38

289 42 216
                                    

' What if I lose you ?'

' ماذا لو خسرتكِ ؟ '

وسطَ ذلكَ.الشاطئ جلسُ الثنائي فوقَ رمالِه الذهبية بينما نذير بعيدٌ عنهما يقوم باللهو مع شقيقة فرانسوا التي قد أحضرها معه إلى هنا من أجل ملئ فراغ الصغير  و مصادقته. بعدَ تلك اللحظة حينما طلبت إيناس منه أخذها بعيدا عن هذا العالم ، هو فقط قررَ إحضارها إلى هنا بعدما طلب منها أن تنتظرَ عودته فقد عاد أدراجه إلى المنزل ليُحضر معه كاترينا مُفكرا مباشرة بأخيها نذير فليسَ من الجيد تركه لحاله في منزل قد توفي أصحابه قبل مدة قصيرة ، لهذا رجعَ ومعه أخته التي ابتهجت حينما أدركت بأنه وأخيرا قرر أخذها معه خارجا.

من دون حتى أي كلمات تُذكر العاشقين مكثا فقط متصنمَين في مكانهما، في حين فتاة أكتوبر كانت تُصوبُ جام أنظارها على المنظر الجميل و لم تكن سوى أمواج البحر الهادئة، كان هناك فرانسوا دينور و الذي لم يُبعد عيونه عن هاته الشابة هنا، بل مكثَ يَتأملُ ملامحَ وجهها بكل إفتتان و هيام، ينتظرُ مُبادرتها في الحديث منذُ مدة لكنها لم تفعل، بل شعرت و كأنه يجبُ عليها أن تبقى صامتة إلى أن يحين وقتَ تحدثها، صامتة بينما تراقبُ المنظر الخلاب بعيونها البنية الذابلة .
بعدَ لحظات قصيرة إلتفَّت العربية ناحية الرجل الذي يجلس بجانبها ثم لعقت شفتيها واحدة خلف الأخرى مُتحدثة بِصوت هادئ-" حينما خمنتُ بأنني و عائلتي أخيرا سنعيش حياة مفعمة بالروعة خالية من الهموم، الحقيقة صفعت وجهي لتأخذَ مني أبي وأمي في ذات اليوم، لقد إنهرت بينما كنتَ الوحيد أمامي فقمتُ بتصرفات طائشة بمحاولة مني للتنفيس عن غضبي و لكنني ..لكنني نادمة جدا على ما فعلته بك يا فرانسوا!"
صاحت في آخر كلماتها تحاولُ التعبيرَ عما يجول بخاطرها و الرجلُ هنا لم يرد عليها بل حركَ رأسه يومئ لها، لتتحدثَ مرة أخرى تترجاه بالتحدث -" أرجوك تحدث فأنا أخافُ صمتَك.."
بوجهٍ ساكن حدّق الفَرنسي بعيون الشابة هنا ثم نطقَ كلماته بنبرَة دافئة شبه ظاهرة -"  ليسَ و كأنني ألومك على ما فعلتِه بي أو أعاتبك يا إيناس ، بل كنتُ مدركّا لما تَمرين به و من حقك الإنفجار في أي وقت حتى لو كانت قنبلتك قَد رُمِيَت علي فَلا بَأسَ بذلك!..  عقولنا في لحظة الغضب تكون مُخدرة مغطاة بضباب يصعبُ الرؤية عن طريقه و حينما حدثَ ذلك معك تذكرتُ ما حدث لي حينما فارقتُ أمي ،بالنسبة لي رأيتكِ شخصًا صبورا و شجاعا فأنا بذلك الوقت جُننتُ لدرجة أنني حاولتُ قتلَ نفسي لو لم ينقذني والدي.. لكنتُ قد لقيتُ حتفي فانظري .!"
فتَح أزرارَ معطفِه الثّقيل ثم رفعَ عنه تلكَ الكنزة الصوفية  و ملابسه الداخلية العُلويَة ، يُريهَا تلك الندبَة المَتمركزَة أسفل بطنه بجانب خصره ، لِتفتح  المرأة عيونها مُنصدمة مما تراه و في تلك اللحظة هو همسَ لها يضعُ أصابعه على بشرة جلده -" لقد طعنتُ نفسي بالسكين و لم تختفِي الندبة إلى يومنا هذا، لقد مرّ عليها  سنوات عدّة ؟ أمي رحَلت تاركة إياي ، أما أنا فهذا ما كسبتُه من فقداني لها.. ندبة لن تختفيَ بمرورِ الزمن.. "
رَفَعَت إيناس كفها ناحية تلكَ الندبة ثم وضعت أناملها على جلد الرجل لتُصيبَه الرعشَة نتيجة برودة جسد المرأة بجانبه، هي حركَت يدها هناك على جروحِ الفَرنسي ثم بَوّزَت شفتيها بِحزنٍ شديد ، لتتحدثَ بصوتٍ عميق بينما التعاسة تتلبَسُ أنغَامه-"  حتى و الندبة تحيطُ جسدك فأنتَ لَم تَفقِد جاذبِيتك يا دينور، وُددتُ تقبيلَ كل جرحٍ قد إنفتحَ في قلبك و لكن كيف لي أن أُقبّلَ جروحك بينم رُضوضِي باتت تنبتُ بداخلي في  كلّ بقعة من جسدِي ؟ بداية من قلبي إلى نهاية بأفكاري، كدمات قد أصابتني لِتُعثّرَ حياتي وَ تُشتتَ ذهني يا عزيزي فكيفَ أقفُ على أقدامي ؟.."
تَسلّلت يدُ الفرنسي أسفل جسده ليسحبَ كفّ المرأة يَحضنها بأصابعه بينما يُردف بهدوء -" من قال بأنكِ سقطتِ لكَي تقفِي يا حلوتي ؟ فَوالله أنتِ لم تسقطِ بل إرتفعتِ بِوقوفك ناحية السماء بينما الشجاعة التي تمتلكينها قَد رُسمَت على تَقاسيمِ وجهك، تدلُ كل مَن يراكِ على مدى قوتِك، مدى رباطة جأشكِ و كيفية عدم استسلامك للمحن التي أصابت حياتكِ و حقيقة أنا فخورٍ بكِ يا إيناس ، فرجلٌ مثلي قد إستسلم في أول مرة فقدَ فيها أحد من عائلته ، في أول مرة قد تعثرَ فيها ،فَقرّرَ بعدها الموت و قتلَ ما تبقى من روحِه، لكنكّ أنت إخترتِ المكافحة و هذا بحدّ ذاته لشيء مَبهر  ، فهنيئا لكِ يا فتاة أكتوبر  أم أقول لك شُجاعة ديسمبر ؟  سأرفعُ لك القبعة إحتراما   لِنضالك، فما أنتِ لستِ إلا إمرأة بِقوّة مليون رجل "

صَبْوَة 1962 / [ مُكتملة ]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن