اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداث...

By AseelElbash

3.2M 91.8K 23.5K

The highest ranked: #1 in romance (((الجزء الاول من سلسلة هوس العشق))) &&حقوق النشر محفوظة ومطبوعة فقط بأُسمي... More

مقدمة✔
البارت الاول✔
البارت الثاني✔
البارت الثالث✔
البارت الرابع✔
البارت الخامس✔
البارت السادس
البارت السابع
البارت الثامن
البارت التاسع
البارت العاشر
البارت الحادي عشر
البارت الثاني عشر
البارت الرابع عشر
البارت الخامس عشر
البارت السادس عشر
البارت السابع عشر
البارت الثامن عشر
البارت التاسع عشر
البارت العشرون
البارت الواحد وعشرون
البارت الثاني وعشرون
البارت الثالث وعشرون
البارت الرابع وعشرون
ملاحظة هامة
البارت الخامس وعشرون
البارت السادس وعشرون
اعلان هام
البارت السابع وعشرون (الجزء الاول)
البارت السابع وعشرون (الجزء الثاني)
البارت الثامن وعشرون (الجزء الأول)
البارت الثامن وعشرون (الجزء الثاني)
البارت التاسع وعشرون (الجزء الأول)
اعتذار
البارت التاسع وعشرون (الجزء الثاني)
البارت الثلاثون
البارت الحادي والثلاثون
البارت الثاني والثلاثون
البارت الثالث والثلاثون
البارت الرابع والثلاثون والأخير
الخاتمة
سؤال مهم
توضيح + قرار
وحينما تغار الذئاب
اسيرة تحكمه pdf

البارت الثالث عشر

77.8K 2K 261
By AseelElbash

عندما تنجرفي في تيار عشقي..
ستعلمي انكِ استثنائية روحي..
وستحلقي كطير شذِيْ في جنتي..
وسأخبرك بمقدار هائل حبي..
وستري ان هوسي بك هو حياتي..
وستدركي ان عيناكِ هي بصري..
لذا طَمْئِني تَكُهُنِك وتأكدي يا محبوبتي،
انكِ كل خلية نابضة في جسدي..
----------------

ها هو نسيم الربيع يقبل صارفا رياح الشتاء القارصة..
وصوت زقزقة العصافير يتعالى في الأجواء الهادئة.. وها هي الشمس الدافئة قد تهللت على اوراق الأشجار المزدهرة والنامية ليطغي عليها سحر الربيع البراق..
ويا لروعته حينما يجلب معه طيات من الامل والبهجة.. صفاء السماء الزرقاء اللامعة يضيف جوا من الأحلام الزاهية.. وما هو الربيع الا عيون تحلم بمستقبل مشرق، ومفعم بالزهور والورود.. هدوء ارتطام امواج البحر الواسع يحمل نقاء في نفوس الأرواح.. ويا لبهاء الربيع ريثما يرافقه يوم عيد الأم..

ابرزت الشمس سطوعها الفتّان لتعج الزعزعة والأضواء في قصر الجايد.. الجميع مشغول في قيام وتحضير هذه المفاجئة الضخمة لنساء الجايد - الأمهات..
بينما هناك قلوب دامية تبكي فقدان وحرمان هذه اللحظة طوال سنوات مرت.. مرت بعذاب وشقاء روحي.. ومن سيكون غير قلوب اولاءك الثلاثة اليتماء!

التفتت عدن نحو مصدر صخب صوت لين الذي يناديها، لتتجه اليها بقلب متألم دامي.. بإستمرار سنوات عمرها في مثل هذا اليوم والذي لا يسبّب لفؤادها سوى الأسى والحطام، تبكي تيّتُمها.. تبكي فقدانها.. تبكي طفولة ناقصة..
تريد الشعور بمعنى حضن الأمومة كما لم تفعل يوما، ولكن كيف؟!
تشكر الله دوما على وهبها نعمة كأخيها ريس، الذي لا يبخل عليها قط ببثها بدفئه وبحنانه..

ارتجف لبّها عندما وجدته يسرع نحوها قبل ان تتمكن من الوصول الى لين الواقفة بمدخل الحديقة، بجانب الأشجار الخضراء المزروعة بإحترافية على شكل قوس ينطلق منها سهم الأزهار الملونة بألوان الربيع البديع، تناظرهم بحزن يزيّن ملامح وجهها البريئة.. وسرعان ما كانت بحضنه تتشبث في قميصه الأسود، تضغط عليه بقبضتها الصغيرة.. وبدون سابق انذار انهمرت دموعها وتعالت شهقاتها التي لم تكن سوى اعصار في دماء ريس، الذي يزداد كرها ورغبة في الإنتقام من والدته..

رؤية صغيرته تبكي لم يكن الا بمثابة تضخم من البراكين الفاجرة التي توحي بإعصاف قادم..
مرّر انامله الغليظة بنعومة على ظهر فستانها المُدَّبَّج من الحرير النيلي.. ومن ثم رفع بيده الأخرى وجهها الذابل من الحزن ليُقبّلها اعلى رأسها، حيث تضع حجابها الأبيض الرقيق الساتر شلال شعرها الشمسي..
ابتعدت عنه قليلا هامسة بإبتسامة مصطنعة:
- انا بخير.. لا تقلق اخي، وجودك بجانبي انت وجواد وجدي هو الأهم بالنسبة لي.. انتم معقلي وملجأي.. ريس انت لست فقط اخ لي وانت تعلم ذلك، انا ارى بكل ما احتاجه.. سواءا اب، ام، اخ، صديق... والكثير بعد..

ابتسم بحزن واردف بعد ان انتبه لحبيبة قلبه وعقله التي تتقدم اليهم، ترافقها دموعها المنزلقة على وجنتيها الحمراوتين بتأثر وابتأس:
- سأبقى دوما بجانبك يا صغيرتي، وسأحميك من العالم اجمعه ومن مصائبه وفواحشه حتى لو اضطررت لأفعل امورا لا تحمد عقباها.. آمِني بذلك يا صغيرتي!

انهى كلامه مفكرا بترنيم.. لن يبالي انها امه لو تجرأت واذت من يحب.. آه لو تعرف عدنه بأنها على قيد الحياة.. ولو تعرف ان دموعها التي تتساقط كسقوط الأمطار ليس الا هباءا لإمرأة لا تعرف معنى الأمومة ولا معنى الإنسانية!!
يعاتب نفسه بسبب بؤسه على اعوام مضت يشتاق بها لأمه.. يعاتب نفسه لأنه الان وفي هذه اللحظة يرغب بالشعور في وجودها والتدثر في ملمس حنانها.. لكن، وهل ينفع العتاب واللوم والتحسر على من لا يستحق؟!

نظر الى عدن المتوسدة حضن زوجته ببكاء.. والى لين التي لم تكف من الربت عليها بكل رقة ونعومة بينما لؤلؤتيها الرمادية الدامعة منصوبة عليه وحده..
تنهد بضيق مكبوت واقترب منهما لتبتعد عدن عن احضان لين.. ومن ثم ترفع بصرها اليه وتهمس:
- انا سأذهب لأرى جواد، سأعود بعد قليلا..

غادرت سريعا تركض، فإقتربت لين منه، وضمته اليها بحب فاق الحدود.. وغمغمت بشجى واسف:
- ستكون بخير صدقني.. عدن فتاة حيوية، مرحة والحزن لن يلازمها طويلا.. فقط دعها تخرج ما في جوفها لتصبح افضل..

اشتدت يداه حول خصرها، وكأنه يريد ادخال جسدها بين عظامه، فشعرت بالألم بعض الشيء من قوة ضغطه عليها، الا انها كتمته وبادلته العناق بدفئ..
دفن رأسه في عنقها مستنشقا عبيرها وكأنه يرتويه.. وهتف بصوت مرهق:
- انا مرهق يا لين.. في كل يوم في هذا التاريخ على مرور السنوات، المًا قاسيًا يحلُّ عليّ وعلى اخوتي.. انا لا يهمني نفسي لكن رؤية عدن باكية تقتلني.. اشعر وكأن نصل حاد يغرز في فؤادي..

انهمرت دموعها مع كل كلمة تخرج من ثغره.. كيف يمكنها تحمل رؤية حبيب روحها يتألم؟! ريس القوي الذي عهدته منذ ان عرفته يتألم بشدة.. ماذا تفعل لتعوّضه عن كل ما فات؟!

همست وهي تدفن رأسها في عضلات صدره الصلب:
- ريسي لا تقل ذلك! انت ريس القوي الشجاع، الذي لم اقابل مثله قط.. انت المميز الفريد من بين الكون اجمعه.. انت تحاول بكل جهدك تعويضهم عن والدك ووالدتك.. لذا لا تقل مثل هذا الكلام مرة اخرى.. عليك البقاء قويا وخاصة في مثل هذا اليوم.. عليك ان تثبت لنفسك قبل اي شخص اخر انك قوي وقادر على تحمل اي كهل مهما كان ثقيلا..
ريس انا احبك جدا جدا.. ورؤيتك تتألم تذبح روحي بلا رحمة.. لذلك رجاءا ابقى بخير لأجلي يا من اعشقه..

ابتسم بخفة وهو يستشعر صدق كلامها الذي مسّ قلبه بنعومة دغدغت حواسه.. ثم ابعد رأسه عنها لتتقابل اعينهم سويا..
الهيام والوله هو ما كان يحيطهم.. لا يروا سوى بعضهم وكأن هناك هالة ما تمنعهما من رؤية شيئا اخرا سوى بعضهم..
امعن النظر في فضيتها اللامعة كشمعة مشعة.. وببطئ اقترب من ثغرها بشفتيه.. متذوقا سلسبيل شفتيها الملساء بهدوء وبنعومة تناسبها..

ابتعد عنها بعد قليل من الثواني، ووضع جبينه على جبينها هامسا بشغف:
- انتِ نعيمي.. احبك حبا ليس له منتهى ولن يكون! وجودك بحياتي هو راحتي وسكينتي.. فقط ابقي بجانبي لأحبك اكثر وكيفما اريد يا ملاكي..

ابتسمت بهيام وهي تلتقط انفاسها بصعوبة، بينما صدرها يعلو ويهبط بحاجة عارمة الى الهواء.. واردفت بصميم ووعد:
- لن يفرقني عنك شيئا ابدا، لأنني ارى روحي متعلقة بك..

اعادها الى صدره.. الى حيث موطنها الوحيد والأوحد.. وغمغم بعزم:
- ابدا.. ابدا لن ابتعد عنك!

- ربما اتيت بلحظة خاطئة!
التفت ريس ولين الى جود الواقف على بُعد خطوات قليلة عنهما، يناظرهما بتنحنح.. فتخصبت وجنتيها بحمرة الخجل وابتعدت عن ريس بإرتباك ملحوظ.. فقهقه ريس بداخله على ملاكه الذي سيبقى طوال حياته خجول.. ثم رمى نظرة ساخطة بوجه جود المحرج وهتف:
- ما خطب هذه العائلة؟! دوما جميع افرادها يأتون بلحظات مهمة ولا تناسب وجودهم ابدا!!

قهقه جود بشدة وهو يقترب بقامته الطويلة نحو الزوجان الواقفان بمنتصف الحديقة لوحدهما.. ثم سحب لين الى حضنه امام نظرات ريس الثاقبة.. فإبتلعت ريقها بصعوبة من فعلته هذه امام زوجها.. ولكن فورا ما تذكرت كلامه حيث وعدها انه سيتغير من هذه الناحية لأجلها..

ثم غمغم جود بخبث وبإستفزاز بعد ان لمح تشنج وجه ريس بغضب:
- تغار يا حبيبي عليها حتى مني! انظر كيف اعانقها، آه يا لين كم اشتقت الى نومك بجانبي ودثرك بذراعي عندما كنتي تخافي النوم لوحدك بسبب الكوابيس القبيحة والسيئة!

توسعت عيناها بذهول من كلام اخيها المجنون.. وما ان ارادت الإبتعاد صدمتها قبضة ريس التي نزلت على وجه جود بقوة وغل.. مما جعله يتركها ويترنح بعيدا..
شهقت بتفاجؤ وما ان لبثت بالإقتراب منه، كان ريس يسبقها بحيث اقترب من جود وامسكه من تلابيب قميصه هادرا بإنفعال:
- اياك يا جود واستفزازي مرة اخرى بلين، رحمتك فقط لأنني وعدتها والا لم اكن لأدعك تتنفس لو لثانية!

قهقه جود عاليا مرة اخرى، وهتف بعد ان ابعد قبضة ريس عن قميصه، مُرّتِبًا تجاعيده بكفه:
- اهدأ عزيزي.. فقط اردت التأكد اذ كنت فعلا تغار عليها هذه الغيرة المجنونة كما قال والدي وجدي.. وبالفعل انت تغار عليها مني ومن اي رجل.. ياااه يا لين حقا مسكينة، ارغب الان في خطفك بعيدا لأرى غيرته القصوى!

قبل ان يضربه ريس مرة اخرى انصدم بلين تصفعه على مرفقه متذمرة بحنق:
- اخرس، قبل ان اقتلك انا بدلا من زوجي! اتعلم انت فعلا تستحق القتل..

قهقه هو وريس عاليا مما ادى الى جعلها تشعر بالخجل والضيق معا، ثم القت نظرة مغتاظة عليهما الإثنان هاتفة:
- اصمتا.. وانت يا ريس لا تتكلم معي، قبل قليل كنت تود تعنيفه، والان تضحك بجانبه علي.. لا يوجد شخص بهذه العائلة سليم غير عدن! حبيبة قلبي وشبيهتي.. سأتبعها لأتخلص منكما..

منعها ريس بحيث وقف امامها حاجزا، فرفعت حاجبها ومطّت شفتيها بغضب طفولي.. وبلمح البصر وجدت نفسها بين ذراعيه غير مباليا لجود المبتسم بخبث.. ثم همس لها بخفوت:
- اتريدينني ان اعاقبه على اغضابك؟!

هزت رأسها بنفي.. ثم ابتعدت عنه بخفة وهمست:
- قبل قليل كنت تضحك بجانبه.. والان تقول لي هل اعاقبه! ما هذا حقا!!

رد عليها مبتسما:
- لأن كلامك اعجبني يا زوجتي الحبيبة..

هتفت لين بإستنكار:
- حقا!

- اجل

- ولأن كلامي اعجبك تقف بجانبه تضحكا علي!!

تأفف ريس واردف بعد ان جذب جود ليقف بجواره:
- ها هو اخاكي المجنون.. انظري ما الذي سأفعله به!

وقفت امامه سريعا هاتفة بحنق:
- استغفر الله العظيم.. ما خطبكما انتما الإثنين اليوم؟! هيا لنتابع التحضيرات لهذا اليوم قبل ان تأتي والدتي..

ضحكا ببشاشة وايدوها بهزة بسيطة من رأسهما كمثل طفلان مطيعان لقرار امهما.. فإبتسمت بإستمتاع على مظهرهما..

غمغم جود بعد ان مال الى جانب اذنها امام عينان ريس عمدًا حتى يثير ضيقه:
- لا تقلقي يا قلبي.. امي مع والدي وانت تعرفين والدي لا بد انه يدللها الان.. انه حقا يتصرف كما لو انه طفلا ووالدتي امه.. ممم والان انتِ اخبريني هل تدللي ريس هكذا ام لا؟!

قبل ان تجاوبه لين التي انجلى وجهها بحمرة الخجل حتى باتت تشبه النار الضارمة جذبه ريس من اذنه ليتذمر جود بسخط عاليا من اذنه التي على وشك الإقتلاع صادحا:
- اذني يا مجنون.. لين ابعدي زوجك عني قبل ان افعل المثل بإذنيه الإثنتين..

قهقهت لين عاليا على مظهرهما، ليتغلغل رنين ضحكتها لروحه وينعشها بترنيمته الرغيدة.. فنظر لها نظرة جعلتها تلجم ضحكتها بأناة.. وتمتم بغضب:
- جود لا تتجاوز حدودك بالهزل والعبث مع لين لأن للصبر هناك حدود.. ولن اكتفي صدقني بنزع اذنيك الإثنتين عن رأسك!
ثم اضاف بعد ان شدّ اذن جود اكثر والذي يحاول تخليص نفسه من براثن الذئب القابض عليه:
- ولا تقلق زوجتي تدللني للغاية لدرجة انني اشعر معها بشتى انواع المشاعر.. والان اغرب عن وجهي يا ارعن..

انهى كلامه نافضًا اذنه بعيدا لينظر له الأخر بحنق، دامثا اذنه بألم وهو يهتف:
- اللعنة عليك، منذ الان يا لين انا لست اخاكِ.. الحق عليّ انني قبلت بهذا الزواج.. فعلا كان يجب ان اعترض والوقوف بصفك لكنني غبي تماما..

تبسما الزوجان، ثم رفع ريس حاجبه للأعلى وقوّس شفتيه بتهكم وجَهَر:
- لا يا حبيبي بموافقتك وبدونها زواجي من شقيقتك كان سيتم لذا لا تتعب نفسك يا روحي..

- مغرور جدا جدا..
شزر بمقلتيه للين المكتّفة يداها حول صدرها بغيظ، فألجم ضحكته بصعوبة وغمغم بتغطرس:
- اعلم ذلك مسبقا عزيزتي.. ولكنك تعلمين ماذا انا ايضا!!

غمز لها بعينه قبل ان ينهي كلامه فإبتسمت لأنها عرفت الى ما يشير، وردع استمرار كلامهم ونظراتهم الغير مفهوم صوت جود الذي صدح:
- ريس كِف عن التكلم مع شقيقتي حالا، وانت سيدة لين الم تودي اللحاق بعدن.. اذا هيا اتبعيها ودعيني اخذ زوجك الغير طبيعي لشراء بعض الأشياء..

- اصمت.. لا تتكلم بهذه اللهجة المستفزة مع لين قبل ان...

- حسنا حسنا.. فقط هيا تعال معي، وكف عن الثرثرة قليلا..
دمدم بسخط ثم امسك بمرفق ريس، جاذبا اياه خلفه.. لتبتسم لين بسرور على اغلى اشخاص لروحها.. وتدعي بكل رجاء من الله ان يديمهما ويحميهما..

------------

دخلت لين الى غرفة عدن اللافتة للنظر بلونها الأزرق السماوي والأبيض الغائم.. وجالت ببصرها نحو السرير المتوسدة عليه مطوّقة قدميها الى صدرها، ودافنة رأسها في حجرها..
فتنهدت بأسى وتقدمت لتجلس بجانبها على السرير، فرفعت رأسها الأخرى وعيناها الحمرواتين، ثم ارتمت بحضنها تعانقها ببكاء ونشيج متأوهة:
- لين اريد والدتي.. يا ليتها على قيد الحياة.. يا ليتني استطيع رؤيتها ولو لمرة على الأقل في الحلم.. اريد ان ارى عيناها، ضحكتها، حنانها... لكن لكن.. انا لا يمكنني.. يا الله صبرني..

انتحبت الأخرى ببكاء:
- لا يا روحي ارجوك كفي عن هذا الكلام.. الله لا يأخذ شيئا منا الا ليعوضنا بالأحسن.. ثقي بذلك ودعي ايمانك بربك هو قوتك وصبرك.. ثم امي هي امك يا عدن وكذلك الأمر عمتي الين، انتِ تعلمين كم الجميع يحبك ويعتبرك بمكانة ابنته.. وبالإضافة انك سوف تتزوجي مستقبلا وستكون والدة زوجك كأمك تماما..

- اعلم ذلك يا لين.. اعلم.. الحمدالله على كل شيء.. هيا انهضي لنكمل التجهيزات..

- حسنا هيا تعالي معي اولا لنرى جدي..

اومأت لها عدن برأسها وتوجهت للمرحاض الخاص بغرفتها، وقامت بغسل وجهها..

*********

وقفت ترنيم امام النافذة المُطلة على المدينة اوسعها، ممعنة النظر في البحر الأزرق الهادئ والبيوت البعيدة.. ثم خطر على بالها اطفالها، تفكر ماذا لو انها الان معهم ماذا سيحضروا لها؟ هل سيحتفلوا بوجود أُم مثلها ام لا؟!.. تنهدت بضيق غريب عليها.. لا تعلم لماذا خلال هذا اليوم في كل سنة تتذكر اطفالها وتفكر بهم.. يا ترى ماذا يفعلوا الان؟! هل يتألمون لعدم وجودها معهم ام ان الأمر اصبح اعتيادي بالنسبة لهم؟!

اغلقت النافذة بإضطراب، وتقدمت نحو الدولاب الفخم الخاص بها لتخرج صندوق بني مغلق بقفله بإحكام، وقامت بفتحه لتلقتط بأناملها البيضاء الشاحبة صورة لأطفالها الثلاثة يوم ولادة عدن الصغيرة، وببطئ شديد تحسستها بثقل لتشعر بغصة مريرة تقبض على لبّها دون رحمة..

اخفت الصورة سريعا فور دخول مجد الغرفة.. ونهضت من مكانها، ليقترب منها الاخر بإستغراب هاتفا:
- ما خطبك؟!

همست بثبات بعد ان صار امامها، لا يفصلها عنه سوى انشات بسيطة:
- لا شيء حبيبي.. فقط اشعر بالضيق والملل.. دعنا نذهب لنرّفه عن انفسنا قليلا في مكان ما..

ابتسم لها وقرّبها من صدره بنظراته القاتمة.. صحيح انه وسيم للغاية، لكن لمعة الخبث التي في عيناه تثير الإرتياب والإشمئزاز.. ثم تساءل:
- الى اين تريد ترنيمة الذهاب؟!

رفعت له عيناها وهمست بإبتسامة، متناسية كليا ما كانت تفكر به قبل دخول هذا الحذق:
- اي مكان برفقتك!

- تم..

***********

وقفت لين برفقة عدن على المنصة الرمادية، المزينة بالأزهار والأضواء الخاطفة للأبصار امام جحد الضيوف الجالسين حول الطاولات الأنيقة..
ثم بحثت لين بعيناها عن طفيف زوجها.. فإذ بها تراه يقبل نحوها وبجواره جود وجواد وعماد.. فإبتسمت تلقائيا بهيام من عبوس ريس الذي ينظر الى الكم الهائل من الناس المُسلّطين اعينهم نحوها هي وعدن..

فور اقترابه منها وقفت قبالته وهمست مبتسمة بعد ان توسمت النظر في بدلته الجذابة السمراء وقميصه الأبيض:
- حبيبي جميل جدا يا عالم.. يا الهي كم احب اللون الأبيض عليك..

غمز لها بعبث:
- القميص وصاحب القميص لك وحدك يا قمري..

نظرت لهما عدن بحنق وهمست:
- هلا تكفا من التغزل ببعضكما.. الا تملان؟!

شعرت لين بالخجل يغزو وجهها لأنها لتوها انتبهت لوجود البقية، الذين يناظرونها هي وزوجها بمكر واستمتاع.. فقهقه ريس عاليا عندما تقدمت لين واختبأت وراء ظهره لتخفي خجلها واحراجها.. ثم اجاب اخته بتعجرف:
- لا، لا نمّل حبيبتي والان ارتاحي..

اشاحت عنه بسخط، بينما اردف عماد:
- يا لحظك الجميل يا ريس.. لين قريبة منك طوال الوقت وانا حتى على عناق لم احصل بعد!

ابتسمت لين وارادت ان تتكلم لو ان ريس لم يوقفها قابضا على يدها مزمجرا بوجوم وجدية:
- لا تفكر بذلك يا عماد.. انا بالكاد تمالكت نفسي كي لا اقتل الأحمق جود والان انت تريد ان تعانقها، وامام كل هذا الجحد.. ابدا!!

هتف جواد بجدية:
- ريس هذا الكلام ليس وقته الان، لا تنسوا ان الجميع ينظر لنا.. ولكن اين هم امهاتنا العظيمات؟!

بصعوبة افلتت لين يدها من قبضة ريس، وفركتها بألم، فلاحظ تألمها وأنبّ نفسه عندما رأى احمرار يدها.. ثم قال متجاهلا نظراتهم الفضولية:
- ها هم..

توسعت عيناهم بتفاجؤ ريثما رأووا عمتهم والتي لم يروها منذ زمنا طويلا حاضرة، وخلال ثواني قليلة ركضت عدن نحوها لحاجتها الماسّة لها، وخاصة في مثل هذا اليوم، ودثرت نفسها في حضنها.. شاهقة ببكاء:
- عمتي، امي.. كم تمنيت وجودك اليوم.. اشتقت لك كثيرا!!

انزلقت دموع العمة "الين" وغمغمت بشجن وهي تمرر يدها على ظهر ابنة اخيها، وابنتها الحبيبة:
- انا هنا حبيبتي.. انا هنا.. واشتقت لك اكثر بكثير عدني..

شدّت عدن بيداها حول جسد عمتها الرشيق، تستشعر حنانها ودفئها، والتي لم تبخل بإعطاءها اياه يوما، وكأنها امها وليست عمتها..
وبعد بعض دقائق، وبعد ان اخرجت عدن ما بصدرها ابتعدت عن عمتها، ناظرة الى وجهها الملائكي بعيناها الزرقاوتين وبشرتها البيضاء وحجابها الرقيق.. ولم يخطئ احد عندما يقول انها تشبه عمتها.. فهي وارثة لون عيناها وتقاسيم وجهها من عمتها الغالية..
ابتسمت لها الين ومسحت بأناملها دموعها هامسة:
- لا تبكي يا صغيرتي.. لا تبكي..

ابتسمت عدن بدفئ وجذبت يد عمتها الى فمها وقبلتها بإحترام.. وهمست بصوت مبحوح:
- اذا بقيتي بجانبي يا امي.. لن ابكي!

- سأبقى حبيبتي.. لن اعود لفرنسا، سأستقر هنا في بلدي.. بقربك!

ابتسمت عدن بفرح وهتفت ببهجة:
- حقا!!

اومأت الين برأسها ثم ابعدت لؤلؤتيها الدامعة بتأثر عن عدن، لتسلطها نحو ابناء اخوتها الأخرين.. فإبتسمت لهم بشوق ليقتربوا منها واحدا تلو الأخر.. فعانقت جود وجواد وعماد بحب كبير.. ثم نظرت الى ريس الواقف بجانب زوجته لين منتظرا دورهم بالسلام.. فإقتربت منهما وضمتهما الإثنان معا هامسة:
- الف الف مبروك لكما.. اسفة لأنني لم اتمكن من حضور حفل زفافكما..

همست لين بدموع وهي تنظر الى وجه زوجها الحبيب:
- تسلمي عمتي.. اشتقنا لك كثيرا!

- وانا ايضا حبيبتي.. وانت يا ريس الم تشتاق لي؟!

رد ريس بعطف:
- جدا جدا..
ثم تساءل بعد ان لاحظ عدم وجود زوجها واولادها:
- لكن عمتي هل اتيتي لوحدك؟!

همهمت الين بخفوت وهمست:
- سيأتوا بعد غد.. لديهم بعص الأعمال..

هز رأسه بتفهم ثم طلب منها ان تجلس على اول طاولة والمُعدّة خصيصا للعائلة بلونها الأحمر وشموعها المشعة..
وبعد الإنتهاء من السلام على بقية افراد العائلات وتهنئة الأمهات.. ذهبت لين وعدن ليتوقفا على المنصة مرة اخرى ممسكات بالمايكرفون ليبدأوا بإلقاء التحيات على جميع الحضور، متمنيات لجميع الأمهات اياما سعيدة وطويلة مليئة بالأفراح..

ثم بدأت لين بإلقاء كلمتها لكل ام في الوجود:
- في مثل هذا اليوم اليوم العظيم والذي يصادف يوم الأم.. ننحني اجلالا وتكريما لكل أُمًا وجدت على هذه الأرض الخصبة.. ونقدرها على تعبها وانجابها وسهرها الليالي.. ونقول:
يا من تضحي وتسعى لإنشاء جيلا صالحا وحسنا..
ويا من حملت وانجبت لتسهر وتربي..
ويا من خدمت دون مقابل ووهبت دون حصول..
ويا من ملكتي العالم بنعمك وعطاءك..
هنيئا كريما لك على ما قدمتيه يا حنونة الأمة ولا تزالي تقدميه ايتها النعمة والهبة العظيمة من عند الرب..

ختمت لين كلامها، لتتلقى تصفيقا حارا من الحاضرين.. ومن ثم اقتربت من امها، مقبلة يدها بحب وتقدير، مغمغمة:
- دمتي لي سالمة يا امي..
وكذلك فعلت مع عمتها ومع زوجة عمها لؤي.. لتفعل المثل عدن الدامعة العينان..

كل ذلك تم تحت انظار ريس الواثبة الفاخرة بزوجته واخته.. وشعر بشتى انواع المشاعر من الفخر والتقدير والإحترام لهن الإثنتين..

بعد انتهاء الأحتفال جلسوا جميعا في صالة القصر.. يتحدثون بالكثير من الأمور.. ليعلن الجد فجأة بإصرار:
- الجميع سينام هنا! لن يغادر اي شخص منكم القصر..

تمتموا جميعا موافقين، عدا ريس الذي لم تعجبه الفكرة لأنه اراد قضاء بعض الوقت برفقة زوجته الجالسة بجانبه.. فمال نحو اذنها هامسا بخفوت:
- اتريدي النوم هنا، ام تفضلي النوم بمنزلنا؟!

اجابته لين بحماس وانفعال:
- طبعا هنا.. وسأنام بغرفة عدن انا وعمتي..

قطب حاجبيه برفض وهتف بإستنكار:
- ومن الذي سيسمح لك بذلك حبيبتي؟!

اردفت لين بثقة وتحدي:
- لا داعي لأن يسمح لي احد.. انا في قصر جدي واستطيع النوم اين اريد ومتى اريد!

شخر بأنفه ولوى شفتيه الى الجانب، هامسا بصرامة لا مجال للجدال امامها:
- لا تنسي انك زوجتي يا لين وانا صاحب القرار.. انت لن تنامي سوى بنفس الغرفة التي انام بها.. افهمتي؟!

كشّرت بحاجبيها ونظرت الى البقية المنشغلين في الكلام، غير منتبهين لجدالها هي وريس.. وهمست برفض:
- لا اريد، اريد النوم مع عدن اليوم يا ريس.. فلتنام مع البقية ليس من الضروري ان تنام في نفس الغرفة التي اكون انا بها.. لا تكن متطفل..

قهقه بإستهزاء، وهتف بذهول:
- متطفل!!

اومأت لين بهزة خفيفة من رأسها:
- اجل، ارجوك ريسي لا تعترض!

قبل ان يجيبها قطعها صوت عمتها الين المتسائلة بحيرة:
- ما خطبكما انتما الإثنين؟! بما تتناقشان؟!

هتفت لين بصوت عاليا دون تفكير سريعا:
- ريس يريدنني ان انام بنفس الغرفة معه، وانا اريد ان انام مع عدن ومعك ب..

الجمت بقية جملتها شاهقة بعد ان انتبهت لما تفوهت به امام الجميع، وتورد وجهها بخجل واحراج شديدين.. لتتمنى ان تختفي حالا.. فقهقهوا جميعا عاليا بينما ريس التوى فمه بإبتسامة عابثة وعيون لامعة بخبث.. ليردف ايمن:
- اذا نامي بنفس غرفة زوجك يا ابنتي، ولا تدعي العاشق المغوار لوحده قبل ان يقتل الجميع..

تنحنحت بإحراج ونظرت الى عدن بمعنى ان تساعدها، لتقف الأخرى بإندفاع قائلة:
- لا، لين ستنام بغرفتي وهذا قرار نهائي.. تكلمي يا عمتي!

- اجل عدن محقة..

ضاق صدره وهتف بجدية حادة:
- لين لن تنام الا بغرفتي.. انتهى الجدال! لا احبذ ان تكون زوجتي موضع جدال او نقاش.. وتعالي يا لين معي قليلا!

بعد ان انهى كلامه، امِرا اياها بالصعود برفقته، ابتلعت لين ريقها بصعوبة ما ان رأت نظراته القاتمة وقبضته المحكمة بقوة.. وذهبت برفقته بتوجس، ليصعدا للأعلى تحت انظار الجميع المسرورة..

ادخلها الى غرفته القديمة؛ واغلق الباب مزمجرا بحدة وغضب:
- ما يُسّمى الذي حدث في الأسفل؟!

اجلّت حنجرتها وهمست بخوف من نبرة صوته:
- ما بك؟! لماذا انت غاضب لهذه الدرجة؟!

-------------------
يتبع..

حضرة القراء الكرام انا بعتذر كتير كتير عهالتأخير..
وبوعدكوا ببارت قريب جدا💘💘

ورأيكم بالأحداث والبارت؟!

واستمتعوا بالقراءة💋💋

لااف يوو اول😙😙

Continue Reading

You'll Also Like

209K 7.6K 6
احبته كطفلة ..ورفضها .. تزوج .. وعاد .. عاد ليتزوجها .. ترى لما؟
16.4K 873 24
بينما انت تنظر لملامحي لترسمها بفرشاتك، أحفر أنا ملامحك بذاكرتي و أوشمها علي جدار قلبي... قد يرون حبي لك جنون .. أو غير حقيقي بالمرّة .. لكنّني سأحبك...
4.3K 129 10
هربت منه، قررت انها لن تكون عشيقة لرجل سيتزوج بأخرى، شقيقها هو الآخر اخفي ما علمه عنه ظنا منه أنه يحمى سمعتها لكنه تسبب بجرح كرامة رجل لن يعفو عمن جر...
6.9K 511 26
هل تتحمل الروح رغم التكسرات و بعد الحزن الذي سيطر عليها بمجرد سماع همسات جميلة صوت يقول "اصبر" هل تتصلح الروح من جديد A Voice Tells Me To Be Pati...