الفصل المائة واثنان

ابدأ من البداية
                                    

اقترب "تميم" من جده، وأحنى رأسه على قمة رأسه ليقبله في وقارٍ، ثم تراجع عنه مرددًا في تضرعٍ:

-ربنا يديك طول العمر يا جدي، وتعمل كده مع ولادي.

أومأ برأسه قائلاً في استحسانٍ وهو يمسح على جانب ذراعه:

-يا رب..

جلس "تميم" على جانب الفراش، وتطلع إلى جده الذي سأله بتلميحٍ مبطن:

-كله تمام معاك يا "تميم"؟ الدكتور طمنك؟

تقوست شفتاه عن بسمة راضية، بعد أن فهم ما يرمي إليه وهو يرد:

-الحمدلله، أحسن عن الأول.

هز رأسه مغمغمًا في ارتياح:

-يستاهل الحمد...

ثم لاحقه بسؤاله الآخر؛ ولكن بشكلٍ مباشر

-مش ناوي بقى تاخد خطوة؟

زوى ما بين حاجبيه متسائلاً في غموض:

-في إيه؟

نظر في عينيه، وأجابه محذرًا:

-إنت فاهمني يا واد، ولا لازم أتكلم بالمفتشر؟

حمحم في خفوتٍ قبل أن يخبره بتنهيدة مغلفة بالآمال:

-والله نفسي، النهاردة قبل بكرة، بس مش عايز أستعجل في الحكاية دي بالذات، بدل ما تبوظ، خلي كل حاجة تيجي على مهلها.

كان تعقيبه عليه مريحًا له:

-كله شيء بأوان إلى أن يأذن الله.

ابتسم وهو يرد:

-ونعمة بالله.

أضاف جده خاتمًا حوارهما اليومي:

-ربك عليه جبر الخواطر، ماتبطلش بس دعا، وسعي.

نهض من جلسته، وأومأ برأسه هاتفًا:

-يا مسهل الحال، حاضر يا جدي.

..........................................................

وضع إلى جواره على الأريكة المزدوجة، كيسًا بلاستيكيًا أسود اللون، ثم مد يده إلى كوب العصير المسنود على الطاولة القصيرة أمامه، وقربه من شفتيه، ليرتشفه مرطبًا حلقه الجاف بشيء حلو المذاق، بعد يومٍ شاق ومرهق في العمل. ظل "هيثم" صامتًا في البداية يستمع بغير تركيزٍ إلى الحوارات الجانبية بين خالته والجد "سلطان"، قبل أن تتجمد نظراته على خالته حينما سألته في عتابٍ:

-مجتش تتغدى معانا ليه يا "هيثم"؟ مش أنا موصياك من إمبارح؟

اعتذر منها بلباقةٍ، وعيناه تتطلعان إلى والدته الساكنة:

-معلش يا خالتي، كان ورايا شوية مصالح بأقضيها، وبعدها طلعت على "همسة" أشوف ناقصها إيه، ورجعت.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن