الفصل الرابع والتسعون

Start from the beginning
                                    

تحرك في اتجاه باب المنزل وهو يودعها بقليلٍ من الحرج:

-أنا عملت الواجب خلاص، سلامو عليكم.

تبعته سائرة خلفه قائلة بنفس اللهجة المتشددة:

-قول لـ "فضل" يرحم نفسه، ويركز مع مراته وعياله أحسن، هما اللي هايبقوله.

على مضضٍ غمغم باقتضاب:

-ربنا يسهل.

وقبل أن تغلق الباب في إثره رفعت نبرتها مكررة على مسامعها:

-إن كنت سِكت مرة، وسبت بنتي تتهان، فالمرادي لأ، وصل الكلام ده لابنك يا حاج.

لم يعلق عليها، وواصل هبوطه الدرج، للحظات بقيت في مكانها متسمرة عند الباب، صدرها يلهج في ضيقٍ غاضب. في تلك الأثناء، كانت "فيروزة" في طريقها للنزول مع "رقية" بعد أن انتهت كلتاهما من تنظيف المنزل بالأعلى، تساءلت الأولى في دهشةٍ:

-أنا شايفة عمي نازل من فوق، هو لحق؟

أشارت ابنتها بيدها للأعلى، وتابعت بصوتٍ شبه لاهث:

-ده أنا يدوب قفلت شقة خالي بسرعة، عشان أنزل اقعد معاه.

رفعت "رقية" أنظارها نحوها متسائلة في براءة:

-كده أروح ألعب؟

ابتسمت قائلة لها وهي تداعب طرف ذقنها:

-أه يا حبيبتي، العبي لحد ما تزهقي.

ركضت الصغيرة للداخل لتلهو، بينما لم تجد تعليقًا من والدتها، فقط نظراتها الحانقة مسلطة على ما كان أثرًا لعمها، تقدمت نحوها، وتساءلت بتوجسٍ:

-مالك يا ماما، في حاجة حصلت؟

تنهدت بصوتٍ مرتفع، وأجابتها بوجهها العابس:

-"فضل" لَسِّن بكلام مالوش أي لازمة

قطبت جبينها متسائلة بشكٍ:

-عن مين؟

لازمت "آمنة" الصمت المريب، فلاحقتها بسؤالها التالي، وبوادر الغضب تتصاعد إليها:

-اتكلم عني؟ صح؟

نظرت في اتجاهها، وردت بنفس الوجه الواجم وهي تربت على ذراعها:

-مش عايزاكي تزعلي يا "فيروزة"، أنا كلمت عمك جامد.

اهتاجت على الفور، وصرخت بانفعالٍ كبير:

-مين ده أصلاً عشان يتكلم عني؟ هو إيه مصدق؟

حاولت والدتها تهدئتها؛ لكن فلتت زمام الأمور منها، أضافت "فيروزة" تتوعده بكراهية بغيضة:

-والله العظيم لو فتح بؤه بكلمة عني تاني لهقلع اللي في رجلي وأضربه بيها على دماغه.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️Where stories live. Discover now