~ النهاية ~

19.6K 1.1K 449
                                    

لكل شيء في الحياة جانب اخر.. حتى سعادتنا التي توقعنا أنها مثالية نكتشف أنها ليست كذلك.. في مرحلة ما ستدرك أن كل شيء مجرد طبقة وهم مزيفة ستنقشع فجأة لتكشف لك الحياة وجهها الحقيقي.. ذلك الوجه البشع والمقيت المخبئ داخل لحظات فرح صغيرة تهيئك لبؤس عظيم.. في الحقيقة ليست الحياة من تكشف لك وجهها.. بل من يعيشها.. الحياة مجرد ستار لمسحر عظيم رفع أسداله متأخرا!

هذا ما اقتنعت به مرام مؤخراً بعد كل ما حصل.. حتى رامي لم يعد بالنسبة لها ذلك الامير المثالي.. ربما الفراق سيدفعنا لرؤية كل تلك الندوب التي تغافلنا عنها.. لم تعد تسامحه على اخطائه التي كانت تتغاضى عنها فيما مضى.. هل هو الفراق فقط؟ ام أن هناك مرحلة يصلها الانسان يدرك غباء حبه ؟
هنالك مرحلة نصلها بعد ألم عظيم تجعلنا ننسى كيف نغفر!
مرّت سنتين.. تغيرت فيها الكثير من الاشياء بعد رحيلها.. ربما تغيرت بداخلها شخصياً قبل أن تتغير بأوضاعها كثيراً.. لا يزالان زيد وعلاء احرار ولكن قيد المحاكمة وممنوعان من السفر لحين اكتمال التحقيق الذي أوقع الكثير من رؤوس الدولة المعروفة لذلك كان صعب على التحقيق أن يسير بسلاسة في دولة فاسدة ولكنه بالوقت ذاته لم يتعرقل كما يحصل بكل مرة

بالنسبة لها فلم تطأ قدمها دولتها بعد رحيلها عنها في تلك الليلة المشؤومة ولم يعرف أحد أخبارها ولا حتى رزان.. الوحيد الذي كان على اتصال معها هو أمجد والذي تتصل به بشكل منتظم كل ثلاثة أيام بوقت غير معلوم من هاتف عمومي ولم تمنحه رقمها الشخصي أو مكان أقامتها.. ليس لعدم ثقتها ولكنها تدرك أن أميرها مستميت للعثور عليها لا سيما بعد معرفته بكل شيء فعلته من أمجد..  تعجبت على نفسها كيف لقلبها أن يحمل كل هذا الحب ورغم هذا يقوى على الفراق؟

ربما لأن ألمها كان أكبر!

لذلك كانت ترفض منح أمجد أي شيء عن حياتها الشخصية كي لا تصل أخبارها له وكانت تكتفي باتصال سريع تسأل عن سير القضية أو تمنحه معلومات يحتاجها ولا تسأله عن أي أحد اخر أو تمنحه اخبارها..

لقد أنهت رامي من حياتها واكتشفت أنها لم تمت بعد ذلك.. مثلما اعتادت على حبه فهي قد اعتادت على ألم فراقه.. رفضت بعد رحيلها أن تعيش حب لا يبقى معها إلا حين تكون مثالية وبمجرد أن تنطفئ فأن يده ستكون أول يد تفلتها.. لم يفكر يوم بمسامحتها ولم يفعل ذلك إلا حين يراها ملاك نقي فقط.. احتاجت لحب يراها أسوأ ما تكون ورغم ذلك لن يتخلى عنها.. كلنا نحتاج هذا النوع من الحب.. ذلك الحب الذي لا نحتاج فيه مثاليين ليحبونا!

تعلمت أن تحب نفسها أولاً وأن تخصص كل وقتها لنفسها.. هذا الحب والاهتمام الذي منحته لنفسها بعد سنين طويلة جعلها تكون ناجحة وفخورة بكل شيء تفعله بطريقة لم تشعرها من قبل قط.. شعرت بالحرية.. باستقلاليتها.. ورغم ذلك بقيت تعيش الالم كل يوم والاشتياق بكل لحظة!
رغم ذلك لا تزال تراقب صفحته الشخصية في مواقع التواصل التي أعاد تفعيلها من أجلها لثقته بأن حبها الكبير سيدفعها دوماً لمراقبته.. كانت تدرك أنه فعل ذلك من أجلها.. أدركت ذلك بعد أن نشر في يومياته لأكثر من مرة كم يشتاق لشخص بعيد أو ينشر صورة للكتب التي أحضرها من أجلها حينما كانت تقيم عندهم ويكتب عبارة صغيرة تحتها.. "أفتقدكِ".. كان يدرك أنها ترى ذلك.. كان يدرك أنها تبتسم وينبض قلبها في كل مرة.. وكانت تدرك أنه يطلب الغفران منها.. ولكن ماذا لو اخبرته مثلاً أنها ليست مثالية.. هل سيستمر بافتقادها؟ أم سيتخلى عنها للمرة الثالثة ايضاً؟؟ هي ليست ساخطة عليه فكل ما فعله كان من حقه لو كان شخص عادي.. ولكنها ساخطة على حبه المهزوز.. ستغفر له كانسان ولكنها ستهجره كحب..
كان يجلس ذات مساء وحيداً في الشرفة يطالع اضواء الشارع البعيدة.. كل ليلة ذات السهرة المشبعة بالوحدة الخالية منها.. يتذكر كل تلك الليالي التي شاركته فيها الجلوس هنا.. يتذكر كل تلك تلميحات الحب السرية والغيرة المفرطة.. يتذكر كل ما كان بين يديه وضاع في طريق الانتقام والكره
اخترقه صوت أمه وهي تكسر عليه عزلته:

قد زارني حب (مكتملة)Where stories live. Discover now