~ اختفاء ~

21.3K 1.6K 124
                                    

ألمس النجمة لأعرف وجودك بين صفحاتي.. لن يكلفك الكثير ولكنه سيعني لي الكثير😊❤

_________________________________________

" الاشياء الجميلة هي التي لا نشعر بوجودها.. بل بفراغ غيابها "

#سارة_ح_ش#

                 *******************   

تعلقت ابصارها باتجاه الساعة وتحركت ببطئ مع ميلها تتابع كل حركة فيه وكأنها تشاهد برنامجاً مشوقاً... نغمة.. نغمتين...ثلاث...اربعة.. ومع النغمة الثانية عشر قام جسد سعاد بانتفاضة...الساعة اصبحت الثانية عشر ظهراً ومرام لم تعد بعد من مقابلة أكدت لها انها لن تستغرق اكثر من ساعة...هل يعقل انها باشرت العمل اليوم؟!... ان كان كذلك فلما هاتفها مغلق؟!...ﻻ.. هي لم تباشر عملها.. هي لم تذهب الى المقابلة من الاساس.. هذا ما أكده لها مدير الشركة في اتصاله الاخير....نعم هذه هي عادة ابنتها عندما تغضب.. تغلق هاتفها وتذهب لمكان مجهول ﻻ احد يعلم اين بل وحتى هي مرام ﻻ تعلم اين.. فقط قدماها من تسيرانها الى ان تجد نفسها في مكان ترتاح فيه انفاسها المتلاحقة وتهدأ النيران في صدرها.. ولكنها لن تستغرق اكثر من ساعة في الغياب وتعود بعدها.. ولكن ها هي الساعة تسير وتأكل الوقت بنهامة لتزيد ضربات قلب سعاد مع كل دقيقة تمر ومرام لم تعد بعد.. لم تعد سعاد تطيق القلق الذي يتآكلها فقامت بالاتصال بكل معارفهم وصديقات مرام.. ولكن الاجابة كانت واحدة...لم يرى احد مرام هذا اليوم او يتصل بها.. عندها بلغ القلق مبلغه ورأت سعاد أنه الوقت المناسب للاتصال بالشرطة لتعرف ما الذي قد حصل لها بالضبط.. هذه المرة لم تكن نوبة غضب عادية ستتخلص منها مرام وتعود!..

حضر ضابط التحقيق ياسر ومعه بعض العناصر المرافقة من أجل بدأ التحقيق بأمر اختفائها.. كانت الشقة تمتلأ بصوت بكاء سعاد بعد أن أوشكت الساعة أن تصبح الرابعة بعد الظهر ولا أثر لمرام.. اجتمعن حولها بعض النسوة من الجيران والمعارف يصبرون عليها ويحاولون بث امال مزيفة لعلها تدي نفعاً وتتحقق أحداها..
أعاد ياسر السؤال ذاته مرة اخرى:

-هل أنتِ متأكدة من أنه ليس لديكم أقارب محتملين قد تذهب المفقودة أليهم؟

فردت سعاد من بين دموعها:

-أخبرتك بأن لا ليس لدينا من تذهب أليهم عدا منزل أبيها الاخر ومن المستحيل أن تذهب الى هناك دون أن تخبرني..

-ولماذا؟

-نحن لسنا في علاقة جيدة معهم..

-لربما اضطرت أن تذهب الى هناك ولم تتمكن من أخبارك.. لربما نفذت بطارية هاتفها..

-لكانت اتصلت بي من هاتف آخر.. أنها ابنتي وأعرفها جيداً.. أنها لا تجعلني أقلق على غيابها ابداً..

نظر نحو دفتره الذي كان يدون فيه الملاحظات وكأنه يراجع إجاباتها وقال:

-قلتِ  لي أنكم لستم بعلاقة وطيدة مع منزل أبيكم الثاني..

ثم نظر أليها واستأنف:

-هل هي مشاكل جدية قد تدفعهم الى ايذائها ربما؟

هنا حدقت به سعاد لوهلة وكأنها دخلت بحالة صدمة.. وكأنها للتو انتبهت!
وقبل أن ترد على الضابط بشيء أقتحم المنزل فجأة صوت زيد مجمهراً بغضب منادياً بسم سعاد.. وقف الجميع مفزوعين من هذا الضجيج والغضب الذي احتل اجواء البكاء والانكسار.. نظرت بفزع نحو وجه زيد الذي يكاد يحرقها بنظراته التي تتطاير شرراً وهو يقول بعصبية:

-أهذه هي اللعبة السخيفة التي كنتما تخططان للعبها طوال هذا الوقت أنتِ وابنتكِ المصون؟..

فردت سعاد بسخط وعدم فهم:

-عمّا تتحدث أنت بالضبط بحق السماء؟

رفع أصبعه بوجهها محذراً:

-لست أنا من تنطلي عليه هذه الخدع يا سعاد.. لم أولد بالأمس!

عندها تدخل ياسر وهو يقول بهدوء ولكن بنبرة محذرة:

-أتمنى التزام الهدوء لو سمحت سيد زيد..

نظر زيد بطرف عينه نحو ياسر ثم نظر أليه وقال بجفاء:

-أتمنى أن لا تتدخل بالنقاشات العائلية حضرة المحقق ياسر..

-الان نحن في شبه مسرح جريمة.. قد تكون الفتاة مختطفة أو تعرضت لحادث أو لا نعلم ما الذي حصل لها بالضبط.. لذلك من الافضل أن تؤجل النقاشات العائلية لوقت لاحق..

وضع علاء يده على كتف زيد وقال:

-السيد محق يا زيد.. دعنا نفهم ما الذي حصل..

دفع زيد يده بنفور وقال بعصبية:

-وهل تصدق هذه التراهات يا علاء؟

ثم عاد لينظر نحو سعاد وأكمل:

-لقد أخبرتكِ باتفاقنا أليس كذلك؟ لذلك ابتدعتِ هذه المسرحية الهزلية لتجعليها تتراجع!

فصاحت به سعاد بنفاذ صبر:

-هذا يكفي يا زيد.. أنا الان لا أملك العقل الكافي لأفهم بما تهذيان أو ماذا تقصدان..

فرد ياسر:

-هل يمكنكما أن تجلسا وتشرحان لنا عن أي اتفاق تتحدثان؟

زفر زيد مرة اخرى بعصبية ودمائه تغلي وكان بادي عليه بوضوح عدم الاستقرار وكأنه وقع بمصيبة فعلية باختفاء مرام.. رمى بجسده على الاريكة بغضب وحنق وشابك يديه أمام جسده بينما يتكأ بمرفقيه على فخذيه وجاوره علاء الجلوس الذي يبدو عليه الصمت الغريب عكس غضب زيد الواضح.. عاد الجميع ليجلس من جديد وهم يترقبون الاستماع لقصتهما المزعومة بينما سعاد تراقبهما بتوتر ونفاذ صبر وهي تتمنى سماع أي شيء يبث الامل فيها عن مكان مرام..
بدأ علاء الحديث أولاً بما أن زيد كل ما كان يفعله هو مسح جبينه الذي يتصبب عرقاً معبراً عن سخطه وانفجاره:

-لقد قابلنا مرام هذا الصباح بعد نزولها من الشقة!

فشهقت سعاد قائلة:

-هذا يعني أنكما آخر من يعرف مكانها قبل أن تختفي..

نظر علاء بطرف عينه قائلاً:

-هل تحاولين أقناعنا فعلاً أن مرام لم تتصل بكِ فور رحيلنا عنها وتخبركِ بما حدث؟

فقاطعه ياسر قائلاً:

-أكمل رجاءً ولا تخرج عن سياق الموضوع..

تنهد قبل أن يستأنف:

-كانت هناك أوراق تخص العمل كانت مرام ترفض التوقيع عليها..

-ولماذا؟

-كانت تريد مقابل..

-وماذا كان؟

-أن يكون لها منصب في الشركة..

فتبسم ياسر ساخراً:

-لا أظنني أحتاج أن أسأل لماذا كنتما ترفضان هذا.. فبالتأكيد ستمنحانني جواب عكس الذي أعرفه.

فرد زيد بابتسامة استفزازية:

-إذاً لِما لا تكمل لعب دوركِ ولا تحشر نفسك بما لا يعنيك؟

نظر له ياسر بغيض ثم تجاهله وعاد نحو علاء ليقول:

-أكمل.

-على اية حال.. كنا نرفض بادئ الأمر.. ولكن في النهاية وجدنا أنه لا سبيل للحصول على توقيعها وبصمتها سوى بالموافقة على شرطها.. أن يتم تعيينها بالشركة ولكن بمنصب موظف عادي..

-هل لي أن أسألك شيئاً.. حسب معلوماتنا فأن الانسة مرام ليس لديها أي سهم في الشركة.. حرمها أبيك من ذلك.. فكيف فجأة أصبح هذا المنصب الذي تحتاجون فيه الى توقيعها ؟

هنا قاطعتها سعاد فوراً وهي ترد بحزم:

-أنها مسائل عائلية حضرة الضابط ولا دخل لاختفاء مرام بها..

نظر ياسر بحيرة وخيبة امل نحو سعاد.. يبدو أن حتى زوجة الاب لا تزال تعتبر من العائلة هذه حتى وأن كانت يداها نظيفتين فهي بطريقة ما مشتركة بما يفعلوه في الشركة.. كان هذا واضح من ملامح وجهها وردها الاخير!
تنهد بقلة حيلة وعاد ليطالع علاء قائلاً:

-أكمل لو سمحت..

فاستأنف الاخر حديثه:

-على اية حال توصلنا لاتفاق يرضي جميع الاطراف واتفقنا أن تمنحنا ما نريد مقابل توظيفها معنا..

-وبعد؟

-ذهبت بعد أن منحتنا وعد أن تحضر غداَ الى الشركة من أجل التوقيع.,. ثم عرفنا قبل ساعة أنها لم تعد الى المنزل بعد لقائها بنا..

-أهذا كل شيء؟

فرد زيد ساخراً:

-هل تحتاج الى المزيد من الدراما لتقتنع بالقصة؟

تجاهله ياسر مرة اخرى بينما كانت سعاد تحدق بهما بتشتت وضياع.. هما كان املها الاخير من أنهما يعرفان مكانها أو حتى على الاقل كانت راضية بفكرة انهما اختطفاها ليجبراها على التوقيع وبعدها يعيدانها نحو امها.. ولكن ها هما امامها يسردان قصة ستزيد من عدد اصابع الاتهام الموجهة نحوهما وهما يعترفان بأنهما اخر من شاهدا مرام.. إذاً فهما صادقين.. فما الذي يدفعهما لوضع نفسيهما في قفص الاتهام أن لم يكن هذا ما حصل فعلاً؟..

أحاطت رأسها بكلتا يديها ونظرت بعينيها الجاحظة بهول نحو أرضية منزلها وكأنها تبحث عن الاجابات التي  تنخر لها رأسها..

نهض زيد قائلاً بتهديد بينما يشير بأصبعه نحو سعاد:

- لا أنصحكِ بالاستمرار بما تفعليه أن كان هذا لعبة يا سعاد.. نحن سنأخذ ما نريده بطريقة او بأخرى.. لذلك دعينا نتوصل لاتفاق يرضي جميع الاطراف بدل أن يرضينا فقط.. وأظن أن كلامي واضح!

لم ترفع سعاد رأسها نحوه بل اكتفت للاستماع لخطواتهما الغاضبة يغادران الشقة كما دخلاها.. سمعت صوت ياسر يتمتم بغيض:

- كان يبدو اسمها مألوفاً ولكن ظننته تشابه اسماء فقط.. لم أظن أنها أخت هذا الوغد!

رفعت رأسها اليه وقالت باستغراب:

- أيهما؟!

-كلاهما.. ولكني كنت أقصد زيد.. أنه نقيب معي.. نقيب ذو سجل أسود.. متهم بجميع أنواع الرشاوى والتزوير.. ولكن لم يستطع أحد أثبات شيء عليه رغم أن الجميع يعرف!

نظرت سعاد نحو الباب بشرود من حيث دخلا وقالت وكأنها تخاطب نفسها:

- أنت لا تعرف ما الذي يقدران على فعله هذين الاثنين!

فنظر حيت تنظر وقال بذات نبرتها:

- بل ربما نحن أكثر من يعرف سيدتي!

قد زارني حب (مكتملة)Where stories live. Discover now