حدق بتقاسيم وجهها لتبتلع صراخها المُعترض، واضح للغاية أن كل هذا الفريق المتشح بالسواد الذي عينه ليُرافقها ينقل له كل ما تفعله، كان ظنها بمحله، ولكنها تحتمي بإبنة خالتها ولحظها الجيد حتى اليوم لا يرتاب بأمر الأخصائية، أكان هذا بمثابة تهديد منه؟ 

لحظة واحدة، من الذي يلوم الآخر؟ لو كان رجلًا سويًا ليس بهذه الدرجة من المرضية الشديدة لكانت زفت إليه الخبر السعيد بأنها تظن حملها لجنين وطفل يُكلل علاقتهما المُقدسة ليكون انطباع لفرحتهما بزواجهما، ولكن في هذه الدائرة التي يُلقي بكل اعباء ما يحدث بينهما عليها هي فقط وأنها هي المُخطئة دائمًا بالطبع لن تخبره بكل ما يخطر على بالها وخاصةً ظنها بأنها تحمل جنين، وإلا ستكون فريسة وضحية لكلماته المُشتتة لها كالعادة ولن تنجو منه أبدًا! وقد بدأت كلماته بالفعل تُشتتها!

من جديد اكتفت بهز رأسها بالموافقة، هي لا تريد سوى أن يغادر وكانت تنتظر هذه اللحظة بإشتياقٍ جارف حتى لا تفقد عقلها، فما فعله بالأيام الماضية لم يكن سوى صفعة قاسية لها من احدى تقلباته المزاجية التي تتركها مذهولة فقالت لتُنهي تلك الملامح القاسية التي تُحدق بها: 

- متقلقش، انا لسه حاسة اني مش كويسة وأظن اني هافضل في البيت فترة اطول

تهللت ملامحه لتشعر هي أنها مُشردة في سبيل لم يعد به سوى جذله الذي لا سبب له، وجزعها التي لا تعلم لمتى ستتحمله وما السبب خلفه، وكلما مشيا سويًا يتحول لدربٍ وعر وتزداد عُسرة قطعها اياه ولا يُشير من يُشاركها اياه بأنه سيأخذ بيدها حتى يجتازاه معًا..

من جديد طبع قُبلة على جبهتها ثم همس بمزيد من التحذير:

- حاولي متعمليش اللي يضايقني سواء في غيابي او لما ارجع، هتوحشيني يا قطتي..

غادرها وكذلك فعلت الأنفاس المتثاقلة التي اثقلت صدرها لأسبوع كامل مزقها آلمًا جسديًا بسبب إجهاضها، وفتتها شتاتًا حتى ظنت هي نفسها أنها فقدت عقلها! 

لم تمر سوى دقيقة واحدة منذ مغادرته أو هكذا ظنت وهي مستغرقة تُفكر فيما عليها فعله لتستمع من يطرق على باب غرفتهما ومن ثم تحرك الباب لتجد وجه "هُدى" الذي لا يظهر سوى وهما معًا بمفرديهما لتهتف بها بقلق أم فطري:

- عاملة ايه دلوقتي يا بنتي؟

هزت رأسها وحمحمت مُجيبة:

- احسن، بس محتاجة ارتاح اكتر شوية! 

أومأت لها ثم سرعان ما اعلنت كي لا تُرهقها بالحديث:

- هاسيبك ترتاحي حاضر، بس ميعاد الدكتورة النهاردة الساعة واحدة الضهر، متقلقيش ولا تخافي محدش هيعرف حاجة عنها غير الحُراس، وبعت السواق بالورق اللي ماضيتيه امبارح بليل لعلا.. 

كما يحلو لي (حوار بالعامية المصرية) الجزء الأولWhere stories live. Discover now