Crossings Into The Abyss | مع...

-red_moon-

53.3K 3.1K 2.8K

#Wattys 2016 winner نَفَحاتٌ من ماضٍ عتيق تتجدد المكاره ويعلو الألم ، سفوحٌ لجبالٍ تمرغتْ بالدِماء وشلالاتٌ م... Еще

الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون ~ ماقبل الاخير
الفصل السادس والعشرون ~ والاخير
عودة

الفصل الثامن عشر

939 74 52
-red_moon-

( الهارب / حامل الراية ) -٢-





مع إقترابه من مخرج المبنى شيئاً فشيئاً سمع هرجاً وجلبة من الخارج رافقتها صرخات سخط أثارت في نفسه الحيرة ليواصل سيره ويعبر الباب موجهاً برأسه لليسار حيث تجمهر جماعة من جيرانه أمام الجدار يتحادثون بأصوات عالية .

" أجزم أنها احدى أفعال الشباب الصائعين هنا "

" ماهذا الإهمال واين الامن ! "

" أنا لن أخرج أولادي بعد اليوم "

تلفتت إمرأة حولها بخوف ناطقة بذلك تشد بيدها على صبيها وتسحبه بعيداً ليتأكد بعدها ألكساندر من فحوى حديثهم وما أثار كل هذا الضجيج والخوف. لم تكن سوى الرصاصة التي اطلقت عليه ليلة امس بقصد تخويفه نسي أنها خلفت فجوة بجوار الباب وبقيت هناك ليتنبه عليها بعض الأطفال ويركضوا لمناداة أهاليهم و يحصل ما حصل الان من نقاش .

مشى ألكساندر ببطء نازلاً من الدرجات القليلة ليجتذب انظارهم له ويطالعوه بريبة ، لاحظ ابصارهم المسلطة على سلاحه شبه الظاهر من معطفه الاسود الطويل كأنها اتهام صامت له هو المسلح الوحيد هنا . لم يعر الأمر اهتماماً رغم ضيقه من شكهم به فقرر إستعارة بعض من نهج ايفان في التعامل المستفز وتصنع لهم بسمة سعيدة ليحييهم في طريقه : " مساء الخير جميعاً " .

اجفلوا بعدها ورددوا له بإماءة رأس خفيفة وشفاه ممتعضة يجرون أطفالهم بعيداً عندها فقط ادرك ان هناك جماعات جاءتهم من المباني المجاورة حين لمحهم يعودون متحدثين بخفوت يسترقون النظر له في مرات متفاوتة حتى اختفوا من مرمى بصره .

تنهد بسأم وسار متفحصاً الشارع العاج بالحياة والفوضوية منها كأنما هو في زمن التسعينات لا نظام في الحركة ولا ترتيب للمحلات القابعة في المخرج من هذا الشارع حيث أفواج من الناس يمشون محتشدين على الأرصفة . غيوم اليوم كانت رمادية والرياح بهبوها باردة ومحملة بالأتربة لعل اليوم سيكون ممطراً ! .

~~~~~~

طلعت من المشفى منهية بذلك وقت زيارتها اليومي لمرقد أخيها دانيال ومشت متلحفة بوشاحها داكن اللون لتحمي نفسها من نفحات الهواء شديدة البرودة ، اصبحت خطواتها تتابع على الرصيف بوقع رتيب لا تفعل شيئاً سوى التأمل في الوجوه العابرة امامها بسهوم حاثة الخطى نحو المنتزه المنسي الذي وجدته صدفة في مرة كانت تتجول بلا هدف بعد زيارتها المعتادة واحبته لخلوه من الناس فصار ملاذها ومخبأها الوحيد من كل شيء كأنما هو عالم مختلف تلجئ له كلما ضاقت عليها دنياها .

تذكرت في لحظات تفكيرها تلك زيارتها اليوم لصديقتها الجديدة آنيت فاليوم بالذات تواعدت معها على اللقاء كانت تشعر بفرحها لهذا عبر حديثها ومن صوتها اللاهث وتصل لها انفاسها عبر الاثير لصياحها المستمر عن مدى حماسها ، رفعت أنابيل بصرها للسماء مبتسمة فرغم تعكر الاجواء إلا أنها لم تفكر قطعاً بتأجيل الموعد .

لم يمر عليها الكثير من الوقت حتى صارت تعبر سياج الحديقة شاحب الطلاء يتراقص شعرها مع الهبوب الذي جعل من صوت حفيف الشجر غاية في القوة . عفا الزمان عن هذا المنتزه فما عاد بستانيون يمرون لتشذيب شجره ليكبر غير متناسق متشعبةٌ فروعه ومخيفة للناظر كما ذبلت احواض الزهر وتعفنت لتبادلها الطحالب المكان والمطلع .

رفعت خصلات شعرها خلف اذنها ولم تملك سوى البقاء للمراقبة بأسى ككل مرة فما عساها تفعل وتبسمت فجأة بحماس حين مرت صورة وليد في خاطرها لتركض بسرعة نحو كرسيهما الوحيد وتجده فارغاً ! .

عقدت حاجبيها وتلفتت حولها بخيبة مرخية كتفيها وبعد لحظات من وقوفها سمعت نداءً له من خلفها : " آنا ! " .

إستدارت بسرعةٍ مجفلة ورأته بقامته الطويلة يخرج لها من بين الشجر ويشير لها ان تأتي وكان جلي على وجهه الفرح : " ها انتِ ذا ! ، تعالي لدي ما أريك به " .

انتقلت بهجته اليها فحركت قدميها وركضت مسرعة نحوه حتى جاورته ومشت معه إلى الداخل لمكان لم تستكشفه هي بعد . مظلم بعض الشيء لإنعدام ضوء الشمس . لا صوت تسمعه سوى تكسر الاوراق الميتة اسفل احذيتهم حتى وقفت معه أمام شجرة لم يسترها إلا قليلٌ من اللحاء ومسودة ثغراتها الكثيرة ، فروعها جرداء لم تحمل فيها ورقة واحدة .

امعنت النظر فيها ومن ثم حولت قزحيتيها نحو وليد متسائلة وزادت حيرتها حين رأته يتقدم منها ويقرب انفه من جزء فيها متنشقاً رائحتها خلفه أنابيل ترقب افعاله بغرابة .

" : اعرف هذه الرائحة ! انها بلا شك شجرة ليلك يا آنا " اجفلت حين إستدار نحوها باسماً بلهفة يتحسس جذع الشجرة كأنما وجد كنزاً عظيماً .

: " لم افهم ماهي الليلك ؟ " رددت له ببلاهة مميلة برأسها حتى رأته يزفر ساخراً ويشيح ببصره بعيداً : " ماذا اتوقع من فتاة مدن ! " غمغم هازاً رأسه وعاود تفحص جذعها من جديد .

: " إذاً أخبر فتاة المدن ما هذه الشجرة يا فهيم " رفعت صوتها بحنق ليلتفت لها ضاحكاً ويجذبها بجواره شارحاً ببساطة : " هذه شجرةٌ عجوز فريدة على فروعها تزهر زهور ملكية يحبها الجميع اسمها الليلك " اردف بهمس رافعاً رأسه يتنقل ببصره على اغصانها الميتة والتي لم تحمل فيها حياة ورقية تتصفحها الرياح : " انا احبها كثيراً فمن حيث كنت كانت اشجار الليلك تحيط ببيتنا فنميت معها وشهدت مواسم جمعها ووقوعها على أرضنا لتكسيها كساءً ارجواني في غاية الجمال " .

همهمت له بتفهم حين لم تملك رداً على حكايته ليفلت ذراعها ويمشي ناحية الشطر الخالي في يسراهم ويجلس على امشاط قدميه متفحصاً التربة . لم تهتم أنابيل لم يفعل قدر إهتمامها بهذه الشجرة أمامها بل وقتها تسائلت كيف عرفها من مجرد رائحة تنشقها من اللحاء ؟ .

انتابها فضول لتعرف ماهيتها وفكرت هل هي عطرية ومميزة يا ترى ! ، إستغلت إنشغاله ومشت ببطء لصٍ ناحيتها حتى وقفت حيثما كان وسرقت نظرةً له لتراه مازال منكباً في عمله . قربت أنفها زامة شفتيها ولم تستفد شيئاً حين اقتحمتها ذرات الغبار وشعرت بها في حلقها فإنتابتها رغبةٌ قوية بالعطس .

دمعت عينها وامسكت بعنقها بينما لم تستسلم وعاودت التأكد من وضع وليد لتحاول مجدداً وتحشر أنفها هذه المرة فيها ، عادية جداً ومريعة للغاية ! هكذا قالت لنفسها وهي تعاود شمها بعنف خلفه فضولها وتوقفت حين إلتقط مسمعها وليد يسخر منها : " انا لم اكن اشتم هنا يا نقار الخشب " .

ضحك بعدها عالياً حين رأى أنفها المحمر والمتسخ فمسحته بكمها حانقة واشارت للجذع غاضبة : " اذا علمني ! " .

نهض سائرا بخطوات سريعة نحوها وعاد لتوجيهها مجدداً ، اشار بإصبعه لجزء صغير من الجذع متكسر تكتل عليه سائل لزج بلمعة خفيفة وهمس ناظراً إليها : " من هنا يحدد اغلب العلماء عمر الشجرة ونوعها فأنا مثلا ًعرفت انها الليلك بسبب رائحة لبها الفريدة ! وتلك الورقة اليتيمة بالأعلى" .

همس في الاخير وهو يرفع رأسها مشيراً بسبابته لزهرة تتأرجح في فرع أيل للسقوط فهزت راسها متفهمة بينما تركها هو وعاد لعمله لتلحق به وتجلس بجواره تراه ينزع قفاز يده اليمنى ويمدها لتحسس التربة من جديد فتسائلت مجدداً رافعة حاجبيها : " ماذا تفعل ؟ " .

قالت وأجابها برغبته مسرعاً بلا اي مقدمات : " اريد زراعتها هنا "واردف بعدها ممتعضاً : " ولكن التربة رطبة جداً بسبب المطر وهذا لا ينفع لها ستأخذ عليه وقتاً طويلاً للغاية " .

: " وماذا ستستفيد ؟ " سخرت منه ببسمة جانبية ونظرت للمكان المقفر والمهجور حولها ضانةً انها قد تحطم اماله فعاد يقول بلطف غير عابه لمحاولة التثبيط هذه : " اريد إحياء هذا المنتزه الفقير من الحياة بزراعة امل نابض في قلبه ، حين تتفرع شجرتنا وتنبت اللؤلؤ الارجواني لتنثره على هذه الارض سأتي معك لحفر اسمائنا فيها " .

: " ما هذه الثقة العمياء " قالت تضربه على كتفه عدداً من المرات بقوة جعلته يفقد توازنه ويرتد للخلف ضاحكاً بخفة . وقتها لم تعرف سبب رعشتها تلك اهي من هذا الهبوب البارد الذي صاحب كلماته واصابها بالقشعريرة ام من بحريتيه اللامعتين بحماس إنتقل لها بطريقة عجيبة وجعلها تبتسم متوردة الوجنتين مادة يدها نحوه لعقد إتفاق ابدي في قلب حديقتهما السرية : " انا معك في حلمك سنزرعها وننتظر زهرها حتى لو فنينا ، سأبحث في كل شطر من موسكو عن بذورها لأجلك " .

قابلها بجلوسه ومد يده ليصافحها شاداً عليها ببسمة واثقة وراضية عاقدين في لحظتها عهداً شهدته دوامات الورق ، عهداً صقلته إهتزازات الجذوع فرحاً وقدسته النوافير الجافة .

~~~~~~

الفترة التي أمضاها في المنزل مملة وراكدة للغاية وجد نفسه وبلا مبرر يتمنى الخروج للقاء آنيت عله يتسلى قليلاً بإزعاجها ولكنه آثر بعدها أن يفعل خيراً في مارك ويمشيه معه لشم بعض الهواء في هذه الاجواء الغيمية المذهلة .

دخل لغرفته وكالعادة دار بينهما جدال عنيف إنتهى بمارك يغلق الباب خلفه ممتعضاً ويمشي بجوار إيفان مردداً له عن كم هو يكرهه دون أن ينسى قول أن تفكيره كسول لا يحمل هم الدراسة مثله ورأسه ناشف بلا معلومات .

لم يجاكره ايفان بل كان مبتسماً ليغيضه طول الطريق يعلم انها لحظة غضب عابرة منه ستنتهي عم قريب ... توقف ايفان في وسط ردهة الإستقبال يتلفت حوله باحثاً في الارجاء فسأله مارك بعبوس : " ماذا الان ؟ " .

: " ابحث عن ليم ! الصغير الذي حدثتك عنه " اجابه وزم شفتيه حين لم يجده فبدأ المسير ليعبر البوابة ويجد الابناء يلعبون الكرة في الساحة ويتناقلون الحديث فيما بينهم بأصوات صاخبة . خرج عليهم احد اولياء الامر وصرخ يطردهم بعيدا لحظتها حين اصابت كرتهم احدى السيارات الواقفة واحدثت فيها بعجةً خفيفة .

تفرقوا بعدها فمنهم من عاد للبيت ومنهم من شكل جماعة اخرى وانطلقوا للعب بعيداً عندها فقط وجد ايفان من بحث عنه يجلس وحده بعد ان تركوه ضاماً ركبتيه بذراعيه .

مشى نحوه بسرعة وهتف منادياً بإسمه ليجفل الصبي وينظر نحوه بأعين توسعت بفرح ونهض يركض نحوه حاضناً إياه : " اخي ! " .

: " اخوك ! " سأل مارك متعجباً وهو يرى صديقه تتهلهل اساريره بالصبي يحمله بكل سهولة ويحضنه مردداً لمارك بضحكة خفيفة : " قصة طويلة " .

نظر بعدها لليم وعرض عليه المجيء ليهز رأسه عددا من المرات بقوة وحماس يحرك رجليه من اجل أن ينزله إيفان ففعل الاخير ذلك يسمعه يقول له بسرعة بصوته المبحوح : " سأذهب لأخذ إذن والدي فهو غضب مني ليلة امس على ذهابي معكم دون علمه " . اومأ له موافقاً وجلس على امشاط قدميه ينتظره حين ركض ليم للداخل باحثاً عن والده العامل .

توقفت سيارة سوداء مظللة الزجاج خلفهم بجوار الرصيف ليلتفت الإثنان ينظران لها بنظراتٍ عابرة على الرغم من شكلها الذي يشد المتطلع في الخارج حين بدت باهضة الثمن ، مكثت واقفة لفترة من الزمن ليفتح بعدها بابها وتخرج منها فتاة ذات شعر اشقر قصير وعينين مخضرتين تتفحص المبنى وتتقدم قليلاً لتفسح المجال لرفيقتها بالخروج حتى ظهرت خلفها شابة بملامح اكبر منها كستنائية الشعر وطويلة القامة مقارنة بصاحبتها .

اغلقت الباب وتقدمت تحادث شريكتها يتفحصن المبنى بأعين مصفقة سرعان ما إستدارت الشقراء وتحدثت مع السائق عبر الزجاج ليغادر بعدها ويتركهن واقفتين هنا .

لم يهتم إيفان بأمرهن كثيراً خلاف مارك الذي إستشعر حيرتهن وبحثهن بالعين حول المكان حتى انهن طالعنه بتردد وغرابة كمن يريد طلب المساعدة ..

جاء ليم اخيراً ليلفت انظاره فراقبه يشير لإيفان ان يمسك بيده ففعلها وتشبث بكفته مستقيماً على إستعداد للمغادرة . وفيما كان يرقبهما متبسماً سمع صوتاً أنثوي وهادئ : " ارجوا المعذرة " .

نظر لهن مارك عاقداً حاجبيه ووجد أن الكبرى كانت متقدمة عن رفيقتها ويبدو انها من حادثته ليعطيها الاذن بإماءة بسيطة خلفه إيفان يتنقل ببصره بينهم .

استدارت الفتاة نحو رفيقتها ممتعضة لتوقفها عن لكز مرفقها وقالت بشيء من التردد : " اعتذر على إزعاجكما ولكن وددت لو اعرف هل هناك فتاة إسمها آنيت فالنتاين تعيش هنا " .

اراد مارك الرد ولكن سبقه إيفان متقدما وقال رافعاً حاجبه : " آنيت ! انتن صديقات لها ؟ " .

: " نعم وهذه اول زيارة لنا هنا لذا لم نعرف ان كنا قصدنا المكان الصحيح " اجابته فيما كانت الاخرى القابعة خلفها تسترق النظر لليم وتتبسم له بلطف حتى يقع بصرها على مارك وتشيح عنه مرتبكة ليومأ لها إيفان بعدها متفهماً ويرد : " لقد وصلتن يا انسات " .

تنهدت براحة وإلتفت لشريكتها باسمة لتعاود النظر لإيفان شارحة وهي تبحث في ارجاء الساحة : " كان من المفترض ان تكون متواجدة في الخارج كما إتفقنا ولكن لم نرها امام المبنى الذي وصفته لنا " قالت ليتابعها إيفان مقلباً عينيه بسخرية : " كما هو متوقع منها ! مهملة للمواعيد " .

رمقته بإمتعاض حين سمعت ما قال وهتفت مدافعة عن صديقتها : " كيف تجرؤ ؟ اسحب كلامك ايها النزق ثم الخطأ خطأي لأنني لم اعطها الموعد الصحيح لوصولي " .

: " هذا بدل أن تشكريني ؟ إلهي الان صدقت انك صديقتها " وزفر متمتماً : " الطيور على اشكالها تقع " تآوه بعدها بألم حين دهسه مارك وقرص ذراعه بقوة يسمعه يتدارك الموقف ويعتذر منها لتحادثه هي بالين واللطف قائلة لإيفان المتألم هناك وهي تشير برأسها ناحية مارك : " تعلم منه فضيل الاخلاق يا من لا اريد التعرف عليه " .

: " وكأن- .." قطع حديثه حين دهس مارك قدمه للمرة الثانية بنفاذ صبر يطالبه ان يتوقف وقطع سيل النظرات الغاضبة والمتبادلة من الاطراف الثلاثة إلتقاط سمعهم لصوت آنيت التي جاءتهم راكضة تنادي على أنابيل بدهشة وفرح لتتقدم منها الاخيرة وتحضنها بقوة تردد لها عن مدى سعادتها بهذه اللقيا .

إبتعدت عنها وبدأت تسألها بقلق إن كانت مكثت في الخارج لفترة طويلة معتذرة على تأخرها مرات كثيرة فيما الأخرى تهدئها حتى سكنت وزفرت بهدوء ، لاحظت بعدها تواجد إيفان ومارك بالجوار مع ليم فنظرت لأنابيل متشككة تفترس ملامحها علها تدرك شيئاً من الحديث الذي دار بينهم قبل قدومها فوجدت معالم وجهها تظلم وتتبدل حين ترقب إيفان الملول هناك .

كانت موشكة على الذهاب إليه لولا انها إستدركت وجود ضيفة اخرى تنظر لها باسمة فتلعثمت بإحراج وذهبت لتحييها خلفها انابيل تعرفها على الفتاة : " هذه إبنة عمي لندا التي كلمتك عنها ، لقد كانت متحمسة كثيراً للقاءك واكثر مني على ما يبدو " نطقت ضاحكة بخفة في الاخير وتركت المجال لتعارفهم بعدها .

اما إيفان فقد شد مارك وليم وجرهما للرحيل متمتماً : " هذا لا يعنينا بشيء "

توقف حين سمع نداءً بإسمه فإستدار غير انه لم يجني شيئاً سوى آهة ألم اخرى اطلقها حين داست آنيت على قدمه غاضبة وهمست له بتوبيخ : " ماذا قلت للفتاة ؟ " .

: " الصراحة " اجاب رغم ملامح وجهه المعفوسة بألم وهو يحني ظهره قليلاً لتتنهد هي وتسدل ذراعيها عن خصرها ترمقه بتحذير وتغادر ناحيتهن حيث أنابيل هناك مبتسمة بنصر تشير لها على عظم ما فعلت وسارت معها للداخل ليمضين الوقت .

: " النساء " زفر إيفان قائلاً بتحسر وهو يمد قدمه ليحادثه مارك هازاً رأسه بيأس : " انظر هذه نتائج افعالك انت ولسانك يا جاف الرأس " .

: " لا شأن لأحدٍ بما افعل ! " غمغم ممسكاً بليم وسار به على الرصيف بمشية غير مستقيمة ناتجة عن شعوره بوكزات من الألم الحارق كلما حرك قدمه .

.........

امضت مع أنابيل وإبنة عمها وقتا عامراً بالضحك خلفن بسببه اجواء تعارف اكثر دفئاً وعفوية عرفت من خلالها ان لندا في نفس عمرها وصدمت في نفس الوقت حين كانت تتغير مسارات الحديث ليتضح ان صديقتها انابيل مخطوبة لأخ لندا ورغم وجود كثير من الاسئلة تتزاحم في رأسها لم تنطق بها حين لاحظت انابيل تحاول تجنب الموضوع بفتح احاديث مختلفة .

والدة آنيت كانت اسعد منهن بهذه الزيارة ولم تتوانا عن ضيافتهن والترحيب بهن بحفاوة محبة سماع ضحكاتهن التي غيرت من اجواء المنزل الراكدة والاهم من ذلك اسعدت فتاتها لأول مرة ..

كان لإيفان المسكين نصيب له من الحديث في جلستهن ايضاً . أخبرتهن بإسمه وإسترسلت آنيت تنهش الفتى بالكلام لتشاركها انابيل بالإفتراضات عنه وعن إنطباعها الاول لشخصيته العدائية .

وجدت ان اللحظات التي قضتها مع آنيت ولندا من اجمل ما يكون ولكم تلهفت للعودة لتخط عن مشاعر الفرح التي إنتابتها وقلبها الذي يخفق بالراحة حين تراهن انسجمن ورحن يسردن النكات مغلفين المكان برداء من ود وحب . نست جميع همومها لوهلة واخذت تشرق بينهم كأنابيل جديدة بعكس تلك التي قمعتها الظروف وهشمتها ، مستمتعة بالرشف من فنجان قهوتها ولربما تكون رشفةً من سعادة ايضاً .

~~~~~~

في جنح الليل وسطوته حين فقط نامت قلوب حاملة شتى المشاعر بعد عمل يوم حافل ... وجدت قدماه طريقاً عبر الممر الساكن بعد خروجه من المصعد جانب وجهه منير بفعل المصابيح الصغيرة والمؤذية للعين .

وقف امام احد الابواب دون ان يطرقه ينظر له شارداً ويعاود التحديق في كل مكان بضياع ، ضياع بقوته يشبه شعور من ظلت قدماه الطريق اسفل زخات المطر غير انه هنا مختلف جسده في الواقع بينما عقله مشتت في ابعاد ضبابية يتخبط ولكن مامن ملاذ ولا منقذ .

تنهد ومد يده اخيراً ليضغط زر الجرس منتظراً حتى سمع وقع خطوات خلفه تبعها فتح الباب ليظهر من بعده ليونيد بملابس نوم زرقاء وشعر مشعث ومتشابك فوق رأسه .

ظهرت على وجهه علامات التعجب حين رأرأ في ظلمة المكان الخفيفة ولمح ألكساندر يرقبه بشبح إبتسامة فتحدث بإستغراب : " ألكساندر ! م- مرحباً ، ماذا هناك ! " .

حرك رأسه ببطء واخفضه هامساً بصوت اجش : " اعتذر على الزيارة المفاجئة ، وددت لو اعرف إن ملكت بعض الوقت لي ؟ ارجوك فالموضوع مهم " .

رفع بعدها وجهه نحوه ليلاحظ ليونيد إلتماع عينيه وضيقهما بهم فحز في خاطره رؤية رفيقه كسيراً هكذا ليسارع بدعوته للدخول .

مشى معه للصالة الصغيرة واتخذ ألكساندر له مكاناً في اريكة بنية رافضاً بلطف القهوة التي عرضها عليه ليونيد فإستئذنه ليذهب لتبديل ملابسه ويعود إليه .

انتظره ألكساندر لفترة وهو يقلب تلك الظروف التي جلبها معه حتى عاد إليه وجلس بجواره يرقب أفعاله الصامتة تلك ويرى يديه تواريان عينيه عنه بظهر مقوس للأسفل مثقل بالهم ليسأل عاقداً حاجبيه وهو يربت على كتفه : " هل انت بخير ؟ " .

: " لست كذلك ! " همس مبعداً يديه وتنهد متناولاً ما تركه بجواره ينظر له بصمت مرتباً كلماته ففتح فمه لقول شيء ولكنه إمتنع ضاحكاً بتصنع يهز رأسه للجانبين : " اجهل حقاً من أين أبدأ " .

رغم ذلك بقيت عيناه مظللتين وصبيبه دامع ولامع فعاود الصمت لفترة حتى قال لليونيد ناظراً في عينيه : " جئتك انت دون سواك لأعطيك أمانة تفي بها بعد رحيلي ، اجهل رد فعلك إزاء الامر ولكن لا مناص من الحقيقة .انا يا ليونيد .. " .

توقف بعدها عن الحديث كمن خنقته الغصة وعاود إخفاض رأسه ممسكاً به بتألم أفزع رفيقه وجعله يشجعه على الحديث بعينين متسعتين بقلق : " ألكساندر ما خطبك يا رجل ! ارجوك اخبرني " .

: " سأخبرك بكل شيء وبالتدريج انصت لي جيداً واحفظ ما اقول بالحرف الواحد ، بدأ ذلك قبيل امس .... " .

تسلل العجز والخوف ببطء عبر كلماته لقلب ليو كخيوط الشمس في بداية الصباح غير ان ما سمعه لم يبهجه كما تسعد صفحة السماء بضياءها بل غشته بسواد وحيرة عظيمة ... ليرتجف لم قال ويقبض على يديه ينظر هنا وهناك بعدم ادراك وشهق حين وصل ألكساندر بالحديث لنقطة جعلت قلبه يقصف لوعة وأنفاسه تضطرب حتى توقف ألكساندر بيأس وشاركه مشاعره المتزاحمة تلك بنظرة تبادلاها .

ضحك ليونيد بخوف وقال منكراً ما سمع يحاول التشبث بأمل غير موجود وبثه في قلبه الوابي للتصديق قبل ألكساندر : " لا هذا غير صحيح انهم مجرد فقط يريدون ! يريدون ترهيبنا تعلم ؟ الامن اقوى " .

هز رأسه معارضاً على حديثه وغمغم : " لقد بدأوا التنفيذ بالفعل ليو لذا وجب علي البوح لأحدهم فلا تسرب حديثنا لأي كان ارجوك " .

هتف ليونيد بسرعة : " يستحيل ان افعلها الكس ! سرك في بئر " وعاد مردفاً بلهجة قلق فاتحاً جرحاً جديداً : " ولكن ! ماذا عن ولدك إيفان ؟ ومارك ايضاً " .

: " ولهذا جئت إليك " قال ناظراً إليه ليهمس ليونيد بأسى وعجز : " ألكساندر ارجوك ! هناك مئات الحلول فكر معي ولل- ... " .

: " يكفي ليونيد ! " مد يده ليوقف حديثه فصمت الاخير على مضض وحرقة عذبته فيما الكساندر ضاق صدره أكثر وقال مرغماً دائساً على مشاعره ليترك المساحة للعقل رافعاً ما جلبه ليمسك به ليونيد ويتفحصه حين اعطاه مظروفات كتبت بخط يده وتسجيلاً واحداً فوقها .

: " اعهد إليك بهذه الرسائل واعهد اليك بإيفان ومارك ومسألة علمهما ، ليونيد اريدك ان تحرص على ان يعرف إيفان بكل شيء بعد وقوع الحادثة وحين اقول كل شيء فأنا اعنيها ليو حتى تلك الاشياء التي تظن انه لازال صغيراً على فهمها " .

وتابع شاداً على يد ليونيد المرتجفة بحزم : " لتعلم ان مارك اكثر عقلانية سيتفهم مع الوقت فهو قوي واما إيفان لن يسمعك مطلقاً سينهار ويصرخ في وجهك لذا تركت لك كلماتي وأمنتك عليها ان تصل ولدي وصديقه مباشرة " .

عندها فقط سأل ليونيد بهمس وهو يتشبث بأمانته السؤال البائس الوحيد الذي فكر فيه وطرحه دونما تفكير : " كم المدة الباقية ؟ تعلم على تلك المهمة " .

: " اسبوعان ، اسبوعان فقط " قال مخفضاً رأسه واسند مرفقيه على ركبتيه ماسحاً على وجهه المتعرق وتنهد بعدها عالياً يخفي إرتجاف يده لينهض ليونيد ويحادثه بصوت خفيض وهو يدس الظروف والتسجيل في الدرج المعلق امامه : " سأهتم بهما و لك ما اردت ألكساندر ، لك ما اردت ! اشكرك لثقتك ... " .




جزءٌ من التسجيل :

[ لا راحة للقلق ..

وهل املك من الحديث اكثر من هذا لوصف القادم ؟

احدثكم عن رجل من نفس بلدي

يتكلم نفس لغتي

وعلى الارجح إرتاد نفس مدرستي

وانظروا الان ماذا يحسب نفسه ؟

نحن .... سننهي هذا الشرف !

... ]



يتبع~



~~~~~~

السلام عليكم *-* .

اولا : عيدكم سعيد وكل عام وانتم بألف خير ♥ .

ثانيا : احم احببت إخباركم انه من الان سيكون النشر اسبوعي - كل يوم جمعة إن شاء الله - .. ادعوا ان اوفق في الإلتزام به ويبعد عني حالات الرايتر بلوك 🔪 :"( .

هذا فقط ♥ ..

دمتم في حفظ الله ورعايته ..

Продолжить чтение

Вам также понравится

اجنحه الشيطان Himo

Про оборотней

2K 41 2
...... هي بارده ذات قوى مثلجه تاتي مع العواصف ترهبك وتفزعك وتجمدك في حضنها بعينين حاده وملامح فارغه تبدو لك غير مباليه لما حولها من كوارث كانت هي س...
5.6K 352 5
ﺃنَا ﺍلوَجع ﺍلذِي لَا يبكِي ﻭَ لَا يشكِي ﻭَ لا يرجُو مِن ﺍلله شِفَاء ! ﺃﻧَﺎ ﺍﻟﺠَﺤِﻴﻢ ﺍﻟﺬِﻱ احتَضن نَار جَهنم دُون رِداء ! انا الشيطان الذي رجموه وشت...
عش كمريض القلب Bastian

Детектив / Триллер

1.5K 419 26
انت لا تصنع المعجزات .. انت في حد ذاتك معجزة | | برزخية الاحوال و الميتافيزيقيا أشياء مستحيلة الوصول و الادراك ، و ان اخترت الاعتياد على حقيقة التغير...
480 104 10
(بدأت بطرقة و انتهت بأنكسار ) حينما ايقنت ماري بأنها وقعت في مأزق مع يوجين اسير المرآة بدون قصد ! كيف لها أنّ تُحل اللغز لتتفادى اللعنة و لا تصبح...