- ٣ -

84.9K 2.5K 168
                                    

- الفصل الثالث - 

السائق المنتظر الذي صحبها لمنزله، الطريق الطويل، الحصان الغريب فحمي اللون، نفس تلك التفاصيل البغيضة بنفس جموده العجيب الذي لم تره برجلٍ قط وها هي بعد أن قرأت ما كُتب أمامها من أوراق وبعد أن فكرت ملياً بدا أمامها أن ليس أمامها حلًا سوى أن تتزوجه وتوافق على عرضه هذا لو كانت تظن أنها تستطيع استرداد ما تملكه هي وأسرتها الصغيرة.

انتظرت قليلاً فلم يأتِ إليها وقد سأمت الإنتظار بمرور الدقائق بعد أن تفقدت عقد الزواج جيدًا وتفقدت الوقت لتجد أن الساعة قد قاربت من الحادية عشر ويكفي أيضاً طريق الإياب لمنزلها فستتأخر عند العودة كثيراً..

مشت لتبحث عنه بأرجاء المنزل الضخم وبعد عناء لم تجده ففكرت بالمغادرة، يبدو أنه لا يملك من حسن الضيافة واللباقة سوى العدم، فتوجهت للخارج لتجده يلهو مع "برق" حتى استدعت إنتباهه لينظر لها نظرة خاطفة ومنها إلي حصانه مرة أخرى.

تفحصته بنظراتها وهيأتها التي تحولت لهيئة المغلوب على أمره وفقدت تلك الثقة بداخلها وهي تخبأ تلك الدموع المتلألئة بمقلتاها فأقترب منها وتلمس أسفل وجهها ليجعلها تبادله النظرات ولم تدر لماذا لم تبتعد عن لمسته اياها وظلت تتفقده بينما تسائل بإقتضاب:

- مالك؟

في الظروف الطبيعية لا يأتي هذا التساؤل سوى من رجلٍ يكترث بإمرأة ولكن بعد غموضه وطريقته البغيضة والإجبار المستتر الذي مارسه عليها في الموافقة على هذا الزواج لا يترك لها سوى التفكير بأن هذا الرجل يستهزأ بها وهو يتسائل بسؤاله فابتسمت بسُخرية وقالت متكلمة بتهكم لا نهائي ولا تزال تحبس دموعها بين جفنيها ولا تسمح لها بالإنهمار:

- أنا عمر ما دي كانت فكرتي عن الجواز، اعتبرها زي ما تحب بس أنا البنت اللي بتهتم بالحب والنهايات السعيدة وكنت بتخيل قصة تانية خالص غير إني اروح ألجأ لمحامي ويستغلني أوافق اتجوزه قصاد إنه يترافعلي بنفسه.. واعتبره فضول مني بس..

توقفت عن الكلام وهي تزفر بضحكة هاكمة ثم تابعت:

- بس إيه اللي خلاك شوفت واحدة وبين يوم وليلة قررت تعرض عليها الجواز؟ ولما موافقتكش روحت خليت كل محامين البلد يرفضوا يترافعولي علشان في الآخر اضطر اجيلك واوافق على الجواز؟

حسنًا هي ليست بغبية، عليه أن يعلم ذلك جيدًا، ولا تقبل الوقوف على أرضٍ مهتزة، فلو كانت ستوافق وستتزوجه عليه على الأقل أن يُقنعها بإبداء سبب منطقي وحيد لفعلته!

ابتعدت عن لمسته اياها لتجد زوجًا من العيون الداكنة يثقباها بنظرات لا تجعلها تطمئن إلي هذا الرجل وعقدت ذراعيها بينما هو يدور في عقله أمورًا أخرى تمامًا، هو منذ أن وقعت عليها عينيه وهو يتيقن لماذا يريد هذه المرأة دونًا عن غيرها.. كل ما في الأمر والسبب وراء ما يفعله هو ماضيه المؤلم الذي لم يترك من حاضره لحظة إلا وقد سيطر عليه بالكامل!

كما يحلو لي (حوار بالعامية المصرية) الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن