الفصل السابع والثلاثين (الجزء 2)

8.6K 473 165
                                    


شعر بوعيه يعود لكن مازال يري الظلام خلف جفنيه المغلقة الثقيلة ، حاول جاهداً أن يفتحهما رغم الألم الذي يغزو صدره بحدة قاسية لينجح أخيراً بفتح عينيه ببطئ شديد لتظهر عينيه الجميلة لتصتدم بسقف غرفة ما أبيض أنيق مختلفاً عن السقف الردئ الذي رأه لأخر مرة قبل ان يسحبه الظلام ، لحظات طويلة أخذها محاولاً تصديق بأنه علي قيد الحياة !
كيف ذلك..لقد ..لقد استسلم لما حدث و سَلم روحه للموت ..كيف يمكن أن يكون حي الآن !
أجل مازال حي ومازال قلبه ينبض في قفصه الصدري يشعر به رغم الآلام الشديدة التي تحيط به كأنها لا تتوقف بل تزداد حدتها أكثر حتي أراد الصراخ لكن ثقل لسانه منعه ليخرج انيناً خافتاً يغلق عينيه بشدة محركاً رأسه فانتبهت له ديالا التي كانت تجلس علي أريكة قريبة لتهب واقفة بلهفة تنادي باسمه مراراً وهي تركض له تتلمس خصلاته الغزيرة بحنو وقد انهمرت دموعها دون وعي بعد أن حبستها طويلاً لكن لم تتحمل الآن وهي تراه يعود للحياة مجدداً ، ثم ما أن لبثت حتي ركضت لخارج الغرفة تستدعي الطبيب الذي سرعان ما لبي النداء ودخل معها إلي الغرفة مرة اخري ليبدأ بفحصه باهتمام.
********
وصل دامر برفقة ليث إلي المستشفي وترجل كلاهما من السيارة يسيرا نحو البوابة بصمت وكان آدهم يقف في انتظارهم وما أن رأهما حتي اقترب قائلاً ببسمة بسيطة :
_ زين فاق.
توقف ليث يحدق به بعدم تصديق ليؤكد آدهم ما قاله بإمائة من رأسه وتلقائياً انفرجت شفتيه بضحكة سعيدة حامداً الله جهراً وهو يركض سريعاً بلهفة يتابعه دامر ببسمة متنهداً يتمني سماع جملة آدهم مرة أخري لكن باختلاف الاسم لكن صبراً سيسمعها ولو بعد حين ، تذكر حديث ليث عن حالة زين السيئة حين يستيقظ و حيرته عن كيف سيواجهه لذا تمتم بخفوت قبل ان يتحرك برفقة صديقه إلي الداخل :_ ربنا يستر.
********
الدوار ينسحب منه شيئاً فشيئاً وهو شارداً في الفراغ يشعر بحركة الطبيب بجانبه وهو يفحصه حتي انتهي ليخبر شقيقته بأنه بخير ليس هناك ضرر ثم رحل ليسمع تنهيدة ديالا الحارة التي اقتربت منه تمسح علي خصلاته هاتفة بنبرة حانية :
_ زين !
حرك رأسه قليلاً ينظر لها طويلاً ثم همس بصعوبة من الألم الذي بداخل صدره متسائلاً عنه:
_ بدر ؟!!
مسدت ديالا علي وجنته برفق ومازالت عينيها دامعة ولكن بإرتياح وأجابته :
_ عايش..هو في العناية دلوقتي.
تنهد زين ببطئ وكأن إجابتها ربطت علي قلق قلبه ليشيح برأسه مرة اخري للجانب وشردت عينيه في نقطة ما في الفراغ ، لم يقطع شروده حتي حين اقتحم ليث الغرفة راكضاً نحوه بابتسامة متلهفة استشعرها حين وقف بجانبه يمسح علي رأسه قائلاً بلهفة تزداد :
_ زين..زين أنت كويس ! ، حبيبي حمدلله علي سلامتك كنت هموت من الخوف عليك لما..
لاحظ ليث شروده أو ليس شروده بل نفوره من يده التي علي خصلاته يحرك رأسه يدفنها في الوسادة بصمت يريد الابتعاد عنها ، رغم تفاجئ ليث من فعلته وشعر بأن القادم اسوأ ابتلع غصته بحذر هاتفاً :
_ زين ! ، زين..رد عليا .
جاء دامر عند الباب ليري هذا المشهد امامه فوقف يراقب ما يحدث بصمت ، دفن زين رأسه أكثر في الوسادة ومازال لم ينظر إليه ولو بطرف عينه وقد بدأ جسده بالتشنج مما دفع ليث إلي أن يمسك بفكه برفق يحاول ألا يضغط عليه يريده ان ينظر إليه لكن زين رافضاً تماماً قائلاً بقلق ونبرة مهتزة بعد ان بدأ يستوعب لما يرفض رؤيته :
_ زين بص لي..زين أرجوك بص لي و رد عليا ، وحين لم يجد منه إجابة صرخ به :
_زيــــن بقولـك بص لي.
ازداد تشنج جسده أكثر غامضاً عينيه بشدة كأن صراخه يطبق علي أنفاسه بل وجوده هو يخنقه بالكامل ليئن بألم حاد يغزو داخل صدره ثم جاهد بكل ما يملك من قوة أن يتحدث صارخاً بتحشرج شديد وسط صراخ ليث بأن ينظر له :
_ ابـــعــد عــنــي ، ابـــعـد عنـي.
أدمعت عيني ليث بألم وهو يحيط وجهه براحتيه يحاول أن يجعله ينظر له ومازال يصيح وقد انقلبت نبرته إلي الرجاء :
_ زيــن بص لــي..أاانا آسف..أنا آسف والله انا غلطان حقك عليا...
اقتربت ديالا بقلق تحاول ابعاده بينما زين يصرخ متمرداً علي أوجاعه القاسية يبعد رأسه أكثر عن متناول يديه التي لا تبتعد :
_ ابــعد.. اطـلــع بــرا ..مـ مـش طـايــق أاشـوف وشـك ابــعد.
تمسكت ديالا بأخيها تقول بقلق :
_ ليث ابعد خلاص دلوقتي..
لم يستمع لها فحاول جذبه بعيداً حين رأت حالة زين تزداد سوءاً صارخةً :
_ ليـث سيبه بقولك روح نادي الدكتور..يلاااا.
نزلت دمعتين من عينيه تزامناً مع ابتعاده وهو يري زين ما زال يصرخ بأن لا يريد رؤية وجهه بينما دامر أيضاً قد ادمعت عينيه وهو يتراجع خطوتين للخلف خارج الغرفة ليركض ليث يتخطاه ينادي عالياً علي الدكتور وقد بدأ صراع مشاعره بداخله ما بين قلقه علي زين وصدمته من ردة فعله وآسفه علي ما حدث له ليحاول إيقاف هذا الصراع والتركيز علي حالة زين وهو يسرع من ركضه حتي وصل إلي الطبيب الذي أسرع معه مجدداً إلي الغرفة بعد أن علّي صراخ زين لكن متألماً من جرح صدره ليتعامل الطبيب معه وحقنه بمهدأ سرعان ما سري في أوردته ليهدأ أنينه وهو يفقد وعيه مرة أخري تحت نظرات ديالا القلقة وليث الآسفة الذي ارتمي علي الاريكة يخفي رأسه بين كفيه بحزن ، تراجع دامر أكثر والتفت مبتعداً ليعود حيث تقف عائلته ليسير بينهم بصمت يتشبث به جيداً لا يطيق الحديث حتي وقف أمام زينة التي خرجت من العناية للتو بملامح باكية متعبة فأقترب دامر منها ليرتمي برأسه علي كتفها يعانقها بهدوء يسحب منها القوة حتي يصمد أكثر ، ضمته زينة بين ذراعيها تغمض عينيها بألم ورغم انها لا تفهم لما حدث ذلك لصغيرها لكنها همست في أذنه بقوة امتزج بها الرجاء :
_ خدله حقه..
شعرت برأسه التي علي كتفيها تهتز بخفة يومأ دون أن يتحدث ، وبعد لحظات ابتعد عنها لاثماً جبينها بهدوء ثم التفت حيث يقف ساهر بالقرب منهما صامتاً يحاول إخفاء غضبه عن الجميع لكن لم يفشل في إخفاءه عن عيني دامر التي رأته جيداً لكنه قرر تأجيل اي حديث بينهم الآن ليرمقه بنظرة صامتة منحها أيضاً لسليم الذي يجلس بجانب ابنته يعانقها وهو يحدق به ايضاً بصمت ثم التفت ليدخل إلي العناية دون ان يمنعه أحد من ذلك.
اقترب دامر بخطي بطيئة من جسد بدر الساكن حتي وقف أمامه ليرفع يده يخللها بين خصلاته الثائرة المشابهة لخصلاته وهو يميل يلثم جبينه بقبلة طويلة كأعتذار ثانٍ علي كل خدش به حتي إن لم يكن هو السبب ، تحرك ليجلس علي حافة الفراش ليقابل وجهه المدمي ثم تنهد تنهيدة طويلة يحاول تحمل هذا الوضع قبل ان يبتسم بخفة يبدأ بالحديث بنبرة هادئة :
_ لأول مرة هكلمك من غير ما ترد عليا او تقاطعني ، غيبتك طولت المرة دي وانا حقيقي مش قادر أشوفك بالمنظر ده قدامي..ساكت..مغمض عينك ونايم..مبتتحركش ، بس تعرف انا ممكن اتحمل حالتك دي لأني عارف إن ليها وقت وهتنتهي..لأنها هتكون اهون مية مرة من لما تصحي وأشوف نظرة عينك لينا...بعد ما خذلناك..وغمضت عينيك وانت خلاص اتأكدت ان محدش فينا هيلحقك من الموت...عارف إنك أكيد حاولت متيأسش وتفضل واثق إننا هنيجي او انا..انا هاجي أنقذك...لكن..أكيد لما نيموك علي السرير وغرزوك بالمخدر عرفت إن دي النهاية وإن محدش فينا جاي...بس احنا جينا..والله جينا بس متأخر...متأخر اوي.
ثم تنهد مرة أخري يبتلع غصته بألم وقد تحشرج صوته وهو يتابع فضفضته كأنه يسمعه او يشعر به مردفاً بنفس النبرة الهادئة:
: زين فاق...تعرف إنه مرضيش حتي يبص بصة واحدة لليث ! ..كان مش طايق وجوده وعايز يبعده لأنه برضه خذله و جه متأخر لدرجة رغم تعبه صرخ فيه وقاله اطلع برا  وابعد.
أمسك يده يضمها بين كفه وهو يتابع بغصة : _بعد ما شوفت ده بقيت خايف..
خايف لتكون ردة فعلك زيه...من حقك تعمل كده من حقك وانا هستحمل...بس المهم تكون بخير وبتتحرك قدامي وتتكلم واسمع صوتك...ده اهم عندي من أي حاجة ، وانا هحاول أراضيك بكل طريقة ..لأن مهما حصل انا عارف قلبك مش هيطول في الخصام...لأنك دايما كنت بتقولي..مبتخافش من السوء عشان واثق إنه هيعدي..لأننا مع بعض.
ثم ضم يده أكثر متنهداً :
_ انا وسليم وساهر اتخانقنا...ساهر زعلان لأننا خبينا عليه كل حاجة بتحصل..وسليم مش طايقه عشان استني أربع ايام كاملين بعد ما عرفنا مكانك وكمان خلاني استني معاه قال ايه عشان ننقذك انت والشباب بالعقل..مش عارف ألومه ولا ألوم نفسي إني روحلته من الأول ..بصراحة عايزة اقوم أضربه هو ونفسي بس اللي مانعني إنه...استحمل كتير في الايام دول..رغم قلقه عليك بس استحمل وكان مبيوقفش شغل ..كنت دايماً بشوف أهالي الشباب اللي اتخطفوا بيكلموه وبيروحوله القسم تقريبا كل كام ساعة وهو بيضطر يكلمهم ويهديهم ويوعدهم إنه هيرجعهم من غير حيلة ده انا حتي معرفش ازاي استحمل إتهامات عيلة منهم إنه مش هيقدر يرجع اولادهم او هيقدر بس هيرجعوا ميتين زي عبدالرحمن
والضغط والقلق زادوا عليه بعد ما حضرنا عزا عبدالرحمن وشوفنا حالة أمه منهارة ازاي ، بصراحة شوية كنت بحس بيه وأحط نفسي مكانه يعني غير أخوه شوف كام واحد غيره مطلوب إنه يرجعهم..أكيد لازم يحسبها صح من غير تهور وإلا كل حاجة هتروح..بس برضه كنت متعصب منه وبرمي اللوم عليه لأننا مبنتحركش وشوف أهو في الآخر لجئنا للهجوم واللي يحصل يحصل وفـالآخر مطلعتش أنت جوا أصلاً وانا اترعبت عليك وقلبي كان هيقف ، لولا الحمدلله ان ناجي اتكلم وقال لعلي علي مكان عثمان مكنتش عارف هعمل ايه ولا لما اوصلك هتبقي حالتك ايه.
هبطت دمعة ساخنة من عينه وأحداث الواقعة يعرضها عقله امامه وهو يهمس بألم :
_ مش هقدر اوصفلك كنت عامل ازاي لما شوفتك في الحالة دي..جسمك مفتوح والدم مغرقك ووشك بينزف..حسيت كأن الدنيا كلها وقفت وروحي فارقتني..كنت..كنت خايف أقرب او المسك الاقيك ميت..كنت خايف ملاقيش نبض في ايدك...كنت خايف أقرب منك لأسمع ساهر يقول مات..كنت مرعوب..مصدوم..مخنوق..متكتف ومش عارف اتحرك من الخوف لحد ما لاقتني بتحرك لأني لازم أتحرك ..لما لمست ايدك حسيت بنبض ضعيف جداً بس ردلي روحي مرة تانية ومكنش يهمني أي حاجة او حد في اللحظة دي غير إنك حي...حي وهترجع لحياتي تاني بشقاوتك وضحكتك حتي لو هتكون مكسور من اللي حصلك بس انا هرمم كسرك وأفضل جنبك.
ثم اقترب ليميل ببطئ يسند جبهته علي جبهة صغيره غامضاً عينيه بألم :
_ انا...انا مش عارف انت عملت فيا ايه من يوم ما قابلتك لحد اللحظة دي...مش عارف حبيتك ازاي او فيه حد في الدنيا بيحب اخوه بالطريقة دي وشايفه كل حاجة في دنيته...مش مهم عملت فيا ايه لأن مهما عملت..هفضل أحبك يا صغير.
ثم ابتعد قليلاً ليمسح علي خصلاته بدفئ ضاحكاً بخفة يمازحه بما يفتخر به حين يقوله
:_ يا بدر يا قمر حياتي المنير.
لو كان مستيقظاً الآن وسمعه لضحك بكل فخر يهز رأسه يخلل أصابعه بين خصلاته بغرور فابتسم دامر واثقاً من أن هذا كان سيحدث ليميل يلثم جبينه قبلة حانية ثم وقف غامزاً بطرف عينه بمكر و بنبرة وعيد قال :
_ انا رايح اجبلك حقك وحق كل خدش صغير مسك ومتقلقش هصورلك اللي هيحصل بالتفصيل عشان تشوف بعينك حقك رجعلك ازاي.
ثم ربت علي وجنته خاتماً حديثه بهدوء :
_ هرجعلك....سلام يا صغير.
ليلتفت بعد ذلك يتجه لباب الخروج يتخطي الطبيب الذي جاء متجاهلاً كلامه الغير راضي عما فعل ليسير في الممر حتي وصل إلي عائلته وقد رحل الجميع بحزن بعد ان اصر فهد علي ذلك بصرامة ولم يكن هناك سوي زينة و ديمة جالستين علي المقعد وبالقرب منهم يجلس عمر وجاك بجانب سليم الذي يضم ابنته جود بعد ان رفضت تركه وتعلقت به ويقف بجانبهم ساهر يستند علي الحائط بصمت وعقبه آدهم ،  فتحرك دامر ليجلس بجانب زينة علي الناحية الأخري جاذباً رأسها إلي صدره يعانقها بصمت وقد هدأت دموعها قليلاً وهي تمسك كتاب الله بين يديها تقرأ به بخفوت بينما تسند ديمة رأسها علي الحائط تغمض عينيها لا تنتظر سوي أن يقترب الطيب يخبرهم أنه فاق ، حتي مرت أكثر من ساعة علي هذا الوضع واستمع دامر إلي رنة هاتفه كان ينتظرها ليخرجه من سترته ويري اسم " آدم" يضئ الشاشة باتصال ، فلثم رأس والدته وهو يقف قائلاً لهن بجدية :
_ قعادكم هنا اكتر مش هيفيد بحاجة يلا آدهم هيوصلكم.
حدقت به زينة بقوة وهتفت بتحشرج :
_ انا مش هتحرك من هنا غير مع ابني.
كذلك رمقته ديمة بحدة تغمغم :
_ مش همشي من هنا واسيبه.
رمقها دامر بنظرة صارمة ثم تجاهلها ناظراً إلي والدته بهدوء :
_ يا أمي مينفعش كده هو مش هيفوق دلوقتي ، قومي روحي ارتاحي وأبقي تعالي تاني بعدين.
نفت زينة برأسها هاتفةً بألم :
_ مش هسيبه لوحده يا دامر..مش هقدر ارتاح في البيت وهو هنا.
احاط دامر كتفيها بهدوء يجيبها بلين :
_ هو كويس وبخير متقلقيش..بس انتو مينفعش تقعدوا هنا كده غلط..انا وسليم وساهر معاه أهو مش هنسيبه ، عشان خاطر بدر لازم تمشي.
نفت برأسها أكثر وهي تبتلع غصتها فزفر دامر والتفت إلي شقيقانه الصامتان قائلاً بحنق :
_ ما تقولوا حاجة !
وقف سليم عن جلسته متجاهلاً إرهاق جسده وأقترب من والدته قائلاً برفق :
_ اسمعي الكلام يا أمي لو سمحتي وأوعدك لما يفوق هنرجعك تاني.
وبعد محاولات طفيفة رضخت زينة إليهم بحزن وتحركت مع آدهم مبتعدةً عنهم فالتفت دامر إلي ديمة التي وقفت عن جلستها وتراجعت للخلف حتي التصقت بالحائط تحدق بهم بعناد رافضةً تماماً الذهاب من هنا بدونه ، تنهد دامر بخفة وأشار لها بيده بهدوء :
_ ديمة اتحركي وراهم متخلنيش أفقد أعصابي.
هتفت ديمة بحنق :
_ مش همشي من هنا واللي يحصل يحصل.
احتدت عيني سليم قائلاً بصرامة :
_ قعدتك مش هتقدم ولا تأخر..اتحركي دلوقتي وهتبقي ترجعي تاني لما يفوق.
ابتلعت ديمة غصتها تردف بخفوت ورجاء :
_ عشان خاطري خلوني هنا مش هستحمل أرجع البيت وهو هنا بالحالة دي.
كلماتها هذه كشفت عشقها له خاصة لمعة عينيها الدامعة لينظر لها عمر متفاجئ بينما جاك بحنق ولم تعجبه فعلتها هذه لذا وقف واقترب منها قائلاً بجمود وهو يمسك يدها :
_ مينفعش اللي بتعمليه ده..يلا.
جذبها خلفه تحت مقاومتها المتوسلة لكنه لم يستمع لها ، لمح سليم هاتف دامر الذي أضاء مرة أخري بمكالمة فقطب جبينه ينظر إليه :
_ آدم مهران !..بيكلمك ليه ؟
وجدوا ليث خارجاً من الغرفة كالاعصار  وعينيه حمراء تود ان تنتقم وبيده الهاتف فرمقه دامر بهدوء مناقضاً لحالته الداخلية التي تفوق حالة ليث ونوعاً ما فهم سليم ما يحدث لكنه لم يعارض بل أخرج من جيبه هاتفاً انيقاً يمد يده به إلي أخيه قائلاً بجمود :
_ ابقي شوف الفيديو اللي جوا..هيساعدك.
رمقه دامر بصمت ثم جذب الهاتف من يده وتحرك الاثنان دون حديث ليقترب آدهم بعد ان أيضاً فهم ما يحدث قائلاً إلي سليم بحدة :
_مش هتمنعهم ؟
التفت سليم له و نفي برأسه بهدوء كأنه مُرحباً بكل الرحب بما ينويا فعلاه قبل ان يعود إلي جلسته مرة أخري ليهز آدهم رأسه بغير رضي وأسرع بإخراج هاتفه ليكلم اللواء غنيم لكن بلحظة وجد سليم يقف يسحب الهاتف من يده ثم قذفه بقوة شديدة إلي الحائط حتي تحطم ثم نظر له بأنفاس عالية حارة هامساً بحدة :
_ مش هتكلم حد.
حدق به آدهم بغضب :
_ سليم بلاش جنان دول ممكن يقتلوهم ومن غير تفكير وانت عارف آدم وغباوته مش هيمنعهم ده هيقعد يتفرج وهو بياكل كمان.
اثني سليم شفتيه بتهكم هاتفاً ببرود:
_ خليه يستمتع..بس يارب يصوروا اللي هيحصل عشان استمتع انا كمان.
ثم جلس مجدداً يريح رأسه إلي الحائط غامضاً عينيه يتخيل داخل عقله صرخات عثمان المستغاثة مما سيحدث له علي يد أخيه المُدمر.
********
أمسك آدم من أعلي الطاولة سكيناً كبيراً يرفعه أمام عينيه يقلبه بين يده ثم زم شفتيه بإقتناع :_ ينفع برضه.
استمتع إلي همهمة أحدهم من خلفه فاستدار ليري رجاله الذين يقيدون عثمان في كرسي خشبي وهو يقاومهم رغم تعبه والآلام جرحه الذي فُتح وبدأ بالنزيف يهمهم بغضب من أسفل اللاصقة التي تكمم فمه وكان مازال برداء مرضي المستشفي بينما بالقرب منه قُيد جوناس بقسوة علي كرسي أخر كما كمموا فمه وحالته المتعبة لا تختلف عن عثمان لكنه يئن بألم بعد ان لكمه رجلاً عدة لكمات في وجهه  فهو لا ينفك عن الهمهمة والصراخ بهم بغضب ، اتكئ آدم علي الطاولة خلفه يحدق بهم ببسمة باردة :
_ بعتذر علي سوء المعاملة بس الصراحة انا قولت للرجالة علي اللي عملتوه وهما مش طايقين وشكم حقيقي.
انتهي الرجلين من تقييد عثمان ليقف قائلاً بصوت جامد :
_ تؤمرنا بحاجة تانية يا آدم باشا ؟
نفي آدم برأسه مبتسماً بخفة :
_ لا يا حبيبي تسلم انا كان نفسي أقولك اضربوهم بس فيه غيركم جاي في الطريق هيقوموا بالمهمة دي...اتفضلوا انتم برا وانا هحصلكم.
اطاعه الثمان رجال وخرجوا من بوابة المخزن فالتفت آدم ببسمته لضيفيه الغليظان كوجههما يتكئ بكفيه علي ركبتيه قائلاً مبتسماً بحسرة :
_ سرقة أعضاء ! ..يعني من وسط ملايين عمليات الإجرام ملقتوش غير دي تجيبوا منها فلوس ؟ ده انتم قاسيين جداً.
حدق به عثمان وجوناس بغضب لا يعرفون من هذا البارد الذي لا يكف عن الابتسام وقد تفهم آدم نظراتهما فاعتدل بوقفته يضم شفتيه بسخط وقد ضاق ذرعاً من رؤية وجوههما الغليظة :
_ اه صحيح نسيت أعرفكم بنفسي..انا آدم محمد مهران ضابط قوات خاصة ، كان نفسي أعرفكم اكتر عن نفسي بس انا الحقيقة لو قعدت دقيقة تانية قدام وشوشكم السمجة دي وبعد اللي عملتوه ههيج زي التور ومحدش هيمنعني عن قتلكم ...فهستأذن أنا.
ثم تحرك مبتعداً لكنه توقف وقد تذكر أمراً :
_ صح..نسيت حاجة.
فالتفت إليهما وهو يقترب من عثمان ثم باغته  بصفعة قوية علي وجهه الذي أُدير من قوتها ليميل آدم للأمام قليلاً رافعاً إصبعه باشمئزاز :
_ ده عشان اللي كنت هتعمله في ابنك يا قاسي ياللي هان عليك ضناك تسلمه للموت بإيدك وغيرك بيتمني يلاقي ضفره ، انا في حياتي مشوفتش حد حقير زيك وبتمني اني مشوفش حد تاني من عينتك الواطية دي.
ثم أعتدل لينقل نظراته الغاضبة بينهم يغمغم بصوت مسموع :
_ كان نفسي أقتلكم بإيدي بس الموت راحة ليكم وأنا متأكد إن دامر وليث هيقوموا بالواجب.
توسعت أعينهم بصدمة و سرت رعشة في أجسادهما ما ان استمعا لهذان الاسمان وتأكداً أنهما هالكين لا محالة ، ابتسم آدم و قد راق له رؤية الخوف في أعينهما حتي إن حاولا إخفائه فرفع يده يحيهم وهو يلتفت ساخراً :
_ نلقاكم بعد الفاصل..
ثم رحل تاركاً أحدهم يشرد في الفراغ بخوف والآخر ينظر إلي الأدوات الحادة التي علي الطاولة والتي هيأت به بشاعة ما سيحدث له.
********
قفز آدم جالساً علي مقدمة سيارته زافراً بحنق يكبح لجام غضبه الذي يحثه علي الدخول مجدداً وتقطيع أجسادهم إرباً إرباً حتي الموت ليتنفس بعمق يهدأ من روعه يريح ظهره للخلف منتظراً وصولهم بعد ان راسلهم بالعنوان وبعد مرور دقائق طويلة توقفت السيارة ليترجل دامر اولاً بملامح مخيفة هائجة خاصة عينيه الحمراء من فرط كبته للغضب بعد رأي هذا الفيديو الذي صوره ذلك اللعين الأجنبي لصغيره وقد علم أنه هو من استماعه لصوت ضحكته الخافتة ولكنته  المستمتعة بما يحدث ، تابعه ليث بملامح صامتة لا تبدي أي شعور لكن صفعه لباب السيارة بذلك العنف أوضحت كم الغل الذي يحمله بداخله ، اقترب كلاهما بصمت من آدم الذي اعتدل في جلسته ولم يقف لينظر لهما بجدية قائلاً :
_ اعملوا اللي عايزينه فيهم من غير موت. معاكم عشر دقايق بالضبط..خدوا حقكم من غير ما تودوا نفسكم في داهية.
ثم أشار بيده متابعاً :
_حتة مقطوعة..مكان مغلق..فخدوا راحتكم عالآخر بس مش أكتر من عشر دقايق بس ..أظن واضح الكلام...ها مين فيكم هيدخل الأول ؟
نظر كلاهما إلي بعض فتابع آدم بتهكم :
_ بحالتكم دي مستحيل أدخلكم مع بعض !
اومأ دامر بخفة ولم يصبر ليث أكثر فتحرك بخطي سريعة حتي تخطي عتبة المخزن ثم التفت وأغلق البوابة ليبقي وحيداً معهما ، التفت دامر قائلاً بجدية :
_ جبتهم ازاي ؟
رفع آدم كتفيه بخفة يجيبه واثقاً من قدراته:
_ الموضوع بالنسبة لي كان شبه سهل اصلا..يعني انا اعرف ناس كتير في المستشفي اللي كانوا فيها فمكالمة اتنين الموضوع خلص بس زمان دلوقتي العساكر اللي كانوا بيحرسوهم فاقوا من المخدر وهيبلغوا باللي حصل.
قطب دامر حاجبيه متهكماً :
_ وأديك مظهرتش في الصورة يعني مش هتتجازي في شغلك !
لوي آدم شفتيه بحنق ورفع اصبعه ينكزه بين عينيه يزيل تهكمه هاتفاً بسخرية :
_ ادعي يارب يكون محدش من المستشفي اتعرف علي الرجالة اللي بعتهم للمهمة دي لأنهم فرقتي في الشغل يعني اللي هيعرفهم هيعرفني ويبلغ عني.
دفع دامر إصبعه بضجر :
_ ما قولنا إنه مش هامك !
أجابه آدم بغيظ :
_ ماهو ده اللي غايظني..تناحتي اللي هتوديني في داهية.
ابتسم دامر علي مقولته وتنهد بخفة :
_ معلش..حط نفسك مكاننا برضه.
هز آدم رأسه زافراً وأعاد ظهره للخلف متسائلاً بهدوء :
_ بدر حالته ايه ؟
تنهد دامر طويلاً ثم أجابه بنبرة مرهقة :
_ لسه في العناية مفاقش..وزين فاق ونام تاني.
حدق به غير غافلاً عن بوادر الإرهاق علي وجهه الشاحب قليلاً لكنه يجاهد في إخفائها قبل أن يزفر بنزق :
_ بعد ما تخلص من الهباب اللي جوا ده لازم تروح ترتاح..انت مش شايف نفسك ولا عينك بقيت شبه الزومبي.
مسح دامر علي وجهه متهكماً وصارحه بحزن:
_ من القلق من يا آدم..ماللي حصل مش سهل برضه يعني لو كان عز او ياسر انت كـ..
قاطعه آدم سريعاً يشيح بيديه رافضاً افتراض وجودهم في هكذا وضع حتي في مجرد كلمات :
_ بعد الشر..بعد الشر ربنا يحفظهم بقولك ايه قفل عالسيرة دي و..
قطع حديثه صوت طلقات نارية أتي بغتةً من الداخل تابعها صراخ عال متألم خرج من حنجرة عثمان ليرفع آدم حاجبيه بتفاجأ :
_ ده بدأ بسرعة ، انا رايح اتفرج.
أمسكه دامر قبل ان ينزل من فوق السيارة مبتسماً ببرود :_ معلش خليك للنهاية.
بينما في داخل المخزن..
لم يستطع عثمان إخفاء رجفته حين رأي ليث يدخل كالليث الثائر تماماً بعينين حمراء تشتعل حقداً وغلً وغضباً ووعيداً لا يمكن وصف بشاعة اياً منهم والتي نبأته بسوء ما سيحدث له ، يقترب ببطئ مهلك منه هو تحديداً وعينيه المرعبة مرتكزة عليه لا تنحاد ولو لثانية ، و دون حديث او ترحيب أخرج ليث مسدسه يشد أجزائه بصمت يلصق فوهته في منتصف جبين والده ويمد يده الأخري يزيل اللاصق عن فمه بحدة فهو يتوق لسماع صراخته منذ ساعات ، وبصوت خالي من الحياة ونبرة متحشرجة جامدة هتف ملاحظاً ارتعاش جسده بخوف لا يُخفي:
_ كنت عارف إنك غيران من علاقتنا وحاقد عليا وعلي تعلقه بيا ..رغم إننا ولادك يعني المفروض تفرح وتتقرب مننا أكتر..لكن ازاي والحقد مالي قلبك !
ثم مال نحوه قليلاً وازدادت شراسة عينيه رغم قهرها الخفي :
_ لو كنت أذتني أنا كنت والله هعديهالك..وأنت فعلا أذتني بس بالطريقة اللي انا حذرتك منها مليون مرة..زين خط احمر بالنسبة لي واللي يتعداه يبقي كسّر عداد عمره واللي اتعداه للأسف كان أبونا اللي اللي بدل ما يحمينا ويقف في ضهرنا لا ده هو بنفسه اللي بيقتل فينا بالبطئ وبأبشع وأرخص طريقة.
انهي كلماته بصراخ ليخرج الغل الذي يداخله بنقل فوهة المسدس يثبتها في الكتف الأيمن ليضغط علي الزناد مطلقاً عدة رصاصات متتالية اخترقت الكتف بأماكن متفرقة حتي أدماه ليجعله غير صالحاً للحركة وكم استلذ بداخله وهو يراه يصرخ بألم بأعلي صوته طالباً الرحمة داخل عينيه حتي إن لم يكن يستحقها ، تنفس ليث بشراسة وبكل ما يملك من صوت صرخ به أثناء صراخه :_ بكرهك..بـــكـرهـــك.
ثم تحرك سريعاً إلي الطاولة الخشبية يجذب أحد آلة حديدية عليها وقد كانت كبيرة ليعود إليه وقد أعمي الغضب عينيه ليرفع ما بيده بقسوة لم تكن بداخله يوماً ليقطع بها كف عثمان الأيمن بلا رحمة يقطع اليد التي سلّمت أخيه للموت لتقفز ارضاً وتنفجر الدماء حتي لامست صفحة وجهه ليصبح مخيفاً أكثر وانتثر بعضها علي ملابسه وعثمان يصرخ ويصرخ بألم لا يوصف وقد انهمرت دموعه ساخطاً علي هذا الجزء بداخله الذي يخبره بأنه يستحق كل ما يحدث الآن ، مال ليث صارخاً في وجه والده بشراسة أرتعد منها ذلك الأجنبي وهو ينتظر حصته من العذاب :
_ هخليك تتـمـنـي المــوت ، هخليك عايش عاجز تشوف نظرات الشفقة في عيون كل الناس.
ثم رفع الآلة مرة أخري ليضربها في ركبته اليمني عدة مرات حتي قطعها كاملة وانفجرت الدماء أكثر ليعلو صراخ عثمان حتي بح صوته يبكي ندماً علي فعله ليبتسم هذا الجزء الذي بداخله ولم يكن سوي ضميره ساخراً ..أتندم الآن في وقت لم ينفع به الندم مهما حدث ، لم يكتفي ليث أكثر فغضبه كان كالسعير لا يهدأ وترك الآلة من بيد يده ليقترب مسدداً لكمات قاسية علي وجه والده يحارب بداخله شعوره بأنه يتوقف فهذا بالأول والأخير والده و دينه كمسلم يمنعه من أذيته ..لكنه يستحق الأذية..يستحقها وبشدة ، وبالفعل انتصر شعوره هذا علي غضبه ليجعله يتوقف عن الضرب ليطلق صرخة صغيرة ينفس بها عن غضبه يرتجف بداخله رجفاُ وقهراً حين يُخيل في عقله إن كان تم ما يفعله بزين وكان الآن ميتاً فماذا كان سيفعل به ، أنفاسه تعالت مكتفياً بهذا الحد فهو إن تحرك أكثر سيشق صدره ليخرج قلبه مزهقاً روحه ورغم إن هذا ما يستحقه لكن يريده أن يعاني..يعاني من الألم لسنوات جزاءً لما فعله بأخيه ، التفت برأسه نصف التفاتة إلي جوناس الذي يحدق به برعب كأن سطوته وغروره قد أصبحوا هباءاً الآن ليتنفس ليث عالياً هاتفاً به بشراسة :
_ انت بقا هسيبك لدامر..هو كفيل بيك بعد اللي عملته.
ثم استدار ببطئ يعطيهم ظهره العريض يتحرك بخطي غاضبة نحو البوابة لا يطيق الوقوف أكثر هنا ثم فتحها بيديه ليخرج بملامحه الشرسة ووجهه الذي ينتثر يه الدماء تُفزع من يراه وحين التفت آدم له ورأي علي تلك الحالة فُزع قليلاً وتوسعت عينيه بقلق يغمغم سريعاً :
_ اعوذ بالله من الشيطان الرجيم..قتلته ؟
كان في طريقه إلي السيارة لينفي برأسه بصمت ثم استقل السيارة واراح ظهره للخلف غامضاً عينيه ، تابعه دامر بعينيه وقد كانت بيده زجاجة صغيرة يقلبها بين يده بعد ان أعطاها له آدم فهو قد راسله ليحضرها له ، انتبه إلي آدم الذي زفر يرفع يده مشيراً إلي الرجال الذين يقفون بالقرب منهم بجدية :
_ دورك..باقي اربع دقايق ، اربع دقايق وثانيتين هدخل الرجالة دي توقفك عشان ترجعهم المستشفي قبل ما يموتوا...اتفضل.
تحرك دامر بصمت يتجه إلي البوابة ثم التفت ليغلقها بيديه ، نظر آدم إلي الجالس في السيارة بصمت ليتنهد بعمق متعجباً بداخله لصموده لهذا الوقت فإن كان هو محله في هكذا وضع بين أبيه وأخيه صدقاً لم يعلم ماذا كان سيفعل ، وصلت رسالة إلي هاتفه فأخرجه بهدوء ليراها مرسلة من صديقه رامي الذي يريد رؤيته فأرسل إليه بأنه سيأتي لمنزله حين ينتهي بالعمل الذي معه ثم أغلق تطبيق الرسائل لتظهر خلفية الهاتف الرئيسية التي كانت صورة جماعية لعز وياسر وأيضاً شقيقه ياسين الصغير برفقه هو يقف بالمنتصف كملكٌ راقي وهم حوله يرتدون نفس السترة السوداء مع حركات مجنونة يفعلونها وجميعهم ضاحكون ، ابتسم آدم بحنان يتأمل الصورة داعياً بداخله أن يحفظهم الله ولا يبتليه أبداً فيهم فهو حقاً حتي مجرد تخيل في عقله حدوث لهم ما حدث لبدر وزين رافضه تماماً فحتماً وقتها كان سيحرق العالم بأكمله إن مسّهم خدشاً واحداً فأغلق الهاتف متنهداً حامداً الله بداخله الذي عافاه مما ابتلي به غيره ليريح ظهره للخلف ومازال جالساً فوق مقدمة سيارته منتظراً خروج دامر حتي يري النتيجة النهائية.
وبالعودة إلي داخل المخزن..
كان عثمان علي وشك ان يفقد وعيه وقد امتلئ جبينه بالعرق لا يتوقف عن إخراج آهات متألمة لكنه رغم ذلك فتح عينيه بتعب ليري ما أصابه بالرجفة وهو وقوف دامر عند البوابة بعد ان اغلقها ينظر لهم بثبات وقد كان هادئاً ليس ثائراً كليث و كم راق له حالة عثمان المزرية والدماء تقطر من يده وركبته المبتورين أرضاً بقسوة لكنه يسعي للمزيد أكثر ، بينما جوناس تمني لو أنه دخل ثائراً كمن دخل قبله ليس ثابتاً وهادئاً هدوء مثير للأعصاب هذا ليبتلع لعابه بخوف ينظر له بترقب ، تحرك دامر بهدوء يثبت هاتفه علي أحد الحائط بعد ان فعل وضع تصوير الفيديو ، التفت لهم محافظاً علي ثباته المهلك ليتقدم ثلاث خطوات حتي وقف أمامهم بالمنتصف ليبدأ بالحديث بنبرة هادئة تخفي من الوعيد أطنان :
_ بهدوء كده قبل اي كلام..مين ضرب بدر ؟
حد فيكم ولا رجالتكم ؟
تلقائياً نظر عثمان إلي جوناس بحنق يعلمه أنه الفاعل دون حديث فابتسم دامر بجانبية يغمغم
:_ كنت متوقع.
ثم اقترب منه ببطى يهلك اعصابه بهدوئه حتي وقف امامه ومال نحوه قليلاً هاتفاً بشراسة :
_ سنين وأبوك كان عدوي فيها مكنتش متخيل ابداً إن هيجي وريث له يكمل مسيرته في عداوتي ، ملقتش غير بدر ! طب ما انا قدامك...بتكرهني وبتكره سليم تعال وواجه حد فينا ..لكن ليه..ما تختار الطريقة الأصعب.
ليرفع يده مسدداً لكمة ساحقة في فكه ولم يمهله وقتاً للتأوه ليباغته بالثانية والثالثة بكل ما يحمل من غضب يتذكر مواضع كدمات وجه بدر ليلكمه في نفس المواضع بقسوة شديدة حتي أدمي وجهه بالكامل وجوناس يكتم صرخاته من الألم بصعوبة وما ان فرغ منه وابتعد لاهثاً ليبتسم من بين آهاته المتألمة هامساً باستفزاز ليس لصالحه الآن لكنه غبي علي أي حال :
_ ده اللي عندك ؟..كده هتنتقم !..بالضرب !
ابتسم دامر بحدة يلبي طلبه في المزيد ومال يمسك الفأس الحاد ليرفعه ضارباً به كتفه بقسوة ساحقة عدة مرات حتي انقطع تماماً ليصرخ جوناس بصدمة وتتعال صرخاته أكثر والأخر ينتقل إلي الكتف الثاني ليقطعه أيضاً حتي أصبح بلا أذرع والدماء تغرق الأرضية حوله وانتثر بعضها علي ملابس دامر الذي كأنه لا يعي ما حوله يريد فقط تقطيعه إرباً لكن يبقي حياً وبجنون قطع ركبته اليمني أيضاً وقد اختفي صوت الأخر من الصراخ يطلب الرحمة منه جهراً وهو يبكي ليبتسم دامر بسخرية واتجه إلي عثمان يشير بالفأس إلي ذراعه الذي ينزف بغزارة اثر الطلقات النارية التي به وكفه المنقطع يغمغم في حدة :
_ اظن ده مش محتاجه صح !.
ثم رفع الفأس ليقطعه ليصرخ عثمان ببحوح وكان صراخه كطرب علي أذني دامر الذي أغمض عينيه باستمتاع كأنه يستمع إلي سنفونية راقية وارادها لا تتوقف ليميل يقطع ركبة عثمان الأخري ليصبح بلا رُكب وذراع أيمن وكانت حالته مزرية خاصة دموعه الهستيرية وهو يغمض عيناه فاقداً للوعي بإنهاك وقذف دامر الفأس أرضاً بجواره ليخرج الزجاجة الصغيرة من سترته في نفس اللحظة التي دخل بها رجال آدم حتي يوقفوه لكنه اقترب من جوناس ليختم انتقامه بفتح الزجاجة وقذف ما بها علي وجه جوناس الذي أغمض عينيه صارخاً بشدة يكاد صراخه يصم الآذان ووجهه يتآكل من ماء النار الذي ألقاه دامر في وجهه بكل شراسة يشوه بعضاً من وجهه ليجعله مسخاً مخيفاً لينقل نظراته بينهما برضي وقد شفي غليله اخيراً من حالتهما المزرية البشعة فالألم الي يعيشوه الآن وسيلازمهم لسنوات وايضاً داخل السجن كان انتقاماً كافياً لما فعلوه بصغيره ليقذف الزجاجة الصغيرة ارضاً ينتفس عالياً بإرتياح ليسمح الآن لنفسه بالإنهيار فانتقامه تم وأخيه بآمان فأغمض عينيه بإرهاق تزامناً مع دخول آدم يتخطي رجاله الذين حملا الضيفين يخرجون بهم سريعاً ليذهبوا بهم إلي المستشفي ليري حالة دامر المرهقة فأسرع آدم نحوه يتلقفه بين يديه بعد ان فقد وعيه ليرتاح أخيراً مما قد حدث في الأيام الماضية.
********
وبعد دقائق طويلة فتح عينيه ببطئ وقد عاد إليه وعيه بعد هدنة من الراحة ليجد ذاته جالساً في المقعد الخلفي للسيارة و آدم يقف أمامه ينظر له بصمت ثم رفع هاتفه وقد كان مفتوح علي الفيديو الذي صُور بالداخل ليري كم كان ثائراً وهو يقطع أطرافهم بجحود كالجلاد لينظر إلي آدم الذي قال بامتعاض :
_ يخربيت اللي يزعلك.
رمقه دامر بصمت وهو يجذب الهاتف من يده ناظراً لما فعله برضي تام ليربت آدم علي كتفه بهدوء لا يجد ما يقوله الآن واقترب ليث من خلفه بعد ان غسل وجهه من الدماء فاعتدل آدم ملتفتاً إليه قائلاً بزفر :
_ وصله البيت خليه يرتاح.
تمتم دامر بإرهاق ملتصق في نبرته :
_ المستشفي.
تأفف آدم بحنق وأجابه بحدة :
_ يابني انت مش قادر تصلب طولك لازم ترتاح كام ساعة بعدين ابقي ارجع المستشفي عالأقل عشان تقدر تقف جنب بدر.
ثم قال إلي ليث بإصرار :
_ البيت..سامع ؟
اومأ ليث برأسه غير قادراً علي الحديث وهو يستقل السيارة يدير محركها ليغلق آدم الباب متراجعاً للخلف
وهو يراه ينطلق بعيداً عنه ليتنهد طويلاً وهو يتحرك إلي سيارته يستقلهاً ثم انطلق بها مسرعاً.
********
علم من هما وكم شعر بالأمتنان لهما بعد أن راجع الكاميرات في فيلا فرانكو ورأي ما فعلاه الاثنان لكي يوقفوا العمليات حتي إنهم أذوا والدهم الشريك لعثمان الضلع اللعين الثالث لهما والذي سيتكفل به بنفسه داخل السجن فلولاه ما كان عثمان قد فعل ما فعل لكن الآن أراد ان يشكرهما وجهاً لوجه فهو يدين لهما حقاً وبعد اتصال بينه وبين غنيم عرف أنهما خرجا من القسم وجاءوا إلي هنا ليطمئنوا علي أخيهم فذهب سليم ليسأل الطبيب عنه ليصدمه بإخباره بما حدث وأن أخيهم توفي و هما انهاراً تماماً وأحدهم الآن الذي يدعي رفاييل تحت تأثير المهدئ بينما قد الأخ الأكبر له روي قد استيقظ لكن حالته سيئة جداً فهو جالس علي فراشه يضم ركبته إلي صدره مستنداً برأسه عليها سلكناً تماماً دون حراك شارداً في الفراغ بعينين دامعة ومن حين لأخر ينتفض بإرتعاش كلما يتذكر وداع صغيره الصامت له ، حزن سليم علي ما أصابهم وطلب من الطبيب أن يراه فقاده إلي الغرفة التي يقبع بها الشقيقان فتقدم سليم متنهداً ليفتح باب الغرفة لينبض قلبه حزناً علي هيئتهما وما أقسي الحالة التي تتلبس الإنسان بعد فراق عزيز له ، اقترب سليم من روي حتي وقف بجانبه فلم ينتبه له الآخر فتنهد سليم بحرارة هاتفاً بنبرة هادئة :
_ أنا آسف علي ما أصاب أخيك ، لقد كان ضحياً هو الآخر لم يستحق الموت ، لكن ربما هذا عقاب لأبيك جزاءً لما فعله ، وأيضاً...لقد جئت لأشكرك لإنقاذ حياة أخي وزين أنا ادين لك..سأساعدك في كل ما تريده.
كلماته تخترق أذنه تتخلل بين شروده حتي قطعته فالتفت روي برأسه ببطئ يرفع له عينيه الدامعة المقهورة ليبتلع غصته هاتفاً بخفوت برجاء وغضب وقوة وضعف بآن واحد :
_ أريد أن أري أبي.
اومأ سليم بهدوء :
_ انا ضابط..سأساعدك في ذلك.
ابتلع غصته مجدداً وهمس بضعف و حزن يُقهر القلوب:
_ أريد أن أدفن أخي في بلدي.
حقاً حالته الكسيرة آلمت قلب سليم ليرفع يده رابتاً علي كتفه بحزن متحلياً بالهدوء :
_ غداً سآخذك لتري والدك ومن ثم بعدها سنبدأ بكافة الإجراءات اللازمة للسفر..لا تقلق أنا لن اتركك.
اومأ روي بوهن ومسح دمعة فرت من عينه بتنهيدى حارة :_ شكراً
ولم ينسي ان يسأله بخفوت :
_ كيف حال الشابين !...اخوك و..زين ؟
أجابه سليم برفق :
_ إنهما بخير..والفضل يعود لك ولأخيك.
هتف روي خافضاً رأسه بوهن :
_ أنا اعتذر لما حدث لهم..إنهما فقط..
قاطعه سليم بجدية :
_ هذا ليس خطأك لكي تعتذر..إنه خطأ والدك وأنت لم تفعل شيئاً.
ثم أكمل بلين :
_ وأنا آسف مرة أخري لما اصابه..لم يكن يستحق ذلك لكنه القدر.
اومأ روي بضعف منهياً الحوار ليميل نائماً علي وسادته دافناً وجهه بها غامضاً عينيه بشدة يريد للنوم أن يسحبه..هارباً من حياة ليست بها أخيه.
********
خرج سليم من الغرفة مغلقاً الباب بهدوء ليمشي في الرواق عائداً إلي تجمع الشباب لكنه استمع إلي رنة هاتفه بوصول رسالة فرفعه بين يده ليجد اللواء غنيم يستدعيه في الحال واستشعر من رسالته غضبه فتنهد بعمق وأنزل هاتفه ليخبرهم بأنه سيذهب إلي العمل لحالة طارئة وذهب قبل ان يستمع إلي ردهم وخلفه آدهم يرمقه بيأس لكنه لم رد تركه وتحرك لاحقاً به.
********
كان جالساً علي الأريكة اماما التلفاز فاستمع إلي جرس المنزل ليخفض صوت المسلسل بواسطة الريموت ثم وقف متجهاً نحو الباب ليمد يده يفتحه ، هم آدم أن يدخل لكن وجد ذراع من فتح يوضع امامه يعيق طريقه فنظر إليه بسخط مستنكراً :
_ نعم فيه حاجة ؟ ما توسع.
حدق به رامي بجمود يهتف بخواء :
_ رجالتك كانوا بيعملوا ايه في مستشفي(---) واتنكروا في لبس ممرضين ودكاترة ليه؟
رفع آدم حاجبيه بتفاجأ :
_ ايه ده انت كنت هناك ؟
ابتسم رامي بتهكم :
_ حظك كنت في مداهمة وواحد من الفريق اتصاب واخدته هناك عشان اكتشف عملتك المهببة اللي قلبت المديرية كلها.
رفع آدم حاجبه ببرود ولم يجيب ليردف الأخر بحدة :
_ أخدت عثمان الزيني واللي معاه ليه ياه ؟
دفع آدم ذراعه الذي يعيق طريقه وتخطي عتبة الباب داخلاً مبتسماً ببرود :
_ تار بينهم وبين حد معرفة كانوا عايزين ياخدوه.
أغلق رامي الباب بحدة ودخل خلفه هاتفاً بإصرار حاد:
_ فهمني أكتر قبل ما اتعصب.
كان يخلع سترته ليبقي بكنزة بيضاء خفيفة تظهر ذراعيه يتجاهله للحظات لكن حين رأي الإصرار في عينيه لم يمانع في إخباره فتنهد ونادي عالياً علي أكرم وهو يقترب من طاولة الطعام الفارغة إلا من طبق فاكهة وسكين بها وخرج اكرم من غرفته ليبتسم بإتساع ما أن رأه واقترب منه يفرد ذراعيه بترحيب:
_ ابو الصياصيد حبيب قلبي وحشـ..
صرخ بتفاجأ حين وضع آدم يده علي صدره يدفعه فجأة يطرحه علي الطاولة حتي تمدد عليها بينما يجذب السكين من الطبق بهدوء يرفعه بين يده ، حاول أكرم دفع يده بفزع :
_ ايه فيه ايه ياعم ..
قطب رامي حاجبيه بنزق :
_ انت بتعمل ايه ؟
نظر له آدم وهو يرفع السكين أكثر ضاغطاً بيده الأخري علي صدر أكرم يثبته قائلاً ببرود :
_ ايه رأيك لو دلوقتي رفعت السكينة كده وشقيت بطنه وبدأت اطلع أعضاءه قدامك
شهق أكرم بدهشة صائحاً بفزع :
_ انا عملت ايه انا مالي ؟!!
لم يجيبه وتابع يوجه الحديث إلي رفيقه بنفس البرود :
_هتعمل فيا ايه ؟
رمقه رامي صامتاً للحظات قبل ان يهتف بجمود :
_ هقطعك حتت.
ابتسم آدم لإجابته وتابع :
_ بالظبط..هو ده التار واللي انا اخدتهم من المستشفي عشان الناس المعرفة ياخدوا حقهم منهم كويس من اللي عملوه في أخواتهم..لأنهم مش هيعرفوا ينتقموا وهما بين ايد الحكومة..فساعدتهم وهما حرفياً قطعوهم حتت.
ثم ابتعد عن أكرم ورمي السكين علي الطاولة مشيراً إلي نفسه ببرود :
_ أبقي انا كده غلطان !
اعتدل اكرم هامساً بغيظ :
_ ده انت جاحد.
ابتسم له آدم بعد ان سمعه :_ شكراً يا روحي.
حدق به رامي بصمت للحظات ثم زفر بحنق واقترب منه :
_ آدم انت كده ممكن تتجازي في شغلك.. انت اكيد هتتكشف بأي طريقة.
عقد ذراعيه أمام صدره بلامبالاة :
_ ايه يعني شهر حبس !..شهرين ! ميهمنيش طالما راضي عن اللي عملته.
ثم صفع أكرم علي عنقه بخفة يدفعه بحنق :
_ قوم يالا اعملي عصير.
وقف مغتاظاً بتهكم :
_ انت كنت هتشرحني وعايزني انا اعملك عصير !
رفع آدم حاجبيه بابتسامة باردة مهددة :
_ ما انت لو متحركتش دلوقتي هشرحك بجد.
تنحنح أكرم بتراجع قبل ان يتحرك نحو المطبخ :
_ قادر وتعملها.
نظر إلي رفيقه الذي لا يزال يرمقه بغير رضي ليتنهد متجاهلاً إياه ودخل إلي الصالة يرتمي علي الأريكة بصمت.
********
خرج الطبيب من العناية برفقة الممرضة فتحرك ساهر نحوه بحاجبين مقطبين بقلق ولحق به عمر بترقب :
_ طمني يا دكتور حالته ايه !
ابتسم الطبيب بهدوء :
_ الحمدلله وضعه استقر وهنخرجه من العناية دلوقتي لغرفة عادية.
سَعد ساهر بما قاله كذلك ابتسم عمر ماسحاً علي وجهه بإرتياح ليتابع :
_ طب وهيفوق امتي ؟
ربت الطبيب علي كتفه يطمئنه :
_ بكرة بالكتير هيكون فاق..عن اذنكم.
ثم رحل ليبتسم ساهر أكثر ويعانق عمر بين ذراعيه وكلاهما فرحين يحمدا الله جهراً.
********
حل المساء بعد نهار عصيب وبعد أن أخذ قسطاً من الراحة ليعيد بناء قوته أرتدي ملابسه مستعداً للخروج ومن حين لآخر يبتسم بإرتياح حين رأي رسالة ساهر بأن البدر قد استقر وضعه ونُقل إلي غرفة ويُستطاع أن يراه ليخبر العائلة التي سعدت كثيرا لهذا الخبر خاصة زينة التي بكت فرحاً وارادت الفتيات ان تذهبن جميعاً لكن الرجال لم يوافقوا ليخبرهم دامر أنه لن تذهب أياً منهما سوي زينة و ديمة وأخبرهم ان يتجهزا حتي يذهب لفعل أمراً ما سريعاً ثم يعود ليقلهم معه إلي المستشفي ، لم تُصلح سيارته بعد لذا أخذ سيارة جواد وانطلق بها نحو وجهته حتي وصل إليها وكانت بناية ، ترجل من السيارة يتجه إلي البناية يصعد الدرجات حتي وصل إلي الشقة المقصودة فرن الجرس بهدوء منتظراً أن يُفتح الباب إلي أن حدث وظهر حازم أمامه والذي ما ان رأه حتي توسعت عينيه بفزع فهو لم ينساه بالمرة وهم أن يغلق الباب لكن وضع دامر يده في المنتصف يمنعه من إغلاقه فأضطر حازم ان يفتحه علي مضض يرمقه بترقب وحذر ليتنهد دامر بخفة قبل ان يهتف بنبرة هادئة :
_ آسف..
.......

ياجماعة الفصل الجاي قمر بشكل مش طبيعي❤
انا عارفة انكم زهقتوا من التأخير من الرواية بس غصب عني حقيقي يعني التمس لأخيك عذر واهو خلاص هي اخرها معانا الشهر ده ويارب تنتهي العقدة اللي عندي  اني ابدا الحاجة وموصلش للنهاية🙂🤷‍♀️ وفيه مفاجئة صغيرة كدا جاية في السكة مختلفة يارب تعجبكم وهي طالما كاملة هتعجبكم🤓😂🏃

قسوة ثم حنين 2 ( كاملة )Where stories live. Discover now