الفصل التاسع عشر

9.3K 431 39
                                    

#__فلاش_باك...
ولج فؤاد للداخل بلهفة يبحث عنه لاحقه عمر المتجهم الذى يغمض عينيه بإنزعاج من الموسيقي العالية يكاد يفتحهما ثم جاك الذى أشار لهما بأنه سيبحث بجهة اليمين ثم ابتعد ليتأفف عمر واقفاً بجانب فؤاد يضع يديه بخصره هاتفاً _ وده بقا هنلاقيه فين وسط الحشد ده ؟
حين لم يتلق إجابة التفت برأسه إلي فؤاد الذى تصنمت ملامحه بصدمةً ينظر بعيداً نخو شيئاً فرفع عمر حاجبه ثم لحق بعينيه نظراته ليشهق بصدمةً فاقت صدمة صديقه وهما يران زين بذلك الوضع المقزز ليرفع عمر يده فوق عينيه سريعاً مستغفراً بشدة لينتبه علي فؤاد الذى ترنح بوقفته وحرى بأن يفقد الوعي من هول ما يرى ليسرع عمر بإلتقاطه سريعاً بضيق ساخراً_لا لا امسك نفسك..مش انت اللي اصريت ندخل هنا..استحمل بقا.
نظر له فؤاد بهذيان وقد انزلقت نظارته فوق انفه أثر ترنحه هاتفاً بصدمةً _ ده انا كنت فاكره هيشرب بس..اتاريه جاي ي..ي.
ترنح بين ذراعيه بلاوعي ليتركه عمر يقع أرضاً فجأة متمتماً وهو ينفض يده في حنق _ ادي أخرة اللي يمشي ورا كلام العيال..
جلس فؤاد أرضاً بتعبٍ يعدل نظارته ثم أستند علي يد عمر الممتدة ووقف بجانبه هاتفاً بسخرية والأخر ينفض ملابسه _ فيك حيل توصله ولا نلف ونرجع تاني !؟
أجابه فؤاد وهو مائل ينفض ركبته ثم أعتدل متنهداً _ قولتلك مش هسيبه..
ثم أخرج هاتفه وفعل شيئاً سريعاً وأجاب عمر الذى سأله عما يفعل _ بعت رسالة لأخوه علما يوصل أكون خرجته من هنا..
تحرك للداخل ولاحقه عمر زافراً بانزعاج من تلك الأجواء..
كان منشغلاً مع الفتاة يضحك بهذيان وهي مقتربة منه بدلالٍ مُبالغ لينتبه علي مناداة أحداً باسمه فالتفت للخلف بمقعده ليري فؤاد متجهم الوجه فضحك زين باتساع وهذيان يزداد يفتح ذراعيه علي أخرهما :_ فؤاد..مكنتش متخيل إنك تيجي انت كمان هنا..
ثم لكز كتفه بمرح _ بس تصدق جدع يالا..متخلتش عني وجيت تقضي معايا السهرة..
تأفف فؤاد واقترب يمسك ساعِده هاتفا بجدية _ زين قوم معايا..
أزاح زين كفه ثم هتف ضاحكاً بلا وعي ودفعه للخلف بخفة_ اجي معاك فين ؟ ، حد قالك إنك ولي أمري !..
كان عمر قد وقف خلف فؤاد بمسافة يراقب ما يحدث بينهما بمللٍ وبعض الضيق بينما يهتف فؤاد بحدة وهو يشد من إمساك كتف الأخر_ زين بقولك قوم معايا وكفاية اللي بتعمله ده.
دفع زين يده بغضبٍ رغم هذيانه ثم وقف قبالته هاتفاً بمراوغة _ محدش له كلمة عليا...محدش يقدر يقولي أعمل ايه وأوقف ايه لأني مش هسمحله مهما كان مين..فؤاد..انت صاحب جدع وطيب مش عايز أخسرك وأنا لولا إني بعزك كان زماني ناديت الأمن يرموك برا او يا عالم هيعملوا فيك ايه..فأخرج من هنا أحسنلك وملكش دعوة باللي بعمله.
اقترب فؤاد خطوة منه هامساً بحزن علي حالة صديقه ولمحة غضب فرت من بين كلماته :_زين اللي بتعمله ده غلط.، ده مش هيقرب علاقتك ب ليث بالعكس هيدمرها ، أرجوك كفاية لو مش عشان نفسك عشان ربنا..أنا بترجاك تخرج معايا من هنا.
دفعه زين بصدره للخلف ساخراً _ انسي...محدش ل..
ابتسم عمر بسخرية واقترب يتخطي فؤاد مقاطعاً إياه :_ طيب يا استاذ زين عرفنا ان محدش له دعوة بيك وبأفعالك..بس برضه هتخرج من هنا معانا برضاك او غصب عنك..وياريت يكون برضاك لأني لما بتعصب مش بشوف قدامي..
رفع زين حاجبه بتهكم مبتسماً بهذيان :_ لا والله !؟ وحضرتك مين بقا عشان تقف قدامي كده تهددني ؟.
هتف عمر بشراسة ووقف أمام وجهه :_ هعرفك بس وانت فايق..
ثم قبض علي ساعِده بعنف _ دلوقتي اتحرك معايا..
ضحك زين بتهكم ثم نظر إلي فؤاد هاتفاً ببرود _ فؤاد..خد الكائن ده من قدامي وامشوا بدل ما أزعلك أنت وهو..
لم يتمالك عمر أعصابه أكثر فرفع يده يباغته بلكمة عنيفة غاضباً من هيئته السكيرة ون إطالة وجودهم بهذا المكان فارتد زين قليلاً للخلف فاعتدل بوقفته ضاحكاً بدهشة يضع يده فوق فكه ..هل لكمه للتو !.
نظر إليه ثم اقترب بشراسةٍ يرد له اللكمة بأقسي ما لديه من عنف ليرتد عمر للخلف ثم رفع رأسه مزمجراً بعصبية واقترب ليريه جزاء ما فعله ليمنعه جاك الذى اتي ركضاً حين لمحهم يمسكه بقوة يحاول السيطرة عليه وكذلك أبعد فؤاد زين الذى أقترب أيضاً للشجار بينما توقفت الموسيقي حولهم وانتقلت الأعين إليهم بترقب وفضولٍ وأخرون بغضب وحنقِ.
دفع زين فؤاد ثم رفع يده بإشارة للأمن يخبرهم بعصبية بأن يخرج هؤلاء من هنا بعد أن ينالوا جزاءهم جيداً فاقترب عدة رجال ضخمة بملابس سوداء ليقيد بعضهم الثلاثة بينما وقف الأضخم أمام هدفه الصغير مقارنة بحجمه يسدد له لكمات قاسية بوجهه وبمعدته بينما يتآوه كلا منهما بألمٍ وفشلت أي محاولة للمقاومة وكيف يقاوم وأحدهما يقيد أذرعته من الخلف وأمامه رجلاً كالصخر يفرغ به طاقته..
ابتعد زين مبتسماً بتسلية لهذا العرض الرائع ثم جلس بعيداً يرتشف من كأسه بتلذذ واستمتاع وبدأ هذيانه يزداد ولم يكترث لمن يتآوهون بل أكمل مشروبه وقد اقتربت منه أحد الفتيات تحادثه برقةٍ ولم تكترث أيضاً لما يحدث..لم يكترث أحداُ من الأساس..!!
دخل ليث من الباب بلهفة تبدلت إلي الدهشة لما يحدث ثم إلي الغضب الشديد حين لمح أخيه يجلس كالملك أمام هذا العرض الدامي ،فأخرج مسدسه من خلف سترته الطويلة يصوب طلقةً نارية إلي أعلي فصرخت الفتيات بخوفٍ وبدأ الجميع يهرول إلي الخارج يتخبطون ببعضهم كالجرذان بينما انتقلت حدقي زين حيث من صوب لترتسم بسمة خبيثة علي محياه وهو يقف بترنح قليلاً بينما توقف الرجال عن ضربهم ملتفتون لمن يقترب كالأسد يتنفس بغضبٍ واقترب أحدهم منه لكن صرخ بألم حين أصاب ليث قدميه الاثنين فوقع أرضاً يتلوى بألمٍ ليقترب الثاني ففعل ليث المثل معه مع بضع لكماتٍ مُجحفة ثم دفعه وأكمل طريقه يصيب أقدام وأكتاف الرجال جميعاً بمهارةً حتي ارتموا أرضاً يتآوهون بألماً وانقلبت الأوضاع..
كان عمر يجلس أرضاً بجانب فؤاد وجاك يلهثون بتعبٍ وقد نزفت وجوههم ثم وقفوا معاً بألم يراقبون ما يحدث لينظروا إلي زين التي صدحت ضحكاته بهذيان يصفق بيده وهو يقترب من أخيه ذو الوجه الغاضب حتي وقف أمامه يرفع رسغيه هاتفا بخبث _ نورت يا ليث باشا..كنت أتمني تحضر العرض من أوله ونتكلم شوية..بس ملحوقة لينا قعدة في القسم..اتفضل اقبض عليا.
لم يلتق إجابة منه بل رأى نظرة مُشفقة بها عتابٍ وخيبة لحالته التي لم يتمني أن يراها يوماً يُواريها خلف عينيه المشتعلة غضباً ووعيداً.
اثني زين فمه ببسمة خبيثة ثم فجأة أخذ المسدس من يده وخطف الأصفاد من جيبه فهو يعلم أنه يبقيها معه دائماً..راقبه ليث بصمتٍ يتحكم بأعصابه بصعوبةٍ لعمله بأنه ليس بوعيه..رأه يضع الأصفاد بيديه وأغلقها ثم رفع المسدس يلصق فوهته بجبين ليث يهذىً بخبث كأنه يأمره ولكن برجاءٍ لم يفهمه سواه _ اقبض عليا..خدني معاك القسم وحقق معايا..احبسني.
هز ليث رأسه بشفقة ثم حاول التقدم متمتماً بهدوء :_ زين أنت مش في وعيك ب.
صفعةً قاسية صدحت بالمكان هبطت علي وجنته من يد أخيه الأصغر أدارت وجهه لجهة اليمين..صفعة غاضبة مُعاتبة لوجع سنوات عاشها علي فراقه...صفعةً علي قدر ما ألمته بأنها من يد صغيره إلا أنه كان بحاجة إليها تُذكره بفعلته الشنيعة بتزييف موته وترك ذلك الصغير يتألم ويصرخ لفراقه..الآن يحصد ما زرعه..وأي حصادٍ قاسيا هذا !؟..إنها مجرد بداية.
تنفس زين بشراسة صارخاً وهو يصفعه للمرة الثانية والباقية يتابعون بصدمةً وقلقٍ :_ اقبض عليااا...احبسني..عاقبني أنا مُتهم وغلطان...أنا شربت حاجة مُحرمة..ولمست بنت بحقارة وكنت هطور الموضوع...وخليت الآمن يضربهم من غير سبب...وأديني مديت ايدى واعتديت علي ضابط..يبقي من حقك تقبض عليا عشان اتعاقب..لو متعاقبتش من الحكومة يبقي اتعاقب من اخويا.
اومأ ليث بحزن وقد لمعت حدقتيه بألمٍ لكنه بقا علي ثباته هاتفاً _ هعاقبك يا زين...صدقني هعاقبك.
أمسك ساعِده يشدد عليه وابتسم زين بانتصار بينما ابتلع فؤاد ريقه بقلقٍ يقترب منهما _ ليث استني..انت لازم تفهم هو عمل كده لي..
أمسك عمر يده بغضبٍ يسأله بعينيه..أبعد ما فعله بنا مازلت تدافع عنه ! حقاً ؟.
أنزل فؤاد يد عمر بهزة رأس _ أنت مش فاهم حاجة..
استدار مرة أخرى ليجد ليث يسحب أخيه خلفه حتي خرجا من المكان فلحق فؤاد بهما سريعاً كي لا يترك صديقه ولم يستمع لندائات عمر الغاضبة له..
#__باك...
وقف زين عن الفراش بعينين مهتزة بعد ان تذكر كل شئ لكن ألم رأسه لم يقل بل ازداد بشدة ليهتف بتلعثم :_ ل ليث اسمعني انا..
رفع ليث يده ثم هوي بكفه علي وجنته بعنف بصفعةً آلمته بشدة بجانب ألم رأسه التي تكاد أن تنفجر من بشاعته ، هتف ليث بجمودٍ وشراسة لتمتزج كلماته مع طرقات فؤاد علي الباب: _ ده عشان تفكيرك الغبي اللي خلاك تعمل كده..
ثم صفعه مرة أخرى وتابع :_ وده عشان غلطت في حق ربنا قبل نفسك ومفكرتش فيه ولو لحظة..
ثم صفعه مجدداً ونبرته تحتد :_ وده علشان اللي عملته في صحابك اللي كان ممكن يموتوا في ايديهم بسببك وانت واقف تتفرج من غير رحمة..
تنفس زين بألمٍ يحاول التحدث بتعبٍ :_ أنا كنت عاي..
قبض ليث علي عنقه مقاطعاً كلماته بعصبيةٍ :_ كنت عايز ايه..أي مبرر في الدنيا يخليك تعمل كده ؟ ، بتنتقم مني فيك ليييه وأنت عارف انك ايه بالنسبة لي !!
وضع زين يديه فوق أذنيه غامضاً عينيه ويشعر بصداع كالمطرقة في رأسه لم يتحمله وبدأ يصرخ من شدته فتركه ليث سريعاً بتفاجأ ثم أقترب يردد اسمه بقلقٍ شديد يضرب بوجنته وهو يراه يخر تدريجياً علي الفراش فاقداً الوعي ببطئ مؤلم..
*********
بعد منتصف الليل..
بعد ان انتهي من محادثة ديمة خرج من غرفته ليجد إخوته مجتمعان علي الآرائك فذهب بإتجاههم وقف بجانب دامر يشاكسه قليلاً..
ضحك دامر وبدر معاً بجانبه بعد أن ألقي مزحة رأها في فيلم ما وبجانبهم سليم الذى ابتسم بحسرةً والأخر يتكلم دون توقف بغباءه وضحكته العالية وحري أن يلقي موقف أخر ليزفر سليم بغيظ مقاطعاً ضحكاتهم _ ما تخرس بقا يابني وكفاية تفاهة شوية..
نظرا إليه وتلاشت ابتسامتهم وزم بدر شفتيه يتمتم بحنق _ دايما مقصف مقاديفي..
سَخر دامر متهكماً _ ليه سمكة !؟..
هتف بدر بضحكة حين تذكر المزحة _ لا حوت متخلف.
صدحت ضحكاتهما مجدداً بعلو وهو يضرب كفه بكف بدر ليضحك أدهم علي هيئتهما الجالس بجوار سليم الذى ضحك بسخافة ولم تعجبه المزحة ، ليخرج ساهر من غرفته علي صوتهم يفرك خصلاته بنعاسٍ ليتجه نحوهم يجلس بجانب سليم هاتفاً بزفر من أثر النوم _ بتضحكوا علي ايه ضحكوني معاكم !؟
هتف بدر بضحكٍ ً _ اهلا يا ابو العريسوو
أشار سليم نحوهم ساخراً _ أخواتك التفاهة زايدة عندهم..
أجابه ساهر بسخرية _ وايه الجديد يعني.
وقف أدهم يرتدي سترته ضاحكاً _ بكرة معدلها يقل متقلقوش..
ضحك دامر وبدر بسخافة هاتفين بصوتٍ واحد ساخر _ ظريفين اوى..
جذب أدهم هاتفه من الطاولة هاتفا _ كفاية كدا أنا ماشي..
سأله دامر باستغراب _ انت مش طالع فوق ولا ايه ؟.
تحرك أدهم للخارج زافراً بجدية _ لا عندي كام حاجة في الشغل هخلصها وارجع.
شعر دامر بالغرابة من هيئته الهادئة ليتحرك خلفه ينادي عليه حتي وقفا بجانب الباب فهتف دامر بعد ان عقد بين حاجبيه _ الوقت أتأخر مينفعش تأجل الشغل ده للصبح !؟.
زفر أدهم وأقترب خطوة منه يتكلم بصوتٍ خافض :_ الزفت الأجنبي ده المُحاكمة بتاعته بعد تلات أيام ، سيادة اللوا كلفني بنقله للمحكمة وتأمينه ولازم أشتغل من دلوقتي..أنت عارف أن عثمان لسه مفيش أثر له واحتمال كبير يحاول يهربه.
ألقي دامر نظرة علي سليم المُنشغل بحديثه مع بدر ويلكمه بغيظ حين يِحدثه بغباءٍ ثم زفر ونظر إلي صديقه مرة آخري بحذر سأله _ سليم ميعرفش !؟
رفع أدهم كتفيه متنهداً : المفروض ان اللوا هيبلغه بكرة..
صمت دامر قليلاً مُفكراً بشئ ولمح بعينيه جود التي خرجت من غرفة ليزفر عازماً علي فعل ما فكر به ثم نظر إلي صديقه هاتفاً بجدية :_ خلي بالك علي نفسك..
اومأ أدهم ثم خرج من المنزل ينزل الدرج سريعاً حتي خرج من المبني يستقل سيارته ، كان يقود سيارته بطريقٍ مُظلم ليعقد جبينه حين شعر بشئ أخترق إطار سيارته فضغط علي المكابح وترجل ليرى ما صُدم بها..عقد بين حاجبيه وهو يجثي علي ركبته يتحسس الإطار فهذا الشئ يبدو إنه مُصوبَ بواسطة أحد...شعر بفوهة سلاح خلف رأسه تابعه صوت رجل يأمره بالوقوف وعدم فعل شئ قد يندم عليه...رفع أدهم كفيه بحذر وهو يقف ثم التفت للرجل الذى ثبت الفوهة أمام جبينه ثم مد يده بهاتفٍ أسود يشير له بأن يتحدث للمتصل...
أمسك أدهم الهاتف يضعه فوق أذنه ليستمع إلي صوتٍ خبيث ماكرٍ يعرفه جيداً:_ أدهم باشا...سمعت إن عندك ولد وبنت زي القمر...ياتري حالتهم ايه بخير !؟
هتف أدهم بجمودٍ من بين أسنانه:_ مش هرحم اي حد يقرب منهم..
ضحك جوناس بخبث يسند رأسه علي الحائط وكان خلف الباب يقف عسكري ينتظر هاتفه بقلقٍ :_ لا لا أنا مش هقرب منهم بس..أنا هتمتع بيهم لحد  ما أرجعهم جسم من غير روح..بس متقلقش أنا لسه مخلتش رجالتي تهجم علي البيت اللي نزلت منه ولا من ابنك اللي خارج مع صاحبك..إلا إذا في حالة رفضت اللي هطلبه منك..صدقني هتخسر كتير.
قبض أدهم علي يده بغضبٍ وأراد أن يحطم الهاتف وشعور بداخله يعاند بأن ينصت لكلامه وأخرٍ قلقاً من تنفيذه فهذا الرجل الذى أمامه يبدو أنه كان يراقبه بالفعل وليس بعيداً بأن يكون هناك الكثير حول المنزل ينتظرون إشارة من رئيسهم بالهجوم ويا ويلاه إن كان هجوماً بإطلاق النيران علي المبني بأكمله  والأسوأ إن بالفعل جواد خرج برفقة ابنه...ماذا يفعل الآن بهذا الوضع الخطر!!؟.
نظر أدهم إلي الرجل الذى رفع هاتفه ليؤكد حديث رئيسه ويقطع أي ذرة بالتردد له..نبض قلب أدهم بهلعٍ وهو يرى الرجال الذين تنكروا بهيئة مارة علي الطريق ويحوموا أمام المنزل من كل جهة وكلا منهم يؤكد علي وجود سلاحه أسفل سترته ثم شغل المُهدد فيديو أخرٍ فرأي أدهم جواد برفقة ليل أمام أحدي المحلات وجواد يجثو يعقد رباط حذاء الصغير...
انهار كل شعور لدى أدهم وحل محلها القلقٍ عليهم جميعاً وعدم الثبات ليزمجر بعصبيةٍ هاتفً بإنفعال :_ أنت عايز ايه ؟.
ابتسم جوناس بمكرٍ يهتف بجدٍ :_ بكرة الصبح واحد من رجالتي هيكلمك..تتقابلوا في مكان وتنفذ كل اللي هيقولك عليه وأنت أخرس...أنا مش هفضل في السجن ده كتير...سيبتكم تلعبوا شوية معايا بس لكل لعبة نهاية وأنا اللي هكتبها بإيدي.
الرجالة هتفضل حوالين البيت لحد ما أنا أخرج وحواليك أنت كمان..أظن مش لازم أعرفك لو حاولت ترجع البيت وتبلغهم هيحصل ايه...ولو علي التليفون..ف ياريت تسلمه للي مثبتك ده بدون كلام كتير...بانتظارك يا بطل.
أغلق الهاتف ببسمته الخبيثة ثم أعطي الهاتف للعسكري من بين القضبان لينظر أمامه رافعاً رأسه باسماً بوعيدٍ وشراسةً لامعة بعينيه عازمةً علي تدمير كل ما هو مُقرب لتلك العائلة التي تسببت في موتَ والده..
#___باك..
توقفت السيارات بمكانٍ خال أشبه بالصحراء ليترجل أدهم بعصبيةً يتأفف وهو يخلل أنامله بين خصلاته بعنفٌ...لا يصدق ما فعله للتو..لقد خان عمله وهرّبَ مُجرم من جزاءه سيتسبب في الكثير من الفوضي والأذى لأناسٍ أبرياء وبالمقدمةً عائلته...سيخسر ثقة سليم به وبالطبع لن يسامحه دامر رفيق دربه..إلي متي سيستمر هذا الدمار بحياتهم..مجرد ما ان يخرجوا من مصيبةً يقعون بأخري كأنها كانت تتلهف لذهاب الأولي حتي تهجم بجيوشها من كل حدبٍ ..
************
فتح زين جفنيه الثقيلتين ببطئ ليحرك رأسه قليلاً حيث فؤاد الذى يجلس بجانبه هاتفاً بإرتياح ورفق :_ حمدالله علي السلامة..
دار بعينيه بالغرفة ليجد نفسه متمدد علي فراشه ومحلول طبي منغرز بكف يده اليُمني بينما ليث يتحرك مع الطبيب إلي خارج الغرفة ، زفر زين ببطئ ومازال يشعر بألمٍ يفتك بجبينه بالكاد يفتح عينيه وينظر إلي صديقه متسائلاً بوهن :_ ايه اللي حصل ؟
تنهد فؤاد يريح ظهره إلي حافة الفراش :_ أغمي عليك من الصداع الشديد بسبب الزفت اللي شربته امبارح وكترت بقلب جامد..
تذكر زين قليلا ما حدث وصراخ أخيه عليه وصفعاته التي يشعر بألمٍ بوجنته أثرها ، زفر طويلاً بحنق ثم حاول الأعتدال فكانت يد فؤاد الأسرع لإسناده حتي جلس زين مريحاً ظهره علي الوسادة التي وضعها الأخر ، تطلع زين لوجه صديقه الذى به بعض الكدمات المُضمدة فرمقه بندمٍ ..رغم ما فعله به بالأمس كفيل بأن يبتعد عنه للأبد لكنن مازال بجانبه لا يتركه ثم أحاط كفه برفق معتذراً :_ أسف.
سحبَ فؤاد كفه بهدوء متأففٍ بتهكم ووعيد :_ خلي الأعتذار ده لبعدين أما أخد حقي منك كويس.
ابتسم زين بوهنٍ :_ طب ما تاخده دلوقتي؟!.
رفع فؤاد كتفيه بجمود :_ مبستقواش علي عيانين ثم كفاية كف ليث اللي معلم في وشك ده النهاردة ، لسه عندك كتير عايزين ياخدوا حسابهم منك.
تنهد زين هاتفاً بخفوت :_ كلمهم ييجوا عشان أعتذرلهم.
رفع فؤاد حاجبيه بدهشةً ليهدر به بحدة:_ ده أنت بجح أوى ، يعني بعد ما اتدغدغوا بسببك هما اللي ييجوا لحد عندك ؟ ، أنت متخلف يالا ؟!
كبت زين ضحكاته مُشيراً بكفه ليهدأ :_ ياعم اهدي بس بهزر ، كنت عايز أخرجك من حالة الصمت والبرود اللي أنت فيها دي مش لايقة عليك.
زم فؤاد شفتيه بغيظٍ :_ يعني عشان تخرجني من دول تخرجني عن شعورى !؟ ، ربنا يصبرني علي الصحوبية دي.
نظر إليه زين بابتسامة والأخر يشيح بوجهه عنه ثم وضع يده علي كتفه برجاء وهتف بنبرة نادمةٍ :_ فؤاد بجد أسف ، والله مكنش قصدي إني أأذيك أنت أو هما بس الحقيقة أنت السبب ..
التفت فؤاد برأسه إليه بسخرية :_ أنا !؟
أعتدل زين أكثر مردفا بجدية :_ افتكر لما قولتلك إني هعمل كده مش بس عشان أربي ليث وأتقرب منه ، وعشان كمان عثمان بيراقبني ورجالته حواليا ، عارفهم وشوفتهم كتير معاه في الڤيلا ، كنت عايز أعمل حاجة تخليه يظهر عشان يتقبض عليه ويبطل أزية في سليم وعيلته ، وأخر حركة منه واللي أنا متأكد إنه هو اللي عملها وزق البت دي عشان تقتل بدر بعربيتها دي اللي خلتني أفكر بالطريقة دي لأني عارف حقارته ومش بعيد يظهرلي يشمت فيا وأنا في المكان ده هو كان بيحلم إني أكون فيه وأعمل زيهم بس للاسف مجاش وبعت رجالته تراقبني أنا شوفت واحد منهم متنكر في جرسون وبيكلمه..أحترت إنه ممكن ييجي في أى لحظة وأنت وهما معايا يعني ممكم يأذيكم بجد او يقتلكم
هتف فؤاد بحدة :_ كان ممكن تقولي إنه بيراقبك وأخدهم وأمشي ليه بقا تخلي الأمن يضربنا بالهمجية دي !؟.
أجابه زين زافراً :_عشان عارف دماغك الجزمة دي وإنك مش هتسبني غير لما أخرج معاك ثم إني شربت كتير بجد وعقلي كان غايب عني وأظن شوفت تصرفاتي كانت ازاى..
تأفف فؤاد مردفا بتفكير :_ بس يا زين أنت أ..
قطع حديثه ولوج ليث إلي الغرفة بوجه متجهم هاتفاً إليه :_ فؤاد سيينا لوحدنا شوية..
*********
تدور زينة خلفه أينما يتحرك تثرثر كثيراً دون توقف وهو يمسك طبق به طعام يتناول منه ويومأ برأسه موافقاً لما تقوله دون مبالاة حتي جلس علي الأيكة وهي لم تصمت بعد لينفذ صبره بانزعاج وأشاح بيده صائحاً _ اييييه عايز أكل.
هتفت زينة بتذمر _ طب ما تسمع اللي بقوله وأنت بتأكل عادي..
نظر لها بدر ساخراً وهو يلوك الطعام بخفة :_ وأنا هسمع ولا هاكل يعني !؟.
سألته بفضول :_ المهم حفظت القواعد اللي بقولها من الصبح دي ؟.
التفت لها بغيظ هاتفاً بتهكم :_ قواعد اي..ياولية ارحميني بقا ، ده ام العروسة ذات نفسها مش بتعلم بنتها القواعد دي..ده انا لو داخل حرب مش هتدربيني كده..
وقفت تصيح بوجهه وهو مال للخلف _ ولا..مقابلة بكرة دي لازم تعديها علي خير من غير هيافة واستظراف والذات غباءك ده وإلا والله هتشوف مني الوش اللي أنت عارفه..
زم شفتيه بغيظ متأفف بغيظ هاتفاً وهو يترك الطبق :_ طب هاتي الورقة والقلم دول وقولي من الأول تاني..
قدمتهم له ليفتح بدر الدفتر باستعداد _ يلا بسم الله..
هتفت زينة بجمود _ اولاً تقعد هادئ ومتهزرش وبالذات مع عمك سعد.
تمتم ساخراً_ ابقي قابليني.
هتفت بحدة _ ايه ؟
انتفض بفزع مبتسما بتصنع :_ من عيني...من عيني ياحبيبتي كملي...
كان يجلس علي الأريكة يُدون شيئاً بالدفتر بتركيز بعد رحيل زينة بوقتٍ قياسي فهي اكتفت من الصراخ بسبب غبائه، فأستمع إلي جرس الشقة ليترك ما بيده علي الطاولة ثم وقف يتجه إلي الباب زافراً...فتح الباب بتجهم سرعان ما شهق بصدمةً حين رأي هذان الاثنان ذو الوجوه التي بها بضع الكدمات الزرقاء والبنفسجية وأخري مضمدة يقفان أمامه ويستند جاك علي الأخر بصمتٍ..
وضع بدر يده علي صدره شاهقاً بدهشة:_ ياحبايبي..ايه اللي عمل فيكم كده ؟!.
وقف عمر يخطي عتبة الباب ثم دفعه من أمامه متأفف بحنق :_ أوعي ياض من قدامي..
أغلق جاك الباب ليتأوه بألمِ حين أنقض بدر عليه يتفحص جروحه بلهفة صارخاً بصدمةً :_ ايه اللي عمل فيكم كده ! اتوبيس ده ولا ايه !؟..
دفع جاك يديه متألماً من ذلك الغبي ثم عرج قليلاً خلف عمر وهو يقول :_ دول اتوبيسات بعيد عنك.
دخل عمر إلي غرفة بدر يخلع سترته بألمٍ يحتل عظامه ثم تهاوي علي الفراش بتعبٍ فهُما قضيا الليل بأكمله بالمشفي ثم ذهبا إلي صديقهم بعتذر لكي لا يتجادل مع والده ويستمع إلي وصلة توبيخه لذهابه لهذا المكان ولما وإلخ..
أغلق بدر باب غرفته سريعاً ثم التفت إليهم بلهفة وقلقٍ:_ ايه اللي حصل ليكم ده !؟..
تمدد جاك علي الفراش وبدأ يسرد ما حدث بالأمس علي مسامعه وما أن انتهي حتي جلس بدر علي الحافة بصدمةً مردداً :_ يا ابن الل....
ثم نظر إليهم بانفعال هادراً :_ وأزاي انا معرفش محدش قالي لييييه !؟.
غمغم عمر بتعبٍ ساخراً:_ هو ده اللي فارق معاك !!
رمقه بدر بغضب متابعاً :_ عمر أنت أزاي تدخل المكان ده برجليك ، أنت عارف المناظر اللي ممكن تشوفها هناك عاملة ازاى ؟!.
تأفف عمر في حنقٍ من نفسه:_ ما شوفتها ياخويا واللي كان كان.
عقد بدر ساعديه أمام صدره متهكما :_ وياتري بقا شربت كاسين ولا وفرت علي نفسك ؟.
جذب عمر الوسادة يقذفها عليه بغيظٍ : بدر ، استظراف مش عايز كفاية اللي أنا فيه.
قبض بدر علي كفه ووقف يدور ذهاباًوإياباً أمامهم يردف بغيظٍ وغضب مكبوت :_ اه لو أشوفه قدامي دلوقتي ، مش هرحم أمه.
رفع عمر رأسه إليه متساءلا بزفر:_ أنت صحيح رايح بكرة تخطب ولا دي أوشاعات !؟
استدار بدر نحوه صائحاً :_ أخطب ايه أنت كمان هو ده وقته بوشكم دا !؟
************
ما أن أغلق فؤاد الباب حتي نظر ليث إلي أخيه يُضيق عينيه :_ بيراقبك هاه !؟
أشاح زين بوجهه في حنق وأدرك أنه استمع للحديث :_ أنت عارف كويس هو عاوز مني ايه ، بلاش نلف وندور علي بعض.
عقد ليث ساعِديه أمام صدره متنهداً بتهكم :_ أنا فعلا عارف كويس إنه كان نفسه يخليك نسخة منه بعد ما فشل معايا ، بس الظاهر إنه بدأ ينجح معاك أنت وبدأت تروح بارات أهو زي الشاطر وتشرب ، المرة الجاية مش عارف هجيبك من فين أو هتكون مع مين...او حالتك هتكون ازاي.
نظر زين إليه بسخرية :_ لا والله ! ، وايه بقا الاهتمام المفاجئ اللي نزل علي سيادتك ده ؟!.
رفع ليث كتفيه واقترب عدة خطوات حتي وقف بجانب الفراش ثم مد يده يعبث بخصلات الأخر مبتسماً بسخرية :_ مش هو ده اللي أنت عايزه !، إني أهتم بيك يا قلبي أديني بهتم أهو.
دفع زين يده بغضبٍ:_ أحترم نفسك، مش عيل صغير قاعد قدامك هو.
استند ليث بكتفه علي الحائط هاتفاً بتنهيدة :_ عارف يا زين مشكلتك ايه ، إنك بتحب تعاقب وتتعب الغلطان قبل ما تسامحه ، مش عارف ليه بتحب تعمل أكشن قبل الدراما، بتتعب نفسك ليه!.
اثني زين فمه بجانبية ساخراً :_ معلش ، لما أجي أمثل إني مُت وأنت حضرت جنازتي بوجع الدنيا كلها وفجأة أظهرلك من العدم وأقولك أسف بهزر معاك بس غصب عني عملت كده،..أبقي أتعب نفسك أنت كمان قبل ما تسامحني. مش همنعك.
وقف ليث بغضبٍ هادرا :_ أنت ليه مصمم كل شوية تفكرني باللي عملته!؟، عرفت إني غلطت وفكرت غلط وأعتذرت مليون مرة وبرضه مش قادر تسامح ! ، قولي أعمل ايه عشان تسامحني ونرجع زي الأول انا مش قادر استحمل معاملتك دي ليا ولا مستحمل شخصيتك وأنت كده ، قولي أصلح الغلط ده ازاى !؟.
ابتسم زين بتسلية متوعداً بداخله بالمزيد ثم وضع يده علي صدره مردفا ببسمة صفراء باردة :_ متصلحش حاجة..أنا اللي هصلح بطريقتي.
قبض ليث علي شفتيه بغيظٍ :_وطريقتك دي هتقعد لحد امتي !؟.
أردف زين ببرود :_ ان شاء الله لو قعدت لأخر العمر ، أنت اللي عايزني أسامح يبقي تستحمل اللي يحصل قبل ما أسامح .
ثم وضع قدمٍ فوق الأخر مردفا بجمود :_ اطلع بقا حضرلي الغدا انا وفؤاد عشان جعان.
رفع ليث حاجبه ثم ركل قدمه التي وضعها بعصبيةٍ :_نعم ؟ هي حصلت بتؤمرني كمان!؟.
رفع زين كفه الذى به إبرة المحلول هاتفاً ببراءة وبرودٍ :_ عيان ولازم اتغذي ولاانت عايزيني أتعب تاني أو أموت !؟، لو عايز قولي ومتحضرش حاجة.
قبض ليث علي يده حتي هربت الدماء منها ولكاد أن يُصيب بالجنون من أفعال أخيه تلك..يعلم أنه يستفزه كثيراً..بنظراته...وحركاته..وطلباته..ينتقم منه بأبسط الأفعال..سحقاً لهذا انتقام فإن كان قتله أو رجمه أهون مم أن يستفزه بهذه الطريقة التي هو يعلم جيداً أنه يمقتها بشدةً..
تأفف بحنقٍ مردفا من بين أسنانه :_ مبعرفش أعمل أكل.
هتف زين بصرامةً حادة :_ أتصرف ، اطلع برا..
زاد تأفف ليث يشير له بيده بوعيدٍ مكبوت وهو يهم بالتحرك :_ اصبر عليا بس..
فتح الباب ليخرج لكن أوقفه زين الهادر بعصبية :_ استني هنا انت رايح فين !؟ ، فُك الكلبشات دي.
استدار ليث له وكاد بأن يقترب لكن عانّده مردفا بسخرية :_ فُكها أنت بقا يا عم الجامد.
ثم خرج وصفع الباب بعنف فأظهر زين ابتسامته التي كان يخفيها طوال المحادثة ثم تحولت إلي ضحكة حماسية يُضيق عينيه بوعيدٍ ولم يخفي لمعةَ عينيه الدافئة بحنانٍ واشتياق لعلاقتهم معاً بالسابق..فأمسك الوسادة يعانقها يفكرٍ بحماسٍ بتلك اللحظة التي سيضمه بها أخيراً حين يسامحه ..صافياً العقل والقلب ليس بقلبه ذرة غضب اتجاههٌ..حسناً ستكون درامية قليلاً..لكنه صدقاً ينتظرها.
***********
جذب قطعة القطن المبللة من الماء ثم استدار يضعها أسفل عين عمر المتمدد هاتفاً بحسرةٍ وقد كان عاقداً العُصبة السوداء علي جبينه كعادته :_ اه ياخواتي عاللي صابكم..اه يا حبااايبي علي اللي جرالكم ياختييي.
أغمض عمر عينيه يتمالك نفسه من الانفعال بصعوبة مشيراً بأصبعه إلي بدر قائلاً لمن يتمدد بجانبه :_ ست نفيسة المطلقة دي لو مبطلتش ولولة أنا هقوم أقتلها.
نظر جاك إليه وكان يضع أصابعه علي فمه بتفكير ليضحك علي مقولته المتناسبة حرفياً مع هيئة بدر الذى قذف القطنة هاتفاً بغيظ :_ بقا ده جزاتي اني بعتني بيك في جروحك ، كتر خيرك يا عمر.
وضع جاك يده علي بطنه مردفا بضحك :_ ياعم ارحمني بقا مش قادر أضحك.
عقد بدر قدميه مردفا بتفكير :_ هو انتم مدافعتوش عن نفسكم ليه ؟! ، ده العيال..العياااال اللي مفيهومش جسم ولا عضلات ولا طول بعرض زيكم لما اتخطفوا..دغدغوا رجالة بشنبات يخاف كل من يراها..اعتبروهم بُرص ونزلوا ضرب فيهم بالشباشب من غير رحمة خلوني أفتخر بتربيتي ليهم وتعبي فيهم مش زيكم...حسرة علي الرجالة.
نظر عمر إليه بيأسٍ مغمغماً بتهكم :_ يا بدروة يا حبيبي أصل اللي ضربونا دول مش رجالة..دول خراتيت بتعوم في البحر علي هيئة بشر ، أنت أصلك مشوفتش دراع الواحد فيهم عامل ازاى ، مشوفتش كانوا كام واحد أصلا عشان تشمت فينا.
هتف بدر بسخرية :_ الكثرة تغلب الشجاعة يعني والجو ده !؟.
هتف جاك بغيظٍ :_ لا هو مش الجو ده ، الكثرة غلبتنا فعلاً ، بقولك ايه ما تقوم من جنبنا ياخي وسيبنا ننام شوية.
رفع بدر حاجبه بحدة :_ يا قليل الأدب دي أوضتي !!
زفر عمر طويلاً ثم رفع يده علي كتف بدر مردفا :_ بدر حبيبي..
تراجع بدر للخلف بحذر وقلقٍ:_نعم !!.
تبسم عمر بغضبٍ :_ تقوم من قدامي دلوقتي زي الشاطر كده متخلنيش أتعصب صدقني مش هتخرج من ايدى سليم وهرقدك جنبنا هنا..
هدر بدر بسخرية وهو يزيح يده :_ كنت اتعصبت هناك ياخويا مقدرتش علي الحمار جاى علي البردعة !!؟.
أشار عمر بنفاذ صبر إلي جاك الذى جذب المزهرية من جانبه وقدمها له بترحابٍ فامسكها عمر بغضب ليتخلص من هذا الثرثارٍ ليفر بدر بعيداً عنه ووقف بجانب الباب ثم استدار لهم هاتفاً بغيظ :_ طب ايه رأيكم بقا إني هروح للحيوان وهغير شكل وش اهله ده علي اللي عمله فيكم ، لو انتو مستغنين عن حقكم أنا مش مستغني..جايلك يا زين يا ابن الزيني بإسمك العجيب ده.
ثم خرج من الغرفة مهرولاً فتطلع عمر إلي الأخر الذى هتف له بتساؤل :_ هتلحقه !؟؟.
اراح عمر رأسه بلامبالاة متأففْ :_ تعبان مش قادر..نام.
***********
وضع النادل كوب القهوة علي الطاولة فنظر دامر في ساعته ثم زفر وأراح ظهره علي الكرسي ينتقل بعينيه وهو يرتدي نظارته السوداء إلي شط البحر الصافي ، حرك رأسه نحو باب المطعم التي دخلت هي منه ببدلة نسائية انيقة خضراء قاتمة بخطوات ثابتة تبحث بعينيها عنه حتي رأته فاقتربت منه بهدوء حتي وقفت أمامه ، خلعت نظّارتها البُنية ترمقه بصمتٍ ليهتف دامر بهزة رأس :_ كنت متوقع إنك مش هتيجي..
حركت ديالا الكرسي المقابل له وجلست عليه هاتفةً في حنق :_ وأنا مكنتش متوقعة إن حد منكم بالذات انت يطلب يقابلني بعد محاولتي لقتل أخوك.
اثني دامر فمه ببسمة ساخرة وهو يخلع نظارته :_ أخويا اه..أخويا ده قدره وقعه في عيلة حقيرة زيكم عمالين تغرقوه واحد ورا التاني من غير رحمة..نفسي أعرف هو عمل ايه عشان يتعمل فيه كل ده !؟.
أسندت ديالا يديها علي الطاولة بتهكم :_ متحسسنيش إنه ملاك بس..ده أذي مراته بأبشع طريقة..
اومأ دامر برأسه :_ اه اه ..أذاها وخانها وحبسها وخطف بنتها وبالمرة قتلها عشان يخلص من زنها ولما مماتش في المستشفي رجع وقتلها تاني..أقولك علي حاجة كمان أنا كنت مشاركه في الجرايم دي كلها..يلا طالما أنتو بتصدقوا أي حاجة كده..
هتفت ديالا بحدة:_ انت عايز ايه !؟.
اقترب دامر من الطاولة بغضبٍ :_عايز أقطع نسلكم وامحيه من علي وش الأرض.
ثم تأفف وكبت غضبه بصعوبةٍ متابعاً :_ بس قبل كده مضطر أثبت برائته..ومش هينفع غير بيكي.
رفعت حاجبها بتهكم :_ وأنت متخيل إني هساعدك !؟
هتف دامر بتهديد وسخرية :_ لا أنا متخيل شكلك وانتي قدام جثة واحد من أخواتك سايح في دمه..أظن إنه مشهد صعب محدش يقدر يتحمله صح !
فكرت ديالا قليلاً بصمتٍ ثم زفرت بالنهاية هاتفة :_ عايز ايه !!؟
***********
أطرق بيديه علي المكتب بعصبيةٍ هادراُ:_ يعني ايه هرب !!.
زفر اللواء غنيم محاولاً أن يجعله هادئا :_ اهدي يا سليم العصبية مش حل للمُصِيبة دي لازم نفكر بهدوء وبالعقل.
وقف سليم يخلل أصابعه بين خصلاته بغضبٍ ثم نظر إليه صائحاً :_ هو أنا لسه هيبقي فيا عقل ؟ ، انت مش عارف الحيوان هيأذيني ازاى !؟ وبكام طريقة من عيلتي كلها أنت متصور أنا هبقي مرعوب علي كام واحد في عيلتي ومن برا !؟..
أطرق اللواء علي المكتب وهو يقف بحزم :_ عشان كده بقولك لازم تهدأ ونفكر كويس ، دلوقتي بدل ما واحد كان هارب بقا اتنين والمشكلة انهم اكيد مش هيتجمعوا في مكان واحد علي الأقل دلوقتي ، الوزارة متكفلة بالبحث عن عثمان من البداية بس التاني ده هيبقي من مسؤليتي أنا وأنت ، لازم نأمن كل عيلتك من كل اتجاه ونوضع حراسة عليهم لأنه أكيد مش هينتظر أى وقت تاني عشان ينتقم منك بأبشع الطرق بعد اللي عملته في أبوه وأنت بالذات لازم يكون عليك حرا..
قطعَ حديثه تلك الضجة التي بالخارج صوتٌ نساءٌ تبكي ورجال غاضبة خائفة أصواتهم تتعاليَ ، نظر سليم باستغراب للواء الذى بادله ثم تحركا إلي خارج الغرفة حتي رأوا ذلك التجمع وبعض الهجوم علي العساكر التي تحاول تهدأتهم ، أقترب اللواء منهم يرفع كفيه بصرامة و حدة :_بس بس فيه ايه اللي بيحصل ده ؟!.
هتفت السيدة الباكية وكانت أم عبدالرحمن بنحيب :_ يابيه أنا ابني اتخطف امبارح بالليل ومش عارفة أوصله..
نظر سليم واللواء إلي السيدة الأخرة أم رامز التي تبكي  بهستيرية صارخة:_ وأنا ابني اتخطف قدام عينيا امبارح وهربوا ، مقدرتش أعمل حاجة ، أبوس أيديكم أنقذوه أنا مليش غيره في الدنيا.
هتف رجلُ أربعيني بدمعٍ وخوف :_ امبارح مع أذان المغرب اتهجموا علينا في بيتي وخطفوه ، سابولي الورقة دي اللي فيها عنوان القسم واسم واحد ، سليم سمير المالِك ، أرجوكم أنقذوا ولادنا احنا غلابة مش هنقدر عليهم..
تهالَ العوائل بشكو كيف اُختطف أولادهم علي مسامع اللواء المنصدم وسليم الذى مسح علي وجهه يتأفف من كمّ المشاكل الي تقع علي رؤسهم بل ورأسه هو في المقدمة ستنفجر من كل ذلك..
ترجل جواد من سيارته ببطئ فمازال ظهره يؤلمه أثر حادث أمس ، حاول ان يتجاهله وتحرك إلي داخل قِسم الشرطة الذى به ضجةً عالية رأها أمامه ، اقترب من التجمع ليستمع إلي بعض حديث أحد الأهالي لكنه لمح هذه السيدة التي كانت تبكي وتُنوح حين اختطف هذا الشاب الذى حاول انقاذه وفشل فأدرك أن الموضوع مرتبط بهم جميعاً ، تعجب سليم حين رأه :_ جواد !؟.
وقف جواد أمامه رافعاً ورقة بيضاء صغيرة هاتفا بجدية :_ بالصدفة كنت موجود في حادثة اختطاف ابن الست دي ( وأشار علي أم رامز ) ، شوفتهم وهما بيهربوا بالعربية ولحقتهم بس ضربوا عليا نار وعربيتي اتصدمت في شجرة وفشلت إني الحقهم ، دي نمرة عربيتهم..
لمعتَ عينين سليم بأملٍ طفيف وهو يأخذ الورقة يقرأ ارقامها حتي إن كان طرفاً متناهي الصغر سيحاول منه الوصول إلي الخاطف ، انتبه لتلك القوة التي اقتحمت القسم كذلك الجميع رأوا ضابطٌ يقترب بالممر وخلفه عساكر كثيرةً حتي وقف أمام اللواء غنيم يضرب له تحية عسكرية بجدية :_ غنيم باشا..
هتف غنيم في جدٌ متساءلاً وبداخله يترقب مُصيبةً أكبر :_ خير يا سيادة المقدم !؟
تابع الضابط حديثه في جدية أكثر :_ احنا قبضنا علي بعض الملثمين من اللي هجموا علي القسم هنا ونقلناهم علي الوزارة بعد ما عالجنا اصابتهم ، حاولنا نخليهم يعترفوا مين اللي بعتهم وبعد محاولات كتيرة من الضغط والتهديد عليهم.. اعترفوا.
رفع اللواء غنيم حاجبه بحذرٍ :_ مين هو !؟.
أخفض الضابط رأسه قليلاً بصمتٍ ثم رفعها ينظر إلي سليم الذى هز رأسه بعدم تصديق صدقاً لن يحتمل ورطةً أخرى الآن لكن هدم الضابط تفكيره مؤكداً ما دار في عقله بحزمٍ وجدية بنفس اللحظة التي وصل بها أدهم بالقرب منهم :_ سليم باشا..أنت مقبوض عليك بتهمة تهريب مجرم من العدالة وقبول رشوة من الهارب المدعو عثمان الزيني...
.....
#_قسوة_ثم_حنين2.
#_صفاء_محمد..
________
رغم ان النور قاطع بس شحنت كارت ونزلته والله لسه مخلصاه حالاٍ وبعتذر عن التأخير ، الرواية باقي ليها عشر او ١٢ فصل وتنتهي يارب نفسيتي تتحسن شوية وأكتبهم وانا أسفة علي ضيقكم بسبب التأخير والله❤
كومنتات كتيرة ياريت بقا علي الفصل ورأيكم عليه ، والله الواد سليم ده صعبان عليا من المشاكل اللي بتنزل علي دماغه ولسه هتنزل علي دماغهم كلهم انا حسيت إني فعلا شريرة علي رأي صحابي 😂😈🏃..القادم أقوي او أنيل وأنكد أيهما أقرب...سلااام😜🏃🏃

قسوة ثم حنين 2 ( كاملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن