الفصل الثاني (مباراة ولقاء)

1K 25 3
                                    

_ أحب الحديث أثناء القيادة أو الاستماع للموسيقى
لم تلقى جملته صدى لدى المجاور وقد اكتفى بالنظر إلى الشوارع الشبه فارغة في مثل هذا الوقت ومع هذا فقد شعر بالأنس مضى وقت طويل على خروجه من ذلك المكان ...لا زال يلوم نفسه على الاتفاق ...تخيل أن يطردوه
بعد كل ما فعله بهم لم يترك وسيلة إلا واتبعها دون فائدة إنهم يتميزون بالصبر ...الصبر القاتل
وعندها التفت لجمال وسأل ( كم شخص) وفهم الآخر فورا وأجاب بذات السرعة عشرة
_حقا ...قالها متهكما
_استغل جمال الفرصة وتابع الحديث
أثبت هذه المرة أنك لن تحاول الهرب وستكون المرة الأخيرة التي يرافقنا بها أحدهم .
عاد صقر بنظره للخارج وفاجأ جمال بقوله :أشعر بالملل...بالاختناق ...أريد أن أتحرر من قيودكم. وصمت
_ لم يقل جمال شيئا واكتفى بزيادة السرعة بشكل لم يفعله من قبل وبعد عدة مخالفات للسير توقف جانبا ونزل من السيارة وضرب على سقفها إشارة إلى صقر بالنزول ولم يعجب من سرعة بديهته فقد نزل ونظر إليه بينما يسير كل منهما إلى مكان الآخر واكتفى بكلمة واحدة بعد أن استقر مكانه ( ستندم )
كانت الساعة التالية هي الأصعب على جمال فقد عاد به إلى نقطة البداية إلى حلبة المصارعة والمراهنين وأجبر نفسه على مسايرته كان يعلم في نفسه أنهما سينالان عقابا
على التجاوز الأحمق من كليهما ولكنه شعر بالرغبة بمشاركته بما يحب فلتكن الليلة كما يريد صقر و يؤجل التفكير بما سيحدث غدا
صقر يحتاج إلى إجازة مثله مثل غيره وليكن هذا هو الثواب لتقدمه اليوم
حين وصلا لداخل المكان كان كغيره من الأماكن التي تجري به هذه المراهنات حلبة مسورة بالاسلاك ومحاطة بصفوف كثيرة من المقاعد مع عدد كبير من المتفرجين وقد فاق عددهم عدد المقاعد (نظر بطرف عينه إلى صقر
الواقف بجانبه يد في جيبه وأخرى مع سيجارة
ينفث دخانها وقد ضيق عينيه وبدت نظرته الشريرة باتجاه محدد.
زفر جمال وقال:ها قد وجدت فريسة.
_ أجل...واحدة اثنتان....وثلاثة
_لم نتفق على هذا ...فأنا لن أشارك
تعلم هذا مخالف للقانون يكفي قبولي بالتواجد
هنا دون تبليغ
_ هل ستتركني وقت الحاجة ...يا لك من صديق
_اسخر كما تريد لن أجاريك في جنونك
_كاذب
تركه وسار إلى هدفه مجموعة من المتوحشين
أمثال صقر ومع رؤيتهم لغريمهم ابتسموا
لقد رأى ابتسامة على وجوههم ...تأكد جمال من معرفتهم وخاصة مع إشارة صقر بإصبعيه كإشارة للسلام ...تبعه حينها فلا يبدو الوضع خطرا حتى الآن و لكن لا بد من الحذر من هذا
المتهور ....هما لوحدهما في هذا المكان ..عليه أن يكون على قدر المسؤولية أمام ما وضع نفسه فيه فهو لن يسامح نفسه إن أصابه مكروه
لم تكن هناك فائدة من الإصغاء لما يقولون فقد تحدثوا بلغة أخرى لم يفهم منها شئ بدت كإحدى اللغات اللاتينية وبعد محادثة سريعة أشار صقر إليه ونظر في عينيه مباشرة تذكر
كلمته (ستندم)لقد جاء وقت الندم.
خلال دقائق ضج المكان بالتهليل مع وضع صقر لذراعه حول عنقه وأدرك جمال حينها أنه سيكون معه ضمن الحلبة ولا تراجع وليكن صديقه رغما عن أنفه
بات الخمسة داخل القفص مع اتخاذ وضعية القتال مع ابتساماتهم الغريبة ووجه أحد الثلاثة
نظره إلى جمال وقال(أهلا بك في قفص الموت) اكتفى جمال بالايماء لقد تكلموا بتلك اللغة حتى لا يفهم وعليه أن يرضى الآن بالنتيجة التي أتى بها على نفسه...وعندها التفت إلى صقر ..
كان ينظر إليه بطريقة غريبة ..وظهرت ابتسامة خفيفة على طرف فمه لم تكن سخرية ولا تهديد كالعادة كانت حقيقية إنها المرة الأولى التي يراها بها ...وأخبر نفسه تبدو كبداية لعلاقة جديدة سعى إليها منذ أكثر من عام
إنه يوم المفاجآت وقرر رفع قبضته في إشارة للتعاون وكان الرد كما تمنى من شريكه بضربة على قبضته وكلمتين(فلنقض عليهم )
وبدأت معركة لم يعتد على مثلها ولكنه شعر بالمتعة متعة تدفق الأدرينالين في عروقه من قدميه حتى قمة رأسه و توجه بلكمة قوية لوجه أحد الخصوم مع قوله لصقر :هل تشمل هذه المعركة كلمة موت.
_فتكلم الآخر بعدما تمكن من الابتعاد عن مهاجمه
(فقط إن خسرنا) وتابع هجومه الشرس على مهاجميه وتركه في مواجهته الضارية مع الثالث .
لم تكن مباراة سهلة فلم يكن هناك قوانين فقط قانون الضرب المبرح نال جمال في هذه المباراة الكثير من اللكمات ووجه مثلها لمنافسه
ولم يستطع إنكار خوفه على شريكه بالمباراة
لم تكن عادلة على الإطلاق اثنان ضد واحد وهما مثل منافسه شرسان وكلما نظر إلى صقر تلقى ضربة ترجعه في كل مرة دون اطمئنان
ورن جرس سمع دويه على الرغم من كل الأصوات والهتافات وهدأ كل شئ وتمكن من بين لهاثه والعرق المتصبب على وجهه ان يرى
صقر كان في الزاوية الأخرى من الحلبة يتنفس
بسرعة ويمسح بساعده العرق عن جبينه كان دون قميصه وظهرت عضلاته المشدودة وكان
كالأبطال الخارقين ...وفكر في نفسه ...إنه دور يليق به والتقت نظراتهما حينها...وفهم همسه دون صوت اقض عليه الآن...فالتفت إلى منافسي صقر وقد بدا الاجهاد الواضح عليهما
لقد طلب منه المساعدة بهمسته تلك عليه إتمام المهمة ومساعدته ..وسمع الجرس وعاد للقتال ولكن هذه المرة ركز على غريمه وقضى عليه بعدة لكمات من يده المعتادة على إنهاء العدو بضربة قاضية
وهدأ كل شئ في المكان وتلاها صرخة الجمهور دلالة على انتهاء المعركة لقد فازا في
المعركة كيف لا يعرف ...ولكنهما فازا ودخل الحكم إلى الحلبة ورفع يد كل واحد منهما بيد
وسمع صرخة صقره الرائع وقد ملأت المكان
وبعدها توجه إليه واستند على كتفه خارجا من المكان دون كلمة .
أدرك أنه حصل اليوم على صداقته مع كامل الثقة وغادرا المكان مع غنيمة كبيرة من المال والذي قرر شريكه بها على إنفاقها هذه الليلة التي لم تنته بعد بجملة (حان وقت الاحتفال )
وقاد السيارة بذات جنونه باتجاه مكان آخر مشبوه كسابقه وأدخله معه دون عناء فقد عرفوه دون سؤال .
افترقا أمام غرفتين متقابلتين بعد أن أخبره بمقابلته بعد ربع ساعة ووثق به دون أن يعرف السبب لم يفكر بإمكانية هربه...فقط وثق به
كانت الغرفة مجهزة كغرف الفنادق ..وبعد استحمام أرخى به عضلاته ارتدى الثياب التي وجدها على السرير وغادر الغرفة ليجد الآخر مع سيجارته واقفا بتململ واضح ردا على تأخره.
_الحمام رائع في الداخل لم أرغب بالخروج .
_ لم يكن في حمامي مياه ساخنة(وتلا جملته بضحكة متهكمة).
_تستحق يا أحمق.
_ظننتك صديقا (قالها بصوت خفيض كما لو أنه ينتظر التأكيد وجاءه الرد سريعا بكف ممدودة تنتظر المصافحة )
لكنه لم يصافحه واكتفى بالقول: لكل شئ ثمن وهذه ستكون البداية وتلقى من قبضته لكمة
مفاجئة على أضلعه شعر معها بتحرك قفصه الصدري من مكانه مع اندفاعه لعدة خطوات الى الوراء جعلته ملاصقا لحائط الممر السائرين فيه.
تلقى جمال الصدمة بهدوء كعادته ...وأخذ نفسا عميقا متحاملا على ألمه ولحق بمن تركه خلفه.
سارا متجاورين دون كلمة حتى وصلا لصالة واسعة وهناك توقف صقر ووضع يده أمام جمال وكالعادة يوجه جمال نظره إلى عيني صقر مباشرة منتظرا التفسير .
_ لست مضطرا لمجاراتي بما لا تطيق نفسك بإمكانك إيجاد طاولة جانبية والاستمتاع بوجبة شهية ولن تندم هذه المرة.
_هل تشعر بالقلق علي
_تقريبا لن يعجبك ما سأفعل(قالها والتفت بوجهه لعمود الرقص حيث الفرقة الراقصة)
_كانت خطوة واحدة التي خطاها بذلك الاتجاه
وشعر بعدها بكف جمال تقبض على ساعده وجملة واحدة جعلته يقف (لا تغضب الله )
_ تلا ذلك سكوت من الطرفين وبقيت تلك الكف
متشبثة بساعده المفتول...تأفف صقر وسار بالاتجاه الآخر حيث الطاولات وجلس عند طاولة جانبية وظهره لمنصة العرض.
لحقه جمال جلس بجواره صامتا يتأكد من حقيقة ما حدث ويحاول استيعاب طاعة صقر له دون عند ولم يستطع السكوت .
_ وجودنا في هذا المكان غير مناسب من كل النواحي .
_ أعلم ...صمت قليلا وتابع ...جئت لمقابلة شخص ...أردت السؤال عنه فقط ...ولا أحد في هذا المكان سيوصلني إليه إلا واحدة من فتيات
المنصة .
_ بإمكاننا إحضاره لك دون الدخول لهذا المكان
يكفي أن تطلب.
_ لن أخبر أحدا عن اسمه ...طلب مني المساعدة في إحدى المرات ولن أخذله ...وهذا سبب تواجدي هنا.
_ لمَ لمْ تساعده ؟
_ بسبب ذهابي معك
_حسنا سنذهب معا ...نسأل عليه ونغادر هذا المكان ...ما رأيك ؟
_ لا ...أريدك معي ...أسأل وأعود
_ كما تريد بانتظارك
نهض صقر واتجه إلى المنصة وقد انشغل خلال سيره بإشعال سيجارته حتى وصل المنصة ووقف يتأمل الفتيات حتى اقتربت واحدة منهن إليه فأشار إليها بطرف إصبعه ان تقفز إليه بعدما أهداها ابتسامة وقحة فضحكت الفتاة وألقت بنفسها إليه وكان ماهرا بالتقاطها بيد واحدة جعلت من حوله يصدرون بعض الأصوات المشجعة وقادها أمامه إلى الممر حيث الغرف
في تلك اللحظة اشتعلت النار في رأس جمال وشعر بالغباء عندما صدق ما قال ،ولحق به حيث ذهب وهناك تفاجأ بالمنظر أمامه.
صقر يقف أمام الفتاة المعلقة على الحائط من بلوزتها ويداها تتخبط يمينا وشمالا في محاولة
لتخليص نفسها.
تقدم منه بسرعة وصرخ به(ماذا تفعل يا مجنون)
_ أخبرتك أريد سؤالها عن شخص
_(هكذا)
_أقبل بالموجود وهذا المكان مناسب ...ألم تقل لا تغضب الله !!
_ أنت تفهم ما تريد وبالطريقة التي تريد .
_ لا يهم ...هل ستتركني أسأل الفتاة ! أم يعجبك المنظر
ابتعد جمال وأشار له بأنه سيراقب الطريق
وكانت المرة الأولى التي يسمع ضحكة صقر المبحوحة مع تعليقه(يا لك من صاحب تشجع على افتعال المصائب ) فأشار جمال بيده مبتعدا وهو يدعو ان تمضي الليلة على خير دون أن يباتا بالسجن
أخذ يراقب الطريق ونصف نظره على صقر والفتاة التي هدأت بعد ضحكة صقر وأخبر جمال نفسه ...ربما سحرها بضحكته أو ظنتها مزحة

قلوب تعلمت منه الحب Where stories live. Discover now