغال الجميع بوضع ايلين أجبره على أن يصبر قليلا أيضا...أراد فرصة واحدة فقط...فرصة واحدة كانت كفيلة بأن تساعده على معرفة الحقائق...و الكشف عن جميع الأكاذيب من حوله...

سمع مايك مناداة ليزا له من خلف باب غرفته...

ليزا: مايك...هل أنت جاهز؟!

مايك: أحتاج خمس دقائق فقط...

ليزا: حسنا...أنا بانتظارك في الأسفل...

و أخيرا قرر مايك العودة لعمله...كان خائفا من عدم النجاح...أو أن يفشل بعد أن كان من أهم المخرجين السينمائيين في فرنسا...و لكنه لم يجلس في المنزل عبثا...كان يراجع أعماله السابقة و يطالع برفقة دانييل الذي كان سببا مهما في إعادة ثقة النفس في نفسه...و لذلك سيرافقه كمساعد للمخرج هذه المرة...و ربما يعمل في التمثيل في مسلسل ليزا الجديد...أراد اغتنام أية فرصة لاستعادة ذاكرته...

ضحايا في ظل القدر|قيد التعديل|Where stories live. Discover now