45

924 74 384
                                    

" Keep me warm, keep you safe"

" أبقيني دافئا، أبقيكِ آمنة"

أيامٌ قَد وَلت و مضت في هذه الحياة فأتت غيرها في حاضر مليئ بالصعّاب،أيامٌ ماضية قد رحَلت بأحزانها و بهجتها فتركت ذكرياتًا عالقة في عقول مُخدّرة  بعدما تم طَي صفحاتها و غلق كتاب من غلاف أسود  بشظايا قرمزية اللون.

فرانسوا دينور و إيناس إبنة المجاهد الراحل  الذي كرّس حياته من أجل موطنه الجزائر قد تزوجا و أخيرََا  قبل أشهر قصيرَة، لم يقُم الثنائي بحفل زفاف مُبهر بل قاما بعشَاء بسيط بين العائلة فقط  و رغم ذلك ، فالمرأة إرتدت الفستان الأبيض و تَزَيّنَت من أجل زوجها ، ذلكَ الثوبُ الذي كان ملكا لوالدته كاترين أوكلير ذاتَ يومٍ فقد باتَ ملكا لزوجته الآن.
بحضور إمام الجامع  الذي قرأ الفاتحة على سنة الله ورسوله قد تمَ العشاء الذي لم يحضره الكثير من الناس إلا المُقربين فقط، كشقيقتَي فرانسوا دينور و إليوت بالإضافة إلى سارة مع حبيبها جوزيف الذي عزفَ في تلكَ الليلة موسيقى هادئة و رائقة من أجل الحفل الصغير الذي تمَ تنظيمه.

أربعة أشهر قَد مرّت بالفعل على زواج فرانسوا بمحبوبته التي لطالما أرادها، في أولِ لحظة قد وقعت عيونه البندقية عليها فكرَ بأنه كم سيكون محظوظا أن تكون له؟ و ذلكَ مَا حدَث حقا ، لم يكن  يُدركُ بأن الحياة يوما ستتَمحور حول شخص ما ، لكنه حينما غرق في حبها أدركَ بأنه حقيقي و نعم الحياة تتمحورُ حول إيناس، تلكَ المرأة الشجاعة و القوية التي تركت بصمة في قلوب الجميع خاصة فؤاده.

لَقد إنتقَلَ بها إلى القصر بعدما تزوجها فأخذت هي شقيقها نذير إلى جانبها بعدما قامت بإغلاق ذلكَ المنزل الذي يحملُ ذكرياتها، ذكريات طفولتها القصيرة التي قضتها هناك، أغلقته كما أغلقت على صندوقها فخبأت ذلكَ الماضي بدواخلها لتهمَ راحلة عنه و بالنسبة لجوليا فأخيرا قررت الرحيل مع زوجها إلى منزل جديد ، بعيدا عن شقِيقيها بعدما تأكدت بأنهما في أيادي آمنة، أيادي إمرأة جزائرية قوية  الشخصية و في ذات الوقت حنونة القلب و دافئة ، ستعتني بهما و الشقراء واثقة بذلك.

أيامٌ ربيعية قَد حَلّت على مدينة وهران فتفتّحت وُرودها كما تتساقطُ ثلوج شهر ديسمبر بِكثرَة مُميّزة ذلكَ الوقت من السنة ببَياضها، فالمرأة لم تعد تعملُ في ذلكَ المحل بعد الآن بل تمَ كراءه بمبلغ زهيد جدا لهارفرد الذي قررَ إستجماع نفسه و قد ساعده فرانسوا في ذلك ، بعدما طلبت كاترينا منه أن يساعدَه فهو قد وقفَ بجانبها سابقا في محنَتها، أصبحت ماكثة بالمنزل بطَلب من فرانسوا دينور الذي أخبرها بأنه حان وقتها لترتاح من مشقة الحياة هذه ، فباتَ لديها زوج يتحملُ مسؤوليتها ، أما هي فلَم تكن في وضع يحثها على الرفض بل إحتاجت إلى فرصة كذلك كي ترتاح حقا من إرهاق الحياة لها و بالتأكيد وافقت برحابة صدر على مطالب الرجل الذي لم يُشعرها يوما بأنها ثقيلة عليه بل عكسَ ذلك عاملها أحسن معاملة ، عاملها كأنها جزءًا لا يتجزأ منه و هي فعلا كذلك بالنسبة له.

صَبْوَة 1962 / [ مُكتملة ]Où les histoires vivent. Découvrez maintenant