قد زارني حب (مكتملة)

By Sarah_M_29

495K 29.5K 12.1K

"كانت ترى هذا الحب الذي تكنه له كتلك التفاحة التي أخرجت آدم من الجنة.. خطيئة ولكن تستحق!" وكعبارتي المعتادة و... More

~ البداية ~
~ اختفاء ~
~ رامي ~
~ صدمة..~
~ حقيقة...~
~ كنت قد أحببته..~
~لقاء..~
~ خيبة..~
~ لمسة حب..~
~ اسرار..~
~ أزمة حب ~
~ تناقضات عاشقين ~
~ آمال تلوح في الافق ~
~ غيرة..~
رجعتتتت
~ وما بين حب وحب ~
~ خيبة مشاعر ~
😑بارت بالطريق
~ شبه سعادة ~
فد سؤال
~ نصف حقيقة ~
~ نصف الحقيقة الاخر~
سعاد
~ أمّر الخسارتين ~
بارت بالطريق ي جدعان
~ النهاية ~
~ الخاتمة ~

~ ما خلف الكواليس..~

18.5K 1.2K 543
By Sarah_M_29

" لن أصبح درامية واقول أن كل شيء سار بالحركة البطيئة حين رأيتك وأحببتك وأن كوارث كونية وزلازل قد هزت الارض التي أقف عليها.. لا.. العالم كان بخير كما هو.. كانت الكارثة قد حلّت بي أنا فقط! "

#سارة_ح_ش#

**************************************

لم تكن قصص الحب يوماً مثالية ولا يجب عليها أن تكون كذلك لأنها لن تُسمى حب لو كانت من غير مرارة.. لن يصقل قلبك الكلمات الرومانسية بقدر ما سيفعل الخصام ولحظات الكره الكاذبة وتلك الشتائم الكثيرة التي تتوافد في لحظات الغضب.. عندها فقط ستشعر كم أنت واقع في الحب حين ترى أنه وبرغم ما يحصل.. لا زلت بسذاجة تحب!

لم يكن الحب يحتاج الكثير ليجذب قلبها.. كانت قليل من عيناه مع قليل من شخصيته مع بعض من قلبه سيكون كافياً ليجذبها نحوه بقوة رغم كرهه الشديد لها..

ولكن ماذا نقول عن النساء؟ حتى وأن انكرنا جميعاً هذه الحقيقة فأنها ستبقى حقيقة ثابتة نخفيها في قلوبنا من أننا لا بد أن نقع بغرام ذوي القلوب الجلدة فوق طيات من الطيبة والملامح الجامدة والحاجبين المعقودين والشخصية الباردة.. نحب أن نثبت أننا بأمكاننا تحويل هذا القاسي مع الجميع لطفل صغير بين ايدينا يتعلق باطراف ثيابنا ويتبعنا اينما نذهب... ولكن فرق رامي عن ذلك الشخص الذي ترسمه في عقلها من انه يكون طفل مرح مع الجميع وشخصية باردة معها هي بالاخص!

كان قد مر يومين على وجودها في المنزل ولا زالت تذكر ملامح التعجب والفرح على وجوه رزان وندى حين احضرها الى المنزل فادركت أنه لم يخبرهما مسبقاً ليقنعاه باحضارها.. وهذا ما أدخل سعادة ساذجة الى قلبها من انه فعل ذلك بمحض ارادته!

كانت تجلس في غرفة رزان تعبث بهاتفها الذي احضره احمد من اجلها وتستمع لبعض الموسيقى التي ترخي لها اعصابها المشدودة من هذا الوضع الذي هي فيه، فقاطع عليها هدوئها دخول رزان الى الغرفة بوجهها المبتسم كالعادة وهي تقول بمرح:

- يا عيني يا عيني على العاشقة!

ضحكت مرام دون ارادة على حركاتها وقالت:

- وهل لأني استمع للموسيقى يجب أن أكون عاشقة؟!

- أجل..

- حسب منطق من؟!

-حسب منطق قاموسي..

- ليستر الله من قاموسكِ هذا الذي يضم افكاراً عجيبة!

فاستحثتها على الوقوف قائلة:

- انهضي وكفاكِ دلع!

فقالت باستغراب:

- الى اين؟!

فقالت بعيون هائمة:

- الى الصالة.. سيعرض فلم "المهمات المستحيلة" وسنجلس لنتفرج على توم كروز وعيون توم كروز وحركات توم كروز وقفزات توم كروز!

- يا بنت ألستِ مخطوبة؟!

فقالت فوراً وكأنها تذكرت للتو :

- اوه اجل.. نسيت ذلك المعتوه!

ضحكت مرام بقوة وقالت:

- لا اعلم كيف يتحمل شتائمكِ هذه ولم ينفصل عنكِ بعد!

- ليحمد الله على شتائمي.. بعد الزواج بشهر سأبدأ باستخدام يداي!

ثم امسكتها من يدها وسحبتها معها قائلة:

-والان انهضي لقد اشعرتني بالملل!..

تجمدت قدماها اول ما نهضت فاجبرت رزان على التوقف ايضاً لتنظر لها باستغراب فتقول الاخرى باردد:

- ورامي؟!

- وما به رامي؟!

- ربما سينزعج من جلوسي معكم..

- لن يفعل.. ولو كان سيفعل ما كان سيذهب ليحضركِ من غير حتى أن نجبره على ذلك.. والان كفاكِ تعذر وهيا تعالي معي..

سبقتها رزان بالخروج من الغرفة فقامت مرام بتعديل حجابها جيداً ثم تبعتها بالخروج بخطواتها وحركاتها الهادئة مترددة من السير بثقة دون أن تعرف ما يجول حقاً بخاطر ذلك الغامض اتجاهها..
اول ما وصلت حدود الصالة حيث يجلسون شاهدت رامي ينهض متجهاً صوب غرفته فقالت فوراً تستوقفه:

- رامي..

نظر لها بصمت وملامح جامدة فقالت بانكسار خاطر:

- لا داعي لتغادر بسببي.. سأعود ادراجي!

رفع حاجبيه بتهكم وقال:

-من الذي سيغادر بسببكِ؟!... هاتفي في الغرفة واريد احضاره!

تحول وجهها للاحمر فوراً لا سيما مع انطلاق ضحكة رزان المكتومة وهي تدّعي انشغالها بمشاهدة التلفاز.. سار نحو الغرفة خافياً ابتسامة على هذا الموقف الذي وضعت نفسها به بينما هي جلست بجوار رزان تكاد تفترسها من شدة الاحراج فقالت الاخرى بهمس:

- انا منكِ أضع كيس اسود فوق رأسي طوال حياتي بعد هذا الموقف السخيف والغبي!

ضربتها بمرفقها على يدها وقالت:

- ذاتاً كله بسببكِ!

- وما دخلي أنا؟!.. أنتِ متأثرة بالافلام المكسيكية الدرامية..

- أصمتِ فقد جاء!

جلس على الكرسي المجاور لاريكتها وقال متحاشياً النظر اليها بينما يقلب بهاتفه:

- بعد قليل سيحضر المحقق أمجد.. لقد اخبرته أن يزورنا الليلة وسنخبره بأمركِ..

نظرت له بفزع وقالت:

- ماذا؟! محقق؟!.. هل تدرك فداحة ما سيحصل لو كان صديقاً لزيد؟!

- لا يمكن ان يكون.. لأنه صديق قديم لأبي ومن القلة المعادين لأسرتكِ من ضمن شريحة الشرطة..

سكتت بحيرة وهي لا تعرف بماذا قد ترد سواء بالرفض أو القبول.. فقلة الخبرة والمعلومات التي تمتلكها بعد كل ما حصل جعلها تسلم أمرها تماماً لغيرها..

بعد نصف ساعة تقريباً رن جرس الشقة فسارعت رزان بارتداء حجابها بينما قام رامي ليفتحه ومرام تستمتع للتحيات الحارة التي تُلقى على هذا الزائر..

دخل أمجد ومن بعده رامي فألقي السلام ثم نظر نحو مرام وهو يرفع زاوية فمه بابتسامة محيرة تتراوح ما بين السخرية والتعجب..
جلس على الاريكة المقابلة لها وجاوره رامي بالجلوس قائلاً:

-هذه..

فقال امجد من وسط ابتسامته:

-مرام عادل.. يا لسخرية القدر!

بقي الجميع ينظر باستغراب.. فنعم قد اخبره رامي بأن هناك أمر طارئ عليه الحضور من اجله ولكنه لم يخبره ابداً عن ماهيته.. نظرت مرام بتوجس نحو رامي ونظر هو الاخر اليها باستغراب ثم التفت نحو أمجد وقال:

- ومن اين عساك أن تعرفها؟!

فرد الاخر بذات ابتسامته:

-وهل هناك من لم يسمع عن قضيتها؟ أنها القضية الاشهر في المركز منذ اسبوع..

- لماذا؟! لأنها اختفت؟ أم لأنها ابنة عادل؟!

- السببين معاً.. ولكن ليس هذا سبب شهرتها..

فقالت مرام:

- هل بلغوا عن اختفائي؟!

- أمكِ فعلت.. ولكن نصيحة مني.. أن كنتِ تودين المحافظة على حياتكِ فابقي مختبئة الى حين وقوع اخوتك بايدينا..

- عفواً حضرة المحقق،ولكن صدقاً أنا لا افهم شيء..

- أعرف ذلك انستي.. أنتِ ذاتاً لم تعرفي أي شيء مما يجري ولم تعرفي بالمصائب التي تورطتِ بها غيباً..

-مصائب؟!

ارتكز بمرفقيه على ركبتيه وقال:

- دعيني أسألكِ شيئاً واحداً... هل تعرفين يا ترى أن شركة ابيكِ هي باسمكِ حصراً؟!.. 85% من الاسهم سجلها ابيك باسمكِ.. هذا يعني أنه لا يمكن لأي شحنة أن تخرج او تدخل الشركة من بعد وفاة ابيكِ إذ لم توقعي وتبصمي عند الاستلام والبيع وبحضوركِ الشخصي..

فتحت فمها بدهشة فنظر رامي بشك نحوها حول نكرانها لعدم معرفتها بأي من اعمال اسرتها.. فنظرت اليه وهي تدافع عن نفسها قائلة:

- أقسم لك إني لا أعرف اي شيء من هذا!

فنظر أمجد اليه وقال:

-ومن غير أن تقسم لك أنا اؤكد لك هذا..

ثم اكمل:

- نحن نراقب اعمال اسرتكم منذ زمن يا انسة مرام وادركنا عن طريق مخبرينا ومن مصادر اخرى أنكِ الطرف الوحيد في اسرة عادل سيف الدين الذي لا يعرف بالاعمال المشبوهة التي تجري بشركة ابيكِ والتي من المفترض ان تكون شركة تصدير الاسمنت وبعض مواد البناء الاخرى.. وحين اقول انكِ الطرف الوحيد في الاسرة فأنا اعني ذلك حرفياً.. فحتى والدتكِ تعرف ما يجري خلف الكواليس..

فقالت بفم جاف غير مستوعبة ما تسمع:

- وما.. ما الذي يجري بالضبط في الكواليس؟

-انسة مرام.. ابيكِ واخوتكِ وشركائهم متهمين بجرائم لا تعد ولا تحصى.. تجارة المخدرات،الاسلحة، الابتزاز،الرشوة والكثير الكثير من التهم.. 75% من رجال الشرطة تحت سيطرتهم مما ادى الى دحر كل دليل يقدم ضدهم..

اتكئ على ظهر الاريكة واستأنف:

- دعيني اصدقكِ القول.. بعد وفاة ابيك حين قرأت أنه سجل الشركة بأسمكِ بالوقت الذي كان فيه على قيد الحياة جعلني اشك بامركِ من أن تكوني مثلهم وشريكة لهم ولكننا اكتشفنا لعبته حين اختفيتِ.. قبل فترة من وفاة ابيكِ كان المدعي العام السيد كرم مجيد بجانبنا حينها قبل ان يستخدم ابيكِ معارفه لينحيه عن منصبه ويأتي بغيره ممن يكون بجانبه.. استطاع السيد كرم الحصول على امر بمراقبة مكثفة جميع شحن شركتكم الصادرة بسم كل من عادل سيف الدين او زيد عادل او علاء عادل أو اي اسم ينتمي لأحد اعضاء مجلس الادارة.. على الشحنة ان تفتش تفتيشاً دقيقاً وبوجود تصوير فديو يثبت ذلك ويتم ارساله لمكتب المدعي... لم يجازف عادل بعرض شحناته للتفتيش وبتوثيق دليل على التفتيش سيوقعه بورطة ولم يجازف بوضع غريب في رئاسة الشركة لتمر الشحنة..

فقاطعته بعيون تائهة ومصدومة:

- فوضع اسمي!

- بالضبط!.. حدد السيد كرم مجموعة اسماء لا غير واي اسم اخر كان سيعبر الجمارك بسهولة باتفاق مع الشرطة دون ان يقعوا بمشكلة مع المدعي العام لأنهم لم يسجلوا الفديو لأن لا اسم من القائمة التي وضعها موجود ولم يكونوا مذنبين بجعل شحنة بأسمكِ تمر - لا سيما اسمكِ- لأنكِ لا تملكين اي سجل اجرامي أو حتى مخالفات سير والوحيدة البعيدة تمام البعد عن شكوكنا في المركز..

طرحت انفاسها المنقبضة واحاطت رأسها بكلتا يديها وقالت بعدم تصديق:

-عرفت الان كل تلك البصمات والتواقيع التي كان ابي يأخذها مني!.. قال لي انه معاملة المنزل الذي يريد تسجيله بأسمي.. وبالفعل اشترى لي المنزل واراني اياه فقط ليبعد الشكوك عن رأسي!

- صحيح..

ثم نظرت له وقالت:

-وامي كانت تعرف؟!... هذا ما كانوا يريدوني مني التنازل عنه دون أن اراه؟!

-لا يوجد شيء غيره سيثير رعب اخوتكِ.. فمنذ وفاة ابيك اعمال شركتكم متوقفة نسبياً لا سيما انه لا يوجد لديهم اي طريقة ليجعلوكِ توقعين على شيء دون ان تريه كما كان يفعل ابيكِ!

هنا قاطع رامي نقاشهم وقال:

- هل تعني أنها حقاً لم تكن على علم بأعمال اسرتها؟!

فرد أمجد بثقة:

- ولا حتى 10%.. الان انسة مرام بطاقتنا الرابحة.. انا ومجموعتي -ومنذ اختفائها ومعرفتنا بأمر امتلاكها للشركة - فعلنا كل شيء فقط لنصل اليها قبل ان يفعل اخوتها.. بدأنا نفقد الامل حين سمعنا بادئ الامر باختفائها وظننا أن اخوتها قتلوها او اختطفوها.. ولكن حين رأينا حالتهم والرعب الذي هم فيه، ادركنا أنها افلتت من بين ايدهم.. لذلك كنا نحاول الوصول اليها قبل أن يفعلو هم.. فببقائكِ مختفية سيجعلهم يقعون بايدينا لا محالة فهم لن يتمكنوا من تصدير أي شحنة ما لم تكوني موجودة وغير مختطفة ولن يتمكنوا من تصديرها بأسمهم ما لم تدار الشركة رسمية بسم أحدهم.. ولن يستطيعوا تزوير اي اوراق مهما بلغ عدد معارفهم.. لان التنازل يشترط وجودكِ في الوسط وليس في المجهول... اخوتكِ سيرتكبون خطأ لا محالة حين يضطرون لتصدير بعض الشحنات.. حينها سنقبض عليهم بتهمة التزوير وحين نفعل ذلك سنتمكن من القبض على بضاعتهم..

فقال رامي:

- ألا يوجد لها نائب سيستخدموه في حال وفاتها او غيابها؟!

- لا.. هنا عادل قد وقع في الخطأ الفادح.. فقد نص العقد أن حق مرام في الشركة سيبقى قائماً لحين وفاتها الرسمية ولن يخول لأحد النيابة عنها بأي شكل من الاشكال ولأي سبب كان.. وفاتها فقط هي من ستخولهم صلاحية التحكم بالشركة..

- لهذا ارادوا قتلها؟!

فقاطعته مرام:

- لم يكونوا ينووا ذلك.. دفعني زيد بالخطأ اثناء الضرب.. كنت أحاول مقاومته والتمسك بيديه فدفعني عنه ووقعت فوق صخرة..

-لِما لا تقدمين شكوى الان ضدهم ليقبضوا عليهم؟!

فرد أمجد:

- لا.. هذا ليس من صالحنا الان..

-لماذا؟!

- هما ليسا غبيان يا رامي.. في يوم وقوع الحادثة وجدا لنفسهما دليل براءة وعذر غياب ذو شهود.. سيفندان ادعائها فوراً.. الحل الامثل الان ابقائها مختفية لحين القبض عليهم..

بعد تلك اللحظة دخلت مرام في صراع داخلي وحيرة لا متنهاية.. كان جسدها فقط حاضراً معهم أما روحها وعقلها كان في مكان اخر.. كان يرمقها بسرية بين لحظة واخرى وهو يلاحظ شرودها وعينيها الحزينة ولم يكن يلومها عمّا تشعر به فصدمتها بأسرتها تبدو جلية عليها.. جزء بداخله كان بارد اتجاهها ورأى انها تستحق ما يحصل.. وجزء اخر كان يتساءل.. ما ذنبها بما ارتكبه غيرها؟!.. يبدو أن اذية اسرتها لم تطله هو فقط بل قد مست بعض الشرارات روحها..

رحل أمجد بعد وابل من الوصايا من الحرص عليها وعدم كشف هويتها لأي أحد.. عاد رامي الى الصالة ووجد امه ورزان ينظران بشفقة نحو مرام التي كانت تستند بيديها بجانب فخذيها على الاريكة وتكرق برأسها من غير أن تبنس ببنت شفة..
تنهد بأسى وقبل أن يقرر الجلوس او الرحيل تفاجئ بها تنهض قائلة بخفوت:

- عن أذنكم..

ودخلت نخو غرفة رزان لتخفي نفسها وضعفها وحسرتها بعيداً عن الانظار.. كادت رزان ان تتبعها ولكنندى استوقفتها قائلة:

- امنحيها بعض الخصوصية يا ابنتي.. ليست كل اوقات الضعف تحتاج للمشاركة.. بعضها يُرمم بالوحدة!

فردت رزان بحزن:

- مسكينة هذه ال مرام!

تنهدت ندى بحسرة وقالت:

- ليكن الله في عونها.. أن كنا نحن فقدنا شخص واحد .. فهي قد فقدت اليوم اسرتها بأكملها!

كان رامي يستمع بصمت وبعض الشفقة تسلل لداخله نحوها ولكن قبل ان تتضخم اكثر رن هاتفه بأسم جعل ملامح وجهه تنقبض فوراً ويزفر بضيق قبل أن يأخذ الهاتف ويخرج الى الشقة ليرد عليه اثناء مشواره..
اول ما خرج واغلق باب الشرفة من بعده قالت رزان بتذمر وهي تكتف يديها لصدرها:

- حتى لو اتصل به ملك الموت ما كانت ملامحه ستنقبض بهذه الطريقة المسكين!

فنهرتها ندى بيننا تنهض :

- لا تتدخلي!

ثم اتجهت نحو غرفتها وهي لا تستطيع بوضوح ان تسمع كلمات الحنق والتذمر التي ترامت بين شفتا ابنتها..

**************************************

حل المساء وعاد رامي من مشاوره الذي استغرق بضع ساعات فرأى الشقة تغط بظلام لا يخترقه سوى ضوء شاشة التلفاز الذي تتسمر مرام امامه من غير ان تهتم بما يعرض بل كانت مشغولة بالتحدث مع أحدهم عبر الهاتف.. التقطت اذناه اثناء اقترابه من الصالة صوتها الناعم وهي تقول:

- لا اعلم ماذا سيحصل تالياً في الحقيقة... اجل بالطبع سأبلغك أن حصل شيء جديد..

ثم رفعت عينيها على دخول رامي للصالة وهو يحدق بها باستغراب فقالت فوراً مختتمة المكالمة:

-حسناً نتحدث لاحقاً.. مع السلامة..

ما أن اغلقت الهاتف حتى جلس وبادرها بالسؤال فوراً:

- هاتف من هذا؟!

-هاتفي..

-ومن أين احضرتهِ؟!

- أحمد أحضره لي حين كنت معه..

بقي يحدق بوجهها بجمود من غير أي تعبير يُذكر ثم سألها:

- وكنتِ تتحدثين معه؟!

-أجل.. اتصل بي ليعرف اخر الاخبار حول القضية..

فقال بنبرة جافة وهو يهز رأسه:

- جيد..

ولكن من الواضح أن الامر لم يكن جيداً على الاطلاق..
أخذ نفساً عميقاً وطرد موضوع أحمد عن رأسه مانعاً نفسه من التدخل بشيء لا يعنيه!

اكتنف الصمت المكان لعدة ثواني توقعت مرام أن هناك حديث قادم في الطريق ولكنها تفاجئت به ينهض نحو غرفته من غير أي تعليق وأغلق بابه عليه.. تمنت لو أنه يسألها عن حالها.. يخبرها ما أن كانت محتاجة لشيء.. يطلب منها فتح صفحة جديدة بعد أن تيقن من حقيقة أن لا دخل لها بكل ما فعلته أسرتها... ولكنه لم يبادر بأي شيء من هذا!

تنهدت بحزن وارخت رأسها فوق مسند الاريكة تتابع التلفاز من غير تركيز فعلي معه ولم تشعر على نفسها إلا وقد غطت بنوم عميق فوق اريكة الصالة..

استيقظ رامي على صوت المسجد يرتل القران ويشارف على رفع اذان الفجر قريباً فقام ليتوضئ ويذهب نحو المسجد.. خرج نحو الصالة وشاهدها تغط هناك بنوم عميق... تبسم بقلة حيلة على منظرها كالاطفال الذين اينما حاصرهم النعاس سيغطون بالنوم دون الذهاب نحو السرير.. طرق باب غرفة امه ودخل ليوقظها.. ما أن فتحت عينيها حتى قال لها:

- الصلاة توشك أن ترفع قومي لتصلي ولتوقظي تلك البلهاء..

فقالت تسأله:

- رزان؟!

-لا.. البلهاء الاخرى.. أنها تنام في الصالة والطقس بارد..

كتمت ابتسامتها ونهضت من سريرها نحو الصالة لتجدها في عالم آخر من الاحلام!

هزت كتفها برفق وهي تقول بصوت عطوف:

- مرام؟!.. ابنتي؟!

فتحت الاخرى عينيها لم تستوعب محيطها بعد ثم نهضت فوراً مفزوعة بخجل حين أدركت أنها غطت بالنوم هنا فقالت بسرعة:

-اعتذر حقاً.. لم انتبه لنفسي ونمت دون أرادة..

-لا بأس حبيبتي يحصل هذا.. هيا قومي لتتوضي وتتهيأي للصلاة..

- الصلاة؟! يا الهي!.. كل هذا الوقت نائمة؟!

خرجت في هذه الاثناء رزان من الغرفة تتثائب وهي تقول اثناء فتح فمها بقوة ومط جسدها:

- صباح الخير..

فقالت ندى بملامة:

- صباح الخير يا مهملة.. ألم تلاحظي أن شركيتكِ في الغرفة لم تخلد لفراشها؟ ألم تفكري بالخروج والاطمئنان عليها؟!

- ذاتاً غفوت فوق الكرسي دون أن انتبه لنفسي ولم أعرف متى نمت..استيقظت الان على صوت المنبه!

هزت ندى رأسها بيأس وهي تقول بينما تتجه للحمام:

- لم يخطأ رامي بتسميتكما البلهاء والبلهاء الاخرى!

تبسمت مرام ولا تعلم سبب ابتسامتها هلو هو بسبب ظرافة ما قالته؟ أم لأن أسمه جاء وسط الكلام وقد ذكرها بحديث؟.. حتى لو ذكرها بسم البلهاء لا بأس.. المهم أنه فعل!

التفتت على يمينها لتجده يخرج من غرفة امه وينظر نحوها مباشرةٍ من غير تعليق.. كان موقفاً محرجاً لها فقالت من غير تفكير:

- صباح الخير.

فرد بايماءة من رأسه على تحيتها بوجهه المقتضب وتمتمت شفتاه بكلام غير مفهوم ولكن كان يبدو أنها حروف رد التحية لا محالة!

خرج من الشقة ليتجه نحو المسجد ونهضت هي لتشارك رزان وندى الصلاة... كانت تحب بشدة اجواء منزلهم.. هذا الالتزام الديني، الترابط العائلي،المحبة وكل شيء آخر يجمعهم.. كانت حياتهم بسيطة ولكنهم يحصلون على سعادة جمة من هذه البساطة!

عاد رامي من الصلاة بعد نصف ساعة تقريباً فراقبت مرام رزان وهي تتجه اليه فوراً وتضع يداً على خصرها والاخرى تمدها له فشاهدت الاخر يبتسم ويمد يده في جيبه ويخرج لها قطعة حلوى تحبها كان يشتريها لها من جانب المسجد بعد كل صلاة.. تبسمت لمنظرهمت ولكنها ابتسامة كان تشوبها الحسرة.. حسرة عرفها رامي فوراً حين رفع بصره ووقع على ملامحها الحزينة وابتسامتها المكسورة.. هذه الفتاة فقدت أكثر مما كانت تلاحظ.. ولم تشعر بعمق تلك الفجوة إلا الان!

تلك كانت المرة الاولى التي يتمنى فيها رامي لو ان خطواته تتجه ناحيتها بدلاً من غرفته ليتحدث اليها ويجبر لها خاطرها.. تمنى لو يمد يده فيعثر عاى قطعة حلوى اخرى يقدمها من اجلها كي لا تشعر بما يختلجها الان من مشاعر اسى ووحدة..

ولتعلموا جيداً.. ان بعض بدايات الحب تبدأ بشفقة تجذب قلبك قبل عينك!


Continue Reading

You'll Also Like

8.1M 512K 53
رجلٌ شرسٌ شُجاع مُتقلبُ المزاج غريبُ الطورِ عديَمُ المُشاعر حيَادي لا ينحاز سَديدُ الرأي رابطُِ الجأَشِ وثابِتُ القلب حتىٰ.. وقعت تلك الجميلةُ بين...
15.7M 340K 55
باردة حياتها معه ....لا تعلم سبباً واحداً يبرر بروده معها أو عدم اهتمامه بها...فقد تزوجها و لا تدرى لما اختارها هى تحديداً..؟! سارت كالعمياء فى طريقه...
5.4M 158K 105
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
3.8M 57.4K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...