الفصل الخامس والعشرون (المهجع 25)

335 17 2
                                    

ترك تيم والدته لتأخذ ما تريده من غرفتها واتجه إلى جناحه فاعلا المثل وقد حاول الاتصال بعمر ولكن دون جدوى فقرر محادثة جمال كي يرسل من يطمئنهم والذي أجاب عليه مباشرة وقد ظهر القلق في صوته فسأله تيم: هل حدث خطب ما بالخارج
_ الوضع هنا تحت السيطرة ولكننا لم نستطع الوصول لعمر إلى الآن كما تم إلقاء القبض على وليد نتيجة لاستخدامه بعض الأشخاص الذين اعترفوا بتورطهم في الهجوم على مستودعات السالم
_ يا إلهي... ما هذه المصيبة
ثم فكر قليلا وقال: علينا إخراجه بطريقة ما
_ تيم إنه متورط وأنت تعلم هذا .. لقد حاولنا ردعه لتنجب ما يحصل الآن ولكن عناده وتهوره أوصله لما هو فيه ولذلك سنترك القانون يأخذ مجراه والمحامي سيتابع الأمر
_ فقال تيم مستهجنا: هل سنتركه مسجونا
_ فتكلم جمال بحزم: أجل ...  فلا تخلط بين عواطفك وما يجب أن يحصل
_ لكن هذا سيدمر مستقبله
_ لقد رفض مساعدتنا عندما كانت تجدي نفعا .

تشتت تفكير تيم  ودارت كل خواطره باتجاه مصير ملك ..وقال في نفسه:لماذا تتسرب سعادة هذه الطفلة من بين يديه وشعر بأنه لا جدوى من كل محاولاته بإبقائها آمنة.
فقاطع جمال أفكاره سائلا: ماذا قصد جدك في طلبه لتخصيص حماية لك؟!
_ فأجاب مستغربا: جدي !!... ماذا قال؟
_ يقول أنك في خطر وعلينا التكتم على وجودك هنا فلا نتسبب بإظهار هويتك على الملأ
_ إنها قصة قديمة لا تشغل بالك واهتم بما عليك فعله فأنا قادر على حماية نفسي
_ تيم إذا كان الأمر يخص حياتك أثناء الخطف فالجميع مهتمون بمعرفة تفاصيل ما حدث معك.
_ الآن سأغادر العاصمة مع عائلتي إلى القرية وهي قريبة منكم ولنا حديث هناك
_ لقد تحدث أمامي عن رغبتهم برؤية صقر ووعدته بتأمين الحماية لكم خاصة بعد الخيانة التي ظهرت داخل فريق الحراسة.
_ شعورهم بالقلق قليل أمام ما جرى معهم
أخبرني إن حصل معك جديد بخصوص عمر
_ لك ذلك
انتهت المكالمة بينهما وتابع تيم جمع ما يحتاج مغادرا إلى جناح أمه فوجدها تقف بالخارج منتظرة خروج توفيق من غرفتها حاملا الأغراض واجتمع الجميع في الخارج ليغادروا المكان فانطلق بإحدى  السيارات آخذا معه والدته وملك وسعاد ولحقت به سيارة طه وزكريا مباشرة بينما خرجت خلفهم باقي السيارات
وخلال بضعة دقائق كان رقم والده يتصل به وما إن تحدث حتى صرخ به أسد: لماذا تسير بالمقدمة تمهل وسر بين المجموعة
_ لا أستطيع فلدي عمل علي القيام به قبل مغادرتي ثم أخوتي معي فلا تقلق
_ لم أطلب تفسيرا لما تفعل فالتزم بما آمرك به
وتمهل كي تكون مع المجموعة ولا تنسى وجود
أمك والصغيرة في سيارتك
_ فألقى نظرة إلى مجاورته وشاكسه مرددا ما قال في غرفة المراقبة: إنها تجيد حماية نفسها أكثر مني وأظن أن جمال عائلتها يلعب دورا في هذا
_ ما هذا الهدوء الذي تعيش فيه.. ألم نكن تحت الضرب منذ أقل من ساعتين
_ أنا معتاد على هذا الجو فلا تقلق كما أنني ومن معي قادرون على حماية من معنا وثق بأنني سأصل معك إلى القرية فمشواري لن يأخذ وقتا طويلا
_ سنذهب معك إذا
_ أبي لا تتعامل معي كطفل
_ فسمع صوت جده : كف عن مناهدة والدك يا ولد واسمع كلامه.
_ حاضر.
أنهى المكالمة وتمهل في القيادة وهو يشير إلى السيارة من خلفه وهو يتذمر : لا يكفان عن إلقاء الأوامر ومخاطبتي كطفل .. ثم وجه الكلام إلى سارا : أنا لست معتادا على تلقي الأوامر من أحد وأفعل ما برأسي عادة فكيف سأتمكن من احتمال هذا
_ ضحكت سارا من تذمره وأوضحت: إنهما قلقان عليك وحسب.
_ إذا ستذهبون معي جميعا أينما ذهبت
_ هل يضايقك وجودنا؟
_ لا ولكن عليكم احتمال الفوضى التي أعيش بها بحسب أقوال جمال
_ ماذا يعمل صديقك؟
_ سأحكي لك القصة بالتفصيل كما فعلت مع جدي وأبي والآن دعينا نذهب لرؤية وليد في الحجز فعلينا الحصول على بعض الأوراق منه حتى أتمكن من الاهتمام بملك دون مشاكل.
_ فألقت سارا نظرة إلى ملك النائمة في حضن سعاد وقالت: بت أعجب من كثرة المشاكل التي تحيط بها ولن أعترض على رغبتك بإبقائها قريبة منك فهي تحتاج إلى مكان آمن وشخص يهتم بها وأرى أنها تحبك ومعتادة عليك.
_ ملك تشعر بالوحدة واشتكت ابتعاد والدها ومن تعتبرها والدتها عنها وعندما كان لديها الخيار اختارت والدها على الجميع بما فيهم أنا .
ثم غير اتجاه الحديث وتوجه لها بالسؤال: لماذا
لم تطلبي الانفصال طوال هذه السنوات فمن الواضح أنك لم تعيشي حياة سهلة مع العائلة وكانت لديك فرصة لبدء حياة جديدة
_ لم أستطع الابتعاد عن صقر في البداية وفيما بعد عندما ابتعد عني رضخت لاحتياج سما لي
فقد أحضروها لي طفلة صغيرة وطلبوا مني الاهتمام بها فتعلقت بها ولم أستطع خذلانها
_ أنت طيبة القلب وأشعر بالفخر كوني ولدا لك.
_ فهزت رأسها مبتسمة له ثم قالت: لقد كنت تبدو كأبطال أفلام الحركة في الداخل فمن أين لك كل هذه المهارات.
_ سأصبح مغرورا بنفسي نتيجة لكلامكم
_ قصدت بكلامي أنك تنتمي إلى فرقة ما ولست شخصا عاديا يعتمد على المصارعة ليؤمن معيشته
_ لا لست أنتمي لفرقة ما وكل ما أخبرته لكم من قبل عن عملي قبل عودتي لكم هو الحقيقة  ولكنني بالإضافة للمصارعة كنت أمتلك نصف مطبعة وقد كانت تدر علي مبلغا لا بأس به.
وتوقف هنا عن الكلام ووجه اهتمامه لسيارة
طه وزكريا التي تنحت الى جانب الطريق ففعل المثل و تابع حديثه مع أمه:  يبدو أننا وصلنا سأنزل لوحدي وسيبقى طه معكم ريثما أعود فلا تقلقي إذا تأخرت... وإذا طلب منك طه أمرا نفذي ما يطلبه دون نقاش ...وأمسك يدها قائلا: اتفقنا؟
_ وعلى الرغم من توجسها مما يحصل إلا أنها أومأت مع قولها :حسنا
فراقبت مغادرته لمكانه خلف المقود وتحدثه  إلى طه قليلا ثم سيره مع زكريا مبتعدا عن مجال رؤيتها  وقد لاحظت لأول مرة أنهم عادوا للابتعاد عن المجموعة فهل كان هذا سبب تطلعه كل فترة بالمرآة من جهة وبهاتفه من جهة أخرى !
وما إن جلس طه في مكانه محييا لها حتى قالت: هل كل شيء على ما يرام؟
_ فبقي ينظر قليلا في الاتجاه الذي ذهب به تيم ثم التفت إليها وقال: سنكون بخير لا تقلقي
_ لماذا انفصلنا عن المجموعة؟
_ لقد أجبرتنا بعض السيارات على ذلك وفصلوا بيننا
_ ماذا تقصد ..هل الآخرون بخير؟
_ لم يكونوا المقصودين بل تيم وها قد تمكنا من تضليلهم لبعض الوقت ريثما نحل القصة.
_ فانفعلت من برودة أعصابه وقالت: هل سنترك تيم لوحده؟
_ معه زكريا ... كما أن ابتعادنا عنه لمصلحته.
_ أوقف السيارة وارجع إليه... فأنا أحمل سلاحا
وأستطيع حمايته
_ أرجوك سيدة سارا أن تلتزمي بما طلبه تيم
كما أنه لن يهاجم أحدا فهو قد تعرف على من تبعوه وأكد على أنهم لا يمثلون خطرا عليه.
_ هل هذا وقت التكلم بالألغاز... ارجع إليه
فلن أتركه لوحده
عندما تابع طريقه .. أخرجت هاتفها من جيب بنطالها وأعادت تشغيله واتصلت بهاشم والذي سألها مباشرة: لماذا ابتعدتم وأين أنتم الآن
_ لا أعلم أين وصلنا ولكن تيم غادر السيارة وبتنا مع طه أخبر جاد  بذلك واجعله يرسل أشخاصا لحمايته ولا تسألني أين هو فأنا لا أعرف وهذا الحائط بجانبي لا يستمع إلا لأوامره.
_ سامحك الله... ماذا فعلت لك لتصفيني بحائط
_ بليد أقسم بالله لم أر من هو في برودك.
_ خففي من انفعالك وصفي لأسد ما ترينه حتى يحدد مكانك
_ لا سأطلب من جاد تحديد موقعي عن طريق هاتفه.
_ كفى عنادا فسيارة جاد ابتعدت عن المجموعة أيضا تابعة لكم بأمر مني
_ فنظرت إلى طه وهددته قائلة: أخبرهم أين نحن وإلا أقسم بأنني سأقتلك
_ عندها سأموت دون أن تعلمي وأنصحك بعدم المحاولة فأنا سألتزم بأوامر تيم ما لم يطلب غير ذلك.
_ فظهر صوت أسد من هاتف سارا وهو يقول:
هل هو في خطر؟
_ لا تخف فهو قادر على حماية نفسه كما أخبركم وأنا أبعد نقطة ضعفه عنه ليس أكثر فحاولوا ألا تتدخلوا
_ ابنك الكاذب أوهمني أننا ذاهبون إلى والد ملك للحصول على بعض الأوراق بينما كنا مطاردون من قبل شخص ما.
فقاطعها طه: أشخاص وليس شخص
صمتت سارا وظهرت على وجهها نظرة الراغب في خنق أحدهم وقالت: إنه يحاول تضييع وقتنا بجمله المستفزة فجد حلا تجد من خلاله ابني فقد ابتعدنا عن مكانه كثيرا.
_ سأحاول الوصول إليه ... انتبهي لنفسك واتصلي إن حدث أمر جديد
_ أعادت سارا الهاتف إلى جيبها متأففة عندما تفاجأت بصدوح صوت أغنية في السيارة ورافق ذلك غناء طه بصوته الهادئ مع الأغنية وقد تناقض صوته مع حجمه بشكل مضحك فقاطعته محاولة استجماع البعض من صبرها علها تحاول استدراجه بالحديث :
هل أنت مصارع أيضا ؟
_ إنها هواية وليست عملا أما عن عملي فهو العزف على الجاز
_ فارتفع حاجباها وقالت: ما هذا اليوم العجيب فهل انتقلت بالزمن إلى حياة أخرى
وسكتت قليلا ثم تابعت: لقد اعتدت على حياة هادئة مليئة بالدسائس والخيانات ولكن ما يحصل معي اليوم لا يصدقه عقل.
_ فضحك والتفت إلى ملك التي استيقظت بسبب الصوت العالي وانتقلت إلى الفسحة بين المقعدين الأماميين مستمعة لما يقولان دون تدخل
فخاطبها بهدوء قائلا: هل ترغبين بالقيادة يا صغيرة
_ فتحمست ماسكة ليده الممدودة وانتقلت إلى حضنه ممسكة المقود معه وبدأ يتسلى بمناقرة سعاد التي اعترضت على ما فعل ومخاطرته بأرواحهم عندما يسلم قيادة السيارة إلى طفلة.
بينما كبتت سارا غيظها آملة بتوصل الآخرين إلى مكان تيم وقد شعرت بالراحة عندما سمعته يتحدث مع زكريا محددا المكان الذي وصلوا إليه وقد ركن السيارة بعدها إلى جانب الطريق منتظرا انضمامهم للمجموعة التي لم تتأخر بالوصول وقد توقفت سيارة أسد بجانبهم ونزل
متجها إليهم فغادر طه السيارة مباشرة تاركا مكانه لأسد الذي أخذ مكانه وأشار له بالانتقال إلى سيارته التي لاحظت مغادرة عمها لها أيضا
متجها إلى سيارتهم وجلس إلى جوار ملك التي انتقلت مباشرة إلى الخلف ما إن رأت هاشم متجها إليهم قائلة: سأبقى بجوار جدي فعمي يبدو غاضبا
_ فعلق أسد على كلامها: إن لم يقتل ذلك الأحمق على يد غيري اليوم فأنا من سيفعل
_ المهم أنه بخير فانطلق في طريقك وهو سيلحق بنا فيكفي ما ضاع من وقت باتخاذنا هذا الطريق الطويل
_ فالتفتت سارا للخلف محدثة هاشم: هل تكلم معكم... لقد حاولت الاتصال به لكنه خارج التغطية
_ بل وصل إليه جاد من خلال السيارة التي يقودها فهي تابعة لفريق حراسة القصر فتمكن من تعقبها
_ فزفرت مرتاحة وحمدت الله عائدة إلى مكانها وقد انتبهت لاقترابها من أسد بشكل لافت للنظر فشعرت بالاحراج وابتعدت عنه في الوقت الذي دارى فيه أسد ارتباكه من قربها وتجاهلهم ناظرا في مرآة السيارة الجانبية مصرا على انتظار وصول ابنه ومن معه
_ مضى بعض الوقت قبل ظهور السيارتين ووقوفهما بجانب سيارتهم وانخفض زجاج السيارة مظهرا من خلفه تيم وزكريا وقد كانت تعلو وجه تيم ابتسامة استفزت أسد ومن معه فأغلق زجاج نافذته وانطلق دون أن يتحدث معهم
_ ضحك زكريا ملء فيه وقال: لقد قررا إعادة تربيتك وستنال منهما ما لم تره في حياتك
_ هل ظنوا بأنني سأخاطر بهم
_ لقد أثرت قلقهم فحاول أن تراعي مشاعرهم أثناء تأدية أعمالك البطولية
_ لقد تفاجأت بظهورهم بجانبي وقد أرسلوا إلي بعض الإشارات بضوء السيارة والتي جعلتني أتمكن من تمييز من يكونون فاستغربت
معرفتهم لمكاني ولحاقهم بي.
_ هل كانوا مقربين منك في ذلك المكان
_ لم تكن تربط الموجودين علاقات إنسانية كالمحبة والتعاطف وغيرها من المشاعر فما ربط بيننا هو التعود فقد تشاركنا المهجع ذاته لعشر سنوات
_ هل هربوا مثلك؟
_ لا لقد أرسلوهم في مهمة أخرى وتعرفوا علي عندما شاهدوني في القصر.
_ لماذا كانوا هناك فهم لم يكونوا بين من هاجمونا.
_ فأومأ دون أن يخبره عن سبب وجودهم بجوار القصر.
_ ماذا لو أخبروهم عن تمكنهم من إيجادك ؟
_ هؤلاء بالذات لن يفعلوا فنحن شركاء وقد كانوا من ساعدونا بالفرار من المقر في ذلك اليوم ... ثم صمت قليلا وتابع: فالرقم خمسة وعشرون يجري في دمنا وليس موشوما على عروق يدنا وحسب
ورافق كلامه هذا مادا يده أمام زكريا مظهرا الوشم على عروق معصمه وقد استطاع زكريا قراءة الرقم 25.

قلوب تعلمت منه الحب Where stories live. Discover now